مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حزب الشعب مُتهم بشن حملة “عنصرية”

Ex-press

يواجه حزب الشعب السويسري (يمين متشدد، وأكبر حزب في البلاد) مـُجددا انتقادات شديدة بسبب حملته الانتخابية البالغة الشراسة ضد الأجانب.

وقد أعلن وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان يوم الخميس 30 أغسطس الجاري أن الحكومة الفدرالية تـُعـِد ردها على رسالة مقرر الأمم المتحدة حول العنصرية بشأن هذه الحملة التي أثارت بعد “اشمئزاز” رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري.

قبل ثلاثة أسابيع، كتب المقرران الخاصان للأمم المتحدة حول العنصرية، دودو ديين، وحول الحقوق الإنسانية للمهاجرين، جورج بوستامانت، رسالة إلى الحكومة الفدرالية السويسرية لطلب توضيحات حول الملصق الإعلاني المصاحب للحملة الانتخابية لحزب الشعب.

ويمثل هذا الملصق الذي ذاعت شهرته، ثلاثة أغنام بيضاء يركل أحدها خروفا أسودا خارج أرضية تُمثل العلم السويسري. ويجسد هذا الرسم دعوة حزب الشعب إلى التخلص من الأجانب المجرمين والأجانب الذين يستغلون نظام المساعدات الإجتماعية السويسرية من دون وجه حق.

وفي شهر مارس الماضي، كان المقرر الأممي الخاص حول العنصرية قد ذكـر سويسرا في تقرير تحدث فيه عن وجود “مظاهر العنصرية والتمييز العنصري ومعاداة الأجانب”.

ويوم الخميس 30 أغسطس الجاري، أشار وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان، بمناسبة لقائه التقليدي مع الصحافة في جزيرة سان بيير (على بحيرة مدينة بيين القريبة من العاصمة برن) إلى أن الحكومة الفدرالية بصدد إعداد ردها على رسالة المسؤولين الأممين.

وأوضح الوزير أن الحكم على هذه الأساليب التي يلجأ إليها حزب الشعب ومعاقبتها من خلال الإجراءات الديمقراطية، أمر يعود إلى الشعب السويسري.

هجوم وهجوم مضاد

من جهته، يعتقد المتحدث باسم حزب الشعب، رومان ياغي أن ليس هنالك ما يمكن انتقاده في ملصق الأغنام الذي يصفه بـ “المشروع تماما”، مضيفا في تصريح لسويس انفو أنه “غير عنصري، إذ أن هنالك بالفعل في سويسرا مشكل عـُنفٍ كبير، خاصة في صفوف الشبان الذين يمثل الأجانب جزءا هاما منهم”.

وأوضح ياغي أنه لم يـكن يجدر برئيسة الكنفدرالية ووزيرة الخارجية، ميشلين كالمي – ري التهجم على الملصقات الانتخابية لحزب آخر، بما أنها تخوض بوضوح حملة الحزب الاشتراكي الذي تنتمي إليه.

ويذكر أن السيدة كالمي – ري وصفت في حديث مع الإذاعة السويسرية الروماندية الناطقة بالفرنسية، يوم الأربعاء 29 أغسطس الجاري، ملصق حزب الشعب بـ”غير المسؤول”، مضيفة أن الحملات الانتخابية للحزب “تؤجج الكراهية” وأنها “حملات عنصرية”.

أما فيما يخص تدخل المقرر الأممي الخاص حول العنصرية، دودو ديين، فلا يحظى بثقل هام في نظر المتحدث باسم حزب الشعب الذي وصفه بـ”منعدم القيمة”، مؤكدا أن هذا المقرر الخاص “مثير للشغب، ولا يقول أبدا أشياء إيجابية عن سويسرا”، على حد تعبيره.

يشار إلى أن حزب الشعب اعتاد على اعتماد هذه الخطابة التهجمية والمثيرة، وكان قد نجح في استقطاب 26,2% من الأصوات خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2003 استنادا إلى حملات مُستفزة أيضا. وحسب استطلاعات رأي حديثة، يتوقع أن يحصل حزب الشعب على نتيجة مماثلة.

“بسيطة وسخيفة”

وتتميز تقنية حزب الشعب السويسري بالبساطة والفعالية، إذ يسعى إلى إقناع الناخبين بأفكاره من خلال رسائل “واضحة ومفهومة”. وهي تقنية يـلجـا إليها المتخصصون في مجال الإعلان منذ زمن طويل ويسمونها”KISS”، وهي الأحرف الأولى لعبارة “Keep it simple and stupid”، أي “أبْقِ الأمر بسيطا وسخيفا”.

ويعتقد باسكال شياريني، المتخصص في علم السياسة في جامعة جنيف، أن النجاحات الانتخابية لحزب الشعب السويسري مدينة جدا لهذا الخط المتشدد إزاء الأجانب والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وفي تحليله لهذه الظاهرة، قال البروفيسور شياريني “إنهم أسرى هذه الاستراتيجية. فمن أجل تأجيج النار، يتوجب عليهم إيجاد أفكار جديدة وإضفاء التشدد على تصريحاتهم في الآن نفسه”.

ويستشهد في هذا الصدد بالمبادرات الأخيرة ضد المآذن والأجانب المجرمين التي تـُظهر، في رأيه، إرادة حزب الشعب في الاحتفاظ، من خلال هذه الإهانات، بالسيطرة على الجدل حول الهجرة. ويستطرد قائلا: “إنهم يصبحون أكثر ذكاء وأكثر حذقا، ولا يُغلبون عندما يتعلق الأمر بجلب الأنظار وإثارة اهتمام وسائل الإعلام. فهم يستقطبون الرأي العام أكثر فأكثر: فإما أن تكون مؤيدا لهم أو معارضا لهم بعنف”.

القطرة التي أفاضت الكأس

لكن لا يعني كل ما سبق أن لا أحد يمكنه أبدا كبح جماح الحملات الانتخابية الشرسة لحزب الشعب، إذ أرغمه قاض سويسري يوم الأربعاء 29 أغسطس الجاري بسحب فيلم دعائي انتخابي (فيديو كليب) من موقعه على الإنترنت، في انتظار المحاكمة. وكان الحزب بدأ في بث الفيلم بعنوان “الجنة والنار” قبل أيام قليلة فقط.

هذا الفيلم الذي يحمل شعار “صوتوا لليسار أو لـَنا، وستلقون النار أو السماء”، يقدم من جهة صورا بالأبيض والأسود تصاحبها موسيقى حزينة يكتشف خلالها المشاهد عنف المدن، والنساء المحجبات، والمهاجرين الأفارقة. ومن جهة أخرى، يعرض صورا بالألوان على إيقاع موسيقى مبتهجة تـُظهر للمُشاهد “سويسرا البطاقات البريدية” بمناظرها الجميلة وجبالها وخضرتها، حتى أن وزير حزب الشعب في الحكومة، كريستوف بلوخر، يظهر رفقة زوجته في منظر طبيعي خلاب…

ولم يكن السبب في سحب الفيلم من موقع الحزب نوعية الرسالة التي أراد إيصالها للجمهور – والتي تعرضت لإدانة شديدة في وسائل الإعلام والبلوغز- بل شكوى تقدم بها الشبان الذين يظهرون في الجزء الأول من الفيلم الدعائي. إذ أن مخرج الفيديو كليب لم يصارح الشباب المشاركين بطبيعة وهدف الفيلم، بل أوهمهم بأنهم يصورون فيلما حول الوقاية من العنف.

سويس انفو

في نوفمبر 2002، أدان رود لوبيرس، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين آنذاك، مبادرة حزب الشعب السويسري “ضد الانتهاكات لقانون اللجوء”، التي رفضها الناخبون بأ50,1% فقط.
في أكتوبر من العام الموالي، أعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتخذ من جنيف مقرا لها عن “قلقها العميق” من الحملة الانتخابية لحزب الشعب التي وصفتها بـ”إحدى أعنف الحملات الانتخابية المعادية للجوء التي قادها حزب سياسي هام في أوروبا”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية