مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تيليكوم 2009: تكنولوجيا الإتصال لمواجهة الأزمة الإقتصادية

Keystone

افتتح معرض تيليكوم 2009 في جنيف وسط توالي صدور التصريحات بضرورة مساهمة تكنولوجيا الإتصالات في تجاوز التأثيرات الناجمة عن الأزمة المالية والإقتصادية. وبالرغم من أن قطاع الإتصالات لم يتأثر بالأزمة الحالية بنفس مستوى القطاعات الأخرى، إلا أن حجم ونوعية المشاركة في دورة هذا العام ظلا دون ما عرفته معارض تيليكوم السابقة.

إذ من المتوقع أن لا يجتذب معرض تيليكوم الدولي 2009 طوال فترة انعقاده في قصر المعارض بجنيف للفترة الممتدة ما بين 5 و 9 أكتوبر الجاري، أكثر من 40 الف زائر (مقارنة مع حوالي 150 الف شخص تحولوا لمتابعة الدورات السابقة)، بالرغم من مشاركة حوالي 450 عارضا قدموا من حوالي 50 بلدا من بينها دول عربية مثل العربية السعودية ومصر.

مساهمة القطاع في الحد من تأثيرات الأزمة

من تعود على زيارة معرض تيليكوم في دوراته السابقة سوف يستغرب للتقشف البادي على أجنحة معرض هذا العام. كما قد يستغرب لرؤية غياب بعض العمالقة في قطاع الإتصالات مثل نوكيا أو إيريكسون. بل إن الشركات الكبرى المشاركة اكتفت بأجنحة متواضعة مثل أنتيل، وإي بي إيم، وسامسونغ.

لكن في المقابل يُلاحظ الزائر أن بلدانا صاعدة في هذا الميدان “استفادت” إلى حد ما من هذا الغياب للعمالقة لكي تقيم أجنحة فخمة مثل الصين أو المملكة العربية السعودية ومصر. وهذا ما شجع البعض على القول أن التظاهرة تحولت هذه المرة إلى “فرصة لعرض تطور خدمات وتكنولوجيا الاتصال في عدد من الدول النامية”. بل إن بعض الدول الإفريقية خصصت مشاركتها في جنيف بالكامل للعمل على جلب الإستثمارات لفائدة قطاع الإتصالات لديها مستفيدة من انعقاد المعرض وتوافد مسؤولي كبريات الشركات ومؤسسات الإستثمار العالمية للمشاركة فيه.

وستطغى المناقشات المتعلقة بكيفية مساهمة قطاع تكنولوجيا الإتصالات في تعزيز الإنتعاش الإقتصادي للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية الحالية على جلسات الملتقى الموازي لانعقاد معرض تيليكوم 2009 والذي استقطب حوالي 400 مشارك وأكثر من 300 شاب من حوالي 150 بلدا. وقال عنه حمادون توري، المدير العام للإتحاد الدولي للإتصالات، “إنه ملتقى محفز ومشجع على الإبداع”.

ويكفي أن يُلقي المرء نظرة على مواضيع جلسات النقاش في الملتقى ليكتشف أن البعض منها خصّص للإبتكارات الجديدة في ميدان تكنولوجيا الإتصالات، (مثل نموذج الإنترنت المستقبلي، أو تطوير شبكات الإتصال ذات السعة الكبرى، والنماذج الجديدة لنظم الاتصال بالهاتف المحمول NGN، ومستقبل ونفقات محاربة الجريمة السيبرانية،..)، في حين أن معظم الجلسات ستناقش كيفية إسهام تكنولوجيا الإتصال في تخفيف أعباء الأزمة على الدول النامية أو في تحقيق أهداف الألفية واحترام حقوق الملكية الفكرية والحد من تأثيرات التغيرات المناخية. وهذا ما دفع الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون للتذكير أثناء مشاركته في حفل الافتتاح “بضرورة استفادة الدول النامية من هذا التقدم التكنولوجي”، تماشيا مع شعار “الشبكات المفتوحة، الأذهان الموصولة” الذي اختير لدورة هذا العام.

قطاع لم يتأثر كثيرا بالأزمة

في سياق متصل، تشير المعطيات الحالية إلى أن قطاع الإتصالات يعدّ من بين القطاعات التي لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية والاقتصادية الحالية. وهو ما يستنتج من الدراسة التي نشرها الإتحاد الدولي للإتصالات بمناسبة تنظيم معرض تيليكوم 2009. كما يشير هذا التقرير الى الدور الذي يمكن لتكنولوجيا الاتصالات أن تلعبه لتعزيز الإنتعاش الإقتصادي والخروج من الأزمة.

وتشير الدراسة الى أن حوالي 50 بلدا شرعوا في تطبيق برامج تشجع على إنعاش الاقتصاد واختارت التركيز على القطاعات التي “تضاعف نسبة النمو” مثل الإتصالات. كما نوه الخبراء الذين شاركوا في إعدادها إلى أن الإستثمارات في قطاعات الشبكات المستخدمة للوسائط ذات السعة العالية سيؤدي إلى إنجاز مردود وإنتاجية لا يمكن تحقيقهما بالوسائل الأخرى المتوفرة حاليا.

وهذا ما جاء في كلمة رئيس مجموعة الإتصالات السعودية سعود بن ماجد الدويش أمام الملتقى حيث أشار الى أن “قطاع الإتصالات سجل نموا هاما، بتجاوز سوق الهاتف النقال حوالي 800 مليار دولار لحوالي 630 مليون مشترك بمن فيهم حوالي 60 مليون مشترك في شبكات اتصال عالية السعة”.

وهذا ما ينطبق أيضا على منطقة الشرق الأوسط التي قال “إنها عرفت مضاعفة عدد المشتركين في الهاتف النقال في ظرف عامين في حين أن عدد المشتركين في شبكة الاتصال عبر الانترنت بسرعات عالية تضاعف خلال عام واحد”. وهذا ما كان له أثره في تنافس مقدمي الخدمات بحيث “بلغ عدد مقدمي خدمات الهاتف النقال في بلدان مجلس التعاون الخليجي لوحدها 25 متعاملا”، حسب السيد سعود بن ماجد الدويش.

السعودية تبحث عن “استثمارات معرفية”

من المشاركين العرب في معرض تيليكوم 2009 مصر والمملكة العربية السعودية وجناح شركة القمر الصناعي العربي “عرب سات”.

عن الجناح السعودي ، يقول مستشار وزير الاتصالات بالمملكة ورئيس الجناح الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العريني “إنه أكبر جناح في المعرض.. ويضم تسع جهات مشاركة بعضها حكومي مثل وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والهيئة العامة للإستثمار، وشركة الالكترونيات المتقدمة، والبعض الآخر من القطاع الخاص مثل شركة الخدمات السعودي وشركة موبايلي، وشركة زين للاتصالات، وشركة عذيب للاتصالات”.

ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه المشاركة الواسعة في “التعريف بما وصلت إليه المملكة في بعض هذه الميادين من جودة في الخدمات المقدمة داخلها”، حسبما أفاد به مسؤولون عن الجناح السعودي.

ومن هذه الخدمات “الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة” مثلما يشرح الدكتور فهد حميد الدين من الهيئة العامة للإستثمار في السعودية الذي شدد على كثيرين ليسوا على اطلاع على الإصلاحات التي أدخلت على قطاع الإستثمارات وسمحت حسب قوله “بتقدم المملكة في ترتيب البنك الدولي لسهولة أداء الأعمال من المرتبة 67 الى المرتبة 13 عالميا”.

كما يسعى الجناح السعودي من خلال هذا المعرض إلى “التعريف بالفرص المتاحة في القطاعات الإستراتيجية مثل الطاقة والنقل والمواصلات قطاع الصناعات القائمة على المعرفة والتي فاقت قيمتها 600 مليار دولار، إضافة إلى مشاريع إقامة أربع مدن اقتصادية” لكن المملكة تبحث بالدرجة الأولى على “استثمارات معرفية” حسب تأكيد السيد فهد حميد الدين وهو ما يعني “الإستثمارات التي تحمل المعرفة وتنقلها إلى المملكة وترفع من مستوى الأعمال في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بالمملكة من خلال تحالفات أو استثمارات لها طبيعة أبحاث أو تمركز إقليمي لبيوت الخبرة في السعودية”.

وفي مجال الاتصالات، اعتبر الدكتور أحمد عبد الجبار يماني من هيئة الاستثمارات السعودية أن “المدن الاقتصادية” هي التحدي الأكبر على مستوى المنطقة، مشيرا إلى أن “مدينة الملك عبد الله الاقتصادية تعتبر من أكبر المشاريع في المنطقة وهي مدينة مقامة من الصفر وبطريقة ذكية من حيث البنية التحتية الخاصة بالإتصالات حيث تمت دراسة جميع التجارب القائمة في العالم بما في ذلك تجربة كوريا الجنوبية وسنغفورة وبعض الدول الأوروبية مثل السويد وبعض المدن مثل امستردام، في مجال إقامة شبكة واحدة وبسعة كبرى لنقل جميع الخدمات على شبكة واحدة أي الهاتف والفيديو والانترنت”.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

ينظم ما بين 5 و 9 أكتوبر 2009 بقصر المعارض في جنيف

يشارك فيه 450 عارضا يقدمومن من 50 بلدا

يتوقع أن يستقطب المعرض حوالي 40 ألف زائر وأكثر من 1000 صحفي.

نظمت أول دورة في عام 1971 وسيتم الإحتفال بالذكرى الأربعين لانطلاقة المعرض في عام 2011.

بعد دورة عام 2006 التي أقيمت في هونغ كونغ، يعود معرض تيليكوم إلى جنيف للمرة الأولى منذ أن تم فتح مجال المنافسة لاحتضانه في عام 1995.

وكانت كل من مدن باريس وبرمينغهام ودبي قد خاضت منافسة قوية مع جنيف لاحتضان دورة 2009.

بادر روبير هينسلر، عضو الحكومة المحلية لكانتون جنيف في الكلمة التي ألقاها أمام الصحافة في حفل الافتتاح إلى التنويه بأن الاتحاد الدولي للإتصالات – وعلى غير عادته – أعلن مسبقا أن الإحتفالات الخاصة بمرور 40 عاما على إطلاق معرض تيليكوم في عام 2011 ستنظم في جنيف.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية