مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تكريمٌ في سويسرا لأحد زعماء الثورة الجزائرية

دفتر التعازي بمقر "جبهة القوى الإشتراكية" بالجزائر العاصمة، وهو الحزب الذي أسسه الفقيد حسين آيت احمد. AFP

شارك نحو 350 شخص يوم الثلاثاء 29 ديسمبر الجاري بمدينة لوزان في توجيه التحية السويسرية الأخيرة للزعيم والمناضل الجزائري حسين آيت أحمد، الذي توفي يوم الأربعاء 23 ديسمبر 2015 في مستشفى لوزان الجامعي عن عمر ناهز 89 عاما إثر مرض عضال.

ومن المقرر أن يتم نقل جثمانه يوم الخميس 31 ديسمبر إلى الجزائر، ليدفن في اليوم التالي في قريته آيت يحيى، في منطقة القبائل حيث ستقام له جنازة رسمية وشعبية بعد أن أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحداد في البلاد لمدة ثمانية أيام.

كان آيت أحمد آخر القادة التاريخيين من “مجموعة التسعة”الذين لا زالوا على قيد الحياة، حيث كان رفقة كل من أحمد بن بلة (أول رئيس للجزائر المستقلة) ومحمد خيضر ومحمد بوضياف ومصطفى الأشرف على متن الطائرة المتوجهة من العاصمة المغربية الرباط إلى تونس حين اختطفتهم السلطات الإستعمارية الفرنسية يوم 22 أكتوبر 1956.

ولد مؤسس جبهة القوى الإشتراكية في عام 1926 في عين الحمام بولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل، وانضم إلى صفوف المقاومة الجزائرية منذ سن السابعة عشرة، ثم تم القبض عليه من قبل القوات الفرنسية في عام 1956. ورغم تواجده بالسجن فإنه عيّن وزيرا للدولة في التشكيلات الثلاث للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.

بعد الإفراج عنه إثر وقف إطلاق النار في عام 1962، انتخب لعضوية أول مجلس تأسيسي جزائري لكنه دخل بعد فترة وجيزة في خلاف مع رفقاء السلاح السابقين بعد أن أدان النظام “الإشتراكي – الوهمي” الذي أقاموه. في عام 1963، أسس جبهة القوى الإشتراكية وقام بتشكيل مجموعات مسلحة في منطقة القبائل. وفي السنة الموالية، تم إيقافه وحُكم عليه بالإعدام بتهمة “توجهات مضادة للثورة” إلا أنه تم العفو عنه لاحقا. وفي عام 1966، فرّ من البلاد ولجأ إلى سويسرا حيث أقام في مدينة لوزان.

من منفاه الإختياري، لم يتوقف حسين آيت أحمد عن التنديد بانحرافات السلطة الجزائرية وعن إدانة الإنتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان والديمقراطية في شتى أنحاء العالم. وفي أبريل 1999، ترشح رفقة سبعة مرشحين آخرين من بينهم عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يحظى بحماية السلطة القائمة، لخوض سباق الإنتخابات الرئاسية الجزائرية. وقبل إغلاق صناديق الإقتراع، انضم إلى المرشحين الستة الآخرين للإعلان عن انسحابه بسبب “عمليات التزوير الكثيفة” لفائدة بوتفليقة. وحسب الأرقام الرسمية، تحصل آيت أحمد حينها رغم انسحابه على المرتبة الرابعة بـ 319,523 صوتا (أي 3.17 بالمائة من الأصوات المصرح بها).

“رجل عظيم بقدر ما كان متواضعا”

يوم الثلاثاء 29 ديسمبر الجاري، تحول العديد من السويسريين والجزائريين الذين عرفوه خلال عشريات المنفى إلى مركز “مونتوا” الجنائزي في مدينة لوزان لتكريم “المقاوم الذي لا يكل، والبطل العادي أيضا.. الرجل العظيم بقدر ما كان متواضعا”، مثلما ورد على لسان الفيلسوفة ماري كلير كالوز-تشوب التي عملت معه. وأضافت “إن حدادنا كبير بحجم الميراث الذي تركه لنا”، كما امتدحت “الذكاء الحاد والمدنية الأنيقة” التي كان يتميّز بها المناضل من أجل حقوق الإنسان الذي كافح طيلة حياته من أجل إقرار الديمقراطية والتعددية الحزبية في الجزائر.

من جهته، استعاد المؤرخ مارك بيرّنو المسار “المثير للإعجاب” لحسين آيت أحمد انطلاقا من جبال منطقة القبائل ووصولا إلى ضفاف بحيرة ليمان. وذكّر بالمناسبة أن البعض كانوا يعتبرون لوزان – في حقبة ما – القاعدة الإستراتيجية للتمرد في شمال افريقيا، من خلال إيوائها واستقبالها لا للجزائريين فحسب، بل لمغاربة وتونسيين أيضا.

حفل التكريم الذي امتزجت فيه الذكريات الحميمية واستعادة بعض أطوار المعارك السياسية، شهد أيضا بعض اللحظات المؤثرة. فقد قالت ابنته بُشرى: “كان مُحبّا للناس وصاحب قلب كبير. كما كان شديد الإيمان بالعدالة، شعاره الأسمى”. أما والدة المغني القبائلي معطوب الوناس الذي اغتيل في عام 1998 فقد أنشدت قصيدة تراثية تُردد عادة قبل دفن الموتى. أخيرا، اختتم إيدير (66 عاما)، أحد أشهر المطربين الجزائريين، الحفل الذي سجل كثيرون أطواره بواسطة هواتفهم المحمولة، بعزف بقيثارته.  

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية