The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

من أسمرة إلى برن: رحلة قاضٍ إريتري في البحث عن القانون والحرية

عمل حبتياب يماني قاضيًا في المحكمة العليا الإريترية، وهو يعيش اليوم كلاجئ في سويسرا ويكرّس جهوده من أجل مستقبل ديمقراطي في وطنه الأم.
عمل حبتياب يماني قاضيًا في المحكمة العليا الإريترية، وهو يعيش اليوم كلاجئ في سويسرا ويكرّس جهوده من أجل مستقبل ديمقراطي في وطنه الأم. Vera Leysinger / Swi Swissinfo.ch

كان حبتياب يماني يحلم بأن يصبح حقوقيًّا، لأنه يؤمن بدولة القانون. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن. وفي هذا اللّقاء، يروي يماني لموقع سويس إنفو، كيف أصبح قاضيًا في المحكمة العليا الإريتريّة لمدة 16 عامًا، وكيف يمارس النظام الديكتاتوريّ السلطة هناك.

المزيد

يُلزم دستور إريتريا كلَّ من يدخل السلك القضائيّ بأداء قسم القضاة، الذي يبدأ: “أقسم بشهداء إريتريا…”. ويعتبر هذا القسم عهدًا يُلزم القضاة بالحكم وفقًا للدستور والقوانين، دون استغلال المنصب للمنفعة الشخصيّة.

ومع أنّ حبتياب يماني عمل قاضيًا بالمحكمة العليا في إريتريا، فإنّه لم يؤد القسم القانونيّ أبدًا، شأنه في ذلك شأن الجميع، ذلك لأنّ دستور إريتريا، الصادر عام 1997، لم يُطبَّق أبدًا. فيقول يماني، بينما يتصفّح مع فريق سويس إنفو (SWI swissinfo.ch) مواد الدستور: “إنّها مواد جيّدة”، إلا أنّها لا تمتّ للواقع بصلة.

واليوم، يعيش يماني كنازح في سويسرا، وينخرط لأجل مستقبل ديمقراطيّ في وطنه. فلقد عمل لمدة 16 عامًا بالسلك القضائيّ في أريتريا، لكنّه كان عملًا “مؤقتًا”.

فدستور إريتريا، الذي ينتظر التطبيق منذ حوالي 30 عامًا، يجعل جميع القضاة والقاضيات في مناصب “مؤقّتة”. وبهذه الحجّة، حُرم القضاء من الحصانة، ما أتاح للنظام الديكتاتوريّ إحكامَ سيطرته على السلطة القضائيّة.

يتصفح يماني على هاتفه الذكي نسخة من دستور إريتريا الصادر عام 1997 – وثيقة لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى اليوم.
يتصفح يماني على هاتفه الذكي نسخة من دستور إريتريا الصادر عام 1997 – وثيقة لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى اليوم. Vera Leysinger / Swi Swissinfo.ch

وفي لقاء مع فريق سويس إنفو، من داخل غرفة للأنشطة الاجتماعيّة بإحدى كنائس برن، يروي يماني كيف يعمل النظام في ظلّ ديكتاتوريّة الرئيس أسياسي أفورقي، وكيف يعيش هو الديمقراطيّة السويسريّة.

حبتياب يماني الحقوقي في إريتريا: نازح في سويسرا

حينما كان يماني شابًا، كانت تحدوه الآمال في بلد استقلّ عن أثيوبيا عام 1993. وكان واحدًا من أول دفعة تتخرّج من كليّة الحقوق بجامعة أسمرة بعد الاستقلال، حيث درس على أيدي أساتذة وأستاذات من الولايات المتّحدة الأمريكيّة. وكان اختياره لدراسة القانون نابعًا من طموحه إلى دولة يحكمها القانون. ويقول متذكّرًا: “القانون الجنائيّ، والقانون الدستوريّ، وحقوق الإنسان، والحقوق الأساسيّة التي لا يمكن للحكومة حرمان أحد منها”.

إلا أنّه لم يتمكّن من تطبيق ما تعلمه من مبادئ ومثل عليا. ومن المفارقة، أنّ القوى التي هيمنت على البلاد في التسعينات، هي نفسها التي خاضت حرب الاستقلال ضدّ إثيوبيا، وانتَصرت فيها. ويستذكر قائلاً: «كنّا نؤمن آنذاك، وبدافع من الدعاية أيضًا، أنها تسعى لإرساء دولة القانون وبناء وطن أفضل”.

محتويات خارجية

خطط طموحة لتأسيس صحيفة في هذا البلد الشاب

“لم أشارك أبدًا في الانتخابات”، على حدّ قوله اليوم. ويستذكر كيف انزلقت بلاده تدريجيًّا نحو واحدة من أشدّ الديكتاتوريّات قمعًا، تلاحق مواطنيها ومواطناتها حتى في الخارج، وتمارس الضغوط على هذه الفئة.

وفي تلك الأجواء المشحونة، وبعد تخرجه عام 1998، أسّس يماني مع مجموعة من أصدقائه صحيفة مستقلّة. ويصف تلك التجربة بالقول: “كنَّا شبابًا تحدونا آمال عريضة، أتدري؟”، وكان المحتوى ينصبّ على السياسة والقضاء. ويتابع: “استفدنا في صحيفتنا من العلم الذي درسناه، وكنا نُجيب على الأسئلة القضائيّة التي يطرحها الجمهور”.

وسرعان ما حقّقت الصحيفة نجاحًا، ووصلت الطبعة الواحدة إلى 40،000 نسخة. ولم يكن هذا رقمًا سيئًا في بلد كان عدد سكّانه آنذاك يبلغ مليوني نسمة.

ولاحقًا، قرَّر يماني السفر إلى الهند لمتابعة دراساته العليا. وعندما عاد إلى إريتريا في خريف عام 2001، كان يحمل معه حقائب مليئة بالكتب؛ كتب في القانون، وحقوق المرأة والطفل، وأيضًا موسوعة جينيس للأرقام القياسيّة، آملًا أن يستخلص منها بعض المعلومات لإثراء محتوى الجريدة. فلم يكن آنذاك الإنترنت متاحًا لأحد في إريتريا بعدرابط خارجي، مما جعل الكتب المصدر الأوّل للمعلومات.

2001: الصحافيون والصحافيات في”سجن الرئيس”

وفي صباح اليوم الأوّل لعودته إلى أسمرة، توجّه يماني إلى محلّ الحلاقة الذي اعتاد أن يلتقي فيه بصُحبته، وكان يُستقبل بالأحضان كلّما دخل المحلّ، فيقول: “لكن، كان الجوّ مختلفًا هذه المرّة”. فقد استقبله الجميع بوجوه مصدومة، وسأله أحدهم بدهشة: “لِمَ عُدت؟”

فقد سُجن جميع الصحافيين والصحافيات في جريدته، قبل أسبوع فقط من عودته.

ومع ذلك، ظلّ يُمنّي النفس بإمكانيّة الدفاع عنهم أمام القضاء. وحمل معه طعامًا وبعض الكتب، وقصد السجن. غير أنّ الحراس منعوه من إدخال الكتب، قائلين إن الطعام فقط مسموح به. ويروي يماني قائلا: “اعترضتُ على ذلك. فطبقًا للقانون، يتمتّع السجناء والسجينات بحقوق كثيرة، من بينها الحقّ في اقتناء الكتب.”

ورغم هذا المنع، ظلّ يماني مؤمنًا بأنّه يعيش في دولة قانون. وتوجّه، مدفوعًا بهذا الاعتقاد، إلى رئيس الشرطة طلبًا للإنصاف. لكنّه فوجئ بجواب صادم: “قال لي إنّ هذه المجموعة ليست سجينته هو، بل سجينة الرئيس. وأضاف: إنه لا يريد أن يتحمّل ذنب دمي. ثم طردني.”

المزيد
اللاجئة صابرينا كاهساي

المزيد

المصير الغامض للاجئين القُصّر في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على عندما شقت صابرينا مع أمها وإخوتها طريق الفرار من أريتريا، لم يخطر ببالها أن تنتهي رحلتها وحدها في سويسرا على بعد مئات آلاف الأميال من أسرتها، حيث عادت أمها أدراجها رفقة إخوتها إلى السودان، فيما انتهى المطاف بوالدها في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تروي صابرينا. كان والد صابرينا يعمل في الجيش الأريتري وقبل انشقاقه، أعد رحلة…

طالع المزيدالمصير الغامض للاجئين القُصّر في سويسرا

الخدمة الوطنية والجرائم ضد الإنسانية

ويقول يماني إنّه في تلك اللحظة، بدأ الخوف الحقيقيّ يتملّكه. فقد أدرك أنّ حلمه قد تبخّر، وما لبث أن غادر العاصمة أسمرة، ولزم الهدوء. وفي يناير من عام 2002، وصله خطاب رسميّ، يبلّغه بتعيينه “المؤقّت” في منصب القضاء. غير أنّ هذا المنصب لم يمنحه وضعًا حقيقيًّا؛ إذ لم يتقاضَ أجرًا كقاضٍ، بل كان يؤدّي “خدمة” تُفرض بمنطق الديكتاتوريّة.

وفي تلك الأثناء، انقطعت كلّ الأخبار عن أصدقائه وصديقاته في السجن، ولم يتلقّ عنهم.ن أيّ خبر.

شغل حبتياب يمانه منصب قاضٍ في المحكمة العليا في إريتريا، ويقيم اليوم في سويسرا بصفة لاجئ، حيث يكرّس جهوده من أجل مستقبل ديمقراطي في بلاده.
يقول يماني إن النظام الاستبدادي في إريتريا يحكم قبضته عبر هذه الوسائل: انعدام اليقين بشأن المستقبل ، وزرع الخوف المستمر من الاختفاء في السجون، واستحالة التعبير بحرية عن الرأي. Vera Leysinger / Swi Swissinfo.ch

وازداد الوضع ظُلمة مع مطلع الألفيّة الثالثة، حين فُرضت على الجميع في إريتريا “خدمة وطنيّة” إجباريّة، وهي خدمة عسكريّة غير محدّدة المدّة، قُدّمت باعتبارها وسيلة لتنظيم الحياة، لكنها تحوّلت في الواقع إلى مسرح لكثير من مظاهر الظلم، وفقًا لتقارير الأمم المتّحدة.

وفي تقرير صدر عام 2016، تتحدّث لجنة أمميّة عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانيةرابط خارجي، وصفتها بأنّها “واسعة الانتشار وممنهجة”، في معسكرات تدريب الجيش وفي السجون الإريتريّة. غير أنّ هذه الجرائم، نظرًا لأنّها لم تُرتكب على “قارعة الطريق في أسمرة”، كان من السهل على أيّ زائر أن يغفل عنها. وأشار التقرير أيضًا إلى غياب “أيّة نوايا حقيقيّة” لملاحقة الجناة، وهو ما أرجعته مفوّضيّة الأمم المتّحدة إلى عدم استقلال القضاء في البلاد.

القضاء خارج معادلة الحكم

وحين طرحنا على يماني سؤالًا عما إذا كان عمله قد جعله أحد ركائز الحكومة، أجاب ببساطة: “لا”. ثمّ أوضح قائلًا: “إنّ النظام القضائيّ قد خسر بالفعل كلّ سلطاته.” ويُبيّن يماني أنّ القرار في إريتريا لم يعد بيد القضاء، بل بيد الجيش، قائلاً: “يمكن لرجال الجيش ممارسة سلطات مطلقة”، دون رقيب.

وفي هذا السياق، يشير إلى أنّ النظام القضائيّ الإريتريّ أصبح منقسمًا، إذ تُرفع معظم القضايا ذات الطابع الاجتماعيّ إلى “المحاكم الخاصةرابط خارجي“، بعيدًا عن أطر المحاكم العاديّة والضمانات القضائيّة المعهودة.

المحاكمات القضائية في ظل انعدام دولة القانون

ويقول يماني: “لقد حاولنا الحفاظ على محاكمات عادلة”، ويُضيف أنّ بعض النجاح قد تحقّق في القضايا التي لا تمسّ مصالح الحكومة أو الجيش. “لكن في كلّ ما يتداخل مع مصالح الحكومة، يصبح القضاء بلا سلطة.”

ففي بعض الأحيان، كانت فرق الدفاع تتغيّب عن الجلسات ببساطة، مما يكشف بوضوح ما حدث في الكواليس. فإذا كان لأحد الطرفين قريب أو قريبة من أصحاب النفوذ، فكثيرًا ما كان يُلقى القبض على محام أو محامية الطرف الآخر. وأحيانًا، كان يحدث أن يختفي مقدّم الشكوى أو مقدّمتها، هكذا بكلّ بساطة.

ورغم أنّ ما يرويه يماني يصعب التحقّق منه بشكل كامل، فهناك شواهد تدعمه. فقد نشرت مدوّنة مخاوف على حقوق الإنسان في إريتريارابط خارجي في عام 2009، مقالًا يصف قصّة الجريدة التي أسسها يماني، ويستعرض مشاركته فيها، وكذلك الأسابيع التي أعقبت إغلاقها العنيف. وقد ورد في المقال أنّ: ” الجيل القادم سيعرف التضحية، والثمن الذي دفعه صحافيو إريتريا وصحافياتها”.

كما تؤكّد وثيقة رسميّة صلة يماني بسلك القضاء؛ إذ جاء في نصّ صادر عن وزارة الإعلام الإريتريةرابط خارجي عام 2011، أنّه خلال إحدى الدورات التدريبية الحكومية، “بذل جهودًا لا تكلّ لتعديل القانون الجنائيّ القائم، بهدف ترسيخ نظام عادل”.

كيف يعيش حبتياب يماني الديمقراطية في سويسرا

وبعد 16 عامًا من عمله كقاضٍ، اضطر حبتياب يماني إلى الفرار من بلاده عام 2017. واستقر في البداية في بلدة يغينستورف الصغيرة، التي يبلغ عدد سكّانها نحو 6،000 نسمة وتتبع كانتون برن السويسريّ، حيث قضى الفترة الأولى من إجراءات لجوئه.

وهناك، لاحظ ما يميز دولة القانون الديمقراطيّة، حتى في الأشياء البسيطة. لقد رأى لافتات لانتخابات محليّة، ومن بينها لمح صورة لسيدة من القرية، يعرفها بالفعل.

ولم يكن انبهاره محصورًا بالمشهد الانتخابيّ؛ بل انبهر أيضًا بإتاحة ميزانيّة البلدة لكل ساكنيها وساكناتها.

يقول يماني إن النظام الاستبدادي في إريتريا يحكم قبضته عبر هذه الوسائل: انعدام اليقين بشأن المستقبل ، وزرع الخوف المستمر من الاختفاء في السجون، واستحالة التعبير بحرية عن الرأي.
فرّ حبتياب يماني إلى سويسرا في عام 2017. ويُقدّر أن ثلث سكان إريتريا قد غادروا البلاد إلى الخارج. ، وزرع الخوف المستمر من الاختفاء في غياهب السجون، واستحالة التعبير بحرية عن الرأي. Vera Leysinger / Swi Swissinfo.ch

فيقول يماني: “لقد كان ذلك ملهمًا لي. ففي إريتريا، لا يطّلع على الشؤون الماليّة سوى شخصين؛ الرئيس ووزير الاقتصاد”. وهناك، كان من المستحيل أن يعرف المواطنون والمواطنات شيئًا عن ثروات البلاد، وبالتالي لا يمكن معرفة ما تملكه إحدى القرى. “أمّا هنا، فترسل لي القرية، وأنا لاجئ، ميزانيّتها بكلّ ما تشمل من موارد ونفقات”.

وكانت هذه المشاهد السويسريّة هي التي عرَّفته على معنى الديمقراطيّة، وعلى الضمانات التي تكفلها للمواطنين والمواطنات.

فمعرفة الميزانية تشكّل أساسًا للنقاش، أو النقد، أو التقدّم بمقترح للتغيير. و”هنا عايشت سلطة الشعب على مستوى القرية؛ فتوجد هنا حكومة محليّة، ورئيسة للبلديّة، وكذلك ميزانيّة خاصّة. وللناس الحقّ في معرفة ما يجري”، حسب قوله.

ويرى يماني إريتريا على النقيض من ذلك؛ فلا ميزانيّة، ولا شفافيّة، ولا حصانة قضائيّة، حتى لأفراد السلك القضائيّ. فيجب توفير الحماية للكادر القضائيّ، لتمكينه من إصدار الأحكام باستقلاليّة. ويجب أن يخضع في الوقت نفسه للمساءلة، وأن تُجابه تصرّفاته الخاطئة بقرارات تتّبع عمليّة محدّدة وواضحة. وهكذا فقط، يمكن الحيلولة دون تأثّر عمله بالسياسة. إلا أنّ هذه التدابير تصبح بلا أثر، حينما يزعم النظام أنّ التعيين في منصب القضاء يأخذ طابعًا مؤقّتًا.

استمرار الوضع “السيء” في إريتريا

ووفقًا ليماني، يرسّخ النظام الديكتاتوريّ في إريتريا سلطته عبر وسائل متعدّدة؛ من خلال إبقاء الناس في جهل تامّ بما تملكه الدولة من أموال، ومن خلال بث الخوف الدائم من الاعتقال والاختفاء في غياهب السجون، ومن خلال استحالة التعبير عن الرأي علنًا.

وقد حظي وضع حقوق الإنسان في إريتريا باهتمام عالميّ، كما ورد في تقرير مفوضيّة الأمم المتّحدة لعام 2016. فآنذاك، وصفت المقرّرة الأمميّة الخاصّة شايلا ب. كيتهاروترابط خارجي، من أمام مبنى الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك، حجم الانتهاكات، متحدِّثة عن انتشار الاعتقال التعسّفي، والاختفاء القسريّ، والتعذيب الوحشيّ والاغتصاب، “ليس بحقّ أعداد هائلة من النساء فقط، بل بحقّ الرجال أيضًا”.

ودعت كيتهاروت المحكمة الجنائيّة الدوليّة وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، إلى اتّخاذ إجراءات ضدّ المتّهمين والمتّهمات.

غير أنّ هذه الدعوات لم تُترجم إلى تحرّك ملموس، واستمر الوضع الإنسانيّ على حاله.  ففي عام 2024، أكَّد محمد عبد السلام بابِكر، المقرّر الأمميّ الخاص المعنيّ بحالة حقوق الإنسان في إرتيريا، في تقريرهرابط خارجي ، أنّ الوضع ما زال “سيئًا”، مُشيرًا إلى استمرار الاختفاء القسريّ الممنهج، والاحتجاز التعسّفي، مع الإشارة إلى تصاعد القمع العابر للحدود.

وفي هذا الإطار، يطالب بابِكر الدول التي تستضيف لاجئين ولاجئات من إريتريا، باتّخاذ تدابير لحماية هذه الشريحة من تهديدات النظام الديكتاتوريّ؛ إذ يواصل هذا النظام ممارساته القمعيّة خارج البلاد، بما في ذلك في دول مثل سويسرا، مما يحرم الإريتريين والإريتريات في أنحاء العالم، من ممارسة حريّة التعبير عن الرأي.

عملاء النظام في سويسرا

ويستذكر يماني شعور الخوف الذي رافقه في السنوات الأولى بعد وصوله إلى سويسرا، ويقول: “أنت تعلم، حينما تأتي إلى هنا، أنّ عملاء النظام هنا أيضًا، لذلك عليك أن تكون حريصًا”.

مقابلة مع حبتياب يماني
لفتت انتباه حبتياب يماني في وقت مبكر أشياء في سويسرا تُميز الدولة الديمقراطية القائمة على سيادة القانون. Vera Leysinger / Swi Swissinfo.ch

وبمرور الوقت، لاحظ أن الشرطة السويسرية بدأت تتعامل مع أنشطة أنصار الحكومة الإريترية بنظرة أكثر نقدية، إذ باتت “المهرجانات الثقافية” التي ينظمونها في سويسرا تخضع الآن لمراقبة دقيقة.

وبمرور الوقت، لاحظ أن الشرطة السويسرية بدأت تتعامل مع أنشطة أنصار الحكومة الإريترية بنظرة أكثر نقدية، إذ باتت “المهرجانات الثقافية” التي ينظمونها في سويسرا تخضع الآن لمراقبة دقيقة. وقد ساهمت هذه المتغيرات في تجاوز مخاوفه. واليوم، يكرّس حبتياب يماني جهوده لدفع سويسرا إلى الاعتراف بهذا القمع العابر للحدود والتصدي له. كما ينشط ضمن صفوف المعارضة الإريترية في الشتات، حيث يطوّر أفكارًا حول كيفية بناء دولة قانون في إريتريا الديمقراطية المنشودةرابط خارجي.

 وأصبح مقتنعًا بأنّ الانخراط العلنيّ هو، في حد ذاته، شكل من أشكال الحماية من محاولات النظام الإريتريّ إسكاته أو استهدافه.

المزيد

تحرير: دافيد أوغستر

ترجمة: هالة فراج

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية