مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لا “انقلابات” في المغرب.. بل “تحوّلات سياسية” جوهرية

الملك محمد السادس يستعد لإلقاء خطابه بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب يوم 20 أغسطس 2013 في الرباط. AFP

يُشارف شهر أغسطس المغربي على الإنتهاء، بعد أن أدخل البلاد في تحوّلات سياسية جوهرية، دون أن يُعلَن عنها ودون أن تُسجَّل بوثيقة رسمية.. تحوُّلات تمسّ بالعُمق، تعاطي المواطن مع مؤسسة القصر، بل والملك شخصيا وأيضا علاقة المؤسسات، وتحديدا علاقة القصر مع الحكومة، وهي تؤكِّد أن المغرب ليس بلد "الإنقلابات"، بل بلد التحوّلات الجِذرية الناجمة عن تراكُمات يصنعُها الفاعِل السياسي والإجتماعي على مدار سنوات، بل عقود أحيانا.

جاء أغسطس المغربي بالعفو الملكي عن إسباني مُغتصِب أطفال مغاربة أو ما عُرف بـ “كالفان غيت”، ما عرَّض الملك لنقدٍ مباشِر وصريح بهُتافات رُدِّدت في تظاهُرات أو على المواقع الإلكترونية أو صفحات التواصُل الإجتماعي.. وغادر أغسطس بخطاب ملكي تضمّن نقداً واضحا وصريحا للحكومة، مُحمِّلا إياها مسؤولية أزمة التعليم، قوبِل بدوره بنقْدٍ أيضا من فاعلين سياسيين، بمن فيهم رئيس الحكومة، قالوا “إن الملك هو المسؤول وليس الحكومة”.

لا شك في أن هذه التحوّلات، كانت محلّ نتاج لِما يعرفه المغرب منذ تولّي العاهل المغربي الملك محمد السادس مقاليد السلطة في شهر يوليو 1999، إذ سجّل سوابِق كانت مُحرّمة في الحياة السياسية المغربية، خاصة في ما يتعلّق بالقصر وبشخص الملك، أولاها الإعلان عن خُطبته ثم زواجه، ونشْر اسم وصُور عقيلته، وهو ما كان مُحرَّما في التقاليد الملكية المغربية، لتتطوّر هذه التحوّلات دستوريا بحذْف النصّ الذي يقول بأن “شخص الملك مقدّس”، ليصبح في دستور 2011 أن “شخص الملك مُحترم” ولتصلَ إلى الهتاف ضدّ الملك شخصيا وانتقاد قراراته، دون أن يُتابَع قضائيا أو أمنيا مَن يقوم بذلك. ومن المنطقي أن يُدرج المراقبون هذه التحوّلات في إطار ما تشهده البلاد منذ حِراك 20 فبراير، الذي جاء في سياق الربيع العربي.

في الأيام الماضية، توقف الفاعلون عند النّقد الذي وجّهه العاهل المغربي في خطاب يوم 20 أغسطس (المناسبة السنوية لذكرى “ثورة الملك والشعب”) لحكومة عبد الإله بن كيران، التي يُطلق عليها حسب مفردات قاموس السياسة المغربية “حكومة صاحب الجلالة”، وتحميلها مسؤولية أزمة التعليم، التي وصفها بالكارثية بسبب تراجُعها عن ورش مخطّط الإصلاح الإستعجالي، الذي بدأته الحكومة السابقة. جاء ذلك بعد ثلاثة أسابيع من نقد مُبطّن وجّهه محمد السادس للحكومة، حين أبرز في خطاب عيد العرش (30 يوليو) إنجازات الحكومات السابقة وتراكُماتها الإيجابية، لينسِف مُرتكزات حكومة بن كيران وحِزبه (العدالة والتنمية) ذات المرجعية الإسلامية، القائمة على الإصلاح ومحاربة الفساد.

سابقة في الحياة السياسية

هذا النّقد الملكي للحكومة لم يلقَ ارتياحا لدى بن كيران وحزبه فحسب، بل حتى في صفوف مُعارضي العدالة والتنمية الذين قالوا إنه بريء ممّا وُجِّه إليه من نقد، خاصة وأن استراتيجية التعليم في المملكة يضعها مجلس أعلى تابع للقصر ويُعيِّن الملك رئيسه. وذكّر هؤلاء بالخطاب الذي ألقاه الملك العام الماضي في نفس المناسبة وما تضمّنه من انتقادات مماثلة لسياسات التعليم خلال السنوات الماضية، والتي لم يكن فيها بن كيران وحِزبه بالحكومة أصلا.

وإذا كان البعض من قادة الحزب قد انتقدوا الحكومة صراحة، فإن بن كيران ذهب نحو الرد الإيجابي حين قال يوم الأحد 25 أغسطس أمام الملتقى الوطني التاسع لشبيبته بالدار البيضاء: “الأرقام قديمة والمشاكل قديمة، ونصلح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد ونباشر الإصلاحات في كل القطاعات، بما فيها التعليم الذي بدأت فيه بوادر الإصلاح”، وأضاف “صحيح، هناك ملاحظات، ولكن راه الإصلاحات كايْنة (أي الإصلاحات موجودة) والناس فرحانين بنتائج الباكلوريا”.

نقْد الملك لحكومة بن كيران اعتُبِر سابقة في الحياة السياسية المغربية، خاصة وأن النقد طال أداء الحكومة في قطاع يهُم المواطنين ومستقبل أبنائهم إضافة إلى أنه يتولى الإشراف عليه مجلسٌ مرجعيته القصر وليس الحكومة من جهة، كما أنه قطاع يقرّ الجميع بكارثية وضعه منذ عقود من جهة ثانية، فيما يرأس بن كيران الحكومة منذ عام ونصف فقط.

في الأثناء، يذهب مُراقبون إلى أن النقد الملكي لحكومة بن كيران اتخذ بُعدا سياسيا، لأنه جاء في وقت يسعى فيه رئيس الوزراء إلى ترميم أغلبيته من خلال إلحاق التجمع الوطني للأحرار بالحكومة، بدلا من حزب الإستقلال الذي خرج للمعارضة منذ عدّة أسابيع، وهو قرار اعتبره بن كيران “مؤامرة ضد حكومته” من طرف أوساط لم يُسمّها.

حالة انزلاق حكومي

المحلل السياسي المغربي عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات صرح لـ swissinfo.ch بأنه “لا يوجد في الدستور ما يمنع الملك من انتقاد وتقييم العمل الحكومي”، واعتبر أن ردود الفعل على الخطاب الملكي “ليست في محلّها وتبيّن أن الثقافة الدستورية للحزب الذي يقود الحكومة والأغلبية البرلمانية، لا زالت ضعيفة، وأنها تنحُو منحى تسْيِيس القضايا والنقاشات، دون الإنتباه إلى وجود وثيقة دستورية ناظمة لعمل المؤسسات ولسقف النقاشات”، خاصة وأن “الملك وجّه، بصفته رئيس الدولة، رسائل متعدّدة، ليس فقط لحكومة عبدالإله بن كيران، بل كذلك للطبقة السياسية بكامل مكوِّناتها، من حكومة ومعارضة”.

ويوضّح اسليمي أن مُنتقِدي الخطاب الملكي، لم ينتبهوا إلى أن النظام الدستوري المغربي “يشتغل بأدوات وقواعِد النظام البرلماني، تحت مراقبة آليات وقواعد النظام الرئاسي، لهذا فانزلاق العلاقة بين البرلمان والحكومة أو انزلاق عمل الحكومة، وهما الحالتان الحاصلتان اليوم في المغرب، يُعطي للملك، بصفته رئيس الدولة، أن يتدخّل لينتقِد ويوجّه العمل الحكومي من مُنطلَق ضمان حُسْن سيْر المؤسسات الدستورية”، مُذكرا بأنه ليس هناك حكومة في العالم تشتغِل بدون مُراقبة.

اليوم، وبعد مرور عشرين شهرا على بداية التجربة الحكومية الحالية، يذهب البعض إلى أن المغرب يُوجد في حالة انزلاق حكومي وفراغ في القرارات الحكومية والمبادرات التشريعية وخلل مَنهجي في تصوُّر الحكومة للقضايا وسيْر القطاعات، ويرون أن الملك – بصفته رئيس الدولة – مارس دوره الدستوري ما دام رئيس الحكومة نفسه لم يحترم الوثيقة الدستورية ولم يُقدِّم  – إلى حدّ الآن – حصيلة تقييمية لأداء حكومته أمام البرلمان .

تجدر الإشارة هنا إلى أن الدستور المغربي لعام 2011 يُميّز بين مجال المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك ويتداول في قضايا ونصوص، من ضمنها التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة والمُرتبطة بالدولة كمؤسسة مستمِرة لا تتغير بتغيّر الحكومات. وفي هذا الصدد، يعتَبِر اسليمي أن التربية والتكوين قطاع استراتيجي تشتغل عليه الدولة قبل مجيء حكومة بن كيران بسنوات، فيما المجال الثاني هو مجال رئيس الحكومة، الذي يتداول في قضايا، منها السياسات العامة قبل عرْضها على المجلس الوزاري، إضافة إلى السياسات العمومية والسياسات القطاعية. فالتمييز واضح بين السياسات العامة والسياسات العمومية التي تنتجها الحكومة، والتي يجب أن تكون مُنسجمة مع السياسات العامة، التي هي سياسات الدولة وليس الحكومة، وهي مستمرة حتى وإن تغيّرت الحكومات.

وإذا كانت القراءة الدستورية تضع نقْد العاهل المغربي الملك محمد السادس لحكومته في سياق دوره كرئيس للدولة، فإن معارضي هذا النقد يؤكدون – ليس دِفاعا عن بن كيران – على أن هذا الدور يجب أن ينسجم مع النص الدستوري الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة، بل ويؤاخذون بن كيران وحِزبه على تنازلاتهم للمؤسسة الملكية عن اختصاصات وصلاحيات رئيس الحكومة التي منحها له الدستور، وذلك من خلال مجموعة من القوانين التنظيمية التي أقرّت خلال الشهور الماضية.

عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات

 لا يُوجد في الدستور ما يمنع الملك من انتقاد وتقييم العمل الحكومي

اختصاصات وصلاحيات الملك

هذا النقد لحكومة بن كيران الوارد في الخطاب الملكي، أعاد من جديد فتح ملف اختصاصات وصلاحيات الملك ومسؤولياته وتجدد دعوة البعض للملكية البرلمانية، مسترجعين ملف العفو الملكي عن 48 إسبانيا كانوا بالسجون المغربية يمضون عقوبات على جرائم ارتكبوها، ومن بينهم دانييل كلفان، الذي كان يمضي 30 سنة سِجنا لإدانته باغتصاب 11 طفلا مغربيا بمدينة القنيطرة.

هذا العفو الملكي أثار غضبا شعبيا وخرجت تظاهرات في عدد من المدن المغربية، ووجد الملك محمد السادس نفسه يواجِه هذا الغضب وحيدا. فالحكومة التزمت الصّمت، باستثناء تصريح لوزارة العدل والحريات، يقول إنه “لا دخل لها بكلّ ما يتعلق بهذا العفو”، أما الأحزاب فلم تستطع أن تدافع أو تنتقد، فكان الصّمت أيضا ملاذها، وكذلك فعلت إسبانيا، وتوالت بلاغات القصر الملكي عن عدم معرفة الملك بوجود الجاني والمجرم الإسباني كالفان ضِمن من عفا عنهم، ثم قرار إلغاء العفو، ثم تحميل المسؤولية لمندوبية السجون. 

وإذا كان الغضب الشعبي على قرار العفو الملكي والشكل الذي أخذ هذا الغضب وكيفية معالجة القصر له جاء مُلفتا للإنتباه، فإن المفكر الانتربولوجي المغربي عبد الله الحمودي، وصفه بـ “الهزة القوية” التي مسّت النظام وأجبرته على التنازل والتراجع، مقارنة مع ما كان يحدُث في عهد الملك الحسن الثاني، الذي لم يسبق له أن خطب في الشعب بعد التوترات الإجتماعية التي عاشها البلد خلال العقود الماضية، وقدّم تنازلات، حيث كان عندما يخطب في مثل تلك المناسبات، يتحدّث مثل “مخزني” ويسبّ الشعب، وبعد ذلك، عندما يختلي بمستشاريه يتّخذ القرارات التي يراها مناسبة، ولا يسمّيها بأنها جواب على تلك الإحتجاجات التي أملتها عليه.

في هذا السياق، يرى الحمودي أن الملك محمد السادس، وفي إشارة إلى التحولات، اضطر مباشرة بعد هزّة 20 فبراير، إلى أن يجاوب فيها مباشرة على مطالب الشعب، وتكرّر نفس ردّ الفعل مع خروج الناس إلى الشارع للإحتجاج ضد العفو الملكي، واضطر النظام مرّة أخرى إلى التراجع وتقديم التنازلات تِلو الأخرى، و”كل هذا ناتج عن هزّة 20 فبراير”، على حد قوله.

إنه المغرب، الذي يحلو لنُخبته السياسية والثقافية، التي فقدت الكثير من مِصداقيتها، أن تتحدث عنه باعتباره “الإستثناء” الذي كانت لديه القُدرة على عبور عواصِف الربيع العربي بسلام حتى الآن، لكنه عبور أنتجه تراكُم تغيير تشهده البلاد منذ عقود في ظل الإستمرارية. قد يكون هناك بُطء في تصريف هذه التراكمات، لكنها لا تتبدّد.. بل تبقى قائمة وموجودة في خلفية الصورة وتحضر وبشكل طبيعي، لكنها تبدو – لمَن لم يُتابع المسلسل منذ البداية – أنها حدثت فجأة!

بعد مرور سنتين على وصول الاسلاميين الى الحكم للمرة الاولى في المغرب في سياق “الربيع العربي”، يعيش حزب العدالة والتنمية الإسلامي ظروفا صعبة بعدما فقد أغلبيته الحكومية وبسبب انتقادات الملك إضافة الى الظرفية الإقليمية غير المواتية.

ووصل الإسلاميون للمرة الاولى في تاريخهم الى رئاسة الحكومة نهاية 2011 بعد فوز تاريخي في الانتخابات البرلمانية التي تلت تبني دستور جديد في تموز/يوليو من السنة نفسها، بعد أشهر من الحراك الشعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية في سياق الربيع العربي.

ولا يُمكّن النظام الانتخابي المغربي الحزب الفائز بالانتخابات من الحصول على أغلبية مطلقة تسمح له بقيادة الحكومة بشكل مريح، وهو ما اضطر عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة الحالي للتفاوض مع أربعة أحزاب حينها، لتكوين اغلبية وصفت في المغرب ب”غير المنسجمة”.

وكانت هذه الغالبية “غير المنسجمة” أحد أسباب المشاكل الحالية التي يتخبط فيها الاسلاميون، بعدما قرر حزب الاستقلال المحافظ، الحليف الأول، الانسحاب من التحالف في مايو 2013. ومنذ يوليو الماضي عندما تم الانسحاب بشكل رسمي فعليا، يحاول عبد الإله ابن كيران إيجاد حليف جديد وسط تكهنات بالذهاب الى انتخابات سابقة الى أوانها.

وأدت المفاوضات التي قادها الحزب الإسلامي مع مختلف الأحزاب الى قبول حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يصنف نفسه كحزب ليبرالي، ويعتبره المراقبون حزبا تابعا للإدارة، الى انقاذ التحالف لكن بشروط. وخلال لقاء لشبيبة حزب العدالة والتنمية الأحد 25 أغسطس 2013، قال عبد الإله ابن كيران أمام الآلاف من شباب الحزب إن “السياسة فن الممكن، والصراع مع هذا الحزب (التجمع الوطني للأحرار) لا يمكن ان يستمر الى الأبد”، مطالبا الشباب ب”مساندة” قرارات القيادة.

ووصلت المفاوضات بين الحزبين الى جولتها الخامسة. وتتحدث الصحافة عن “هيكلة شاملة للحكومة”، وتفاوض حول “توزيع الحقائب الوزارية”، يمكن ان يدوم اسبوعين آخرين. واكد مصدر مقرب من ملف التفاوض لفرانس برس انه من المتوقع ان تستمر المحادثات بين الجانبين حتى منتصف سبتمبر القادم.

ورغم ان “الأزمة السياسية لا تؤثر على عمل الحكومة” حسبما أكد مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، الا ان الانتقادات تتوالى الواحد تلو الآخر. وترتبط هذه الانتقادات أساسا بغياب تفعيل وعود الإصلاح الاجتماعية المستعجلة التي تحدثت عنها الحكومة، إضافة للوضع المالي غير المستقر للملكة بسبب عجز الموازنة الذي فاق العام الماضي 7% من الناتج المحلي الإجمالي. واعتبرت يومية “ليكونوميست” المقربة من أوساط رجال الأعمال المغاربة، في افتتاحيتها يوم 26 أغسطس أنه منذ نهاية 2011 “تميز العمل الحكومي بغياب المهنية والدقة”.

وإضافة الى انتقادات وسائل الإعلام والمعارضة، تعرضت الحكومة لضربة أخرى في 20 أغسطس، خلال خطاب للملك محمد السادس بمناسبة وطنية، بعدما هدأت تداعيات العفو الملكي عن اسباني مدان باغتصاب أطفال مغاربة. وتركزت انتقادات الملك على التعليم، وقال انه “من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها”.

وأثارت هذه الإنتقادات حفيظة مسؤولين في الحزب الإسلامي الذين اعتبروا ان الحكومة التي يقودونها لم تأت ببرنامج جديد وان مشكلة التعليم قديمة، فيما فضل عبد الإله ابن كيران عدم الرد تجنبا لأي خلاف أو صراع مع الملك. واعتبر ابن كيران خلال لقائه مع شباب الحزب ان “الملك فوق الجميع وكل الذي يحاولون ان يفسدوا بين الملكية والعدالة والتنمية لا يفقهون شيئا..”. وأضاف ابن كيران “سنتدافع مع قوى الفساد والاستبداد التي تريد ان تحافظ على منهج التحكم ليدوم في يدها استغلال الخيرات بطرق مشروعة وغير مشروعة، مهما كلفنا ذلك”.

وانتقد رئيس الحكومة أمين عام حزب الاستقلال المنسحب واصفا إياه بـ “الطفل”، كما عاد لانتقاد حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الذي أسسه في 2008 صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي، قبل الانسحاب منه أشهرا بعد انطلاق الحراك الشعبي في المغرب. وقال رئيس الحكومة “لسنا ضد هذا الحزب ولا نحسدهم لكنهم غير أكفاء ولن يفعلوا شيئا للبلد ولم يأتوا ليخدموا البلد بل جاؤوا ليأكلوا خيراته”.

وإضافة الى خلافات ابن كيران مع الكثير من الأحزاب، لا يساعد الوضع الإقليمي الحزب الإسلامي بقدر ما يجعله في وضع المدافع. ومنتصف أغسطس تجنب العديد من وزراء الحزب الإسلامي المشاركة في مظاهرة ضخمة لمساندة الرئيس المصري محمد مرسي والتنديد بالانقلاب عليه، لكن من بين 10 آلاف مشارك تواجد عدد مهم من قيادة الحزب الإسلامي. وخلال لقاء الأحد بحضور ابن كيران، رفع شباب حزب العدالة والتنمية شعار “الشعب يريد طرد السفير المصري”. وعلق ابن كيران على حماسة الشباب بقوله انه “من الأفضل تصريف هذه الطاقة لخدمة البلد”.

وبالنسبة لمحمد الطوزي المحلل السياسي، فإن الظروف الإقليمية “لا تلعب لصالح حزب العدالة والتنمية، لأنه تجبره بشكل غير مباشر على تجنب اعتماد خطاب الشرعية على أساس نتائج الانتخابات” كما حصل في مصر. ويضيف الطوزي ان “ما يكتشفه الإسلاميون يوما بعد آخر هو ان الشعب متقلب الأحوال. فحتى لو أقنعناه ببرنامج انتخابي على أساس ديني، يمكن للظروف الاجتماعية اليومية ان تغير رأيه بسرعة في اتجاه تبني خطاب آخر”. ورغم المشاكل الداخلية والإقليمية، ما زال يتمتع عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة الحالية بشعبية مريحة نسبيا تمكنه من مواجهة خصومه. فالنسبة لابن كيران “نحن نتفاوض بروية وإذا تيسرت الأمور سنكون الحكومة، وإذا لم تتيسر فسألجأ لجلالة الملك الذي له واسع النظر، وحزب العدالة والتنمية مستعد لكافة الاحتمالات”.

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 28 أغسطس 2013)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية