مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“غالبية العقوبات الأممية صدرت ضد دول عربية مراعاةً لمصالح أمريكا”

اجتماع أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنيويورك للتصويت على حزمة رابعة من العقوبات ضد كوريا الشمالية يوم 7 مارس 2013 Keystone

أوضح الدكتور علاء عبد الحفيظ، أن غالبية القرارات الأممية، التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، على هيئة عقوبات دولية، كانت ضد دول عربية، أبرزها العراق والسودان وليبيا وأخيرا سوريا.

وأشار الخبير السياسي والأكاديمي إلى أن الهيئتين الأمميتين لم تصدر عنهما أي عقوبات ضد الدول الغربية، كما أنها لم تنفِّذ أية قرارات صدرت ضد إسرائيل منذ فترة طويلة.

وقال عبد الحفيظ، أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط، في حديث خاص لـ swissinfo.ch: “إن علاقة إسرائيل القوية بالولايات المتحدة وعداءها لكوريا الشمالية، تؤثران على نمط التصويت الأمريكي في الأمم المتحدة لصالحها”، موضحا أنه لكي تتعافى الدول العربية مما لحق بها جرّاء هذه القرارات الأممية، فإن عليها اتخاذ مواقف موحَّدة، وتجنّب الوقوع في الأخطاء والعمل معا للضّغط على الولايات المتحدة والدول الكُبرى لتمرير مصالحها في الأمم المتحدة”. وفي ما يلي المزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي.

swissinfo.ch: ما هي بنظرك أبرز القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة على بعض الدول العربية كعقوبات دولية؟ وما هي أكثر الدول العربية التي تضرّرت من هذه العقوبات؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: كان أبرز العقوبات التي صدرت ضد البلدان العربية تلك التي فُرِضت على العراق في أعقاب غزْوِها للكويت واستمرت لفترة طويلة، وتضرر منها الاقتصاد العراقي كثيرا، وأيضا العقوبات التي فُرِضت على ليبيا في فترة الثمانينيات والتسعينيات، ردّا على قمْع النظام الليبي السابق للمعارضة، إضافة إلى العقوبات التي صدرت ضد السودان.

المزيد

المزيد

هل يؤدي تطبيق العقوبات إلى تحقيق السلام؟

تم نشر هذا المحتوى على في مقابل ذلك، تنعكس العقوبات والحصار سلبيا على السكان الأبرياء. فهل تعتقد أن تطبيق هذه الإجراءات يمثل الحل الأمثل وهل ترى إيجابيات أو سلبيات في هذا التمشي؟ وإذا كنت تعتقد بعدم نجاعة هذا الأسلوب، فما هي الآليات التي تقترحها بديلا عنها؟

طالع المزيدهل يؤدي تطبيق العقوبات إلى تحقيق السلام؟

ماذا كانت برأيك حصيلة أو نتيجة تلك العقوبات التي فرضت من الأمم المتحدة على العراق؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: صدر قرار الأمم المتحدة رقم (661) في السادس من أغسطس عام 1990، ردّا على الغزْو العراقي للكويت، حيث فرض على العراق عقوبات اقتصادية خانقة، للضغط على الرئيس الراحل صدّام حسين، لإجباره على الانسحاب من الكويت. وقد تلا هذا القرار عشر قرارات مُتتالية، تحذِّره من عواقب بقائه بالكويت وتحدّيه للمجتمع الدولي.

وقد عانى العراقيون من هذه العقوبات أشدّ المعاناة، حيث حُرِموا من الغذاء والدّواء، مما أدّى إلى وفاة مليون ونصف المليون طفل، حسب تقديرات الأمم المتحدة، نتيجة الجوع ونقْص الدّواء الحاد، وافتقادهم إلى أبسط وسائل الحياة، وهو ما دفع الكثير من العراقيين للهِجرة إلى دول الجوار والمهجر.

وقد انتهى هذا الحصار عملياً بسقوط نظام حزب البعث في عام 2003، بعدما استمر حوالي 13 عاما، عانى فيها العراق من العُزلة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية من معظم دول العالم، ليُصبح بعدها من أكثر دول المنطقة تأخّراً، خاصة بعد السنوات التي تلت حرب الخليج الثانية، والتي كانت السبب في تدمير بنيته التحتية من مصانع ومصافٍ ومحطّات توليد الطاقة والمياه.

ما هي الآثار التي تركها برنامج النفط مقابل الغذاء على العراق؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: برنامج النفط مقابل الغذاء، هو برنامج الأمم المتحدة الصادر بموجب قرار مجلس الأمن رقم (986) الصادر في عام 1995؛ والمسمّى بـ “برنامج النفط مقابل الغذاء” (Oil for Food Program)، وهو برنامج يسمح للعراق بتصدير جزء محدّد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.

وحتى عام 2000، وافقت لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب القرار 661 على عقود زادت قيمتها الإجمالية على 18.5 مليار دولار؛ بينما وافق مكتب برنامج العراق على عقد آخر، قيمته خمس مليارات دولار، من طريق الإجراءات المعجلة أو المسار السريع. وسلمت إلى العراق لوازم ومُعدّات، تُناهز قيمتها 13 مليار دولار.

في عام 1950، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار الاتحاد من أجل السلم، وذلك نتيجة لعجز مجلس الأمن عن الاستمرار في عمليات كوريا، بسبب استخدام المندوب السوفياتي لحق الاعتراض، وإشتراك الصين الشعبية في العمليات الحربية، فكان هذا القرار الذي يفيد تنفيذ القرار رغم معارضة دولة دائمة العضوية كالاتحاد السوفياتي، حيث خول للجمعية العامة الحق في استخدام القوة عند وقوع العدوان، وذلك في حالة فشل مجلس الأمن في إصدار القرارات اللازمة.

وفي عام 1964، وفي أعقاب الأحداث الدامية في جزيرة قبرص، أصدر مجلس الأمن قراراً بإنشاء “قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص” وقد ساهمت العديد من الدول فيها بتقديم وحدات عسكرية لتلك القوة.

وفي عام 1965، أصدر مجلس الأمن قرارا بفرض عقوبات على روديسيا الجنوبية، وذلك بعد إعلان استقلال تلك الدولة العنصرية، شملت عدم الاعتراف بها، وقطع كل أنواع العلاقات معها، وفرض حظر على الأسلحة والمعدّات الحربية، ثم تلا ذلك قراراً آخر عام 1966 خوّل لبريطانيا الحق في استخدام القوة كلما كان ذلك ضروريا، لوقف السفن التي يُعتقد أنها تخرق الحظر المفروض على تلك الدولة.

وفي عام 1977، صدرت قرارات مماثلة ضد دولة جنوب إفريقيا، وذلك إبّان الحكم العنصري، وكانت غالبيتها متعلقة بفرض عقوبات اقتصادية، وإن لم تلتزم بهذه العقوبات كل من بريطانيا والبرتغال، وقد أدت هذه العقوبات في نهاية المطاف إلى إنهاء ذلك النظام العنصري.

ما أبرز القرارات الأممية التي صدرت ضد ليبيا سواء بسبب حادثة لوكربي أو إبّان ثورة 17 فبراير؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: في 21 يناير 1992، أصدر مجلس الأمن القرار رقم (731) والذي عبر خلاله عن انزعاجه من جميع أشكال الإرهاب الدولي، واستيائه لعدم استجابة الحكومة الليبية بصورة فعّالة لتحديد المسؤولية عن الأعمال الإرهابية التي وقعت يوم الأربعاء 21 ديسمبر 1988، حيث انفجرت الطائرة البوينغ 747 التابعة لشركة بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي، الواقعة في مدينة دمفريز وغالواي الاسكتلندية، غربي إنجلترا. وقد نجم عن الحادث مقتل 259 شخصاً هم جميع مَن كان على متْن الطائرة و11 شخصاً من سكان القرية حيث وقعت.

وبعد سنوات من التحقيق تنقّـلت الاتهامات، شرقاً وغرباً وِفق مصالح الطَّـرف القوي الولايات المتحدة، توصّلت الاستنتاجات والتحقيقات إلى ليبيا. وحُكِـمَ على المقرحي في 31 يناير 2001 بالسجن المؤبد، إثر إدانته بالتورّط. وخرج بعفوٍ صحي بعدما قضّى عدّة سنوات في السجن، وبعد مفاوضات تمّ التوصل إلى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات لأُسَـر الضحايا، وهو ما تمّ بالفعل.

وفي يوم الخميس 17 مارس 2011، صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1973) بحق ليبيا ، كجزء من ردّ الفعل الدولي على ثورة 17 فبراير، وبمُقتضاه فُـرضت عدّة عقوبات على حكومة القذافي، أهمُّها فرض حظر جوّي فوق ليبيا وتنظيم هجمات مُسلّحة ضد قوات القذافي الجوية، لإعاقة حركتها ومنعها من التحليق في الأجواء الليبية. وقد شاركت في تطبيق القرار عدّة دول غربية، أبرزها: فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فيما تحفّظت عليه عدة دول أخرى، أهمّها روسيا وألمانيا.

swissinfo.ch

وماذا عن القرارات التي صدرت ضد دولة السودان؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: تمثلت بدايات القرارات الدولية ضد السودان في القرار رقم (1044) الصادر عن مجلس الأمن، والذي نظام الخرطوم 60 يوماً لتسليم ثلاثة مطلوبين مصريين متّهمين بمحاولة اغتيال الرئيس المصري السابق (محمد حسني مبارك) في أديس أبابا، وقد صدر هذا القرار بناءً على شكوى مقدَّمة من قِبل أثيوبيا إلى مجلس الأمن، متَّهمة السودان بإيواء المطلوبين الثلاثة.

وعلى إثر تقرير قدَّمه الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، أوضح فيه بأن حكومة السودان لم تلتزم بتنفيذ القرار المذكور، وبناءً عليه اعتبر مجلس الأمن أن عدم امتِثال السودان للقرار 1044 يُعدّ تهديداً للسِّلم والأمن الدولييْن، فأصدر المجلس قراره رقم (1054)، والذي فرضت بموجبه عقوبات مخفّفة على السودان طالت الجانب الدبلوماسي.

وفي عام 1996، ونظراً لأن حكومة السودان لم تقُم بتسليم المتّهمين الثلاثة إلى أثيوبيا، كما طلب منها ذلك مجلس الأمن ومنظمة الوِحدة الإفريقية، أصدر مجلس الأمن قراره رقم (1070)، حيث تمّ تشديد العقوبات المفروضة على السودان، وذلك بفرض حظْر على الرّحلات الخارجية للطيران الوطني.

برأيك.. كيف تعاطى مجلس الأمن مع أزمتيْ الصومال ودارفور؟

الدكتور علاء عبد الحفيظ: اتسم تعاطي مجلس الأمن مع القضيتيْن المذكورتيْن بازدواجِية غريبة. ففي الأولى لا يزال الجرْح ينزف منذ سقوط نظام سياد بري دون تحرّك جدّي لإنهائه، بينما في أزمة دارفور، وعلى الرغم من حداثة الأزمة نِسبياً ومحدودية نتائجها السلبية على السلم والإستقرار، ووجود مبادرات حكومية لمعالجة الوضع، لم تنل الوقت الكافي لتؤتي ثمارها، إلا أن المجتمع الدولي تعامل معها بطريقة تبعث على الشكّ حول مِصداقية هذا التحرّك ودوافعه الإنسانية.

لقد وصل الامر إلى ذهاب بعض الكتّاب الغربيين إلى حدّ القول بأن ما يجري في دارفور ما هو إلا حرب حول النفط، فالغرب يبحث عن بديل يمدّه بالنفط والطاقة، خاصة بعد فشل المشروع الأمريكي في العراق، وخاصة فيما لو ضُربت إيران، لاسيَّما وأن هناك دافعا آخر يبدو بارزا، وهو أن امتياز استخراج النفط في جنوب دارفور تتمتَّع به الشركة القومية الصينية للبترول، باعتبار أن الصين هي أكبر المُستثمرين في النفط السوداني.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية