مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حق الجوار يفرض الحوار

انشأت غرين بيس برجا لمراقبة ما يحدث في مستودع الكيماويات والنفايات، واختارت على أن يكون في شكل "عين"، للدلالة على أنها تراقب الموقف عن كثب Keystone

لجأ الفرع السويسري لمنظمة "غرين بيس" إلى أسلوب جديد، أجبر شركة بازل للكيماويات على التحرك بشكل فعال، لمعالجة مقبرة النفايات الكيماوية في قرية بونفول بكانتون جورا.

وقد يكون هذا التحرك الجديد بداية نهج عملي وقانوني جديد تستخدمه المنظمات غير الحكومية بدلا من أسلوب التنديد والاحتجاج.

فشلت جميع الطرق المألوفة في دفع شركة كيماويات بازل إلى تحسين أساليب التخزين والتخلص من أكثر من مائة ألف طن من النفايات الكيماوية، في مستودع كبير على الحدود السويسرية الفرنسية في قرية بونفول التابعة لكانتون جورا شمال غرب سويسرا.

وقد لجأ الفرع السويسري لمنظمة السلام الأخضر “غرين بيس” إلى حيلة جديدة، إذ استأجر قطعة من الأرض على بعد 300 متر فقط من أكبر مستودع للنفايات الكيماوية في المنطقة، بهدف إستخدام حقه القانوني في إجبار الجار، على تطبيق القانون وإجراء إصلاحات شاملة على المستودع، لضمان سلامة البيئة.

ويقول ممثلو غرين بيس بأن وضعهم القانوني الحالي يتيح لهم فرصة كبيرة لمطالبة شركة كيماويات بازل بإتباع الخطوات اللازمة لإصلاح المستودع والتخلص التدريجي من النفايات، كجار متضرر من المخالفات البيئية الناجمة عن عدم إصلاح المستودع والتخلص من النفايات، وذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقدته غرين بيس على عين المكان يوم الأربعاء 13 يوليو الجاري.

وتقول المنظمة “لن نسمح بمرور أية صفقات ترتبط بأوضاع هذا المستودع دون أن يكون لنا فيها رأي، بحكم موقفنا الحالي كجيران، وبالتالي فلنا الحق في الإطلاع على كافة البيانات والتفاصيل”، وهو ما طالبت به المنظمة بالفعل من شركة كيماويات بازل.

وتعبيرا عن تواجدها القوي في المنطقة، أقامت غرين بيس برجا كبيرا للمراقبة على ارتفاع 8 أمتار على شكل عين، لتوضح لجميع الشركات أنها حاضرة على عين المكان، وأنها ترصد كل جديد في المستودع الضخم.

اضرار في سويسرا وفرنسا

وكانت شركة كيماويات بازل قد استخدمت هذا المستودع في الفترة ما بين عامي 1961 و 1976 كمخزن للنفايات والمعدات غير الصالحة للاستخدام، ويأوي حاليا 114 ألف طن منها، وتبلغ تكاليف الصيانة والتخلص منها حوالي 280 مليون فرنك.

ويقول ماتياس فوتريش من منظمة غرين بيس، إن الشركة تتنصل من التزاماتها لأنها لا تريد إنفاق هذا المبلغ، بينما يؤدي الإهمال الشديد في العناية بالمخزن إلى استمرار تلوث البيئة بشكل كامل، ويؤكد على أن المشروعات التي أعلنتها الشركة للصيانة والتخلص من تلك النفايات ليست كافية ولا ترقى إلى حجم المشكلة وخطورتها على البيئة في سويسرا والمنطقة الفرنسية المتاخمة لها،

كما يرى آلان فورنيير من حزب الخضر الفرنسي، بأن بقاء هذا المستودع على وضعه الراهن يسيء لسمعة الشركة السويسرية بشكل كبير، ويطالبها بأن تبدأ دون قيد أو شرط في إصلاحه مشيرا إلى المخاطر التي تهدد القرى الفرنسية المتاخمة للحدود.

عمليات الإصلاح ستستغرق وقتا طويلا

في المقابل، لا يتفق رولف بنتس رئيس مجلس إدارة “كيماويات بازل” مع الاتهامات التي ساقها حماة البيئة ضد شركته مؤكدا على عزمها البدء في أسرع وقت ممكن في إجراءات إصلاح المستودع، وأشار في بيان أصدرته الشركة بعد ساعات من مؤتمر غرين بيس الصحفي إلى أن الشركة تعي مسؤوليتها بما في ذلك التكاليف الناجمة عن الإصلاحات المطلوبة، إلا أنه شدد على أن الشركة لا تضمن أن تدفع أيضا نفقات إصلاح ما تسبب فيه آخرون، دون أن يعلن مزيدا من التوضيحات.

وكانت “غرين بيس” قد أشارت في عام 2000 إلى تلك المشكلة، واحتلت في حركة رمزية مساحة متاخمة للمستودع في الفترة ما بين 13 مايو و 7 يوليو من نفس العام، للتنويه إلى خطورة المشكلات البيئية الناجمة عن عدم تحرك الشركة المسؤولة وإهمالها في صيانة المستودع، بعد أن طالبت سلطات كانتون جورا في مطلع العام نفسه شركة كيماويات بازل بضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لإجراء إصلاح وترميم كامل له.

وكانت شركة كيماويات بازل قد أكدت بعد تلك التحركات مسؤوليتها عن إصلاح وترميم المستودع، ووضعت في نهاية عام 2003 برنامجا متكاملا لما ستقوم به في هذا الصدد، إلا أن كانتون جورا وخبراء جمعيات حماية البيئة انتقدوا برنامج الشركة، وطالبوا ببعض التعديلات، مما جعل الشركة تهدد بأنها لن تتحمل جميع التكاليف التي أعلنت عنها سابقا.

قوة القانون تساند حماة البيئة

ومع الاتهامات المتبادلة بين الطرفين لجأ كانتون جورا إلى تجميد صلاحية استخدام المستودع، حتى تفي شركة كيماويات بازل بالتزاماتها، بيد أن تحرك غرين بيس بصورة قانونية سليمة، حرك جميع الأطراف للجلوس والتفاوض.

فقد اتفقت الشركة مع خبراء البيئة في الكانتون على أن يتم البدء في الإصلاحات اعتبارا من مطلع عام 2006 على أن تكون البداية من البنية التحتية، ثم يستمر المشروع تدريجيا، حيث من المحتمل أن يتواصل حتى عامي 2012 و 2013.

هذه الخطوة الجديدة في مجال عمل “غرين بيس”، قد تعطي الضوء الأخضر للعديد من المؤسسات الأخرى لاستخدام القانون بشكل عملي لحماية البيئة، لكنها تبقى على أية حال بداية نحو أسلوب جديد في عمل منظمات حماية البيئة، ولعلها تنتقل إلى مجالات أخرى، لتبدأ المنظمات غير الحكومية في انتهاج أسلوب جديد يعتمد على إجبار الخصم على التحرك … بقوة القانون.

سويس انفو

استخدمت شركة كيماويات بازل قرية بونفول في الفترة ما بين عامي 1961 و 1976 لتخزين مخلفاتها الكيماوية والصناعية.
يصل حجم الكيماويات والمعدات المودعة فيها حوالي 114 ألف طن.
تبلغ تكلفة إصلاح المستودع والتخلص من النفايات 280 مليون فرنك.

تمثل شركة كيماويات بازل اهتمامات كبريات المؤسسات السويسرية العاملة في صناعة الأدوية والمستحضرات الكيماوية، وتأسست عام 1962.
بدأت مشكلات مستودع بونفول في الظهور عام 1981 بعد أن تسببت النفايات في انخفاض منسوب المياه في تربة المنطقة.
تعهدت الشركة حاليا ببداية العمل في إصلاح المستودع اعتبارا من بداية عام 2006 ومن المتوقع ان يتواصل حتى 2012/2013.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية