مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد ثلاثة أسابيع .. المفاوضات تتواصل لعام آخر

الولايات المتحدة اتخذت منذ بداية اشغال المؤتمر موقفا عنيدا زاد من تعقيد المفاوضات Keystone

فرضت الخلافات الحادة نفسها على طاولة المفاوضات في جنيف حول مُعاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة البيولوجية، فانفض المؤتمر مساء الجمعة بعد تعليق اعماله دون التوصل إلى بيان ختامي يوافق عليه وفد الولايات المتحدة الامريكية ووفود مائة وثلاث عشرة دولة أخرى شاركت فيه.

كان من المفترض أن تُختتمَ يوم الجمعة أعمالُ المؤتمر الذي تستضيفه جنيف منذ الـ19 من شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي لبحث معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية. لكن اختلاف وجهات النظر الحاد أدى إلى تعليق اعماله ليعود ليلتقي مرة أخرى في نوفمير تشرين الثاني من عام الفين واثنين، لتتمكن الوفود المشاركة من مراجعة مواقفها مرى أخرى، واعتبر الديبلوماسي المجري ورئيس المؤتمر تيبور توث تعليق اعمال المؤتمر انقاذا له بدلا من الاعلان عن فشل الوفود المجتمعة في التوصل إلى صيغة ترضي جميع الاطراف.

الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت منذ بدء أعمال المؤتمر موقفا مُتصلبا عقَّد سير المفاوضات، حيث أكدت واشنطن معارضتها لكل بروتوكول يهدف إلى مُراجعة المعاهدة التي دخلت حيز التطبيق عام 1975 كما حرصت على التأكيد على أن السماح لأعضاء لجان التفتيش المقترحة بزيارة المختبرات الامريكية يضر بالامن القومي الداخلي وقد يسمح بنقل معلومات واسرار إلى طرف ثالث قد لا يحق له معرفة ما يدور في المختبرات الامريكية، في المقابل أكد الوفد الامريكي على ضرورة التركيز على دول مثل العراق وكوريا الشمالية.


السفير الامريكي جون لوتون أعلن أن هذه النتيجة كانت متوقعة منذ بدء أعمال الامؤتمر، إلى أنه اعتبر أن ما توصل إليه المؤتمر خطوة هامة، وأن بلاده ستعمل على دراسة الموقف حتى موعد انعقاد المؤتمر القادم بعد عام من الآن.

السفير الهندي راكيس سود أعرب عن خيبة أمله من هذه النتيجة واعتقد أن غالبية الدول المشاركة شعرت بذلك أيضا، أما الاتحاد الاوربي فقد رأي أن الموقف الامريكي “غير مقبول بالمرة”.

وكان العديد من خبراء الاسلحة البيولوجية توقعوا أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات أخرى، على اعتبار أنها تعرضت قبل فترة قليلة إلى الهجوم بجرثومة “الجمرة الخبيثة”، وانتظر البعض أن تكون على رأس من بعمل على تطبيق بنود المعاهدة بالكامل.

ثلاثُ ملفات تعرقل سير المفاوضات

ثلاث ملفات رئيسية ظلت محل خلاف بين الدول المشاركة، ويشرح السفير المجري تيبور توث الذي يترأس أعمال المؤتمر أن حجر العثرة الرئيس تمثل في انعكاسات رفض الولايات المتحدة لأية إجراءات تسعى إلى مراجعة المعاهدة، بينما أصرت الصين وبلدان أخرى من دول عدم الانحياز على أن تتواصل المحادثات داخل فريق العمل الذي انشأ عام 1995.

من جهة أخرى، ظهرت خلافات واضحة جدا حول كيفية صياغة التقارير المتعلقة بانتهاكات بعض الدول للمعاهدة الأممية. وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت بالتحديد، ومنذ اليوم الأول من انطلاق أعمال المؤتمر، كلا من العراق وكوريا الشمالية وإيران وليبيا وسوريا والسودان بانتهاك معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية.

وترفض دول كثيرة الإشارة الصريحة إلى دولة أو أخرى حيث ترى انه يجب الاكتفاء بتأكيد بسيط على ضرورة احترام كامل لبنود المعاهدة. لكن وجهة النظر هذه تبدو مُبهمة لأطراف أخرى.

أما الملف الثالث الذي مازال مفتوحا للنقاش فهو الاتفاق على سُبل وآليات مُتابعة تطبيق المعاهدة، فتقدم الاتحاد الأوربي يوم الاثنين الماضي بجُملة من الاقتراحات تدعو إلى عقد اجتماعات مُنتظمة كل سنة من اجل مُراقبة تطبيق معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية والتباحث حول إمكانية اتخاذ إجراءات إضافية بهدف تعزيز المعاهدة.

أما الإجراءاتُ المُقترحة من اجل تعزيز التشريعات الوطنية لكل البلدان الموقعة على المعاهدة من اجل تجريم العمليات الهادفة إلى استعمال عناصر أو مؤثرات جرثومية لأغراض مُضرة، فلم تحظ بترحيب جميع المشاركين حيث أعلنت بعض الدول أن هذه الإجراءات غير مرغوب فيها.

ومن بين القضايا الأخرى التي بقيت بدون حل، مسألةُ علاقات المعاهدة ببروتوكول كارطاجينا ومعاهدة الأمم المتحدة حول المُشتقات البيولوجية وإجراءاتُ التعاون مع الدول النامية.

وعلى الرغم من حجم هذه الخلافات، كان السفير المجري توث متفائلا حينما صرح قائلا: “من الزاوية التقنية، لا زال باستطاعتنا التوصل إلى اتفاق، لكن السؤال يظل هل ستتغلب الإرادة السياسية على الخلافات القائمة؟”

ويمكن القول بأن الامم المتحدة لا تتفق على رأي إلا إذا كان يتعلق ببلد واحد أو مجموعة لها سمات مشتركة، أما فيما عدا ذلك فالوصول إلى اتفاق جماعي يكاد أن يصبح حالة مستحيلة وخاصة إذا تعلق الأمر بمصالح الولايات المتحدة الامريكية المباشرة.

سويس انفو مع الوكالات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية