مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تسرّب بيانات عملاء مصرف كريدي سويس يثير عاصفة سياسية في سويسرا

شعار مصرف كريدي سويس
أشعلت تسريبات #أسرار_سويسرا أو Suisse Secrets# الجدل مجددا حول الدور العالمي للمركز المالي السويسري. © Keystone / Ennio Leanza

تواجه سويسرا دعوات للقيام بعملية تنظيف لقطاعها المالي في أعقاب ما عُرف بجدل "أسرار سويسرا"، الذي اندلع في أعقاب نشر بيانات مُسربة من العملاق المصرفي "كريدي سويس". ويرى كثيرون في الفضيحة دليلاً على قصور منهجي في القطاع المصرفي السويسري، الذي خضع لإصلاحات كبيرة خلال السنوات الأخيرة في محاولة للتخلص من الصورة التي اقترنت به كملاذ مالي للمجرمين.

في الواقع، صدرت دعوات الإصلاح من الداخل والخارج. في سويسرا، دعا الاشتراكيون وحزب الخضر (يسار) إلى تعزيز قوانين مكافحة غسيل الأموال ومنح السلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية (فينما) سلطة تغريم المصارف إذا فشلت في القيام بالفحوصات الكافية لمكافحة عمليات غسيل الأموال. من جهتها، أعربت أكبر مجموعة برلمانية في البرلمان الأوروبي عن الرغبة في وضع سويسرا على “القائمة السوداء” للمراكز المالية عالية المخاطر.

يوم الأحد 20 فبراير الجاري، أفاد تحقيق عالمي اشتركت في القيام به أكثر من أربعين وسيلة إعلامية، إنه اكتشف حسابات في مصرف كريدي سويس يُزعم أن مسؤولين فاسدين ومجرمين ومنتهكين لحقوق الإنسان يحتفظون بها. ونفى ثاني أكبر مصرف سويسري ارتكاب أي مخالفات، قائلاً إن المزاعم تتعلق بعلاقات تاريخية مع عملاء وأن غالبية الحسابات (الواردة في التحقيق) قد تم إغلاقها بالفعل.

هذا الردّ لم يؤدّ إلى إضعاف ردود الفعل الغاضبة من قبل بعض السياسيين السويسريين. وغرّد حزب الخضر على موقع تويتر قائلا: “تُواصل البنوك السويسرية التعامل مع ديكتاتوريين ومستبدين ومُجرمين”.

ودعا ساسة اشتراكيون إلى فرض مزيد من العقوبات على المصارف التي تسيء التصرف، وكرروا المطالبة بالكشف عن هويات المالكين والمُستفيدين الفعليين من الهياكل المالية غير الشفافة.

كما صدرت دعوات أخرى لتعديل قوانين السرية المصرفية السويسرية التي تُجرّم حاليًا الصحفيين الذين يتلقون وينشرون بيانات مصرفية مسروقة.

لكن أوليفييه فيلر من الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين الوسط) قال إنه ليست هناك حاجة لمراجعة سريعة للتشريعات. وصرح لقناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية SRF: “لا أعتقد أنه يُمكنك القول إننا بحاجة إلى سن قوانين جديدة استنادا إلى هذه البيانات”. 

“أوجه قصور هائلة”

على صعيد آخر، طالب الحزب الشعبي الأوروبي، الذي يُشكل أكبر مجموعة في البرلمان الأوروبي، المفوضية الأوروبية بـ “إعادة تقييم سويسرا كدولة عالية المخاطر في مجال غسيل الأموال” – أو بعبارة أخرى – وضع سويسرا على قائمة سوداء تشتمل على المراكز المالية غير الممتثلة (للقوانين الأوروبية في هذا المجال).

وقال ماركوس فيربر، منسق الشؤون الاقتصادية بالحزب: “تشير نتائج #أسرار_سويسرا (Swiss Secrets) إلى أوجه القصور الهائلة في المصارف السويسرية عندما يتعلق الأمر بمنع غسيل الأموال”، وأضاف “عندما تفشل البنوك السويسرية في تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال بشكل صحيح، تصبح سويسرا نفسها ولاية قضائية عالية المخاطر”.

معايير مُزدوجة

في المقابل، تعالت بعض الأصوات في سويسرا متحدثة عن هجوم غير مُنصف على المصارف السويسرية مشوب بجرعة كبيرة من النفاق.

فقد اتهم يورغ غاسّر، الرئيس التنفيذي لجمعية الصيارفة السويسريين، وسائل الإعلام بإعداد “تقارير مشحونة عاطفياً” تتجاهل ممارسات وسلوك بلدان أخرى في هذا المجال.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ما زالت ترفض التبادل التلقائي للبيانات الضريبية واتهم عددا من الولايات المتحدة الأمريكية بالتصرّف كملاذات ضريبية غير مُقيمة (أوف شور) للشركات الأجنبية. وألمح غاسّر أيضًا إلى فرنسا وألمانيا اللتان تتصارعان من أجل “الخروج فائزتيْن” في صراع على السلطة من أجل الاستيلاء على الضرائب التي خُسرت في بريطانيا جرّاء انسحاب المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي.

وكتب غاسّر يقول: “إن إنشاء رواية إعلامية تعطي الانطباع بأن كريدي سويس… بصدد التسبّب في الشرّ في هذا العالم يُؤسّس لقصة تبحث عن شخص ما يُوجّه إليه اللوم وتنفي المسؤولية عن أماكن أخرى”، وأضاف “حتى لو كانت هناك شركاتٌ لديها مثل هذه القوة التاريخية العالمية، فمن المحتمل ألا يتعلق الأمر بمصرف سويسري”.

وفي بودكاست، انتقد روجيه كوبّل من حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)، وهو أيضًا رئيس تحرير أسبوعية “فيلتفوخه” (تصدر بالألمانية في زيورخ)، “المزاعم غير المستندة إلى أي أساس من طرف تجمّع (كارتل) صحفي يساري” يركز على ممارسة “استخفاف ضبابي وشامل”.

السلطات “أخذت علما” بالادعاءات 

من ناحيتها، قالت السلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية (فينما) إنها على اتصال مع مصرف كريدي سويس، بينما قال مكتب المدعي العام الفدرالي إنه أخذ علما بمزاعم وسائل الإعلام. لكن الهيئتين أعربتا عن عدم الرغبة في تقديم المزيد من التعليقات في هذه المرحلة.

وفي بيان صادر عنها، أكدت أمانة الدولة للشؤون المالية الدولية بأن “سويسرا تلبي جميع المعايير الدولية بشأن تبادل المعلومات في المسائل الضريبية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية