مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خطاب أوباما في القاهرة بين “سراب” و”خيبة أمل” و”صدمة”

الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال إلقائه خطابه بالقاعة الكبرى بجامعة القاهرة في 4 يونيو 2009

بعد هدوء "الزوبعة الإعلامية" التي أثارها خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة، أوضح خُـبراء ومحلِّـلون مصريون من تيارات وتوجهات متباينة لسويس انفو أنهم أصيبوا بخيبة أمل عريضة بل اكتشفوا سرابًا كبيرًا، بدّد الحلم الذي تغنّـى به كثيرون علّـقوا آمالا عريضة على الخطاب الذي توجه به يوم 4 يونيو 2009 من القاهرة إلى العالم الإسلامي.

وفيما اعتبر البعض أن كلامه “داعَـب عاطفة الشرق وجامَـل وِجدانهم”، و”دغدغ مشاعِـر” المصريين عمومًا، والمسلمين على وجه الخصوص، و”لعب على وتَـر المشاعر”، ذهب آخرون إلى أنه لم يزد عن مجرد “خطاب بروتوكولي مُـجامل للجميع” وذهب البعض إلى أنه “لم يحمل جديدًا” بالمرة.

وأشار الخبراء من بينهم أقباط وليبراليون وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وناشطون حقوقيون، في تصريحات خاصة لسويس إنفو إلى أن “المصالح الإقليمية بالنِّـسبة للأمريكان أهمّ بكثير لدى أوباما من ملف حقوق الإنسان في العالم العربي”، وغلى أن “حالة العجز القائمة في المجتمع المصري، هي التي جعلت البعض يحلُـم بأن التغيير سيأتي بقرار من الولايات المتحدة”، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن “ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي، هو أحد أهم الأسلحة الأمريكية أو الفزّاعات التي تستخدمها في الضغط على النُّـظم العربية لتحقيق مصالحها في المنطقة”.

الأقباط: الخطاب “دغْـدغة” مشاعِـر!

في البداية، اعتبر الدكتور الأنبا يوحنا قلته، نائب البطريرك الكاثوليكي في مصر والأستاذ بالجامعة الأمريكية وأكاديمية الفنون سابقًا، أن “خطاب أوباما يدلّ على أن لديه حُـسن نية، لكن تنقصه الخِـبرة السياسية”، مشيرا إلى أن “الخطاب يمِـيل إلى مُـداعبة عاطفة الشرق ومجاملة وِجدانه، لكنه لم ينفُـذ إلى عمق القضايا الحقيقية ولم يقدِّم حلولا واقعية ولا أطرا واضحة أو معالم محدّدة، يمكن الارتكاز عليها”.

وقال الأنبا يوحنا قلته، نائب البطريرك الكاثوليكي بمصر في تصريح خاص لسويس إنفو: “الخطاب كان عِـبارة عن مُـصالحة وجدانية مع العالم العربي والإسلامي، ويمكن وصفه بأنه عبارة عن “دغدغة مشاعِـر” للمصريين عمومًا وللمسلمين على وجه الخصوص”، موضِّـحًا أن الرئيس الأمريكي “استخدَم فيه العَـصا السِّـحرية للَّـعب على وتَـر المشاعر، مستغلاّ خلفيته الإسلامية والشرقية”.

وأضاف قلته: “إن كان أوباما قد عرف كيف يُـخاطب الشعوب العربية ويستميل قلوبها، فإن حلّ القضايا العالقة يتوقّـف على قدرته على إمضاء رأيه، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات مثل: هل يستطيع أوباما الضّغط على إسرائيل؟ هل يستطيع أوباما الضغط على الدول العربية والحركات والأحزاب الإسلامية “غير المعتدلة” مثل: إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية حماس؟!!” كيف سيتعامل مع هذه الملفات الشائكة؟!”، معتبرًا أن “خطاب أوباما عاطفي إيجابي، لكنه على المستوى السياسي، لا يحمل جديدًا”.

و”نحن كأقباط مصر، ليس لنا قضية قبطية خاصة، وإنما هي قضية مصرية عامة، ولن يحل قضيتنا إلا إخواننا المصريون. فمشاكلنا في مصر هي مشاكل مواطنين يريدون استكمال حقوقهم الناقصة بالطرق القانونية، وأعتقد أنه بدون إجراء حوار إسلامي قبطي – مصري، لن نحصل على حقوقنا، ولهذا، فنحن نعوِّل كثيرًا على العُـقلاء والمفكِّـرين والأحرار من إخواننا المصريين، هؤلاء هُـم من ننتظرهم”، مؤكِّـدا “نحن لم ننتظر من أوباما أن يذكُـر الأقباط في خطابه”.

وردّا على سؤال حول أقباط المَـهجر وحملتهم الشديدة بأمريكا للضّـغط على النظام المصري، قال الأنبا يوحَـنا قلته: “أقباط المَـهجر لا يعيشون الواقع المصري الذي نَـحياه، وقضايا أقباط مصر هي قضايا فُـقراء مصر، ونحن نعيش في وطن واحد ونعتقد أن المسلم المصري أقرب إلينا من القبطي في المهجر، لأن المسلمين في مصر من أرْوع الشعوب الإسلامية تسامُـحا واعتدالا، أما أمريكا، فهي مهتمّـة بمصالحها بالدرجة الأولى”، مشيرا إلى أن “أهَـم طلبات الأقباط المصريين هي: بناء الكنائس ودور العبادة والحصول على الوظائف والتمثيل البرلماني المناسب والوظائف القيادية”.

الإخوان: أجوف.. بلا اعتذار أو ردّ حق!

متّـفقا مع الحقوقيين، يقبل القيادي الإخواني الدكتور محمد جمال حشمت، النائب السابق في البرلمان المصري، “خطاب أوباما من جهة كونه صفحة جديدة للتفاهمات وتحسين العلاقة بين المسلمين والولايات المتحدة”، فيما يرفضه من غير هذا الوجه ويسجل عليه العديد من الملاحظات من قبيل أنه “لم يحمل جديدًا”، “ركّـز فقط على حق اليهود في الوجود”، مطالبا حكّـام مصر والعالم العربي بأن يكونوا “هُـم أصحاب قرار التغيير، وأن لا ينتظروا قرارا من أوباما ليصطلحوا مع شعوبهم”.

وقال الدكتور جمال حشمت، في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “على مستوى ردّ الحقوق والإعتراف بالأخطاء، فالخطاب لم يرُدّ حقّـا لصاحبه ولم يعترف بخطإ ارتكبته الإدارات الأمريكية السابقة، وعندما تحدّث عن ردّ الحقوق، تحدّث فقط عمّـا أسماه حق اليهود بعد المحرقة وحقهم في الحياة الآمنة بعد أكثر من 60 عامًا، فيما لم يُـشر إلى قضية المجازر والمذابح التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، وكان من الإنصاف أن يُـلقي كلمة حانية لأصحاب مجزرة غزّة، الذين لا تزال دِماؤهم تسيل..”، معتبرا أنه أيضًا “لم يدعَـم حق العرب، ولم يتكلّـم عن القضية الفلسطينية، إلا في سياق الحديث عمّـا اعتبره تهديدا لأمن إسرائيل”.

وأضاف حشمت أن “حالة العجز القائمة في المجتمع المصري، هي التي جعلت البعض يحلم بأن التغيير سيأتي بقرار من الولايات المتحدة، لكننا نحن – أي جماعة الإخوان المسلمين – لا نعوِّل على الولايات المتحدة من قريب أو بعيد، لأنها لو أرادت هي أو المجتمع الدولي تغيير النظم العربية، لامتنعت عن استقبالهم ودعمهم، لكن يبدو أن هناك أكثر من مكيال، وعليه، فلن تكون هناك أية ضغوط تُـمارَس لصالح ملفَّـي الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل على العكس هناك دعم كامل لها”، معتبرًا أن “ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي، هو أحد أهم الأسلحة الأمريكية أو الفزّاعات التي تستخدمها في الضغط على النّـظم العربية، لتحقيق مصالحها في المنطقة”.

وحول ما ردّدته بعض الصّحف الأمريكية من أن خطاب أوباما دليل على أنه مسلم، قال حشمت: “رغم عدم قناعتي بما يتردّد عن كون أوباما مسلم، وهو ما نفاه هو بنفسه مِـرارًا، وخاصة في خطابه الأخير بجامعة القاهرة، فإنني أعتقد أن هذا لن يُـغيِّـر شيئا، والتاريخ يؤكّـد ذلك. فالقائد الفرنسي نابليون بونابرت ادّعى أنه مسلم وقيل أنه أشهَـر إسلامه ودخل الجامع الأزهر، وهو نوع من الابتِـزاز لتحقيق مزيد من المصالح”، حسب قوله.

واختتم القيادي الإخواني رأيه بالتأكيد على أن “خطاب أوباما أجوف لا اعتذار فيه ولا ردّ حقوق، كما أنه جاء أملسا في كلِـماته، ناعمًا في أسلوبه، لكنه لن يغيِّـر شيئا على أرض الواقع”، معتبرًا أنه “لا يصلح للشعوب العربية والإسلامية، وكان الأولى أن يلقيه على مسامِـع الشعب الأمريكي ليُعرِّفه بالإسلام وحضارته وتاريخه وأمجاده، علّـه يغيِّـر الصورة السيِّـئة التي تحفظها ذاكرته عن الإسلام والمسلمين”..

حقوقيون: بأيدينا لا بأيدي أوباما!

ومن جهته، يرى الناشط الحقوقي المصري أمير سالم المحامي بالنقض ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتنمية أن “ملف حقوق الإنسان في مصر يُـواجه إشكالية كبيرة ويشهد تراجعًا شديدًا من قِـبل الحقوقيين والحكوميين على حدٍّ سواء. فالحقوقيون غارقون في البحث عن التمويلات، والحكوميون يعطُـون ظهورهم للملفّ تمامًا غير عابئين به”، مشيرا إلى أن “هناك جيل من العاملين والمهتمِّـين بملف حقوق الإنسان في مصر اليوم، يراها مهنة مُـربحة ومصدرًا للشُّـهرة والارتزاق”.

ويقول أمير سالم، في تصريحات خاصة لسويس إنفو: “أعترف بأن العمل في هذا المجال يحتاج للتمويل ليستمر، غير أنه ملف شائك، يحتاج لمتطوّعين مخلصين ومناضلين مؤمنين بأهمية وضرورة النِّـضال من أجل استعادة حقوق الإنسان. فالمال وسيلة، وليس غاية، وعلى المنظمات العاملة في هذا المجال أن تراجع نفسها وأن تكون ممّـن يحلُـم ويعمل لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تؤمن بالعقل والعِـلم وتسعى لبناء مجتمع قويّ قادر على الصّمود والتحدّي، بدلا من مجتمعات “للخلف در”، و”محلك سِـر” التي لن تتقدّم للأمام خطوة، ولو كان أوباما نبيًا مرسلا!”..

وحول خطاب أوباما، أوضح سالم أنه “خطاب لطيف وودّي وإنساني، مملوء بالتعميمات، أما موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد شهد خفوتا في الصّوت ومجاملة واضحة منه لحكّـام مصر والعالم العربي والإسلامي”، معتبرًا أن “المصالح الإقليمية بالنسبة للأمريكان، وخاصة مناقشة ملف الدول التي تصفها واشنطن بالمناوئة أو دول عدم الاعتدال، وهي سوريا وإيران إضافة إلى حزب الله اللبناني، أهم بكثير لدى أوباما من ملف حقوق الإنسان في العالم العربي، وإن كُـنت أعتقد أن أوباما سيكون مفيدا للولايات المتحدة وللشعب الأمريكي”.

وقال: “أنا راضٍ عن الخطاب في إطار بروتوكولي مجامِـل للجميع، شعوبًا وحكومات، لكن في ملف حقوق الإنسان، فلا أرى هناك أي جديد. فالخطاب فيه ذكاء شديد، لكن من حيث الاقتراحات العملية والإجرائية لا شيء! وما يهمّـنا في نهاية الأمر، هي النتائج العملية التي تتحقّـق على الأرض”، موضحًا “لم أكن أنتظر من أوباما ولا من أي رئيس أمريكي أن يُحدث أي تقدّم في ملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر أو العالم العربي، فقد آن الأوان لكي تنضج شعوبنا لتأخذ حقوقها بأيديها، دون أن تنتظر “بابا نويل” أو الشيخ أوباما!”.

واختتم أمير سالم بقوله: “أعتقد أن أوباما قد أحدث انتصارا للمُلوّنين في الولايات المتحدة، لكنني في الوقت ذاته، لا أعتقد أنه سيقدم شيئا للشرق الأوسط، وخاصة في ملف حقوق الإنسان، ولذا، فإنني ضدّ المصرِّين (حقوقيين أو معارضين سياسيين)، المتعلقين بانتظار المخلِـص الأمريكي، لأنني أؤمن بالمَـثل العربي القائل “ما حكّ جلدك مثلُ ظفرك”، ولأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، هي قضايا محلية، لا يجب أن نعوِّل فيها على الخارج، خاصة إذا كان أمريكيا”..

الليبراليون: صدْمة لم تكُـن في الحُـسبان!

وأما الصّدمة الكُـبرى من خطاب أوباما، فقد تلقّـاها الليبراليون المصريّـون، وهو ما يلحظه من يُـطالع الرسائل الثلاث التي وجّـهها الخبير السياسي الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس حزب الجبهة المصري ورئيس تحرير فصلية “السياسة الدولية”، التي تصدرها مؤسسة الأهرام، إلى الرئيس أوباما قُـبيل زيارته التاريخية للقاهرة، والتي دوّنها في مقال نشرته صحيفة “المصري اليوم” (خاصة – مستقلة).

وكانت أولى رسائله ‏أن‏ “‏الولايات‏ ‏المتحدة‏، ‏وإنكم‏ ‏شخصيا‏، ‏لن‏ ‏تتراجعوا‏ ‏أبدا‏ ‏عن‏ ‏الدّعوة‏ ‏إلى‏ ‏نشر‏ ‏وترسيخ‏ ‏الحرية‏ ‏والديمقراطية‏ ‏في‏ ‏العالميْـن‏ ‏العربي‏ ‏والإسلامي‏، و‏إنني‏ ‏أوقِـن‏ تمامًا‏- ‏مثل‏ ‏كل‏ ‏الديمقراطيين‏ ‏المصريين‏ ‏والعرب ‏- ‏بأن‏ ‏النِّـضال‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديمقراطية‏ ‏والعمل‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏تحقيقها‏،‏ هو‏ ‏أولا‏ – ‏وقبل‏ ‏كل‏ ‏شيء – ‏مهمّـة‏ ‏النُّـخب‏ ‏والشعوب‏ ‏الحالمة‏ ‏بها‏ ‏والمتعطِّـشة‏ ‏إليها‏، ‏أي‏ ‏مهمّـتنا‏ ‏نحن‏ ‏وواجبنا‏ ‏نحن‏، لكنني‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏نفسه‏ ‏لا‏ ‏أشارك‏ ‏كثيرين‏ ‏في‏ ‏بلادي‏ ‏يعلنون‏ – ‏اعتقادا‏، ‏أو‏ ‏نفاقا‏- ‏أن‏ ‏الدّعم‏ ‏الأمريكي‏ ‏لقضايا‏ ‏الحرية‏ ‏الديمقراطية‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏، ‏هو‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏التدخل‏ ‏في‏ ‏الشؤون‏ ‏الداخلية‏، ‏بل‏ ‏إنني‏ ‏على‏ ‏العكس‏ ‏تمامًا‏ ‏أؤمن‏ ‏بأن‏ ‏ذلك‏ ‏أمر‏ ‏ضروري‏ ‏وحتمي‏، ‏بل‏ ‏هو‏ ‏واجب‏ ‏على‏ ‏الأمة‏ ‏الأمريكية‏ ‏إزاء‏ ‏بلادنا”‏.

وقال الغزالي في رسالته ‏الثانية‏: “‏نودّ‏ ‏أن لا‏ ‏يكون‏ ‏خطابكم‏ ‏من‏ ‏القاهرة‏ ‏إلى‏ ‏العالم‏ ‏الإسلامي‏ ‏خطابا‏ ‏بإسم‏ ‏أمريكا‏ ‏المسيحية‏ ‏ولا‏ ‏خطابا‏ ‏باسم‏ ‏أمريكا‏ ‏المجسّـدة‏ ‏للحضارة‏ ‏الغربية‏، ‏ولكننا‏ ‏نريده‏ ‏خطابًا‏ ‏باسم‏ ‏أمريكا‏ ‏الديمقراطية‏ ‏وأمريكا‏ ‏حقوق‏ ‏الإنسان،‏ ولا‏ ‏يكفى‏ ‏أن‏ ‏تقول‏ ‏إن‏ ‏أمريكا‏ ‏ليست‏ ‏لها‏ ‏مشكلة‏ ‏مع‏ ‏الإسلام‏، ‏بل‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تقول‏ ‏أيضا‏ ‏إن‏ ‏لها‏ ‏بالفعل‏ ‏مشكلة‏ ‏مع‏ ‏قِـوى‏ ‏التعصّب‏ ‏والاستبداد‏ ‏واللاديمقراطية‏ (‏والإرهاب‏ ‏طبعا‏) ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الإسلامي‏! ‏وإنها‏ ‏أيضا‏ ‏على‏ ‏استعداد‏ – مرة‏ ‏ثانية‏ – ‏للتّـكفير‏ ‏عن‏ ‏ذنوبها‏ ‏وتصحيح‏ ‏أخطائها‏”.‏

واختتم الغزالي رسالته ‏الثالثة بقوله‏: ‏”أن‏ ‏تعلنوا‏- ‏كرئيس‏ ‏للولايات‏ ‏المتحدة‏ – ‏من‏ ‏القاهرة‏، ‏التي‏ ‏بادرت‏ ‏وغامرت‏ ‏بالصّـلح‏ ‏والسلام‏ ‏مع‏ ‏إسرائيل‏ ‏منذ‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏ثلاثين‏ ‏عامًا‏، ‏أن‏ ‏الوقت‏ ‏قد‏ ‏حان‏ ‏للتوصّـل‏ ‏إلى‏ ‏تسوية‏ ‏نهائية‏ ‏وعادلة‏ ‏للصراع‏ ‏العربي‏ – ‏الإسرائيلي‏، ‏بعد‏ ‏طول‏ ‏انتظار‏ ‏وتسويف‏، ‏إنني‏ ‏أعلم – ‏كما‏ ‏تعلمون‏ – ‏أن‏ ‏الأوضاع‏ ‏في‏ ‏إسرائيل‏ ‏وفي‏ ‏فلسطين‏ ‏صعبة‏ ‏ومحبطة‏”.

غير أن الليبراليين صُـدموا وتبدّدت آمالهم بعد الخطاب، كما يقول المثقّـف المصري الدكتور محمد مورو: “آمال الليبراليين المصريين والعرب تبدّدت تماماً بعد خطاب أوباما، فقد استبان لهم أن الرِّهان على الخارج في قضية الديمقراطية خاسر، وأنه من الممكن للقِـوى الكبرى أن تبيع هؤلاء أو غيرهم في أول مُـنعطف. فأوباما الذي جاء ليُـلقي خطاباً من مصر، رغم وجود مزاعم حول الاستبداد والفساد، أشاد بالرئيس المصري حسني مبارك قبل مجيئه مباشرة قائلاً “إن الرئيس مبارك قوّة استقرار في المنطقة”، وأشاد بأسلوبه في التعامل مع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، برغم صعوبة هذا الأمر، وأن مبارك لم يلجأ إلى الغوغائية وحافظ على السلام مع إسرائيل”.

وفي مقال له بعنوان “تحليل مضمون خطاب أوباما”، قال د. مورو: “أنهى الرجل أوهام الليبراليين المصريين والعرب تماماً، حين اعتبر أنه لا يمكن فرض نظام حُـكم على شعب من الشعوب، وأنه ليس بصندوق الانتخابات فقط تتحدّد الحرية، وأن لكل مكان خصوصياته الثقافية والسياسية”، وهو رأي يؤيِّـده الكاتب الصحفي جمال سلطان، الذي ذهب إلى أن عددا من الليبراليين “صُـدِموا لاستشهاد أوباما بآيات من القرآن وثنائه على الحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والتسامح الإسلامي عبر التاريخ، بينما تجد أن خطاب بعض الليبراليين يحتوي ما لا يمكن تصوّره من ازدراء بالتاريخ الإسلامي ورموزه واستخفاف بحضارة الإسلام، ووصفها بأنها أكاذيب وحضارة دم وتخلّف وظلامية وعنف وضيق بالمخالف وقمع ودكتاتورية.. إلى آخر القائمة المحفوظة من الاتِّـهامات”.

همام سرحان – القاهرة – swissinfo.ch

قال اوباما في خطابه الرئيسي الذي قوطع مرارا بصيحات تردد “نحن نحبك” انه لا يريد إن تبقى القوات الأمريكية في العراق أو افغانستان إلى الأبد وعرض على طهران خصم بلاده القديم الاحترام المتبادل في التعامل معها.

وقال في الخطاب، الذي استشهد فيه بآيات من القرآن الكريم “إننا نلتقي في وقت يشوبه التوتر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، وهو توتر تمتد جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز أي نقاش سياسي راهن”.

وأضاف “لقد أتيت إلى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهي بداية مبنِـية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا تعارضان بعضهما البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما”. وأضاف أنه ينبغي أن تنتهي هذه الدائرة المُـفرغة من الشك والخلاف.

وأكد أوباما، الذي يرغب في بناء تحالف مع الحكومات الإسلامية يدعم جهوده لاستئناف محادثات السلام المتوقفة في الشرق الأوسط، التزامه بحل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال “إن هذا السبيل يخدم مصلحة إسرائيل ومصلحة فلسطين ومصلحة أمريكا، ولذلك سأسعى شخصيا للوصول إلى هذه النتيجة متحلِّـيا بالقدر اللاّزم من الصّبر الذي تقتضيه المهمة”. كما قال “يجب على الفلسطينيين أن يتخلّوا عن العنف، إن المقاومة عن طريق العنف والقتل، أسلوب خاطئ ولا يؤدّي إلى نجاح”.

وفيما يتعلق بالمستوطنات قال “إننا لا نقبل مشروعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية. إن عمليات البناء هذه تنتهِـك الاتفاقات السابقة وتقوّض من الجهود المبذولة لتحقيق السلام. لقد آن الأوان لكي تتوقف هذه المستوطنات”. وقال إن الوقت قد حان لكي نعمل بشأن ما يعرف كل شخص أنه شيء حقيقي، مضيفا أن واشنطن ستقول في العَـلن ما تقوله في السرّ، ودعا الآخرين إلى أن يحذوا حذوها.

وقال أوباما إن إيران لها حق الوصول إلى الطاقة النووية السلمية، إذا امتثلت لمسؤولياتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. وقال “الأمر يرتبط بمنع سباق للتسلح النووي قد يدفع بالمنطقة إلى طريق محفوف بالمخاطر”.

وأضاف أوباما، أن الولايات المتحدة لا ترغب في الاحتفاظ بقواعد عسكرية في أفغانستان، وقال إن واشنطن تتحمل المسؤولية في ترك العراق للعراقيين وبناء مستقبل أفضل لهم.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 يونيو 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية