مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
الطريق الطويل إلى نيل المرأة السويسرية الحق في التصويت

السويسريات يتذكرن يوم حصولهن على الحق في التصويت

ناشطات مؤيدات لحق التصويت والإقتراع للنساء يتظاهرن في شوارع زيورخ يوم 26 يناير 1971 Keystone

قبل إقرار حق التصويت والترشح للنساء، كان هناك حوالي مليون ونصف مليون سويسرية يعتبرن أنهن ولدن وليس أمامهن أية آمال للحصول على هذه الحقوق في يوم من الأيام، وهذا بالرغم من اشتهار سويسرا بأنها واحدة من أعرق الديمقراطيات في العالم.

ولم يصادق الناخبون الرجال في سويسرا إلا في السابع من فبراير 1971 على منح النساء حق التصويت والترشح على المستوى الفدرالي.

وما لا يمكن تصديقه هو أن قرار منح النساء حق التصويت استغرق كل هذا الوقت في سويسرا.

فقد استغرق كفاح المرأة من أجل التمتع بحق التصويت في هذا البلد عدة عقود. ولم تتجند كل النساء بنفس المستوى من أجل تحقيق ذلك، بل إن هناك من تجاهلن الموضوع كلية.

وفي لقاء أجرته swissinfo.ch مع خمسة نساء عشن يوم منح المرأة السويسرية حق الترشح والإنتخاب، نستعرض ما احتفظن به من ذكريات عن تلك الفترة، وماذا يعني ذلك بالنسبة لهن.

إذ تقول المؤرخة باربارا فانوتي من كانتون زيورخ والتي كانت في ذلك الوقت تبلغ الخامسة والعشرين من العمر: “كان ذلك مهما جدا بالنسبة لي، لأنه كان المطلب الذي كنت أتوق إليه منذ مدة”.

وتقول روت تسبيندن، التي كانت تبلغ الثلاثين من العمر آنذاك، وكان زوجها عضوا في البرلمان المحلي لكانتون فريبورغ من المؤيدين لمنح المرأة حق التصويت، “لقد شعرت بإحساس قوي في داخلي”.

وبحكم الإنشغال الكبير للسيدتين بشؤونهن اليومية،لم يتمكنا من التجند أكثر للقضية. ونفس الشيء ينطبق على مارغاريتا كلي التي كانت تعيش بالقرب من مدينة برن. وكانت آنذاك في منتصف الأربعينات ولها ثلاثة أطفال ولم تكون ميسورة الحال.

ومع أنها كانت تقوم بعمل تطوعي في قريتها وتتجند من أجل الصالح العام، إلا أنها كانت تنأى بنفسها تماما عن السياسة، وتقول: “لم يكن لدي وقت في الواقع لكي أفكر في الموضوع”.

نفس الشعور تشاطره جانين بورغكنيخت التي كانت تعيش في ظروف مادية أحسن في مدينة فريبورغ، حيث صرحت “على الرغم من اهتمامي بالسياسة الى جانب زوجي الذي كنت أتبادل معه الأفكار ونتابع معا نشرات الإذاعة، فإنني كنت مهتمة بمشاغل أبنائي الأربعة وفيها ما يكفي من المتاعب”.

مجندات من أجل حقوق المرأة

لقد كانت هناك أفكار مسبقة كثيرة منتشرة عن دور المرأة، مثلما تشهد على ذلك لافتات المناهضين لمنح المرأة حق التصويت. إذ تشير العديد من هذه اللافتات الى أن المرأة التي تهتم بالسياسة سوف تهمل تربية أبنائها. وهناك لافتات أخرى تعرض فكرة أن النساء “المسترجلات” هن فقط اللواتي يمكن أن يبدين اهتماما بالسياسة.     

 

وتقول السيدة بورغكنيخت “ما كان يقلقني بالدرجة الأولى هي مطالب الحركات المتطرفة من المدافعات عن حقوق المرأة”.

بدورها تتذكر المعلمة لوتي رايست (التي كانت حينها في منتصف العقد الرابع ولها ثلاثة أطفال)، أن مشاعر مماثلة كانت تنتابها وتقول: “لقد وجدت ذلك خارقا للعادة، ولكنني كنت متضايقة من تصرف النساء اللواتي كن يدافعن عن القضية”، وتضيف ” لقد كن أكثر تطرفا، ومع أنني كنت ممنونة لهن بتجندهن من أجل الدفاع عن القضية فإنني لم أكن موافقة عما كن يطالبن به للنساء”.

وأشارت بعض النساء اللواتي وجه لهن السؤال الى أن الإستثناء في ذلك كانت تمثله أكبر الناشطات سنا أي الإشتراكية إيملي ليبهير (توفيت قبل بضعة أسابيع). وتتذكر السيدة كلي “لقد كنا نستمع لتصريحات إيميلي ليبهرير في الإذاعة، وكانت تعيد لنا الثقة في النفس وتجعلنا نشعر بأن وجودنا له معنى”.

البيت والمطبخ

مع ذلك، لم تكن الفكرة القائلة بأ السياسة ليست من اختصاص النساء لتنمحي بسرعة من الأذهان، بل كانت تؤمن بها حتى العديد من النساء أنفسهن. وفي معرض شرح لبعض هذه الأفكار التي كانت سائدة (بل كانت والدتها تؤمن ببعضها)، تذكر السيدة فانوتي ما كان يتردد في العديد من الأوساط بأنه “على النساء الإلتزام بالبيت، ولا يجب عليهن التدخل في السياسة، لأنهن لا يفقهن شيئا فيها نظرا لأنها مجال صعب للغاية”.

وكانت السيدة فانوتي تُكن إعجابا كبيرا لعمتها التي كانت شخصية سياسية وأولى السيدات في البرلمان المحلي لكانتون آرغاو، إلا أنها تتذكر ايضا أنها “كانت تشعر بالعزلة”. ومع أن عائلتها لم تنتقدها (لانخراطها في العمل السياسي)، فإن الإحساس السائد حينها كان يتلخص في أن “عليها أن تهتم أكثر بزوجها وأطفالها الأربعة”.

ولم يكن في وسع  الشابة باربارا فانوتي إداراك  أسباب وقوف البعض ضد حق تصويت النساء، وتقول: “كان ذلك يعني بالنسبة لي أنه حق من حقوق الإنسان ولا علاقة له بالجنس”.

مساواة ولكن الجميع ليسوا متساوين

تجد بعض النساء صعوبة في الربط بين السياسة والأنوثة. فالسيدة تسبيندن كانت تؤمن بأهمية توضيح حق النساء في الحصول على نفس الحقوق مثل الرجال، ولكن عندما يتم الدخول في التفاصيل تجد النساء أنفسهن في حيرة.

فالحصول على مساواة في الحقوق لا يعني أن الكل سيصبحون متساوين. إذ تعتقد أن “النساء يتخذن القرارات بدافع الإحساس (أو العاطفة) بينما يتخذ الرجال القرارات بترجيح العقل”. كما ترى أن “النساء سيتصرفن بشكل مغاير إذا ما وصلن الى مناصب قيادية، فهذا سيعني التقليل من الصراعات المسلحة”.

أما السيدة بورغكنيخت فلها آراء مغايرة نوعا ما عما سمعته في حينه في المقابلات الإذاعية، وتقول: “لقد كانت هناك عدة برامج إذاعية موجهة للنساء. وكانت تقول لهن إنه سيصبح من حقهن التصرف في حياتهن وعدم قضاء كل عمرهن في المطبخ وما إلى ذلك. ولا أعتقد بأن ذلك كان مفيدا لهن لأنه كانت هناك سيدات شعرن بالذنب لكونهن ملتزمات ببيوتهن ويسهرن على تربية أبنائهن”.

إلى جانب حق التصويت

الملفت أن جميع السيدات اللواتي حاورتهن swissinfo.ch أعربن عن الإهتمام بالسياسة كما يتابعن الأحداث ويحرصن على المشاركة في عمليات التصويت والإنتخاب.

فالسيدة رايست التي كانت مطلقة كانت تستمع لآراء ابنائها وتقول: “كنا نعقد مائدة مستديرة ونناقش كل هذه القضايا، أو يمكن القول أن أبنائي كانوا يناقشون هذه المواضيع وأتعلم الكثير منهم”. أما السيدة تسبيندن فكانت تناقش هذه المواضيع السياسية مع زوجها الذي كان معها في نفس الحزب. ولكن مع ذلك لم يكونا متفقين في الآراء كل مرة.

وترى السيدة فانوتي أن أصوات النساء أدخلت تعديلات جوهرية (على القوانين والتشريعات) خلال الأربعين عاما الماضية، ولدى استحضارها التصويت القادم يوم 13 فبراير 2011 والمتعلق بالمبادرة الداعية إلى منع الاحتفاظ بالأسلحة في المنزل، تتكهن بأن “يتم قبول المبادرة بفضل دعم الأصوات النسوية لها”.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: محمد شريف)

بدأ الكفاح من أجل منح النساء حق التصويت في سويسرا في نهاية القرن التاسع عشر إذ طالب اتحاد النساء العاملات الذي أسس في عام 1890 بحق التصويت للنساء في عام 1893.

في عام 1904 تبنى الحزب الإشتراكي في برنامجه موضوع المطالبة بحق تصويت النساء.

في عامي 1912 و 1919 رفضت عدة كانتونات منح النساء حق التصويت على المستوى المحلي.

من جهة أخرى، تم تجاهل التماس نجح في جمع 250 الف توقيع يطالب بمنح النساء حق التصويت على المستوى الوطني.

في عام 1957 تم تحقيق أول اختراق، بقبول نصف كانتون بازل المدينة حق تصويت النساء على المستوى البلدي. وكانت أولى البلديات التي طبقت ذلك هي قرية ريهن Riehen.

في اقتراع وطني أجري عام 1959 تم رفض منح النساء حق التصويت بنسبة 67% من أصوات الناخبين.

في فبراير 1959 منح كانتون فُـو النساء حق التصويت على مستوى الكانتون والبلدية، وتبعه كانتون نوشاتيل في نفس العام ثم كانتون جنيف بعد عام من ذلك.

كانت بازل المدينة، أول كانتون ناطق بالألمانية يمنح النساء حق التصويت على مستوى الكانتون في عام 1966 ثم تلاها نصف كانتون ريف بازل في عام 1968 وكانتون تيتشينو (جنوب) في عام 1969.

حصلت نساء سويسرا على حق التصويت والترشح على المستوى الفدرالي في 7 فبراير 1971، وفي شهر أكتوبر من نفس العام تم انتخاب أولى النساء لعضوية البرلمان الفدرالي.

بالرغم من ذلك، لم تكن كل النساء في سويسرا متحصلات على حق التصويت على مستوى البلدية والكانتون، إذ لم تحصل نساء كانتون أبنتسيل رودس الداخلية على حق التصويت إلا في عام 1990 على إثر قرار صادر عن المحكمة الفدرالية، أعلى سلطة قضائية في سويسرا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية