مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حظر المآذن: سويسرا تستقطب أنظار العالــم

انتظمت مساء الأحد 29 نوفمبر 2009 مظاهرة احتجاجية أمام القصر الفدرالي في برن ضد تصويت الشعب لصالح منع بناء المآذن Reuters

نادرا ما أثارت مبادرة شعبية في سويسرا هذا الكـم الهائل من التعليقات في الصحافة الأجنبية الذي صاحب موافقة الناخبين والكانتونات السويسرية على تعديل الدستور الفدرالي بهدف حظر بناء مآذن جديـدة في البلاد. ونادرا ما حصل توافق شبه عام على التعليقات الـمُـدينة لقرار الشعب السويسري.

على الرغم من الانتشار الواسع لخبر مصادقة السويسريين على منع بناء مآذن جديدة في سويسرا في العالم الإسلامي، فإن التعليق عليه ظل محدودا في الصحف العربية الصادرة يوم الإثنين 30 نوفمبر بسبب عـُطل عيد الأضحى على الأرجح. ويتوقع المراقبون في سويسرا أن تتوالى الإفتتاحيات والمواقف العربية حول هذا الموضوع خلال الأيام القليلة الماضية.

لكن يمـكن القول أن الشعور بالدهشة هو الذي سيطر على الصحف والمواقع الإلكترونية العربية إذ ردد الكثير منها أقوال مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة الذي اعتبر حظر بناء المآذن في سويسرا بمثابة “إهانة”.

وفي المملكة العربية السعودية، أدانت صحيفة “الرياض” ما وصفته بـ “خطوة تذكي الكراهية”.

وفي لبنان، اختارت يومية “السفير” كعنوان لمقالها حول الموضوع: “الإسلاموفوبيا” تهزم بلد التعددية، بينما شددت صحيفة “النهار” على رسالة الحكومة السويسرية التي تريد “طمأنة المسلمين”.

ونقلت اليومية أيضا موقف المفكر الإسلامي السويسري طارق رمضان الذي اعتبر نتيجة الاستفتاء “كارثية” اذ “أعرب السويسريون عن خوف حقيقي، عن إشكالية عميقة من حيث الوجود الاسلامي في سويسرا” على حد تعبيره.

أما موقع “إسلام أونلاين”، فنوه إلى أن “الحيرة والمفاجأة سيطرت على مسلمي سويسرا”. واستجوب الموقع هشام أبو ميزر، رئيس فيدرالية المنظمات الإسلامية بسويسرا الذي قال: “إن مسلمي سويسرا بعد هذه النتيجة يشعرون بالصدمة، ولكنهم في ذات الوقت يحترمون رأي غالبية الشعب”.

وأضاف أبو ميزر لنفس المصدر: “نحن في محنة، ولكننا نحتاج إلى التعقل والقليل من الوقت من أجل استيعاب الأمر وتقديره والنظر في تبعاته المستقبلية”.

وحول ما يطالب به العالم الإسلامي بعد هذه النتيجة قال أبو ميزر لموقع إسلام أونلاين: “لا نريد حرقا للأعلام السويسرية ولا ضربا للمصالح السويسرية في الخارج؛ لأن هذا الأمر غير مجد وغير مفيد، ولكننا نطالب بالتعقل ومتابعة إلى أين سيمضي أصحاب هذه المبادرة العنصرية، وهل ستشجعهم نتيجة التصويت على مزيد من التضييق على مسلمي سويسرا”.

“هزيمة الصــواب”

أما صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية فقد اختارت نعت “العبثي” كعنوان لافتتاحيتها، واعتبرت أن سويسرا تبنت ضد المسلمين الذين “يعيش معظمهم حياة تحترم القانون تماما إجراء تمييزيا جليا”.

وأضاف كاتب التعليق أن “القوة العبثية للأحكام المسبقة قد أثبتت صحتها لاسيّما أن الكانتونات التي يعيش فيها أقل عدد من المسلمين هي التي صادقت بنسبة أكبر على الإجراء المعادي للإسلام الذي نادى به اليمين المتطرف”.

من جهته، كتب الموقع الإلكتروني لصحيفة “لوموند ديبلوماتيك” الفرنسية أن النتيجة جاءت بمثابة “انتصار للإسلاموفوبيا” و”هزيمة للصواب”.

أما وزير الخارجية الفرنسي، بيرنار كوشنير، فقال في حوار مع إذاعة “RTL” أنه يشعر “بشيء من الصدمة” جراء “هذا التعبير عن عدم التسامح”، مضيفا: “آمل أن يعدل السويسريون عن هذا القرار بسرعة” قبل أن يتساءل بنوع من السذاجة المُختلقة: “هل هي جريمة في بلاد الجبال أن تُشيـّد مباني أعلى بقليل؟”.

صحيفة “لوسوار دو بيلجيك” الصادرة في بروكسل، كتبت: “إن الإسلام له حق المواطنة إذا ما ظل سريا وشفافا؛ الإسلام يحظى بالتسامح إذا لم يتعدى على الفضاء العام”. وتعتقد اليومية أنه إذا ما دُعي الناخبون البلجيكيون للتصويت على استفتاء مماثل لرفضوا المآذن أيضا، مشيرة إلى أن “الفاشيين البارزين والشعبويين الجدد باستطاعتهم تأجيج المشاعر الأكثر انحطاطا”.

واستنتجت الصحيفة أن “استهداف أبراج عمودية ومهاجمة المؤمنين الذين يتواجدون في الأسفل هو تصرف منافق وينطوي على المغالطة، وهو لعبة خطيرة في أيامنا هذه”.

المزيد

المزيد

المبادرة الشعبية

تم نشر هذا المحتوى على توفّـر المبادرة الشعبية لعدد من المواطنين إمكانية اقتراح تحوير للدستور الفدرالي. تحتاج المبادرة كي تكون مقبولة (من الناحية القانونية)، إلى أن يتم التوقيع عليها من طرف 100 ألف مواطن في ظرف 18 شهرا. يُـمكن للبرلمان أن يوافق مباشرة على المبادرة، كما يمكن له أيضا أن يرفضها أو أن يعارضها بمشروع مضاد. في كل الحالات، يتم…

طالع المزيدالمبادرة الشعبية

“عصر الأنوار في سلة المهملات”

وفي لندن، تحدثت صحيفة “فاينانشل تايمز” عن حظر المآذن “الذي يغذي المخاوف من الانتقام”. بينما أعربت يومية “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن اعتقادها أن هذا التصويت “سلط الضوء على الصراع المستمر بشأن اندماج الجالية المسملة الأوروبية المتزايدة في المجتمع المدني”.

وفي ألمانيا، كتبت “دي فيلت” أن هذه النتيجة “تـُلقي بسويسرا إلى مستوى أدنى من عصر الأنوار والتسامح الذي بلغته أوروبا بمشقة في الماضي”.

من جهته، أشار كاتب افتتاحية الموقع الإلكتروني الألماني لمجلة “در شبيغل” إلى الأضرار الذي يمكن أن تلحق جراء هذه التصويت بصورة سويسرا، “حارسة حقوق الإنسان، وبلد الصليب الأحمر واتفاقيات جنيف […] (والبلد) الذي يخلق تمييزا ضد مجموعة دينية واحدة، وهي الجالية المسلمة”.

وفي النمسا، اعتبرت الصحافة أن هذا التصويت “دمـّر السلم الديني بدون مُبرر”، بينما ذكـّّرت الأسبوعية البوسنية “أسلوبودجينجي” بأن اللجنة الفدرالية السويسرية المناهصة للعنصرية قد نعتت المبادرة الشعبية ضد المآذن قبل التصويت عليها بـ “دعوة إلى الكراهية”.

المزيد

المزيد

الاستفتاء

تم نشر هذا المحتوى على يُـتيح الاستفتاء (الاختياري) لعدد من المواطنين إمكانية مطالبة الشعب بالتصويت على قانون حظي بمصادقة البرلمان. يتم إجراء التصويت إذا ما تمكّـنت اللجنة المبادرة بالاستفتاء من تجميع 50 ألف توقيع في ظرف لا يتجاوز 100 يوم. يوجد أيضا استفتاء إجباري، عندما يُـدخل البرلمان تحويرا على الدستور. لكي ينجح، يحتاج الاستفتاء الاختياري للحصول على أغلبية الشعب (أي…

طالع المزيدالاستفتاء

اليمين المتطرف يُصفق بحرارة

وفي مقابل هذا الشعور بالاستياء والقلق، غمرت السعادة صفوف اليمين المتطرف الأوروبي، خاصة في إيطاليا والنمسا.

وقال موريتسيو غاسباري، رئيس مجموعة تحالف سيلفيو بيرلوسكوني في مجلس الشيوخ الإيطالي: “حتى الصبر السويسري سئم من توسع الهجرة والإسلام”. وأضاف هذا السيناتور: “في إيطاليا أيضا، ينبغي علينا الاستمرار في انتهاج سياسة صارمة، ولدينا الحق تماما في ذلك”.

نفس اللهجة اعتمدها وزير التسهيل الإداري، روبيرتو كارديرولي، عضو الحزب الشعبوي والمعادي للأجانب “رابطة الشمال”، بحيث قال: “وصلتنا من سويسرا إشارة واضحة: نعم لأبراج الكنائس، ولا للمآذن”.

أما زميله في الحزب روبيرتو كاستيلي، النائب في مجلس الشيوخ ونائب وزير البنى التحتية، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بحيث طالب بأن يُضاف الصليب إلى العلم الإيطالي.

وفي هولندا، قال نائب اليمين المتطرف غيرت فيلدرس، بأن تصويت الشعب السويسري ضد بناء المآذن “يظهر مرة أخرى أن الحكومات لا تريد أن ترى ما يشعر به الناس”، ووعد بمطالبة حكومة هولندا بتنظيم استفتاء مماثل.

وقد أعرب أقصى اليمين النمساوي أيضا عن ارتياحه لنتيجة التصويت ضد المآذن بحيث أشاد زعيم حزب الحرية، هاينس-كريستيان ستراشي ما وصفه بـ “الإشارة الواضحة ضد الإسلام الراديكالي”.

المزيد

المزيد

الحقوق الشعبية

تم نشر هذا المحتوى على المبادرة الشعبية تتيح للمواطنين إمكانية المطالبة بعرض مقترح تحوير للدستور الفدرالي على التصويت. على العكس من ذلك، يُـمكّـن الاستفتاء، الشعب من التعبير عن رأيه بخصوص القرارات التي يتّـخذها البرلمان. يُـمكن إخضاع المسائل التالية للاستفتاء الإجباري: التحويرات على الدستور الفدرالي، الانضمام إلى منظمات أمن جماعي أو إلى مجموعات إقليمية، القوانين الفدرالية الموصوفة بالمستعجَـلة التي تفتقِـر إلى…

طالع المزيدالحقوق الشعبية

مارك – أندري ميزري – swissinfo.ch (بالتعاون مع إصلاح بخات)

57,5% من الناخبين السويسريون وافقوا على المبادرة الداعية إلى حظر بناء مآذن جديدة في سويسرا من خلال تعديل المادة 72 من الدستور السويسري التي تحكم العلاقات بين الدولة والديانات.

نسبة المشاركة في هذا التصويت كانت أعلى من المعتاد بحيث بلغت 53%.

نصف كانتون بازل المدينة هو الكانتون الوحيد في سويسرا الناطق بالألمانية الذي رفض المبادرة.

ثلاث كانتونات روماندية (ناطقة بالفرنسية) فقط رفضت المبادرة من أصل الكانتونات الـ 26 التي تتكون منها الكنفدرالية: جنيف (59,7%) وفو (53,1%) ونوشاتيل (50,8%).

وتصدر قائمة الكانتونات المعارضة لبناء المآذن أبنزل – إينرهودن بنسبة 71,5%، متبوعا بغلاروس (68,8%) وسانت غالن (65,9%).

فالي وجورا وفريبورغ كانت أيضا من الكانتونات التي أيدت المبادرة لكن بنسب أقل (على التوالي، 58% و51,2 و55,9%).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية