مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توزيع جديد للحقائب الحكومية

من اليمين إلى الشمال: جوزيف دايس (إقتصاد) وميشلين كالمي-راي (خارجية) و باسكال كوشبان (الشؤون الداخلية) Keystone

أدى اختيار البرلمان الفدرالي للسيدة ميشلين كالمي-راي وزيرة جديدة خلفا للسيدة روت درايفوس المستقيلة إلى تحوير في توزيع الحقائب الحكومية.

فقد انتقل باسكال كوشبان من الإقتصاد إلى الشؤون الداخلية وجوزيف دايس من الخارجية إلى الإقتصاد أما السيدة كالمي – راي فقد أسندت إليها حقيبة الشؤون الخارجية.

قد تبدو بعض التقاليد السياسية السويسرية غريبة للمتابعين للأحداث من بعيد، لكنها أعراف ترسّخت في الممارسة على مدى عشرات السنين ولم تعد تثير إلا بعض التعاليق الصحفية داخل البلاد على أقصى تقدير.

فالحكومة الفدرالية التي لا تضم أكثر من سبعة “حكماء” – يشرف كل واحد منهم على ما يوازي خمس وزارات في البلدان الأخرى – ذات مهام محددة بحكم النظام الكونفدرالي المعمول به منذ أكثر من قرن ونصف والذي يمنح السلطات التنفيذية والتشريعية في الكانتونات الست والعشرين حرية شبه مطلقة في التصرف في مجالات حيوية كالتعليم والأمن والصحة والجباية وغيرها.

في المقابل، تظل الحكومة الفدرالية – رغم محدودية صلاحياتها – انعكاسا واقعيا لموازين القوى السياسية القائمة في غرفتي البرلمان ومرآة للتنوع الثقافي واللغوي الذي تتميز به سويسرا والوجه الذي تتعامل به الكونفدرالية مع بقية دول العالم.

ومن هذه الزاوية يثير أي تغيير يطرأ على تركيبة الحكومة الفدرالية الكثير من اللغط الداخلي إعلاميا وسياسيا وشيئا من الإهتمام الدولي وخاصة من دول الجوار الأوروبي ذات العلاقات الوطيدة مع برن.

راديكالي للشؤون الداخلية

فعلى إثر اختيار البرلمان للسيدة ميشلين كالمي- راي خلفا لوزيرة الشؤون الداخلية المستقيلة روت درايفوس، كان من الضروري إجراء توزيع جديد للحقائب الوزارية في الحكومة الفدرالية.

وبعد أن حفلت وسائل الإعلام السويسرية بسيل من التكهنات حول التركيبة الجديدة، كان الإفطار الصباحي الذي جمع وزراء الحكومة صبيحة يوم الأربعاء 11 ديسمبر مناسبة للإتفاق في ظرف لم يتجاوز ربع الساعة – طبقا لتصريحات السيد كاسبار فيليغر الرئيس الحالي للكونفدرالية – على إسناد الحقائب الوزارية.

فقد تقرر أن يستلم السيد باسكال كوشبان (وزير الإقتصاد حاليا) وزارة الشؤون الداخلية التي تهتم بملفات الصحة والتأمين الصحي والشؤون الإجتماعية والتعليم والبحث العلمي والثقافة. وهذه هي المرة الأولى التي تسند فيها هذه الوزارة إلى شخصية تنتمي إلى حزب بورجوازي (أي إلى تشكيلة سياسية محسوبة على تيارات اليمين) منذ عام 1960 تاريخ اعتماد ما يعرف بـ “المعادلة السحرية” في سويسرا المتميزة في اشتراك الراديكاليين والديموقراطيين المسيحيين والإشتراكيين وحزب الشعب السويسري في تشكيل الحكومة الفدرالية.

ويرى المراقبون في العاصمة الفدرالية أن الراديكالي باسكال كوشبان – الذي أدار وزارة الإقتصاد منذ أربعة وأعوام ونصف – قد يكون أقدر من سلفه (الإشتراكية درايفوس) على تنفيذ الإصلاحات “الأليمة” والضرورية في مجالات اجتماعية دقيقة كالتأمين الصحي رغم تحذيرات النقابات (في بيان صدر فور الإعلان عن إسناد وزارة الشؤون الداخلية للسيد كوشبان) من أية محاولة لتفكيك المكاسب الإجتماعية في سويسرا.

أستاذ الإقتصاد يتولى الحقيبة

أما التغيير الثاني – الذي كان متوقعا إلى حد ما – فقد تمثل في انتقال السيد جوزيف دايس وهو من الحزب الديموقراطي المسيحي من وزارة الخارجية إلى وزارة الإقتصاد. فعلى الرغم من الحركية الواسعة التي ميزت نشاط السيد دايس طيلة السنوات الثلاث ونصف الماضية على رأس الديبلوماسية السويسرية والإنجاز المهم المتمثل في مصادقة الناخبين على انضمام الكونفدرالية إلى منظمة الأمم المتحدة، إلا أنه اختار التوجه إلى الشؤون الإقتصادية.

ويبدو أن الطبع غلب التطبع لدى أستاذ الإقتصاد السابق في جامعة فريبورغ الذي قال إنه يرغب في رفع تحديات “من نوع جديد” ولم يخف اهتمامه بالملفات الإقتصادية ذات الطابع الدولي أو المتعدد الأطراف من قبيل الجولة الثانية من المفاوضات مع الإتحاد الأوروبي وتنمية حجم الصادرات بالإضافة إلى إدخال الإصلاحات الهيكلية الضرورية على الإقتصاد السويسري وخاصة في المجال الزراعي.

مُــكـرهـة أخـتـك ..

أخيرا، لم يكن أمام الوزيرة الإشتراكية الجديدة إلا القبول بتحمل أعباء وزارة الخارجية التي ظلت شاغرة بعد هذه التحويرات. فعلى الرغم من إعراب الحزب الإشتراكي عن رغبته في الإحتفاظ بحقيبة الشؤون الداخلية، إلا أن السيدة ميشلين كالمي – راي استبقت كل الإحتمالات بالتأكيد على أنها “عُـيّـنت للقيام بمهمة وليس لوزارة بعينها”.

وقد استقبلت السيدة كالمي-راي حسبما يبدو من تصريحاتها بأريحية القرار واغتنمت الفرصة للتذكير بالتكوين الذي حصُـلت عليه في مجال العلاقات الدولية وبخبرتها في الإتصال بالأوساط والهيئات الدولية خلالها تحملها لمسؤوليات سياسية في حكومة جنيف، المقر الأوروبي للأمم المتحدة.

أخيرا، احتفظ الوزراء الأربعة المتبقون بحقائبهم في التشكيلة الحكومية السابقة حيث يظل كاسبار فيليغر في وزارة المالية وموريتز لوينبرغر في وزارة البيئة والنقل والطاقة والإتصال وروت ميتسلر في وزارة العدل والشرطة وسامويل شميدت في وزارة الدفاع والرياضة والحماية المدنية.

كمال الضيف – سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية