مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دروس مستفادة من مذبحة روانـدا

Keystone

قبل عشر سنوات اندلعت أعمال العنف بين قبائل الهوتو والتوتسي في رواندا، وأسفرت في حصيلتها عن مقتل نحو 800 آلف شخص في غضون مائة يوم فقط.

واليوم تقول سويسرا، التي تعرضت للانتقاد في تلك الفترة لأنها لم تنتبه للمؤشرات الدالة على قرب حدوث مذبحة إبادة جماعية، إنها تعلمت دروساً من تلك التجربة.

كان التوتر متأججاً بصورة واضحة في عام 1994 بين الأغلبية الهوتو من سكان رواندا والأقلية التوتسي.

وكانت الحكومة تحاول جاهدة لفترة من الزمن إيقاف زحف المتمردين التوتسي الساعين إلى الإطاحة بالحكومة الرواندية التي سيطر عليها أغلبية من الهوتو.

لكن الشرارة التي تسببت في اندلاع جحيم المذبحة تمثلت في مقتل رئيس الهوتو جوفينال هابياريمانا.

حملة من العنف…

بعد ساعات من إسقاط الطائرة التي كان يستقلها الرئيس هابياريمانا في 6 أبريل 1994، بدأت حملة من العنف تنتشر وتمتد من العاصمة كيجالي إلى كل أنحاء البلاد.

سويسرا، كغيرها من أعضاء المجتمع الدولي، أدانت المذبحة التي تلت تلك الأحداث. لكن الرئيس الرواندي بول كاجامي أتهم الأسرة الدولية هذا الأسبوع بالفشل في فعل أي شئ لإيقاف المذبحة.

هذه الاتهامات ليست جديدة. فقد أظهر تقرير مستقل تم إعداده بطلب من سويسرا، ويعود تاريخه إلى عام 1996، أن سويسرا كان بمقدورها فعل المزيد للمساعدة في منع انتشار العنف في رواندا.

وتوصل التقرير، الذي أعده المدير السابق للمكتب الفدرالي للعدالة جوزيف فويام، إلى خلاصة مفادها أنه كانت هناك من الدلائل والمؤشرات الكافية لقرع أجراس الإنذار.

وقد دعم هذا الرأي في حديث مع سويس إنفو مدير إدارة التعاون التنموي الثنائي أدريان شليبفر، الذي أقر بأن سويسرا ارتكبت أخطاء خلال تلك الفترة. حيث يقول “لعلنا، نحن مع الدول المانحة الأخرى التي كانت تعمل في رواندا في تلك الفترة، لعلنا لم نكن واعين بما فيه الكفاية بأن المذبحة على وشك الحدوث”.

مسار مختلف

يقدم السيد شليبفر تفسيرا لذلك التقصير بالقول إن هذا يعود إلى نوعية التعاون التنموي الذي قدمته سويسرا في تلك الفترة. ويقول “سويسرا، كما هو حال الدول المانحة الأخرى، كانت معنية بتطوير برامج تنموية تُّركزُ أساساً على الحلول التقنية للقضايا”.

لذلك، “كان هناك اهتمام قليل بـ”القضايا الأخرى” – السياسية والاقتصادية والاجتماعية – وهو حقاً الدرس الذي تعلمناه من هذه التجربة على وجه الخصوص”.

ويقول شليبفر إن برن عمدت بعد ذلك إلى إعداد إطار جديد للعمل التنموي السويسري. فقد أصبح من اللازم إجراء تقييم دوري ومراقبة المناخ السياسي في كل البلدان التي تعمل فيها سويسرا في مجال التنمية.

هذا ويجدر بالذكر أنه بعد حدوث مذبحة رواندا ركزت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون على مجال الدعم الإنساني فيها، للمساعدة في إعادة بناء دولة كانت ولا زالت تلتقط أنفاسها مما عايشته في عام 1994.

غير أن هذه السياسة اتخذت مساراً مختلفاً قبل ثلاث سنوات، عندما تحولت الوكالة إلى التركيز على مجال التعاون الثنائي الطويل المدى، وحصرت حالياً نطاق عملها في مشاريع الصحة والتنمية المحلية.

على نفس الصعيد، تدخل الوكالة حالياً بصورة منتظمة في “حوارٍ حول السياسات” مع الحكومة الرواندية، والذي يشمل نقاشاً مستمراً في المجالات المرتبطة بحقوق الإنسان.

وقد انتقدت برن، مع الاتحاد الأوروبي، الانتهاكات التي شابت أول انتخابات متعددة الأحزاب تشهدها البلاد في شهر أكتوبر الماضي، والذي فاز فيها الحزب الحاكم الجبهة الرواندية الوطنية بأغلبية مطلقة.

البحث عن العدالة…

خلال العقد الذي تلى أحداث رواندا المأساوية سعت كل من الأمم المتحدة وحكومة كيجالي إلى تقديم المسؤولين عن المذابح إلى العدالة.

وقد شكلت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب في رواندا – التي عملت فيها السويسرية كارلا ديل بونته كمدعية عامة إلى عام 2003 – بهدف محاكمة المتهمين بالتدبير والتخطيط لتلك المجازر.

لكن المحكمة، التي يقع مقرها في أروشا بتنزانيا، تعرضت إلى انتقادات عديدة لأنها لم تفلح إلا في إصدار 18 إدانة على مدى عشر سنوات كاملة.

وقد أجرت رواندا محاكمات جماعية، واعتمدت نظام المحاكم المحلية (في القرى) للإسراع بالعملية القضائية، ودربت القضاة المحليين، وطلبت من الجيران العمل كمحلفين غير رسميين في المرافعات الخاصة بالمشتبه بهم من الأفراد.

ويقول السيد شليبفر إن سويسرا تدرك أن رواندا لم تتجاوز بعد ماضيها القريب ويقول:”رواندا لازالت تعاني من آلام الظلم الذي وقع عليها في عام 1994، ونحن لا نستطيع التظاهر بأن بمقدورنا العمل فيها كما لو أن شيئا لم يحدث”.

من هذا المنطلق، يردف السيد شليبفر “نحن في حاجة إلى أن نكون واعين بالصدمة التي تعرض لها الكثير من الناس، ومدركين للتوازن الهش الذي لا زال قائما في البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

سويس إنفو

رواندا:
حصلت على استقلالها من بلجيكا عام 1962.
عاصمتها كيجالي.
متوسط الدخل السنوي للفرد 220 دولار.
متوسط العمر 39 عاماً للرجال، و 40 للنساء.
لغات الدولة الرسمية ثلاث:كينيارواندا، والفرنسية، والإنجليزية.
وفقا لتقديرات البنك العالمي يعيش نحو ثلثي سكان البلاد، البالغ عددهم 8.4 مليون نسمه، تحت خط الفقر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية