مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سوريّون في سويسرا ينشطون في “تجمّع الياسمين” دعما للثورة في بلادهم

لاجئون سوريون جدد يصلون الى مخيم بوينويوغون التركي يوم 14 يونيو 2011 لكي يصل العدد الى 8500 لاجئ . Keystone

في الوقت الذي وصفت فيه المفوضة السامية لحقوق الإنسان الأوضاع في سوريا بـ "المأوساوية"، يواصل نشطاء من الجالية السورية المقيمة في سويسرا في الإنخراط في "تجمع الياسمين"، لدعم المطالب الديمقراطية للشعب السوري.

وفي أول تحرك علني لهم، وجه الناشطون رسالة إلى ميشلين كالمي – ري، رئيسة الكنفدرالية السويسرية لمطالبتها بدعم المساعي الدولية الرامية إلى “إدانة النظام السوري” من قِـبل مجلس الأمن.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، ذكرت السيدة وجد زيمرمان،أن “تجمع الياسمين أسس في أعقاب تصويت الناخبين (السويسريين) ضد بناء مآذن جديدة في الكنفدرالية، وذلك للسماح بتعبئة العرب والمسلمين المقيمين في سويسرا. لكن بعد بداية الثورات الشعبية في شمال إفريقيا، كان التجمع بمثابة قناة للترويج لتطلعات التونسيين ثم المصريين والليبيين. وها هو اليوم يقوم بالترويج للمعلومات الواردة من سوريا لحوالي 256 عضوا، من بينهم 200 سوري”. 

السيد هيثم سرية، المعارض السوري المقيم في سويسرا منذ أكثر من 30 سنة، يرى أن “تجمع الياسمين” يعتبر “محاولة لجمع كل التيارات السورية المتواجدة في كل مناطق سويسرا والمنتمية لأحزاب عربية وكردية وبعض الشخصيات المستقلة التي لها دور بالعمل الوطني في سوريا”، كما يهدف التجمع إلى “محاولة جمع الجهود من أجل تقديم الدعم للثورة في الداخل، وذلك بتنسيق تحركاتنا ومظاهراتنا وطريقة اتصالاتنا مع بعضنا البعض من جهة، ومع باقي المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان من جهة أخرى”، كما يقول السيد هيثم سرية.

خطاب موجّه إلى كالمي – ري

باكورة تحركات السوريين المقيمين في سويسرا والمنخرطين ضمن “تجمع الياسمين”، تمثلت في توجيه رسالة إلى رئيسة الكنفدرالية السويسرية بتاريخ 9 يونيو2011 يطالبونها فيها بـ “دعم  المساعي التي تقوم بها كل من فرنسا وبريطانيا أمام مجلس الأمن الدولي للحصول على إدانة للنظام السوري”.

وبعد أن شرح الموقعون على الرسالة الوضع الذي يعاني منه الشعب السوري من جراء “القمع الذي يمارسه نظام الأسد”، وذكّروا بأن “المجموعة الدولية والجامعة العربية تخليا عنه في محنته”، أشاروا إلى أن “بريطانيا وفرنسا تقدمتا في 8 يونيو 2011 بمشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي تطالبان فيه بإدانة النظام السوري”، وانتهوا إلى مطالبة سويسرا بـ “دعم هذا التحرك بدون لبس أو غموض”.

وفيما نوهت السيدة وجد زيمرمان إلى أن مرسلي الخطاب “لم يتوصلوا لحد الآن بأي رد”، ذكـّـر السيد هيثم سرية، بالمواقف التقليدية لسويسرا أمام آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وقال “نرغب أيضا في أن تتدخل سويسرا أمام مجلس حقوق الإنسان من أجل وقف القتل والعنف تجاه شعبنا في سوريا”، وأضاف “حصلنا على وعود بتنظيم لقاء لنا مع رئيسة الكنفدرالية السويسرية ولم يتم تحديد موعد لذلك”، إلى حين إعداد هذا التقرير.    

صوت الثورة السورية في الخارج

تدخل التحركات الأولى التي بادرت إليها أطراف ناشطة داخل الجالية السورية المقيمة في سويسرا ضمن مجهودات تمتد إلى معظم الدول الأوروبية. وفي هذا السياق، حرصت السيدة وجد زيمرمان على التذكير بما قامت به الجالية السورية في مدينة زيورخ بالخصوص من مظاهرات منذ بداية الإنتفاضة الشعبية في سوريا.

من جهته، يقول السيد هيثم سرية الذي كان من بين الشخصيات التي شاركت في تنظيم مظاهرات سويسرا منذ بداية الثورة في بلاده: “الآن، في كل دولة من دول أوروبا، توجد لجان لدعم الثورة السورية ونحاول توسيع اتصالاتنا مع باقي اللجان، بحيث نكون بمثابة سند أو صوت الثورة السورية في الخارج والداعم لها في المحافل الدولية وأمام مجلس حقوق الإنسان (مقره جنيف) والمنظمات غير الحكومية” عموما.

لا خوف من الطائفية.. ومراهنة على انشقاق الجيش

ولدى سؤالهما عن آخر التطورات والمعلومات التي حصل عليها الناشطان السوريان المقيمتن في سويسرا من خلال اتصالاتهما اليومية مع الأهل والأصدقاء داخل سوريا، أجابت السيدة وجد زيمرمان أن “النظام لم يتمكن من دفع المتظاهرين الى حمل السلاح، لأنهم واعون بأن في ذلك فخا يهيؤه لهم النظام”. أما السيد هيثم سرية فيرى أن “الأمور تزداد سوءا كل يوم وأن شعارات المتظاهرين تحولت من مطالبة بالإصلاح في البداية الى مطالبة بإسقاط النظام الآن، نتيجة للعنف والقمع الذي يمارسه النظام السوري والذي لا مثيل له في العالم”.

ويؤكد السيد هيثم سرية أن “الشعب السوري أصبح بكافة أطيافه لا يثق في هذا النظام ويطالب برحيله.. حتى أصدقاء هذا النظام تخلَّـوا عنه، مثلما هو الحال بالنسبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان”.

وفي الوقت الذي يُراهن فيه البعض على أن جانبا من الحل يكمُـن في مدى قدرة الجيش السوري على الإنشقاق أو الوقوف إلى جانب الثورة، مثلما حدث في تونس ومصر، يقول السيد هيثم سرية: “أنا من بين من يراهن على هذا الإنشقاق، لأن الجيش السوري جيش وطني. ولكن ما تم لحد الآن من انشقاقات، محدود جدا، لأن النظام السوري حكم الجيش بنفس الطريقة التي حكم بها الشعب السوري. فعلى عكس ما هو موجود في تونس أو مصر، فإن قيادات هذا الجيش تم تعيينها من قبل هذا النظام”. وينتهي الناشط السوري إلى القول: “ولكن مع ذلك، يتطلب الأمر قليلا من الوقت لكي يتحرر الجيش من خوفه، مثلما تحرر الشعب من خوفه”.

       

أما عن خطر الطائفية الذي كثيرا ما يتردد لدى الحديثعن مستقبل الأوضاع في سوريا، يقول السيد هيثم سرية: “يمكنني أن أقول بكل جرأة إن النظام السوري هو الذي سيلعب بورقة الطائفية، وهذا ما شاهدناه في سنة 1982 عندما قام الأسد الأب بإشعال الفتنة الطائفية بين السُـنّـة والعلويين”، وأضاف “نحن متأكدون من أن كل فئات الشعب السوري ضد الطائفية… ومتأكدون أيضا من أن النظام السوري سيفشل في استخدام هذه الورقة للقضاء على الثورة السورية”، على حد قوله.

أخيرا، ينقل السيد سرية أيضا تصورات تتردد بكثرة هذه الأيام في صفوف المثقفين السوريين يزعم أصحابها أن النظام السوري “قد يستخدم – كورقة أخيرة للخروج من المأزق – إثارة حرب تكتيكية مع إسرائيل، بعد محاولة إرسال بعض الفلسطينيين إلى الجولان، هذه المنطقة التي لم يستطع أحد، لا من السوريين أو الفلسطينيين، عبورها منذ أكثر من.. 40 عاما”.

استمع مجلس حقوق الإنسان بعد ظهر يوم الأربعاء 14 يونيو 2011، إلى تقرير أولي للمفوضة السامية لحقوق الإنسان بخصوص الأوضاع في سوريا، وقد استهلته بالتذكير بأن “السلطات السورية، ورغم الرسائل المتكررة التي أرسلتها المفوضية، لم ترد على طلبات السماح للفريق التحقيق الأممي بالدخول للبلد،  وهو ما دفعه لتجميع المعلومات من الدول المجاورة، وهو متواجد اليوم على الحدود السورية – التركية”.

وفي معرض وصفها للأوضاع، تحدثت المفوضة السامية لحقوق الإنسان عن مقتل أكثر من 1100 واعتقال أكثر من 10 آلاف شخص وارتكاب أعمال تعذيب ومعاملة مشينة ضد المعتقلين. كما أدان تقرير المفوضة السامية محاصرة العديد من المدن السورية، مثل درعا، وانتهاك الحق في حرية التعبير والتجمع والحق في العلاج الطبي والغذاء.

وفي تدخلها أمام مجلس حقوق الإنسان المجتمع في قصر الأمم في جنيف، أثارت السيدة نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان الشكوك القائمة حول الصيغة التي قدمتها الحكومة السورية بخصوص سقوط أفراد من قوات الأمن في جسر الشغور على أيدي عصابات مسلحة، وتشكيك أوساط أخرى في إمكانية أن يكون الضحايا من أفراد الجيش الذين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين.

في المقابل، أكدت المفوضة السامية أن “ما تم تجميعه من مواد وإثباتات، يعكس بأن أوضاع حقوق الإنسان مأساوية في سوريا”. وقالت في تقريرها “إن الإدعاءات بارتكاب انتهاكات للحقوق الأساسية وعلى نطاق واسع، يتطلب تحقيقا معمقا ومتابعة قضائية لمرتكبي تلك الإنتهاكات”.

في الوقت نفسه، لا تعتقد المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن “ما تقوم به السلطات السورية من دعوات مؤقتة ولوسائل إعلام محددة ولزيارة أماكن معينة، يعتبر ردا مواتيا”.

وانتهت السيدة نافي بيلاي إلى القول أنه “في الوقت الذي نلاحظ فيه تدهورا أكثر لأوضاع حقوق الإنسان في سوريا، أناشد السلطات السورية التعاون مع الفريق الأممي”.            

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية