مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تشاد قد تكون َسلّحت طائرة تدريب سويسرية لـقصف دارفور

طائرة من طراز بيلاتوس PC-9 في مطار برن. يـُعرف منذ 30 عاما أن هذا الطائرة المدنية يمكن أن تتحول بسهولة إلى آلة حربية (Wikipedia)

تعتقد برن أن طائرة التدريب العسكرية من طراز PC-9 التي سلمتها شركة صناعة الطائرات السويسرية بيلاتوس لنجامينا سُلـّحت "على وجه الاحتمال" من قبل القوات التشادية.

ويـتسع الجدل في سويسرا حول هذه القضية بعد أيام من الكشف عن عمليات القصف التي تـشنها طائرات من طراز PC-7، تحمل ألوان العلم التشادي، في مناطق حدودية، وخاصة في دارفور غربي السودان.

منذ بداية العام، تتوالى المعلومات المتعلقة بـالدور الذي تلعبه طائرات بيلاتوس PC-7 التشادية التي – على الرغم من أنها اقتُنيت على اعتبار أنها طائرات تـدريب – في بعض العمليات العسكرية وخاصة في إقليم دارفور غرب السودان.

لمعرفة المزيد من المعلومات، قررت وزارة الخارجية السويسرية وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية فتح تحقيق حول هذه القضية.

ويوم الخميس 17 يناير، استـدعت وزارة الخارجية سفير تشاد لدى سويسرا، لكن لم يـُكشف شيء عما دار في المُحادثة. وكانت برن قد طلبت في اليوم السابق توضيحات من نجامينا.

من جهته، أكد جون دانييل غربر، كاتب الدولة للشؤون الاقتصادية، أن تشاد قد وفـر لطائرة PC-9 التي يمتلكها التجهيزات الضرورية لتسليحها، لكنه أشار إلى أن ذلك “غير مؤكد بل أقرب إلى الاحتمال”. ولا يوجد أيّ دليل في هذه المرحلة من التحقيق على أن الطائرة قد استُعملت لأغراض عسكرية.

وفيما تعتزم برن مواصلة التحقيقات بهذا الخصوص، تظل العديد من الأسئلة قائمة، ومن بينها ما إذا كان مضبوطا أن الطائرة من طراز PC-9 قد تم إرسالها إلى إسرائيل لتسليحها. كما أنه من الضروري الحصول على توضيحات بخصوص أنشطة تقنييـْن مختصّيْن في مجال الميكانيك تابعين لشركة بيلاتوس سُجل تواجدهما قبل عام في تشاد.

الخُضر “يُطلقون النار”

منذ عام 1996، لم تعد الطائرات من طراز PC-7 وPC-9 تعتبر مُعدات حربية، لكنها تقع تحت طائلة القانون السويسري المتعلق بمراقبة التجهيزات المستعملة لأغراض مُزدوجة التي يُمـكن أن تصلح لتطبيقات عسكرية أو مدنية.

في هذا السياق، ذكـر جون دانييل غربر بأن هذا القرار اتـُّخذ من طرف البرلمان وأنه لا يمكن حظر تصدير هذه الطائرات إلا إذا ما كانت الجهةُ الموجهة لها تخضع لحظر تجاري من طرف الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة. مع ذلك، أوضحت كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية أنه لا مجال اليوم لـتصدير هذه الطائرات إلى تشاد.

الحزب الاشتراكي والخضر والمجموعة من أجل سويسرا بدون جيش الذين سبق لهم أن عارضوا قرار البرلمان في حينه، عادوا يوم 16 يناير للتعبير عن استيائهم وطالبوا بأن يتم إخضاع هذا الصنف من الطائرات إلى القانون المتعلق بالمعدات الحربية.

وقد ذهب الخضر إلى أبعد من ذلك حيث اعتبروا أن قـرارا من هذا القبيل لن يكون كافيا لتسوية المشكلة نظرا لأن الحكومة تُعطي في كل الحالات “بسهولة كبيرة موافقتها على تصدير المعدات الحربية إلى مناطق تمر بأزمات” على حد تعبيرهم.

وفي تصريح لسويس انفو، اعتبر النائب أولي لوينبرغر، نائب رئيس حزب الخضر، تفسيرات السلطات “خفيفة نوعا ما”، مضيفا أنه “يتعين عليها اتخاذ إجراءات أكثر حزما لتفادي تواجد طائرات بيلاتوس في مناطق تمر بأزمات أو بلدان في حرب. وإذا ما لم يتم اتخاذ تلك الإجراءات، فقد نطالب بالحظر الكامل لتصدير هذه الطائرات”.

ويذكر أن المدافعين عن البيئة يدعمون المبادرة الشعبية التي تقدمت بها المجموعة من أجل سويسرا بدون جيش في أكتوبر 2007، والتي لازالت في انتظار اتخاذ موقف بشأنها من طرف الحكومة الفدرالية والبرلمان قبل عرضها على التصويت الشعبي.

“مُفارقة” سويسرية

في سياق متصل، نـدّدت منظمة “سويس إيد” العاملة في مجال المساعدة التنموية والإنسانية بما أسمته “مفارقة” سياسة الكنفدرالية.

وقالت المنظمة غير الحكومية في بيان صادر عنها “من جهة، تمنح سويسرا مساعدة تنموية وإنسانية إلى تشاد ولفائدة دارفور. وفي الوقت نفسه، تُستعمل طائرات سويسرية لشن هجمات جوية في إطار حرب أهلية تؤدي بالتحديد إلى تقليص كبير لجهود التنمية”.

يـشار إلى أن الحكومة السويسرية قد واجهت في التسعينات سيلا من الانتقادات الصادرة عن عدة منظمات غير حكومية ضد مبيعات طائرات بيلاتوس إلى حكومات مثل الطـّغمة العسكرية في بورما أو نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا.

“إجراء مبالغ فيه”

وفي صفوف حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) الذي يدعو إلى حياد سويسري صارم، اعتبر النائب أوسكار فرايزينغر في تصريح لسويس انفو مقترح حظر بيع طائرات بيلاتوس إجراء يتسم بالكثير من المبالغة.

وقال في هذا الشأن: “إن بيلاتوس ليست بطائرة تصنع لقصف الشعوب. فهنا في كانتون الفالي (وهو الكانتون الذي يقيم فيه، التحرير)، نستخدمها منذ عدة عقود كطائرات صالحة لاستعمالات متعددة”.

في المقابل، يقر عضو مجلس النواب بأنه يمكن تحويل وجهة استعمال هذه الطائرات (أي تجهيزها لأغراض عسكرية) و”هذا ما تم في هذه الحالة (تشاد)”، حسب قوله. ويعتقد فرايزينغر أنه لا يمكن حظر تصدير كل ما يمكن تحويل وجهة استخدامه (لأغراض مخالفة لما نص عليه عقد البيع مثلا)، هذا دون الحديث عما قد يترتب عن ذلك من “إغلاق لمصانع بيلاتوس” والقضاء على مواطن الشغل.

سويس انفو مع الوكالات

لم تُسلم شركة بيلاتوس السويسرية لتشاد سوى طائرة واحدة من طراز PC-9 في عام 2006، وهي الطائرة التي تقول برن إنه “تم تجهيزها بالأسلحة بوجه الاحتمال”.

لكن تشاد تمتلك ثلاث طائرات أخرى من طراز بيلاتوس PC-7: اثتنان اشترتهما من فرنسا وواحدة اقتنتها من الولايات المتحدة. ويحتمل أن تكون اثنتان فقط من هذه الطائرات في وضع يسمح لهما بالطيران.

يوم 7 يناير 2008، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) أن الجيش التشادي قصف مخيما للمتمردين في دارفور غربي السودان مستخدمة طائرات من بينها بيلاتوس.

يوم 15 يناير، بثت القناة السويسرية الأولى الناطقة بالألمانية صورة لطائرة من طراز بيلاتوس PC-7 تحمل ألوان العلم التشادي ومُجهزة بقذائف تحت جناحيها.

يوم 17 يناير، نشر الصحفي أريل هيربي، الذي يتابع “قضية بيلاتوس” منذ أكثر من 30 عاما، شهادات في صحيفة “لوتون” التي تصدر بالفرنسية في جنيف، مفادها أن القصف الذي شنته طائرة بلاتوس PC-7 التشادية في دارفور لم تكن عملية معزولة وبأن الطائرة استخدمت بانتظام لأهداف عسكرية.

في عام 2006، سمحت الحكومة الفدرالية لكتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية بتسليم تراخيص للصفقات التالية:

– 106 بندقية هجومية للقوات البحرية السعودية.

– 20 نظاما للدفاع الجوي لوزراة الدفاع والطيران السعودية.

– 21 نظاما للدفاع الجوي للقوات الجوية الباكستانية.

– 140 بندقية هجومية للحرس الوطني الهندي.

وسبق أن قررت الحكومة السويسرية رفض تصدير العتاد الحربي إلى بعض الدول، إذ امتنعت، على سبيل المثال، في عام 1995 من تصدير طائرات من طراز بيلاتوس إلى المكسيك.

وفي حالات أخرى، قررت الحكومة تجميد صادراتها، مثلما حدث في عام 1998، على إثر الاختبارات النووية التي أجرتها كل من الهند وباكستان، قبل أن تُستأنف في عام 2005.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية