مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جزائريو جنيف لم يتخلفوا عن الاحتفال بالترشح لكأس العالم

حارس مرمى الفريق الجزائري فوزي شاوشي يُوجه التحية للمشجعين الجزائريين في ملعب المريخ في أم درمان بعد انتهاء المباراة وترشح الجزائر إلى مونديال 2010 Keystone

شهدت مدينة جنيف وضواحيها القريبة في فرنسا المجاورة مساء الأربعاء 18 نوفمبر احتفالات الجالية الجزائرية بفوز منتخبها الوطني على نظيره المصري في مباراة الفصل التي دارت في الخرطوم في إطار التصفيات لخوض الدور النهائي لكأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا في صيف 2010.

وقد أتاحت هذه المناسبة لجيل جديد من الجزائريين اكتشاف نشوة ترشح بلدهم الأصلي للمونديال لأول مرة حيث لم يتأخر الجزائريون المقيمون في عدد من المدن السويسرية من بينها لوزان وفريبورغ وجنيف وضواحيها الفرنسية عن التعبير عن فرحتهم على غرار ما قام به مناصرو المنتخب الوطني الجزائري بعد فوزه على نظيره المصري بهدف لصفر في مباراة الفصل في ملعب المريخ في ضاحية أم درمان المجاورة للعاصمة السودانية وتأهله لخوض مباريات الأدوار النهائية لكأس العالم لكرة القدم التي ستنظم عام 2010 في جنوب إفريقيا.

محمد عقون، أمين عام جمعية الجزائريين في جنيف التي تحمل إسم “الجزائر”، وكذلك سليم رواي (نجل عمار رواي أحد أقطاب فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم أثناء فترة ثورتها التحريرية من 1954 إلى 1962)، أتفقا على وصف الحدث بأنه “تاريخي” سمح للأجيال الصاعدة بأن تعيش ما عاشته الأجيال السابقة من فرحة بالترشح إلى المونديال عامي 1982 و1986.

وفي الواقع، لم تنتظر جمعية “الجزائر” المباراة الأخيرة لتنظيم مشاهدة جماعية لفائدة أبناء الجالية لنشاطات الفريق الوطني، ويؤكد محمد عقون أن “أنصار الجمعية تابعوا كل المباريات ليس فقط ضد الفريق المصري بل أيضا ضد زامبيا ورواندا، ولو أن مباراة 18 نوفمبر هي التي استقطبت الأعداد الكبيرة من الجزائريين المرفوقين بأصدقائهم من سويسريين وأبناء الجالية المغاربية من تونسيين ومغاربة وبالأخص الجيل الصاعد الذي تابع المباراة في الصفوف الأمامية”.

ويضيف أمين عام الجمعية التي يتوجه نشاطها أساسا إلى الجزائريين المقيمين في سويسرا أن “هذا الفوز يجعل من الفريق الوطني الجزائري الفريق الوحيد الذي يمثل الكرة العربية في المونديال مما يلقي على عاتقه مسؤولية جسيمة”.

شباب مغترب ومعتز بانتمائه

ولكن ما الذي يدفع شابا من أصل جزائري وُلد في سويسرا ونشأ فيها إلى الخروج للشارع وهو يحمل العلم الجزائري ويُلوح به؟

يُجيب محمد عقون “إن الشبان من أصل جزائري سواء في جنيف أو في فرنسا المجاورة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و20 عاما، تعود على متابعة مباريات كأس العالم بمناصرة إما الفريق الوطني السويسري أو الفرنسي أو فرق أجنبية مثل البرتغال وإسبانيا. وها هو اليوم يعرف لأول مرة ترشيح فريق بلده الأصلي. وهذا ما دفع بالمئات الى الخروج بعد نهاية المباراة للإحتفال بالفوز بعفوية سواء في ساحة لي زو فيف Les eaux vives أو غيرها من ساحات جنيف. بل إن محتفلين جاؤوا أيضا من فرنسا المجاورة للمشاركة في هذا الاحتفال في قوافل سيارات عبر حي “لي باكي” وشارع لوزان وغيرها من أحياء جنيف”.

سليم رواي المقيم في فرنسا المجاورة تابع مباراة مصر الجزائر مع الأصدقاء في أحد مقاهي مدينة آنماس Annemasse وانضم الى طوابير المحتفلين الذين شاركوا المارة ابتهاجهم بهذه المناسبة “وبدون عنف” حسب تأكيده.

ويشاطر سليم الراوي الرأي القائل بأن “هذا الشباب الذي لم يعرف نشوة الترشيح في عام 1982 يكتشف اليوم فخر ترشيح بلده الأصلي لمباريات كاس العام لأول مرة”. ومن خلال ما شاهده لدى هؤلاء الشبان المزدوجي الجنسية يقول نوه سليم إلى أن أن تعبيرهم كان انعكاسا لأحاسيسهم المنبعثة من القلب وهذا فخر أن يفتخر هذا الشباب ببلده الأصلي”.

الجمهور.. اللاعب الثاني عشر

من بين الظواهر التي لم تكن متوقعة توافد أعداد ضخمة من مناصري الفريق الوطني الجزائري (عبر رحلات جوية نظمتها السلطات الجزائرية) إلى ملعب أم درمان في العاصمة السودانية وهو ما أعاد للفريق الجزائري ثقته في قدراته واعتبر بمثابة دعم أساسي ساعده على تقديم أداء مقنع وناجع.

عن هذه المسألة يقول محمد عقون “كان هذا التوافد الكبير للمناصرين الجزائريين على مطار أم درمان أمرا هاما بعد ما عاشه الفريق الوطني في مباراة القاهرة بتواجد حوالي 2000 مناصر فقط ضمن حوالي 80 الف مشجع مصري. وهذا الجمهور من المؤيدين كان بمثابة اللاعب الثاني عشر في هذا الفريق، وهؤلاء ليسوا فقط من أولئك الذين استفادوا من الإمكانيات التي وفرت لهم من الجزائر بل هناك منقدم خصيصا من كندا ومن بلدان أوروبية أيضا”.

من جهته، يرى سليم رواي أن “ما عاشه الفريق الجزائري في القاهرة ساهم في تعزيز إلتفاف الجمهور الجزائري حول فريقه والوقوف إلى جانبه حتى في أتعس الظروف مثل مباراة الإياب في القاهرة”.

وعن الخروج الملفت لهذه الجموع الغفيرة من الشبان الحاملين للجنسية المزدوجة الفرنسية والجزائرية لتأييد المنتخب الوطني الجزائري والإحتفاء به وليس للمنتخب الفرنسي (الذي ترشح في نفس اليوم بعد انتصاره المثير للجدل على ايرلندا)، يقول سليم رواي “إن ما حدث يتضمن دروسا على القادة الفرنسيين استخلاصها ومفادها أن هذا الشباب الذي يميل الى مناصرة بلده الأصلي الذي قد لا يعرفه كثيرا بدل مناصرة البلد الذي ينتمي إليه (أي فرنسا) راجع الى كونه يفتقر الى اعتراف به كمواطن كامل الحقوق ومندمج في المجتمع وهو ما يجعل منه مواطنا فرنسيا بالوثائق وجزائريا بأحاسيس القلب”.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

سليم رواي هو نجل السيد عمار رواي، لاعب كرة القدم المحترف السابق في فريق سانت إيتيان Saint Etienne الفرنسي والعضو البارز في فريق جبهة التحرير الوطني، الذي جاب العديد من عواصم العالم للتعريف بالثورة الجزائرية في النصف الثاني من الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي.

عن كيفية متابعة والده لمباراة الفصل بين مصر والجزائر التي دارت في ملعب المريخ في أم درمان يوم الأربعاء 18 نوفمبر 2009، يقول سليم في تصريحات خاصة بـ swissinfo.ch “إنّ (والده) وهو الرجل الذي عاش مغامرة فريق جبهة التحرير الوطني في وقتها ثم ساهم في إعداد الفرق التي خاضت مغامرات مونديال 1982 و 1986، فضل عدم متابعة المباراة مخافة أن يتعرض لتأثيرات صحية. ولكنه تابعها من خلال ردود فعل المحيطين به من أفراد عائلته وأصدقائه…”

ويضيف سليم راوي أن “خوفه هذا لم يكن راجعا لشك في قدرات الفريق بل فيما قد تؤثر به تقلبات المباراة على صحته نظرا لسنه المتقدم. ولكن هذا الترشيح جعله يشعر بسعادة وفخر لا حدود لهما لأنها ذكرته بفترات تاريخية شبيهة بيوم الإستقلال وبمناسبات الترشيح لكؤوس قارية وعالمية ساهم نوعا ما في صنعها”.

أوردت وكالة اسوشايتد برس في برقية بثتها مساء الخميس 19 نوفمبر 2009 أن “الاتحاد الدولي لكرة القدم إتخذ إجراءات تأديبية ضد الاتحاد المصري لكرة القدم بعد مهاجمة مناصرين (للفريق المصري) للفريق الوطني الجزائري قبل مباراة التصفية لكأس العالم في القاهرة الأسبوع الماضي”.

وفي زيورخ، قالت الفيفا يوم الخميس 19 نوفمبر إن “لجنة التأديب التابعة لها ستصدر حكمها في القضية المرفوعة ضد الاتحاد المصري لكرة القدم”. وأضافت هذه الهيئة المنظمة لكرة القدم في العالم إن لديها تقارير عن “حوادث طالت الفريق الجزائري” لما كان متنقلا من مطار القاهرة الدولي إلى فندق الإقامة قبل يومين من خوض المباراة.

وقال لاعبون ورسميون جزائريون إن أنصار الفريق المصري ضربوا بالحجارة حافلة الفريق الجزائري مما أدى الى كسر الزجاج وعرضوا الحافلة بنوافذها المكسورة.

على صعيد آخر، أفادت وكالة رويترز بأن مصر استدعت يوم الخميس 19 نوفمبر سفيرها لدى الجزائر للتشاور بعد تقارير لصحف محلية عن اعتداءات تعرض لها مشجعون مصريون في الخرطوم بعد مباراة في تصفيات كأس العالم لكرة القدم فازت بها الجزائر على مصر يوم الاربعاء 18 نوفمبر.

وجاءت الخطوة المصرية بعد تبادل للإتهامات باعتداءات على مشجعي البلدين بسبب مباراتين أقيمتا يومي السبت 14 نوفمبر والاربعاء 18 نوفمبر في القاهرة والخرطوم على التوالي. وكانت أعمال عنف خفيفة وقعت في غضون المباراتين.

وقال شهود عيان لرويترز إن نحو 2000 متظاهر بعضهم يحرقون الاعلام الجزائرية تجمعوا بالقرب من سفارة الجزائر بالقاهرة في وقت متأخر يوم الخميس 19 نوفمبر للاحتجاج على ما قالوا انه اعتداءات على المصريين وطالبوا بمغادرة السفير الجزائري.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية