مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا “سعيدة” بمواصلة التعاون مع باراك أوباما

مشاعر الفرحة بالفوز الإنتخابي قد لن تطول فالتحديات التي تنتظر أوباما داخليا وخارجيا كثيرة ومتعددة. AFP

أعربت سويسرا عن "سعادتها لمواصلة تعاونها الوثيق مع الولايات المتحدة"، على إثر إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما. وتأمـل برن في "زيادة تعزيز العلاقات الكثيرة والمتنوعة التي تربط بلدينا"، وفقا لما عبرت عنه وزارة الخارجية السويسرية.

وأوضحت الوزارة في نص موجز لوكالة الأنباء السويسرية أن رئيسة الكنفدرالية إيفلين فيدمر-شلومبف ستبعث برسالة تهنئة الرئيس الأمريكي على فوزه بولاية ثانية.

وفي العاصمة برن، قال السفير الأمريكي لدى سويسرا في تصريحات لـ swissinfo.ch: “إن الأولوية القصوى لا تزال التوصل (مع سويسرا) إلى اتفاقات بشأن الضرائب والسرية المصرفين بين البلدين – بصفتهما الملفين اللذين يعتبران أكبر مصدر لتوتر العلاقات بين الجانبين في الوقت الراهن”.

وأضاف السفير دونالد بيير، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا مساند لأوباما، أنه يأمل أن يقرر الرئيس زيارة سويسرا خلال فترة ولايته الثانية، قائلا: “إنه لم يزر أبدا (سويسرا) ولكن إحدى جداته الأولى كانت تنحدر من كانتون فريبورغ وقد يكون أمرا رائعا أن تتاح له مُعاودة الاتصال بجذوره السويسرية”.

وعبر السفير بيير، أثناء حفل نظمته السفارة الأمريكية في مقهى ببرن، عن “بالغ سعادته” للنتيجة الجيدة جدا التي حققها أوباما، والتي وصفها بـ “مفاجأة سارة”. كما قال إن بلاده “ستتمكن من مواصلة بناء علاقات متعددة الأطراف قوية جدا مع العالم”، معربا عن اعتقاده أن تلك العلاقات “ستتعزز أيضا مع سويسرا”. 

ارتياح حذر

وفي جنيف، عبــّر أنصار أوباما بالدموع والصياح عن ارتياحهم على إثر الإعلان عن إعادة انتخاب مُرشحهم لأربع سنوات أخرى. وقالت سارا بوركهارتر، المؤرخة الفنية في جامعة جنيف: “إنني أشعر بارتياح مطلق، السعادة تغمرني، وأنا فخورة جدا جدا بهذا التصويت. ولكنني أظل واقعية لأنه لا يمثل سوى موقف نصف سكان البلاد التي تبين أنها منقسمة جدا”. واستطردت قائلة: “إن الأولوية الآن تتمثل في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد، والتأكد من استمرار إصلاح النظام الصحي، ومن تطبيق الرئيس للوعود الأخرى التي قطعها على نفسه خلال الحملة الانتخابية”.

من جانبها، قالت تيريز بيتشوف لـ swissinfo.ch: “إن (النتيجة) بمثابة تعويض لنا نحن الأمريكيين المقيمين في الخارج. لقد تابعتنا عن كتب الفارق البسيط بين المرشحين قبل التصويت وشاهدنا الهوة الأيديولوجية. لذلك فإن (هذا التصويت) بالغ الأهمية، إن الأمر يعدو أن يكون مجرد انتصار عادي، إنه انتصار قوي يبعث برسالة كبيرة إلى أمريكا”.

انتصار الديمقراطيين عكس أيضا شكوك الأمريكيين إزاء الجمهوري ميت رومني بسبب آرائه المتغيرة سعيا منه إلى مواكبة التشدد اليميني المتزايد في المواقف السياسية لحزبه. وفي تصريح لإذاعة سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية)، قال شارلز آدام، الرئيس المشارك لمنظمة الأمريكيين في الخارج المساندة لأوباما، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، إن الجمهوريين يحتاجون إلى مراجعة خياراتهم بعد هزيمة رومني.

وأضاف في اتصال عبر الهاتف من شيكاغو: “إن هذا الحزب يتجه نحو إلى الانقراض السياسي ما لم يستعد عقلانيته ويلعب دورا بناءً في مستقبل هذه البلاد”.

مارك، من ولاية فلوريدا، ضمّ صوته للمُهنئين قائلا: “كانت معركة كبيرة هذه الليلة. لقد أثبت الديمقراطيون حقّــا دعمهم الثابت على مدار العام، ولكن لايزال يجب تحقيق تقدم هام على مستويات عدة في الولايات المتحدة، وآمل أن يكون المرشج الذي أعدنا انتخابه الشخص المناسب للقيام بهذه المهمة على أحسن وجه”.

أما إيليانور تي كونجي، فهي تظل على قناعة بأن تغييرات هامة ستطرأ خلال السنوات الأربع القادمة، ولكن قبل التفكير في العقبات القادمة التي سيتعين على باراك أوباما مواجهتها، فهي تريد ببساطة الاستمتاع المطلق باللحظة الراهنة، قائلة: “أنا سعيدة للغاية، إنها أهم لحظة في حياتي بعد الإنتصار الأول (لأوباما) عام 2008”.

انقسام عميق

كبريات الصحف السويسرية سارعت إلى التعليق على مواقعها الإلكترونية، على إعادة انتخاب أوباما. وتحت عنوان “أمريكا تمنح المزيد من الوقت لباراك أوباما”، شددت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” على أن المرشح الديمقراطي، ولئن كان قد نجح بالتأكيد في إقناع غالبية المواطنين بإعادة انتخابه، فإن ذلك لا يمكن أن ينفي أن البلاد منقسمة سياسيا. وأضافت اليومية الرصينة (تصدر بالألمانية في زيورخ) أنه “يتعين على البيت الأبيض، أكثر من أي وقت مضى، بناء جسور عديدة. فمن دون التوصل إلى وفاق في واشنطن، فإن أمريكا تواجه خطر تكبد انقسام سياسي خطير في المستقبل”.

من جهتها، رأت صحيفة “تاغس انتسايغر” بأن نتيجة الإنتخابات الرئاسية لا تختلف كثيرا عن الصورة التي اقترنت، في رأيها، بالولاية الأولى لباراك أوباما، أي أنها “حُسمت بفارق بسيط” وأنها “باهتة بالأحرى”. وذكّرت اليومية التي تصدر أيضا بالألمانية في زيورخ أنه في ضوء النتائج الضعيفة بالأحرى التي تم تحقيقها خلال السنوات الأربع الأولى في البيت الأبيض، فإن الرئيس خاض الحملة لإعادة انتخابه من دون الإعلان عن مشاريع كبرى، بحيث يمكن اختصار حملته في شعار “إلى الأمام”.

في المعسكر الآخر، تسببت المواقف المتطرفة في خسارة الجمهوريين حسب نفس اليومية التي أضافت: “لم يتمكن أحد منهم، ولا حتى أكبر الشخصيات الداعمة لميت رومني، التعبير عمّا كانت ستقدمه رئاسة بقيادة هذا الأخير إلى العالم. وهذا في حد ذاته، من جملة عوامل أخرى، بمثابة امتياز بالنسبة لباراك أوباما لأن “التوقعات (الآن) ليست عالية جدا”.

وفي تحليلها لنتائج الانتخابات، أشارت صحيفة “لوتون” إلى أن باراك أوباما تحدى الإحصائيات بما أنه حتى الآن، لم يكن قد أعيد انتخاب أي رئيس أمريكي بمعدل بطالة يفوق 7.2% منذ فرانكلين دي. روزفيلت. وأوضحت الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في جنيف أن الفضل في انتصار أوباما يعود في المقام الأول للنساء اللاتي عاقبن “المواقف المتطرفة أحيانا لبعض أعضاء الحزب الجمهوري في مجال الإجهاض ووسائل منع الحمل”، وأيضا للاتينيين (أي المهاجرين من بلدان أمريكا اللاتينية) الذين “أحدثوا الفرق بدون شك في العديد من الولايات المتأرجحة”. وبدورها، شددت اليومية الروماندية على أن “انتصار أوباما أبرز في المقابل انقساما عميقا جدا داخل البلاد”.

معظم أحزاب سويسرا تشيد بانتصار أوباما

من ناحيتها، أعربت غالبية الأحزاب السياسية عن سعادتها لإعادة انتخاب باراك أوباما، باستثناء حزب الشعب  السويسري (يمين شعبوي)، أكبر أحزاب البلاد من حيث التمثيل في البرلمان الفدرالي. في المقابل، يعتقد الكثير من السياسيين أن الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة “سيُواجه ولاية ثانية صعبة، كما يتوقعون أن يستمر الوضع الراهن على مستوى العلاقات بين برن وواشنطن”.

رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين)، كريستوف داربولي – الذي لا يشاطر كافة آراء أوباما ولئن كان يُقدر شخصيه – أعرب عن سعادته لإعادة انتخاب الرئيس الديمقراطي، لكنه يعتقد أن الولاية الثانية ستكون “صعبة جدا بل حتى أكثر تعقيدا” من الأولى. وبالنسبة للعلاقات بين برن وواشنطن، يعتقد داربولي أن الوضع سيبقى “متوترا” فيما يخص ملفي الإتفاقات الضريبية والسرية المصرفية اللذين سيظلان “شائكين”، مضيفا: “لن نخرج من (هذا الوضع) ببساطة” وبشكل مفاجئ.

من جانبه، لا يرى رئيس الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين) أيّ تشدد في المواقف بشأن هذين الملفين من العلاقات بين برن وواشنطن، بحيث ينظر إلى إعادة انتخاب أوباما كإمكانية لمواصلة تبادل الآراء مع نفس المحاورين، بما أنه يُتوقع أن يظل عدد هام من أعضاء الإدارة الأمريكية في مناصبهم. ويأمل فيليب مولّر أن يتمكن الرئيس الديمقراطي من مواصلة إصلاحاته، لاسيما تلك التي لم ينجح في إطلاقها خلال فترة ولايته الأولى.

الحزب الإشتراكي، أعرب بدوره عن “ارتياحه الكبير” لانتصار باراك أوباما. وقال، على لسان المتحدث باسمه، جون-إيف جونتي، إن الحزب الاشتراكي ينتظر، مع ذلك، من الرئيس الأمريكي المعاد انتخابه أن “يقوم بالمزيد” من وجهة نظر اليسار الأوروبي، مثل وعده بإغلاق غوانتانامو. ويعتقد جونتي أن الرئيس الديمقراطي “سيحتاج إلى التحلي بقدر كبير من الشجاعة والتفاني في السنوات الأربع القادمة”. وبالنسبة للعلاقات الثنائية بين برن، وواشنطن، ليس لدى جونتي “انطباع بأن نتيجة التصويت ستغير الشيء الكثير”، مضيفا أن الحزب الإشتراكي السويسري “يفضل مواصلة العمل مع الفريق القائم حاليا” حول ملفات مختلفة يجري التفاوض بشأنها.

في صفوف الخضر، عبرت آديل تورون، الرئيسة المشاركة للحزب، عن سعادتها الكبيرة بإعادة انتخاب باراك أوباما، رغم أنه لم تحدث أية ثورة في المجال البيئي أثناء ولايته الأولى. وأكدت أن آمالها في إحراز تقدم في الملفات البيئية، لاسيما ما يخص التغيير المناخي، تظل أكبر مع الديمقراطي أوباما، وليس مع الجمهوري ميت رومني. وأعربت تورون عن أسفها لعدم وجود تلك الملفات ضمن أولويات الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما، وبالتالي فهي تنتظر الكثير من ولايته الثانية. 

من جهته، قال أوسكار فرايزينغر، النائب عن حزب الشعب، إنه “مستاء قليلا” من انهزام ميت رومني، رغم أن النتيجة لم تكن مفاجئة له، وأضاف: “إن السيد رومني قام بمسيرة مشرفة، وكان يستحق المنصب لأنه أثبت جدارته” كرجل أعمال ومدير. كما يعتقد فرايزينغر أن فوز الجمهوريين كان سيمثل “ضغطا أقل” على سويسرا في الملفيّن الضريبي والمصرفي، قائلا: “سنواصل العيش مع أوباما، ولن يحدث أي تغيير”.

في برقية التهنئة، عبر الرئيس المصري محمد مرسي عن الأمل “في تعزيز علاقات الصداقة بين البلدين لخدمة أهدافهما المشتركة في العدل والحرية والسلام.”

الرئيس الفلسطيني محمود عباس تمنى في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن “يُواصل (الرئيس أوباما) جهوده لتحقيق السلام في الشرق الاوسط”. ومن جهتها، قالت الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في غزة: “إن هناك فرصة أمام أوباما للتخلي عن سياسة الولايات المتحدة “المنحازة” لإسرائيل، وأن يبني سياسة أخلاقية توقف ازدواجية المعايير في قضايا المنطقة وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني”.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في رسالته أن التحالف الاستراتيجي بين تل أبيب وواشنطن “أقوى من أي وقت مضى” وأضاف “سأواصل العمل مع الرئيس أوباما لضمان تحقيق المصالح الضرورية لأمن المواطن الإسرائيلي.”

الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أوضح في بيان أصدره في القاهرة أن “التاريخ أثبت أن الرئيس خلال الولاية الثانية يكون أكثر قدرة على تنفيذ المهام الكبرى والمسئوليات الصعبة الموكلة على عاتقه داخلياً وخارجياً”.

وفي برقيته، أشاد العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبد العزيز “بمتانة العلاقات التاريخية الوثيقة بين بلدينا الصديقين، والتي نحرص على تطويرها وتنميتها في المجالات كافة”.

(المصدر: وكالات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية