مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ديسموند توتو: “قصف إسرائيل لبيت حانون قد يكون جريمة حرب”

Keystone

أعلنت بعثة تقصي الحقائق في أحداث بيت حانون لعام 2006، برئاسة الأسقف ديسموند توتو، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن "قصف بيت حانون يمكن أن يكون جريمة حرب".

ووصف ممثل فلسطين وباقي الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز هذه النتجية بـ “خطوة شجاعة، وإحقاقا للعدالة”، بينما اعتبرها ممثل إسرائيل “تشجيعا لمنظمة إرهابية”، في حين عبرت فرنسا باسم الاتحاد الأوروبي عن “الأسف لاحتواء التقرير على هذا الاستنتاج”.

عرض كبير أساقفة جنوب إفريقيا ديسموند توتو صباح الخميس 18 سبتمر أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف نتائج التحقيق الذي قامت به بعثة تقصي الحقائق التي أرسلها المجلس للنظر في القصف الإسرائيلي لبيت حانون في 8 نوفمبر 2006، والذي أدى إلى مقتل 19 مدنيا من عائلة واحدة، باستثناء ضحية واحدة.

والخلاصة التي توصل إليها التقرير بعد زيارة لعين المكان دامت يومين، مرورا بمصر بعد أن رفضت إسرائيل مرارا السماح للبعثة بالمرور عبر الحدود الإسرائيلية، هي أن “القصف الذي تعرضت له مدينة بيت حانون يمكن أن يعتبر جريمة حرب”.

وأثار هذا الاستنتاج ردود فعل متباينة في المجلس تراوحت بين الترحيب “بخطوة شجاعة” وبمحاولة “لإنصاف الضحايا الفلسطينيين”، وبين قلق لاستخدام عبارة “يمكن أن يكون جريمة حرب”.

تفنيد لنتائج التحقيق الإسرائيلي

وبعد استعراض الإطار القانوني ووصف ما حدث في الثامن نوفمبر 2006 في بيت حانون من خلال الشهادات العديدة، تطرقت لجنة تقصي الحقائق للنتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق الإسرائيلية والقرار الذي تمخض عنها من قبل المدعي العام الإسرائيلي والذي أفضى إلى أن “استهداف المدنيين لم يكن متعمدا بل ناتجا عن خلل تقني”.

لكن لجنة تقصي الحقائق التي لم تتمكن من الحصول على نسخة من التقرير الإسرائيلي رغم محاولات عديدة، استغربت لعدم نشر نتائج هذا التقرير الإسرائيلي علانية؛ وهو ما دفعها إلى وصف هذا التصرف بـ “المقلق جدا خصوصا وأن نتائج التحقيق هي وحدها الكفيلة بتقديم الجناة للمحاكمة في مقتل تسعة عشر مدنيا”.

وقد شككت اللجنة في الرواية التي قدمتها السلطات الإسرائيلية والتي مفادها أن قصف الأماكن المدنية في بيت حانون هو انحراف لقصف كان يستهدف منطقة قريبة، وذلك بتوضيح السكان أنه لم يكن هناك قصف لمناطق أخرى آنذاك، وأنه لو كان قصفا للمناطق المجاورة لما أصيب السكان في بيوتهم وهم نائمون.

وفي تعليقه على التعليلات الإسرائيلية، صرح الأسقف ديسموند توتوبان “نتائج التحقيق العسكري السري الإسرائيلي ليست مقبولة لا من الناحية القانونية أو الخلقية”.

لفظ عبارة “جرائم حرب”

لجنة تقصي الحقائق توصلت في الفقرة 49 من تقريرها المتكون من 23 صفحة إلى خلاصة أن “القصف الذي تعرضت له بيت حانون في 8 نوفمبر 2006 كان عملية مقصودة في إطار الاحتلال الطويل الأمد لقطاع غزة ومقتل المدنيين وتدمير الممتلكات في عملية “سحب الخريف”.

وأضافت اللجنة: “بالاعتماد على هذه المعطيات ومعطيات أخرى، بما في ذلك تقليص المسافة الأمنية المخصصة لقصف المدفعية، والالتزامات المترتبة عن ضرورة حماية حياة المدنيين الفلسطينيين، تعتبر اللجنة أن هناك أدلة على مبالغة في عدم مراعاة حياة المدنيين الفلسطينيين في معارضة لما ينص عليه القانون الإنساني الدولي، وهو ما يثير القلق المشروع بخصوص احتمال أن تكون جرائم حرب قد ارتكبت”.

لفظ عبارة “إمكانية أن تكون جرائم حرب قد ارتكبت” أثارت انتقاد السفير الإسرائيلي لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة أهارون لشنو يار الذي اعتبر أن ذلك “يخول حماس، المنظمة الإرهابية (حسب تعبيره) شرعية تشديد قبضتها الحديدية على المدنيين في قطاع غزة”، مضيفا “أن إضفاء شرعية من هذا النوع ليس لا في صالح الفلسطينيين ولا الإسرائيليين الراغبين في دعم مسيرة السلام”.

اما السفير الفلسطيني محمد أبو الكوش فأشاد بـ “شجاعة أعضاء اللجنة، ودقة ونوعية التقرير”، قبل أن يخبر المجلس بأن هناك مشروع قرار قيد التحضير للترحيب بالتقرير ولتقديم توصية للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بمناقشته بحضور أعضاء اللجنة.

وإذا كان الجانب المناصر للفلسطينيين، من مجموعات عربية وإفريقية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز، قد سارع لأخذ الكلمة للترحيب بما جاء في التقرير، فإن المعسكر الغربي اكتفى بتصريح ممثل فرنسا الذي تحدث باسم دول الاتحاد الأوروبي وعبر عن “القلق لاستنتاج أن ما حدث يمكن أن يكون جريمة حرب”.

المطالبة بالعدالة قبل كل شيء

وفي ندوة صحفية عقدها بعد تقديم توصيات لجنة تقصي الحقائق أمام مجلس حقوق الإنسان، عبر الأسقف ديسموند توتو عن مشاعره بعد هذه المهمة قائلا: “ما شاهدناه في غزة أصابنا بالصدمة، وما قيل لنا من قبل لم يـُحضرنا بما فيه الكفاية لتحمل ما شاهدناه في عين المكان”.

وفي رده على سؤال حول الخطوات القادمة المترتبة عن هذا التقرير، أوضح الأسقف ديسموند توتو بأن هناك مشروع قرار قيد التحضير من قبل مجلس حقوق الإنسان بخصوص الخطوات التي يجب اتخاذها”، قبل أن يضيف بأن “اللجنة قامت بواجبها… وإذا كانت قضية بيت حانون لتشير إلى شيء، فإنها تعبر عن فشل في تطبيق القانون”.

وفي جوابه على سؤال أحد الصحفيين عما إذا كان هذا التقرير قد أتى متأخرا نوعا ما، قال الأسقف ديسموند توتو بأنه “بالنسبة للوالد الذي فقد كل أفراد عائلته في بيت حانون، وللأم التي جمعت أشلاء أطفالها بنفسها، يمثل هذا الحادث فاجعة يومية لحد اليوم”.

وفي كلمته أمام المجلس، حمل رئيس لجنة تقصي الحقائق على “صمت المجموعة الدولية” قائلا: “إن المجموعة الدولية لم تقم بدورها في مواجهة معاناة شعب غزة”، ومنوها إلى أن “الصمت معناه التواطؤ”.

سويس انفو – محمد شريف – جنيف

البروفسور شينكين، العضو في لجنة تقصي الحقائق في بيت حانون:

_” توصلنا إلى أنه في غياب تحقيق مستقل وشفاف وعلني، يمكن القول أن هناك إمكانية جرائم حرب. فإسرائيل ملتزمة بمعاهدات جنيف، وجرائم الحرب تعني انتهاكا جسيما لقوانين الحرب والتي تشمل القصف المقصود الذي يهدف إلى قتل أو إلحاق أضرار بالمدنيين وبالممتلكات المدنية. وما شاهدناه أوحى لنا بأن هذه القضية يمكن أن تكون كذلك”. (…)

“أما من عليه تحديد ما إذا كانت جرائم حرب بالفعل هو التحقيق الشامل. لربما أنه يجب أن يكون هناك تحقيق داخلي في المرحلة الأولى، ثم إن على المجموعة الدولية أن تحدد الإجراءات الأخرى. فإسرائيل لا يمكن أن تقدم للمحكمة الجنائية الدولية لأنها غير موقعة على قوانينها”.

القس ديسموند توتو رئيس لجنة تقصي الحقائق في بيت حانون:

-“قضية بيت حانون إذا كانت لتشير لشيء فإنها تعبر عن فشل في تطبيق القانون، إذ لم يتم تقديم أية توضيحات جدية عما تم، كما لم يتم القيام بأي تحقيق مستقل وشفاف، ولم يتم تقديم أحد للمحاكمة”.

-“الرسالة الواضحة التي تلقتها اللجنة من الضحايا والناجين وهي أن على مجلس حقوق الإنسان أن يقر العدالة قبل أية تعويضات أخرى”.

-“ما يؤثر أكثر في سكان غزة عموما هي تأثيرات الحصار وهذه عملية غير قانونية وغير مشروعة تقوم بها إسرائيل”.

-“الإحتلال يبقى السبب الرئيسي لمثل هذه الأحداث كالقصف الذي تعرضت له بيت حانون”.

-“أثناء تأديتنا لمهمتنا، تعرفنا على مواقف تمليها أهداف سياسية أكثر من كونها قائمة على أساس احترام المبادئ، لأن على المجلس أن يراعي بالدرجة الأولى معاناة الإنسان سواء في فلسطين أو في إسرائيل”.

-“لا أدري ما إذا كان الإنسان العادي في إسرائيل يعي جيدا ما هي التأثيرات التي يحدثها الحصار على الناس العاديين. فقد قال أحدهم إن الإسرائيليين هم الذين يقررون ما إذا كنت سأسوق سيارتي اليوم أم لا، وما هو نوع الإفطار الذي سأتناوله وما إذا كان أبنائي سيتوجهون للمدرسة أم لا”.

-“تحدثت لدبلوماسي ألماني، قال إن ألمانيا مسئولة عن اثنين من المآسي الكبرى: الأولى هي ما حدث لليهود أثناء الهولوكوست، واليوم ما يحدث للفلسطينيين. وهو ما يعتبر اعترافا خطيرا”.

-“إذا ما رغبتم في معرفة ما اعتقده، فأقول إن الغرب يشعر بالذنب والمسئولية لتواطئه أثناء الهولوكوست، ولما تشعر بالذنب فإنك تكون مستعدا للتكفير عن ذنبك، لكن الغرب يكفر عن ذنبه بما يحدث اليوم للفلسطينيين.

-“أملي في أن يصحو الإنسان العادي في الغرب ويقول نرفض أن نكون طرفا فيما يحدث”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية