مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصاعد الضغوط والتضييقات على النشطاء والمُدوّنين في منطقة الخليج

تعرّض المدون البحريني محمود اليوسف (الصورة) إلى بعض المضايقات في بداية انتشار استخدام النشطاء والحقوقيين للمدونات الألكترونية في بمنطقة الخليج سنة 2006. Keystone

انتقدت سبعُ منظمات حقوقية دولية وعربية المحاكمة التي يتعرض لها خمسة مدونين إماراتيين وجّهت لهم تهمة "الإهانة العلنية" لمسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، يؤكد رشيد مسلي، المدير القانوني لجمعية الكرامة لحقوق الإنسان أن “منطقة الخليج عرفت منذ بداية ثورات الربيع العربي ارتفاعا في حالات التضييق على النشطاء عبر شبكة الإنترنت”.

في الثاني من شهر نوفمبر 2011، نشرت سبع منظمات حقوقية دولية وعربية بيانا مشتركا تنتقد فيه الظروف التي تتم فيها محاكمة خمسة من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وجّهت لهم السلطات الإماراتية تهمة “الإهانة العلنية” لمسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى استنادا إلى ما نشروه في مواقع حوارية على شبكة الإنترنت.

وفي بيانها المشترك، اعتبرت المنظمات السبع (مجموعة الكرامة، ومنظمة العفو الدولية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومنظمة الخط الأمامي للمدافعين، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، ومنظمة مؤشر الرقابة) أن “السلطات ترغب في تسييس قضية النشطاء الخمسة”. ويتعلق الأمر بكل من أحمد منصور، عضو لجنة هيومن رايتس ووتش الإستشارية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وناصر بن غيث، وحسن علي الخميس، وأحمد بن عبد الخالق، وفهد سالم دلك.

من جهته، يقول رشيد مسلي، المدير القانوني لمجموعة الكرامة لحقوق الإنسان وهي منظمة حقوقية تتخذ من جنيف مقرا لها: “إن الخمسة نشطاء في مجال حقوق الإنسان وهم ينشطون في موقع على الشبكة يسمى حوار يعرضون فيه آرائهم السياسية، ويعكسون فيه نظرتهم لأداء القادة في الإمارات العربية المتحدة. وقد تم توقيفهم في شهر أبريل 2011، أي في إطار ما يعرف بثورات الربيع العربي وفي الوقت الذي شهدت فيه ساحة الإنترنت ومواقع المدونات مزيدا من النشاط  في المنطقة العربية”.

تهم ” الإهانة” أم مطالب إصلاح؟

الإتهام المُوجّه إلى المدونين الخمسة هو “الإهانة العلنية” لمسؤولين رفيعي المستوى في الإمارات العربية المتحدة. كما وجّهت لبعضهم تهم التحريض على التظاهر أو دعوة نشطاء في مجال حقوق الإنسان إلى الإحتجاج ضد تصرفات الحكومة.

المنظمات الحقوقية السبعة ذهبت في بيانها المشترك إلى أنه، بموجب بنود العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  (ورغم عدم تصديق دولة الإمارات عليه حتى الآن)، فإنه “لا يحق للحكومات أن تحظر ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام أو الشبكة العنكبوتية لمجرد أنه قد يمثل انتقادا للحكومة أو النظام السياسي أو الاجتماعي الذي تعتمده الحكومة”.

إضافة إلى ذلك، يُذكّـر المدير القانوني لمنظمة الكرامة بأن المُدوّن “أحمد منصور بالخصوص يعتبر من المدافعين المعروفين عن حقوق الإنسان. وكان قبل توقيفه ببضعة أيام قد وقع بيانا برفقة حوالي 130 شخصية يطالبون فيه بتنظيم اقتراع عام من أجل انتخاب أعضاء المجلس الوطني الإتحادي وهو المجلس الاستشاري للحكومة. وهو ممن يُعرفون بالإصلاحيين الذين لا يطالبون بتغيير راديكالي للنظام، بل فقط بإصلاحات في طريقة عمل النظام وينادون بمزيد من الديمقراطية”.

انتهاكات متعددة

المنظمات الحقوقية السبع اكتفت في البيان الصادر عنها بانتقاد الظروف التي تدور فيها محاكمة المتهمين الخمسة، إلا أن الأستاذ رشيد مسلي شدّد في تصريحاته إلى swissinfo.ch على إثارة الإنتهاكات المتعددة التي ارتكبتها السلطات الإماراتية في هذه القضية. وأوضحت أن هذه المحاكمة “تميزت بكثير من الثغرات القانونية والإجرائية” منذ بدايتها.

وقد سجلت مُراقبة أوفدتها المنظمات الحقوقية من خلال متابعتها للمحاكمة منذ شهر سبتمبر وحضورها في جلسة يوم 2 نوفمبر 2011 ما وصفته بـ “الخروقات الصارخة للحق في إجراءات التقاضي السليمة”، كالحرمان من الإطلاع على جميع الوثائق المتعلقة بالتهم، أو منع المدعى عليهم بالإجتماع بمحاميهم على انفراد، أو عدم الإنصاف المسجل في معاملة الإدعاء والدفاع في هذه القضية.

إضافة إلى ذلك، يرى المدير القانوني لجمعية الكرامة أن ظروف توقيف هؤلاء النشطاء شابتها جملة من الإنتهاكات التي ارتكبتها السلطات راتية والتي يجب عليها تقديم شروح بشأنها للهيئات الأممية المعنية. إذ يقول رشيد مسلي أنه “من الواضح أن هناك  انتهاك صارخا لحقهم في التعبير عن آرائهم، وهو أمر مسموح به حتى في دستور الإمارات العربية المتحدة. فهو بمثابة انتهاك بالدرجة الأولى للبند 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وللصك الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية”.

ويضيف الأستاذ مسلي: “ما دام التوقيف حدث بسبب ممارسة لحق معترف به دوليا ومحمي بالقوانين الدولية، يمكن القول بأنه يدخل في إطار الإعتقال التعسفي. وهذا ما دفع منظمة الكرامة الى طرح موضوع المعتقلين الخمسة على فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي. وليس لدينا علم ما إذا كانت السلطات في الإمارات قد ردت على طلب التوضيحات الذي قدمناها للآلية الأممية، لكن ما نعرفه هو أن المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، والمقرر الخاص المعني بالدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان تقدما بطلبات توضيح للسلطات الإماراتية”.

المنظمات الحقوقية السبع طالبت في بيانها المشترك – وبالنظر إلى ما وصفته “بالتساؤلات المقلقة حول تسييس قضية النشطاء الخمسة” – بضرورة “إطلاق سراحهم بشكل فوري وإسقاط التهم الموجهة إليهم بدون شروط”. وهذا ما يُنتظر أن تفصل بشأنه المحكمة العليا يوم 27 نوفمبر 2011.   

تضييق على المدونين في الخليج

على صعيد آخر، لم يتردد المدير القانوني لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان التي يوجد مقرها في جنيف، في الربط بين ما حدث للمدونين الخمسة في دولة الإمارات العربية المتحدة وما يحدث لعدد من النشطاء والمدونين في منطقة الخليج العربي وبين ما تشهده المنطقة العربية من ثورات لعب فيها المدونون وشباب الإنترنت دورا حاسما.

وفي حديثه مع swissinfo.ch قال السيد رشيد مسلي: “لقد توصلنا من منطقة الخليج بالعديد من الشكاوى بالتعرض لعمليات اعتقال تعسفي خلال الأسابيع القليلة الماضية”. وأضاف أنه “يبدو أن نشطاء حقوق الإنسان والناشطون عبر شبكة الإنترنت يعيشون في جو من الخوف نظرا لوجود شكل من أشكال القمع المستمر منذ عدة سنوات لمنع النشطاء من التعبير عن آرائهم.. ولكن منذ بداية ثورات الربيع العربي، لاحظنا  ارتفاعا في حالات الإعتقال في دول المنطقة، وبالأخص في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وحتى في دول مثل عُمان التي كانت تعرف حالات أقل من قبل، فقد شهدت في الآونة الأخيرة لجوءا لعمليات اعتقال لها علاقة بالتعبير عن الآراء”.            

النشطاء الخمسة المتهمون “بإهانة” قيادات في دولة الإمارات العربية المتحدة هم:

أحمد منصور، مهندس ومدون وعضو في لجنة هيومن رايتس ووتش الاستشارية الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعضو في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان،

ناصر بن غيث، أستاذ اقتصاد ومحاضر في جامعة السوربون وأحد دعاة الإصلاح السياسي،

فهد سليم دلك، وأحمد عبد الخالق، وحسن علي الخميس (نشطاء على الإنترنت).

قامت السلطات باعتقالهم في أبريل 2011 عندما أعلن النائب العام أنهم رهن “الاحتجاز الوقائي”. وبدأت محاكمتهم يوم 14 يونيو 2011.

يواجه أحمد منصور تهمًا إضافية بتحريض الآخرين على عدم احترام القانون، والدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، والدعوة إلى التظاهر. وفي مارس، قبيل اعتقاله، دعم أحمد منصور بشكل علني عريضة وقع عليها أكثر من 130 شخصًا تدعو إلى انتخابات عامة ومباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس حكومي استشاري، للسلطات التشريعية الخاصة بالمجلس.

قامت جيني باسكوريلا، المحامية في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، بمراقبة المحاكمة في شهري سبتمبر وأكتوبر 2011 لصالح منظمة العفو الدولية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومنظمة مدافعي الخط الأمامي “فرونت لاين”، وهيومن رايتس ووتش، بمساندة المنظمة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير (آيفكس). كما قام ممثلون للمنظمات الحقوقية بحضور جلسات أخرى للمحاكمة يومي 9 و23 أكتوبر 2011.

 

المنظمات الحقوقية المساندة لهم:  

منظمة الكرامة لحقوق الإنسان،

منظمة العفو الدولية،

الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان،

منظمة الخط الأمامي للمدافعين (فرونت لاين)،

مركز الخليج لحقوق الإنسان،

منظمة هيومان رايتس ووتش،

منظمة مؤشر الرقابة،

مطالب المنظمات:

– الإفراج الفوري عن كل المتهمين

– تبرئة غير مشروطة من التهم الموجهة لهم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية