مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دافوس 2006: بين “فرض الإبتكار” و”الإحتجاجات السلمية”

من العاصمة الفدرالية برن، انطلقت بعدُ أولى المظاهرات المناهضة للمنتدى الإقتصادي العالمي يوم 14 يناير 2006 swissinfo.ch

تجري الإستعدادت في سويسرا على قدم وساق لاستقبال دورة المنتدى الاقتصادي العالمي السنوية، الذي سينعقد في دافوس من 25 إلى 29 يناير الجاري.

وفيما يركز المنتدى هذا العام على الابتكار، يسلط الضوء على النمو الاقتصادي الهائل في آسيا وتبعاته، أما مناهضو العولمة فسيحاولون الإحتجاج هذا العام ولكن بشكل حضاري.

حركة دؤوب بين المقر الدائم للمنتدى الاقتصادي العالمي في جنيف في أقصى جنوب غرب سويسرا، ومنتجع دافوس في أقصى الشرق مقر اجتماعه السنوي وما بينهما من كبريات المدن السويسرية، قبل بدء فعاليته التي ستنطلق في الفترة ما بين 25 و29 يناير الجاري، ليتحول الحديث في الكنفدرالية من شرقها على غربها عن منتدى دافوس وضيوفه ومن به ومن يعارضونه.

فمن مقره في جنيف، أعلن المنتدى الاقتصادي العالمي أنه يرفع هذا العام شعار “فرض الابتكار”، حيث يعتقد أن المشكلات الدولية الملحة التي يمر بها العالم، لا يمكن حلها إلا من خلال تحسين قدرات إبداع المتميزين، وفرض روح البحث والابتكار لدى فئات مهنية وأكاديمية مختلفة.

لكن المنتدى سيركز في فعاليات دورته هذا العام على آسيا، وتحديدا على الهند والصين، لمحاولة استقراء التغيرات الجغرافية السياسية التي سيقود إليه هذا النمو الاقتصادي الكبير على الخريطة الدولية، فهناك مخاوف من تأثير هذا النمو على الموارد الطبيعية وأسعار الطاقة وتغيرات في معايير الربح والخسارة، وحركة رأس المال وانعكاسات ذلك كله على مستويات المعيشة والبيئة سواء في أوروبا أو في جنوب شرق آسيا.

أجندة سويسرية

أما دافوس فقد ودعت هدوء الشتاء لتستعد لاستقبال 2340 ضيفا من كبار رجال السياسة والاقتصاد من 89 بلد، من بينهم 15 رئيس دولة، و60 وزيرا و735 رئيسا لكبريات الشركات والمؤسسات المالية والاقتصادية في العالم، فمن بين الحاضرين المستشارة الألمانية الجديدة انغيلا ميركل، التي ستقوم بإلقاء كلمة افتتاح أعمال المنتدى، والرئيس الباكستاني برافيز مشرف، ووزير الخزانة البريطاني غوردون براون، إلى جانب شخصيات دولية بارزة مثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وبول ولفوفيتز رئيس البنك الدولي.

وسيشهد فعاليات المنتدى 4 من أعضاء مجلس الحكم الفدرالي؛ حيث سيفتتح الرئيس السويسري موريتس لوينبرغر أعمال المنتدى وسيعقد جلسة مفاوضات مع المستشارة الألمانية ميركل على هامش أعمال المنتدى، كما سيشارك وزير المالية هانز رودلف ميرتس، الذي لم يفصح مكتبه عن برنامج مقابلاته واهتماماته أثناء تواجده في المنتدى.

أما وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي، فستقوم بعقد لقاءات جانبية مع بعض الشخصيات الهامة التي تشارك في المنتدى، إلى جانب حضورها لفعالية تناقش دور المرأة في تولي المناصب القيادية الهامة.

في حين سيقوم وزير الاقتصاد جوزيف دايس بعقد لقاء غير رسمي مع وزراء تجارة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية الحاضرين لمحاولة مناقشة ما يمكن تقديمه مستقبليا في المفاوضات التي لا تنتهي بين الدول الأعضاء، وهي فرصة في الوقت نفسه لإعادة ترتيب الأوراق وتقييم المواقف بعيدا عن طاولة المباحثات الرسمية.

وليس من المستبعد أن يلتقي دايس مع المفوض التجاري الأمريكي روب بورتمان لمناقشة قرار الحكومة السويسرية بتعليق مفاوضات توقيع اتفاق التجارة الحرة بين برن وواشنطن، وتبعات هذه الخطوة على مستقبل التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

.. واجندة خفية ومنتدى مفتوح

وإذا كانت هذه هي الأجندة المعلنة لما سيحدث في أورقة المنتدى هذا العام، فإن ملفات أخرى سيتم فتحها بالتأكيد خلف الكواليس، مثل الملف النووي الإيراني وكيفية التعامل معه، والسلام في الشرق الأوسط لاسيما وأن فعاليات المنتدى تتوافق مع موعد الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، واحتمالات تطور الأوضاع في العراق وأفغانستان.

على صعيد آخر أعلن “المنتدى المفتوح” عن برنامجه اليومية أثناء الفعاليات السياسية، حيث سيركز على محاور تشكل بال الرأي العام والمواطن العادي، مثل أهمية العمالة الأجنبية الوافدة، التطبيق العملي لحقوق الإنسان على الواقع، والانعكاسات الحقيقية لمشكلة المياه في العالم، ومكانة المرأة في القيادات السياسية، وأهمية البحث العلمي في النمو الاقتصادي ومستقبل أوروبا في العالم بشكله الجديد، ولا يغيب بالطبع الحديث عن الأمن وانعكاساته.

وتشارك منظمات إنسانية سويسرية في تنشيط وإعداد هذه الفعاليات المتاحة للجمهور العادي، ويحرص منظموها على دعوة كبار الشخصيات المتواجدة في المنتدى الاقتصادي العالمي لسماع وجه نظر الجمهور والتعرف على مخاوفه، بينما يعتقد البعض أن الهدف الحقيقي من هذه الحوارات هو إظهار المنتدى بشكل قريب من مشكلات العامة، وأنه ليس مجرد ناد للأثرياء وصناع القرار.

مظاهرات بدون عنف

في المقابل يرى البعض أن المعارضة الحقيقية للمنتدى، تكمن في الفعاليات المختلفة التي تنظمها الجمعيات المناهضة للعولمة، فالطريق من زيورخ إلى دافوس لا يخلو طيلة أيام المنتدى من المسافرين الذين يشدون الرحال إلى هذا المنتجع للتعبير عن مشكلات وأوجاع العالم، في فعاليات تنتقد توجهات كبار الساسة وتشرح ما يرونه سلبيات مطلقة يجب التغلب عليها، بدلا من بحث كيفية جني المزيد من الأرباح.

ويعتزم معارضو دافوس هذا العام عدم استفزاز قوات الأمن والدخول معهم في اشتباكات تؤثر على صورتهم سلبيا وتمنع وصول رسالتهم إلى قطاع عريض من الرأي العام، إذ يخرجون كل مرة وكأنهم الفوضويون مثيرو الشغب، وبالتالي يفقدون كل تعاطف معهم.

فحزب الخضر سيتضامن مع النقابات العمالية والمهنية، لإقامة مظاهراتهم بعيدا عن اقصى اليسار والجماعات التي تميل إلى العنف، مع التركيز على توزيع المنشورات والمسيرات.

وقد بدأت المظاهرات المعارضة يوم 14 يناير الجاري بمظاهرة سلمية طافت وسط العاصمة برن، لتقف امام البرلمان ورفعت شعارات تحث الساسة وقادة العالم على النظر إلى المشكلات الإجتماعية قبل التفكير في جني الأرباح وفرض آرائهم عليها.

كما ستنطلق يوم السبت 20 يناير الجاري، مسيرات في 10 مدن سويسرية، من جنيف مرورا بالعاصمة برن ثم بازل ولوتسرن وسان غالن وصولا إلى خور أقرب مدينة إلى منتجع دافوس تعبيرا عن القلق من انتشار سلبيات العولمة حتى بين أكثر المجتمعات الأوروبية تقدما في مستوى المعيشة.

تامر أبوالعينين – سويس انفو

تنتظم أعمال المنتدى الإقتصادي العالمي في الفترة ما بين 25 و 29 يناير 2006
يشارك فيه 2340 ضيف من 86 دولة، من بينهم 16 رئيس حكومة و60 وزيرا و735 من كبار رجال الأعمال البارزين.
يقدم المنتدى المفتوح 8 حلقات لمناقشة القضايا التي تهم الرأي العام.

يتناول المنتدى الإقتصادي العالمي في دورة هذا العام تأثير النمو الإقتصادي المتصاعد في كل من الهند والصين على السياسة الدولية، مع بحث آليات فرض الإبتكار كحل وحيد لدفع عجلة النمو الإقتصادي في العالم، وبالتالي التخلص من مشكلاته المزمنة.

تعتزم المنظمات الحكومية المناهضة للعولمة تنسيق تظاهراتها بشكل سلمي والإعتماد على تقديم افكارها من خلال فعاليات ثقافية مختلفة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية