جوازات سفر روسية إلزامية لأوكرانيين “لمحو هويتهم”
قبل فرارها من المنطقة التي كانت تسكنها واحتلتها قوات موسكو، تعرضت فكتوريا لضغوط للتقدم بطلب للحصول على جواز سفر روسي، وهي وسيلة تستخدمها روسيا لتعزيز قبضتها، لكن أيضا لمحو الهوية الأوكرانية حسب خبراء.
نبّهها جنود في الشارع إلى وجوب الحصول على جواز سفر روسي، وهو ضروري للاستحصال على الأوراق الرسمية، وسمعت قصصا عن عمليات تحقق في البيوت تنتهي بترحيل الأشخاص الذين لا يملكون أوراق الهوية الروسية.
وتفرض موسكو جوازات سفرها في مسعى لتبرير احتلالها وتعزيز قبضتها، لكن أيضا لمحو الهوية الأوكرانية، كما قال خبراء.
وقالت فكتوريا (43 عاما) طالبة عدم ذكر اسمها كاملا لوكالة فرانس برس “لم أرد القيام بذلك”. لكنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة، إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية.
بدأت فكتوريا الحصول على الترجمات الروسية المطلوبة لشهادتَي زواجها وميلادها الأوكرانيتين، لكن العملية لم تكتمل إذ فرّت من شرق أوكرانيا في كانون الثاني/يناير.
وقالت “حتى لو حصلت على جواز سفر روسي، سأبقى أوكرانية. بالنسبة ليّ، لن يغير ذلك شيئا”.
وتصدر روسيا منذ سنوات جوازات سفر للأوكرانيين في مناطق دونباس (شرق) التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لموسكو وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في العام 2014.
– طوابير –
لكن منذ شن الرئيس فلاديمير بوتين غزوه قبل 15 شهرا، أصبحت حملة جوازات السفر أكثر عدوانية.
وأصبحت مجموعة من الضروريات الروتينية مثل الحصول على منافع حكومية أو على وظيفة أو الاحتفاظ بها وطلب علاج طبي، تتطلب وثائق روسية، على ما أوضح خبراء وسكان لوكالة فرانس برس.
حتى أن بوتين وقّع في نيسان/أبريل مرسوما يسمح بترحيل الأوكرانيين من سكان المناطق المحتلة إذا لم يحصلوا على جواز سفر روسي بحلول الأول من تموز/يوليو 2024.
وقالت أليونا (40 عاما) لفرانس برس طالبة عدم ذكر اسمها “هناك طوابير انتظار أمام مكاتب جوازات السفر”. وأضافت “ذهب أصدقائي أخيرا بحلول الساعة الثامنة صباحا وكان هناك 48 شخصا ينتظرون فتح مكتب الجوازات. يبدأ الناس الوقوف في طوابير ليلا”.
وأوضحت أليونا التي تعيش في منطقة دونيتسك، أنها حصلت على جواز سفر من الانفصاليين الموالين لروسيا في العام 2020، لكنها لم تستخدمه حتى الآن. وأضافت “الآن هناك حاجة إلى جواز سفر روسي في كل مكان”.
وأواخر تشرين الثاني/نوفمبر، قالت موسكو إنها منحت 80 ألف جواز سفر منذ ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية في أيلول/سبتمبر.
وقال حاكم منطقة لوغانسك (شرق) سيرغي غايداي لوكالة فرانس برس إن موسكو استخدمت جوازات السفر في محاولة لدعم ادعائها بأنها غزت أوكرانيا لحماية الناطقين بالروسية.
لكنّه أضاف أن جوازات السفر كانت اختيارية إلى حد ما في الأشهر الأولى من الاحتلال وأصبحت إجبارية لاحقا.
وأشار إلى أن “الحصول على جواز سفر روسي قسرا والحصول على جواز سفر طوعا هما موقفان مختلفان”.
– “محو الهوية الأوكرانية” –
اتّخذت منظمات إنسانية موقفا يحد من الضرر المرتبط بهذه القضية، قائلة إن الناس يحتاجون إلى البقاء على قيد الحياة وأحيانا تكون جوازات السفر الروسية جزءا من ذلك.
وقال ميخايلو فومينكو وهو محام في “دونباس إس أو إس” وهي منظمة غير حكومية “نعلم أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد ما زالوا يتلقونها (جوازات السفر) تحت التهديد والعنف”.
وأضاف “عندما ينتهي الأمر، ستُحذف جوازات السفر هذه من حياتنا وستنسى”.
على أي حال، ستبقى المعلومات البيومترية والشخصية والعائلية لأصحابها في حوزة روسيا، وهي نعمة لقواتها الأمنية.
وتُستخدم المعلومات أيضا كقائمة جاهزة لتجنيد الرجال في المجهود الحربي الروسي.
من جهته، قال الاتحاد الأوروبي إنه لن يعترف بجوازات السفر الروسية الصادرة في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو.
وهذه الخطوة التي تغطي أيضا منطقتين يسيطر عليهما الكرملين في جورجيا، تعني أن وثائق السفر الروسية الممنوحة لسكان تلك المناطق لا يمكن استخدامها للحصول على تأشيرات أو دخول منطقة شنغن.
بغض النظر عن الآثار العملية لجوازات السفر، يعتبر بعض الحقوقيين أن إصدارها هجوم جوهري.
وقالت ألينا لونوفا المسؤولة في منظمة زمينا الأوكرانية لحقوق الإنسان “إنهم يريدون محو الهوية الأوكرانية”.