مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دياناتٌ تحظى بالترحيب أكثر من غيرها…

Keystone

إذا كنت من السيخ أو الهندوس أو البوذيين في سويسرا وأردت بناء معبد، فلا مشكلة؛ لكن إذا كنت مسلما وأردت تشييد مئذنة، فالأفضل لك أن تبدأ بالدعاء...

فبينما تمكن أبناء ديانات وافدة على سويسرا من التعايش بسهولة مع أبناء البلاد، وجد آخرون، وخاصة معتنقي الإسلام، صعوبة أكبر في التمتع بالقبول في المجتمع المُضيف.

يـُواجه مسلمو سويسرا حاليا احتـمال طرح مسألة تشييد المآذن في استفتاء شعبي، فقد أطلقت في مايو الماضي مبادرة من جانب أطراف يمينية مُتشددة تدعو لحظر المآذن في سويسرا، وذلك قبل بضعة أشهر من الانتخابات الفدرالية لـ21 أكتوبر القادم، وفي أعقاب معارضة عدد قليل من المدن السويسرية المتحدثة بالألمانية لتشييد مآذن فيها.

ومن بين هذه المـُدن، فـِنغن في كانتون سولوتورن، التي تقع على بـُعد بضعة كيلومترات فقط من مركز “وات التايلاندي”، موطن العقيدة البوذية في سويسرا. وقبل أربع سنوات، كان هذا المركز قد شهد تـدشين معبد بوذي جديد بتكلفة 9 مليون فرنك سويسري.

حتى بلدية تريمباخ، القريبة أكثر من فـنغن، فقد وافقت العام الماضي على خطط لبناء معبد هندوسي لجالية التاميل المحلية.

وتوجد نفس حالة الفصام هاته في كانتون برن المجاور حيث اصطدم مشروع تشييد مئذنة في لانغنتال بمحنة حقيقية، رغم أن هذه البلدية نفسها تـأوي معبد سيخ كبير تم بناءه بأسلوب معماري تقليدي.

وينوه الساهرون على هذا المعبد (على موقعه الإلكتروني) أن تشييد المعبد واجه بعض “العقبات”، لكنه لم يصطدم بأية مشاكل لدى نـصب قـُبب المبنى.

هل يـُشكل الإسلام تهديدا؟

يـعتقد سامويل – مارتين بهلول، الباحث المساعد في قسم دراسة الديانات في جامعة لوتسرن، أن هذا التفاوت يعود أساسا لاعتبار الإسلام تهديدا على السلام الديني. وقال في هذا السياق: “يـُقدَّمُ الإسلام كعقيدة مُعاكسة تماما، من الناحيتين الدينية والثقافية، لأسس وأصول المجتمع السويسري والأوروبي. ثمة مشكلةُ تصوّر طرحت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، إذ بات يـنظر للإسلام كتهديد، خلافا للديانات الوافدة على سويسرا”.

وهو وضع يثير حزنا شديدا لدى هشام ميزر، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في شـرق سويسرا. فالسيد ميزر، العضو في مجلس الأديان السويسري، والمقيم في سويسرا منذ 40 عاما، يؤكد أن التمييز إزاء المسلمين لم يكن أبدا بمثل هذه القوة.

ويقول “هذا الوضع يجعلني أشعر بحزن عميق، فالناس ليسوا منفتحين. إنهم يخافون من الإسلام والمسلمين، ولكننا لسنا مسؤولين عن تلك الأحداث الرهيبة التي تشهدها مناطق أخرى من العالم. نحن لسنا متطرفين”.

ويتابع السيد ميزر “قبل 11 سبتمبر، كان يـُرحـَّبُ بنا وكان يوجد حوار جيد بين الأديان. لكن الصورة تغيرت تماما فيـما بعد. وشعرنا بضرورة إقامة الدليل على أننا لسنا إرهابيين”.

ماذا عن الاندماج؟

من جـانبه، أوضح الفريد دونات، رئيس اتحاد الجاليات اليهودية في سويسرا والعضو أيضا في مجلس الأديان، أن الارتفاع الكبير لعدد المسلمين، إضافة إلى فشلهم في الاندماج الكامل في المجتمع السويسري عاملان يؤثران سلبا على صورة هذه الجالية.

وقد أظهر الإحصاء الفدرالي لعام 2000 أن عدد المسلمين تضاعف خلال العقد الماضي ليتجاوز 000 310 شخص. وتشير التقديرات إلى أن عدد أبناء الجالية ارتفع حاليا إلى زهاء 000 340.

ونوه دونات إلى أن “عددهم [المسلمين] في سويسرا يفوق عدد أتباع الديانـات الأخرى غير السويسرية. وهذا جزء من مُبرر شعور السويسريين ببعض الخوف من المسلمين: فأعداد كبيرة منهم قد تغير التوازن الديموغرافي”.

كما أشار إلى أن هذا ليس حال الديانات الأخرى الوافدة على سويسرا لأن عدد أتباعها ضئيل جدا. ويذكر أن التعداد الفدرالي لعام 2000 كشف أن عدد اليهود لا يتجاوز 18000 والبوذيين 21000، والهندوس 28000.

لكن ميزر يعتقد أن لعبة الأرقام هاته هي مجرد مُغالطة مُذكرا بأن سويسرا رحبت باللاجئين من منطقة البلـقان، وأصبح من واجبها رعايتهم. كما رفض الإدعاء القائل بأن مسلمي سويسرا لم يندمجوا في المجتمع السويسري، واصفا إياه بـ”الهراء المُطلق”.

وحرص على القول في هذا الصدد أن “أكثر من 50% من المسلمين هنا هم دون سن 25 سنة. هؤلاء هم ممثلو الجيل الثاني ويختلفون تماما عن آبائهم لأنهم مندمجون”.

وقال السيد ميزر في الختام “كل ما يريدون هو أن يـُقبل بهم كبشر وأن يندمجوا كمواطنين سويسريين. لكن ما نشهده في الوقت الحالي سيساهم فقط في نبذهم”.

1 مايو 2007، الإعلان عن إطلاق مبادرة شعبية تدعو لتحوير بند في الدستور الفدرالي للتنصيص على حظر بناء المآذن في سويسرا.

3 مايو 2007، أطلق أعضاء لجنة المبادرة، وأغلبهم سياسيون من اليمين المتشدد، الحملة الرسمية لجمع التوقيعات الضرورية لفرض إجراء استفتاء شعبي حول المبادرة.

ينتهي الأجل المحدد لجمع المائة ألف توقيع الضرورية يوم 1 نوفمبر 2008.

حسب الإحصاء الفدرالي لعام 2000، يبلغ عدد المسلمين في سويسرا 310807 شخص.

في عام 1970، كان عددهم 16353 ثم ارتفع إلى 56625 في عام 1980 وإلى 152217 في 1990.

90% من مسلمي سويسرا ينحدرون من تركيا ودول البلقان.

نسبة العرب لا تتجاوز 5,6%. أما الشبان الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما فيمثلون النصف تقريبا إذ يصل عددهم إلى 151815. فيما لا تتعدى نسبة الحاصلين على الجنسية السويسرية 11,75% من مجموع الجالية المسلمة في سويسرا.

معظم أبناء الجالية المسلمة يعيشون في المدن وينتمون للجيل الثاني من الأجانب.

swissinfo.ch

(ترجمته وعالجته من الإنجليزية: إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية