مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من جنيف…أصوات مصرية ضد انتهاكات “سلطة الإنقلاب”

وفد " الدبلوماسية الشعبية ضد الإنقلاب" أثناء تنشيط ندوة صحفية بنادي الصحافة السويسري يوم 23 أكتوبر 2013 swissinfo.ch

طالبت شخصيات سياسية وصحفية وحقوقية مصرية زارت جنيف في ما يمثّل وفدا "للدبلوماسية الشعبية ضد الانقلاب"، المؤسسات الأممية والعواصم الغربية برصد "ما يحدث من انتهاكات" في بلادهم، واعتبروا ما تشهده مصر "انقلابا لإعادة حكم العسكر". وينوي الوفد الاتصال بالعديد من الجهات الحقوقية الأممية والعواصم الغربية لشرح حقيقة ما يحدث في بلادهم.

أقدمت هذه الشخصيات المصرية المنتمية إلى تيارات سياسية وفكرية متنوعة، والمتشكلة من صحفيين وقانونيين وسياسيين يجمعها اتفاقها على مناهضة “الانقلاب العسكري”، على تشكيل ما أطلقوا عليه اسم “الدبلوماسية الشعبية ضد الانقلاب”.

هذا ما جاء في الندوة الصحفية التي انتظمت بنادي الصحافة السويسري في جنيف يوم 23 أكتوبر 2013 ، وحضرها كل من الدكتور حاتم عزام نائب رئيس حزب الوسط وعضو البرلمان المصري المنتخب في عام 2012، والصحفي والكاتب وائل قنديل رئيس تحرير الشروق سابقا، والعضو السابق في حزب الدستور، والدكتور إسلام لطفي العضو في محكمة الاستئناف العليا، والدكتورة مها عزام الباحثة بمجمع “شاتام هوز” والمتخصصة  في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

المزيد

“فظاعة ما يحدث، هي التي تجمعنا”

ما يجلب الانتباه في هذه المجموعة أن أعضائها ينتمون الى تيارات مختلفة، وليس من بينها من ينتمي إلى تيار الإخوان المسلمين.

وأوضحت الدكتورة مها عزام أن ما يجمعهم، وما دفعهم للقيام بهذا التحرك هو “الرغبة في مناهضة الوضع الراهن في مصر بكل ما يمثله من فظاعة وبشاعة وانتهاكات لحقوق الإنسان، ومستوى ما وصلته عمليات القمع التي بلغت حد الجرائم ضد الإنسانية”.

هذا ما جاء أيضا في بيان وفد الدبلوماسية الشعبية الذي زار جنيف والذي أشار الى “الانتهاكات الخطيرة التي  ارتكبت أثناء مجازر الحرس الجمهوري، والمنصة، ورابعة العدوية والنهضة، ورمسيس، والمنصورة، و6 اكتوبر وغيرها، والتي ترقى لمرتبة الجرائم ضد الإنسانية، والتي راح ضحيتها حوالي 5000 قتيل وعشرات الآلاف من المصابين وأكثر من عشرة آلاف سجين سياسي بالإضافة الى تسجيل عدد من حالات سجن الأطفال القصر والنساء للضغط على ذويهم أثناء مطاردتهم بناء على موقفهم السياسي” كما جاء في البيان.

دعا أنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي المصريين لتنظيم احتجاجات حاشدة يوم الرابع من نوفمبر تشرين الثاني وهو اليوم الذي تبدأ فيه محاكمته في اتهامات بالتحريض على القتل ما يثير مخاوف من المزيد من إراقة الدماء مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد.

وقد تؤجج المحاكمة التوترات بين جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي والحكومة المدعومة من الجيش وتعمق الاضطرابات التي أضرت بالسياحة والاستثمار في مصر أكبر الدول العربية سكانا.

ويقول أنصار مرسي وهو أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة إن عزله كان انقلابا وتراجعا عن مكاسب الانتفاضة التي أطاحت بحكم حسني مبارك عام 2011.

وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي يضم جماعة الاخوان المسلمين في بيان “شدد التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب على أن الانقلابيين يريدون كسر الإرادة الشعبية بمحاكمة مرسي في 4 نوفمبر المقبل.”

ودعا التحالف في البيان من وصفهم بالأحرار في مصر وخارجها إلى “الوقوف بجانب الإرادة الثورية والمعارضة لقوى الانقلاب والتي تسعى لكسر هذه الإرادة” مشددا علي أن كافة الفعاليات ستكون كما “كانت دائما في الإطار السلمي الذي اتخذناه وسيلة واستراتيجية.”

وقال قاض إن مرسي وأعضاء آخرين بجماعة الاخوان المسلمين وجهت لهم اتهامات بالتحريض على قتل وتعذيب المتظاهرين امام قصر الاتحادية الرئاسي.

وتتعلق الاتهامات بمقتل نحو 12 شخصا في اشتباكات خارج القصر الرئاسي في ديسمبر كانون الأول الماضي بعد ان أغضب مرسي المحتجين بإصدار إعلان دستوري يوسع من سلطاته.

ويحتجز مرسي في مكان لم يكشف عنه منذ عزله يوم الثالث من يوليو تموز. ومنذ ذلك الحين تشهد مصر هجمات شبه يومية يشنها متشددون في شبه جزيرة سيناء واشتباكات بين أنصار جماعة الاخوان ومعارضيها.

وقتل مئات من أعضاء الاخوان وسجن كبار قادة الجماعة في واحدة من أكبر الحملات الأمنية في تاريخ الجماعة. ويتهم أنصار مرسي الحكومة بانها تزداد سلطوية وتعيد مصر إلى ما كانت عليه في عهد مبارك الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاما.

(وكالة رويترز، 24 أكتوبر 2013)

جرائم ممنهجة

كما يرى بيان الوفد “أن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر تحولت الى جرائم مُمنهجة ترقى الى مستوى جرائم ضد الإنسانية. وان مصر تشهد مأسسة وتقنين تلك الانتهاكات مثل تمديد حالة الطوارئ خلافا للإعلان الدستوري، وتمديد فترة الحبس الاحتياطي الى ما لا نهاية، ومثل قانون الإرهاب الذي أُعلن عن اعتزام صدوره”.

ويرى الدكتور حاتم عزام نائب رئيس حزب الوسط  المشارك في الوفد الزائر لسويسرا “أن جنيف هي نقطة انطلاق نشاطات الوفد من أجل شرح ما حدث ويحدث، وللتصدي للدعاية التي يقوم بها النظام حاليا الذي يريد أن يوهم الغرب أن “مصر بصدد محاربة الإرهاب، وكل من يعارض الانقلاب هو إرهابي”.

وقد استشهد بما حدث له بعد مشاركته في حديث تلفزيوني مع قناة الجزيرة أن وُجهت له تهمة التحريض على الإرهاب، ولم يعد قادرا بعدها على العودة الى مصر، شأنه في ذلك شأن عدد ممن يرافقونه في هذه الجولة.

كما أوضح الدكتور لطفي إسلام القاضي بمحكمة الاستئناف العليا أنهم هم من “بادر بهذا التحرك كخطوة أولى، ونطلب من كل مصري ومصرية الالتحاق بالركب لإسماع أصواتهم”.

أما الصحفي وائل قنديل فيقول لتوضيح دوافع الأشخاص الذين شاركوا في هذا الوفد: “إننا نقوم بذلك بمجرد جهودنا الشخصية، ولا نمثل إلا أنفسنا كمجموعة من المصريين يشاهدون مجزرة تحدث في حق المصريين في الداخل، في الوقت الذي كُممت فيه الأفواه، ومُنعت وسائل الإعلام الدولية من ممارسة عملها بالشكل الكامل كي تنقل الصورة الحقيقية الى العالم الخارجي. ولذلك لسنا الوفد الوحيد بل واحدا من بين العديد من وفود الدبلوماسية الشعبية ضد الانقلاب”.

 ” إنقلاب، وليس استجابة لرغبة الشعب”

مها عزام ترى فيما يحدث في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي “عودة لحكم العسكر”. وتضيف: “أن بعد كل وعود ثورات الربيع العربي  للوصول الى مسار ديمقراطي، فإننا لا نرى اليوم فقط عودة الى ما عشناه تحت دكتاتورية حسني مبارك، بل ما هو أتعس وأعنف من ذلك”. “وهو ما يتطلب يقظة المجموعة الدولية والمنظمات الدولية من أجل توثيق ما يحدث، وإرسال لجنة تقصي الحقائق بخصوص ما تم من انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر والضغط من أجل العودة الى المسار الديمقراطي”، تشدد الباحثة والناشطة.

كذلك يرى وائل قنديل رئيس تحرير جريدة الشروق سابقا، والعضو السابق في حزب الدستور، من جهته: “أن الانقلاب العسكري قد ارتكز على عدة أكاذيب”. ويقول أن “أسوأ ما انتجه الانقلاب هو تحويل مصر الى بلد يفتقد الانسانية، والى زرع روح عنصرية  اجتماعية لا تقل عن عنصرية العرق واللون التي عرفتها جنوب افريقيا في السابق”.

وشرح ذلك بقوله “إن النظام العسكري أصبح يفرق بين فئتين من ابناء مصر. فئة تُقتل بأسلحة محرمة دوليا، وفئة أخرى يتم استهدافها بآلة إعلامية تقول لهم ما يحلو لها”. وانتهى السيد قنديل الى خاتمة  ان ما يجري اليوم ” سيقود مصر الى حرب أهلية بتحريض قسم من الشعب على القسم الآخر”.

“أولويتنا توثيق الانتهاكات”

 تتمثّل أولوية عمل هذه المجموعة حاليا في رفع المعاناة وليس البحث عن مخرج سياسي. إذ  تقول الدكتورة مها عزام “تحركنا يهدف لرفع المعاناة عن شعبنا، وإيقاف الانتهاكات المرتكبة في مجال حقوق الإنسان، وإيصال ذلك للمجموعة الدولية، ولسنا هنا للبحث عن حل سياسي”.

وقد ورد في البيان الصادر عن وفد الدبلوماسية الشعبية ضد الانقلاب، أن هذه المبادرة تقوم حاليا ومن خلال لجان داخل مصر “بتوثيق الانتهاكات المرتكبة تمهيدا لتقديمها الى كافة آليات الحماية الوطنية والإقليمية والدولية”.

ومن المطالب الواردة في بيان وفد الدبلوماسية الشعبية المصري، المطالبة بتحقيق دولي مستقل. لأن “كل لجان تقصي الحقائق  التي تمت لحد اليوم قد فشلت  في الحصول على معلومات رسمية حقيقية وبالتالي عجزت عن تقديم نتائج تحقيقات”.

وكشف الدكتور حاتم عزام أن الوفد ركز في كل محادثاته بجنيف على “ضرورة وقف كل الانتهاكات المرتكبة ضد الشعب المصري، لأن لدينا قناعة بأنه لا يمكن إيجاد حل سياسي ومصالحة وطنية ولا انتخابات ولا عودة للديموقراطية بوجود حالة كراهية وتمييز ومخاصمة وبوجود تيارات سياسية مُطاردة”.   

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية