مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حقوق الإنسان في سويسرا تتعزز بمركز جديد.. لكنه تجريبي

يُرجح أن أوساط الدعارة في سويسرا لا تُفلت من ظاهرة الاتجار بالنساء Keystone

يــمُهد تدشين مركز الخبرة السويسري لحقوق الإنسان يوم الجمعة 6 مايو في برن الطريق إلى إنشاء مؤسسة وطنية مُستقلة لحقوق الإنسان. ويُعتــبر هذا المشروع التجريبــي الذي سيواصل عمله لمدة خمسة أعوام امتدادا لتطلعات البلاد منذ إنشاء الدولة الفدرالية عام 1848.

منذ عشرة أعوام ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تطالب بإنشاء مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان في سويسرا.

وتم تضمين هذا المطلب في عام 2008 في التوصيات الصادرة عن العديد من البلدان في الاستعراض الدوري الشامل الذي خُصّص لتقييم الوضع في سويسرا أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف. ثم تعزز المطلب بتقديم مبادرتين برلمانيتين سويسريتين تدعوان إلى إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان.

ويدير المركز الجديد فالتر كالين، الخبير في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، والذي يحظى في هذا المجال باعتراف على المستوى العالمي . swissinfo.ch حاورته لتسليط الضوء على مهام وأهداف المركز، من جملة أمور أخرى مرتبطة بوضع حقوق الإنسان في سويسرا.

swissinfo.ch: كيف تفسرون الموقف الحذر للحكومة السويسرية التي فضّلت خيار المشروع التجريبي؟

فالتر كالين: الإجابة عن هذا السؤال من صلاحية الحكومة الفدرالية. ما يمكنني قوله هو أنه لوحظ خلال المشاورات حول هذا الموضوع، أن سويسرا تتوفر بالفعل على آليات ذات خصائص مختلفة على المستوى الفدرالي، مثل لجنة مكافحة العنصرية، ولجان أخرى مثل تلك المكلفة بالهجرة أو المساواة بين النساء والرجال. وأعرب البعض الآخر عن اعتقاده بأن النظام القضائي السويسري يتيح مواجهة حالات الانتهاكات التي تحدث.

وتساءلت الكانتونات على وجه الخصوص إن كان من الضروري إنشاء هيئة إضافية. ولهذا السبب يتعين على مركزنا إثبات الفائدة من إنشائه.

وتتطلب إقامة مؤسسة مستقلة حقا، بالمعنى الوارد في مبادئ باريس (وفقا لمعيار الأمم المتحدة)، صدور قرار من البرلمان، مع اعتماد أساس قانوني. وهذا هدف يصعب تحقيقه بدون تقديم الدليل مُسبقا على الحاجة إلى مؤسسة من هذا القبيل.

هل لا يزال الهدف إنشاء مؤسسة مستقلة وقائمة بذاتها كما هو الحال في بلدان عديدة؟

فالتر كالين: بالضبط. سيتم تقييم (عمل المركز) في غضون أربعة أعوام، وبعد ذلك بسنة، ستتخذ الحكومة الفدرالية القرار بشأن الخطوات الموالية.

ما هي الثغرات التي سيسمح بسدها المركز الجديد؟

فالتر كالين: نفتقر في سويسرا إلى آلية بوسعها تقديــم دعم منهجي وعملي للسلطات على جميع المُستويات، وللمنظمات غير الحكومية أو الأوساط الاقتصادية التي تواجه تحديــات مرتبطة بحقوق الإنسان.

وسيتيح مركزنا، على سبيل المثال، تسهيل تنسيق عدد من الأنشطة التي تضطلع بها الكانتونات. ونحن نتعاون بالفعل مع مؤسسات جامعية في سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية) وسويسرا الناطقة بالألمانية.

وبشكل عام، سيدعم مركزنا رصد التوصيات المقدمة من طرف هيئات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان؛ وهي عملية لا تتم اليوم بطريقة منهجية.

لكن الــقواعد الموضوعة، مثل مبادئ مناهضة العنصرية، تتعرض لهجمات مُنتظمة. وهذا يحدث في مشهد سياسي محافظ على نحو متزايــد حيث غالبا ما يُنظر لحقوق الإنسان وكأنها نتيجة لتدخل أجنبي. كيف تعتزمون مواجهة هذا المناخ المتسم بعدم الثقة؟

فالتر كالين: الـعمل في ظل هذا المناخ ليس سهلا بالفعل. ويعتقد البعض أن حقوق الإنسان تُفرض من قِبل المجتمع الدولي. ونحرص على التذكير بأن دستورنا يضمن هذه الحقوق الأساسية، وأن جزءا كبيرا منها يوجد في دستور 1848.

وينبغي أن نكون فخورين بتقليد الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان المُكرس في تاريخ بلادنا. ولكن في عالمنا المُعولم، أصبحت حقوق الإنسان عالمية. ولا يمكن الانعزال عن هذا السياق وعن المناقشات الجارية في المنظمات الدولية بشأن هذه القضايا.

وقد صادقت سويسرا بحرية وبشكل سيادي على جميع الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان تقريبا؛ وهذا يعني الخضوع للفحوص الهادفة إلى التحقق من تطبيقها. وتساهم سويسرا في تعزيز حقوق الإنسان على الصعيد العالمي.

ولا يُمكن أن نكون مُرَوجين نشطين لحقوق الإنسان على الساحة الدولية – وهو أمر يحظى بتقدير العديد من البلدان –  وأن تدُل تصرفاتنا على المُستوى الداخلي، في الوقت نفسه، على أن حقوق الإنسان لا تُهمنا عندما يتوجب تطبيقها.

ومن مصلحة سويسرا تــَوفـُّرُ حماية جيدة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ويكفي في هذا الصدد التفكير في مسألة اللاجئين والهجرة.

ما هي أبرز المشاكل المطروحة في سويسرا في مجال احترام حقوق الإنسان؟

فالتر كالين: ستتناول إحدى أولى الدراسات التي سنبدؤها هذه المسألة بالتحديد. وللقيام بذلك، سننظر في التوصيات والانتقادات الصادرة من الهيئات الدولية، ثم سنبحث الوضع على أرض الواقع في سويسرا.

ومن التحديات المطروحة بالنسبة لسويسرا مواءمة احترام حقوق الإنسان مع المتطلبات العملية للسياسة المعتمدة على المستوى المحلي والوطني.

وتتعلق العديد من الانتقادات بعلاقتنا مع الأجانب، على سبيل المثال، سواء من حيث العنصرية أو التشريعات الخاصة باللجوء أو غيرها من القوانين في هذا المجال.

وتوجد مسألة حماية النساء أيضا ضمن عدد من المُلاحظات (عن الوضع في الكنفدرالية)، بحيث تعاني سويسرا بالفعل من مشكلة العنف المنزلي. ولئن كانت بعض الكانتونات تقوم بعمل جيد في هذا الإطار، فإن البعض الآخر يعاني من بعض أوجه القصور. ومع ذلك، فإن احترام حقوق الإنسان يشتمل على واجب توفير تلك الحماية.

وينطبق نفس الاستنتاج على الاتجار بالنساء الذي يعتبر شكلا جديدا من أشكال العبودية. ويُرجح أن أوساط الدعارة في سويسرا لا تُفلت منها. ولكن تنقصنا بيانات كافية وموثوقة في هذا الصدد. كما هو الحال بالنسبة للمعاملة السيئة من جانب الشرطة إزاء الأجانب.

ومن المشاكل التي نعاني منها في سويسرا الافتقار بالتحديد للإحصائيات في مجال حقوق الإنسان. فإما أنها غير موجودة، أو أنها تتعلق بكانتونات مُعينة فقط. وهذه المسألة من بين المواضيع التي سينكب عليها مركزنا.

هو شبكة مُكونة من طرف جامعات برن وفريبورغ ونوشاتيل وزيورخ، ومعهد كورت بوش الجامعي، ومركز التكوين في مجال حقوق الإنسان التابع للمدرسة البيداغوجية العليا لسويسرا الوسطى في لوتسرن وجمعية humanrights.ch.

يمارس المركز، بوصفه مشروعا تجريبيا حددت مدة نشاطه بخمسة أعوام، بتكليف من وزارتي الخارجية، والعدل والشرطة.

ترتكز أعماله على 6 محاور: الهجرة، والعدل والشرطة، وسياسة المساواة بين الجنسين، والسياسة المرتبطة بالأطفال والشباب،و القضايا المؤسساتية، وحقوق الإنسان والاقتصاد.

من مواليد عام 1951 في زيورخ.

درس في جامعات فريبورغ وبرن وهارفارد.

منذ 1985، يعمل أستاذا في القانون الدولي والدستوري في جامعة برن.

يُعترف به على الصعيد الدولي كـخبير في حقوق الإنسان.

عمل في الكويت بين عامي 1991 و1992 كمقرر خاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان في إطار غزو العراق للكويت.


من 2003 إلى 2008، كان أول سويسري يصبح عضوا في في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (التي تحولت إلى مجلس حقوق الإنسان)، وساهم بصورة حاسمة في وضع المجلس الجديد.

من 2004 إلى 2010، شغل منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بحقوق المرحلين داخلياً.

(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية