مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

د. عبد الخالق: “الإحتساب على ذوي السلطان.. ضمانة للحريات العامة”

يشدد الدكتور محمد فريد عبد الخالق الذي تحصل على الدكتوراة في سن الثالثة والتسعين على حيوية الدّور الرقابي الشعبي على السلطات swissinfo.ch

يؤكد الدكتور محمد فريد عبد الخالق أن "الحَـسبة على السلطة التنفيذية (الحكومة ورئيس الدولة)، هي الضمانة الأكيدة للحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطن أو المبادِئ التي تحْـمِـي الأفراد من طُـغْـيان الدولة واستِـبداد الحكام".

وفيما يعتبر أنها تمثل “المطلب العاجِـل والمُـلحّ الذي تتطلّـع إليه الشعوب، لاسيما الواقِـعة منها في دائرة الدول النامية، ودولنا العربية والإسلامية داخلة فيها”، قال في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “على المجالس النيابية والتشريعية، التصدّي للفساد ومساءلة السلطة التنفيذية، وعلى رأسها الحاكم، من خلال إعمال الصلاحيات التشريعية والرقابية التي منحها لها الدستور، كما يجِـب على المجتمع المدني، بمؤسساته ونقاباته واتحاداته الطلابية وكل القوى السياسية، أن تتعاون معًا لتحقيق المصالح العُـليا للمجتمع وأن لا تقدِّم المصالح الفردية أو الشخصية على المصالح العُـليا للشعب”.

وكانت كلية الحقوق بجامعة القاهرة قد شَهِدت صباح يوم 17 نوفمبر 2009، مناقشةَ رسالة الدكتوراه المُـقدَّمة من الباحث محمد فريد عبد الخالق، البالغ من العمر 94 عامًا، حول موضوع “الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان”. وكان الباحث قد سجّـل الرسالة في عام 1965 وحالت ظروف الاعتِـقال والسفر الطويل، دون مناقشتها.

ويُـعتبر الدكتور محمد فريد عبد الخالق أحد رجال الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين، التي تأسّـست عام 1928، كما كان سكرتيرا لمؤسِّـسها ومرشِـدها الأول الإمام حسن البنّـا، ويعتبر من طرف كثيرين “كاتِـم أسرار” الجماعة وأحد “الآباء الرّوحيين” للكثير من شباب الإخوان. ورغم اختلافه مع الجماعة في بعض وِجهات النظر، إلا أنه فضّـل الانسِـحاب من التنظيم وتجميد نشاطه، دون أن يُـسيء إلى أحد، بل إنه ظلّ محلّ احترام وتقدير الجميع، ونادرا ما يتخلّـف عن حضور أي مناسبة تُـقيمها الجماعة. مزيد من التفاصيل في الحوار التالي:

swissinfo.ch: لماذا اخترتُـم هذا الموضوع بالتحديد؟ وما هي دوافِـعكم من اختيار هذا العنوان تحديدا ليكون موضوعا لبحثِـكم لنيْـل درجة الدكتوراه؟

د. فريد عبد الخالق: نظام “الحسَـبة” لا يقتصر على الحُـكم الإسلامي، وإنما قد تحوّل إلى العالمية من خلال هيئة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، واللّـذين يُـمارسان دوراً “احتسابياً” دولي الصفة وشرعي النفوذ، وهو ما اتّـضح من دعوى الحسبة، التي استخدمَـتها المحكمة الجنائية الدولية ضدّ الرئيس السوداني الفريق عمر البشير.

أما عن دوافع اختيار هذا العنوان ليكون موضوعا للرسالة، فيُـمكن تلخيصها في الآتي:

• أن طرح نظام احتسابي جماعي ومؤسّـسي لمقاومة جُـور السلطات التنفيذية وفسادها، يجنِّـبنا العنف في ممارسة الحسبة غير المنضبطة.

• إلقاء الضوء على الضوابط الشرعية للحسبة في الإسلام وعلى شروط المحتسب والمحتسب فيه.

• إبراز الدّور الرقابي الشعبي على السلطات – المتمثل في نظام الحسبة – ولاسيما على السلطة التنفيذية ورئيس الدولة.

• عدم التعامل مع الحسبة باعتبارها ولاية بوليسية، وإنما إدخالها في الفِـقه السياسي الإسلامي كمبدإ يُـمارسه المواطنون كفرض كفاية، والمؤسسات الدستورية المعنية كفرض عين، وعلى رأسها المجالس التشريعية البرلمانية والأحزاب السياسية وسائر منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية المعنِـية بالحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته العامة من اتِّـحادات ونقابات.

• إمكانية رفع دعاوى الحسبة على الحاكِـم الجائر وما يقع من الحكومات من بغي أو فساد أو مخالفة للدستور والقانون، دون التزام بشرطي الصِّـفة والمصلحة الملتزم بها في سائر الدّعاوى القضائية.

• الإشارة إلى إمكانية عولمة نظام الحسبة الإسلامي وتدويله، بناءً على ما يُـقبل وما يُـرفض وما يُـطوّر منها.

• النظر للحسبة باعتبارها قِـوى شعبية معارضة لجُـور الحاكم.

ماذا يعني نظام الحسبة في الإسلام، وما أهميته وفوائده لعملية التغيير والإصلاح السياسي في مصر والعالم العربي؟

د. فريد عبد الخالق: الحسبة في الإسلام يُـقصَـد بها: إزالة المُـنكر إذا ظهر فِـعله، والأمر بالمعروف إذا ظهر تَـركه، ويُـمثل الأمر بالمعروف والنّـهي عن المنكر نظامًا رقابيًا يتكامل مع النظام الاجتماعي والسياسي في المجتمع الإسلامي. ومِـما يُـؤسَـف له، أن نظام الحسبة غير معمول به الآن في الدول الإسلامية، رغم أهميّـته في شتّـى المجالات، وفي مقدِّمتها الإصلاح السياسي الذي يتغنّـى به البعض في هذه الأيام.

والمشكلة، أن الغالبية لا تعرِف شيئا عن نظام الحسَـبة في الإسلام، رغم أهميّـته الشديدة ومبادئه القيِّـمة، التي تتعلّـق بالتغيير إلى الأفضل والتكاتُـف من أجل مجتمع أكثر استقرارا. وما يجهله الكثيرون، أنه يُـمكن تطبيق الحسَـبة على جميع أفراد المجتمع، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين دون تفرقة، ومِـن ثَـمّ، فإنني أدعو لتطبيق الحَـسبة وتفعيلها في المجتمع، لأنها باتت الحلّ للكثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع.

فالمجتمع المصري خاصة والعربي عامة، بحاجة لتطبيق نظام الحسبة وتفعيله، بغَـضِّ النظر عن الدِّين، كما أنها باتت (الحسبة) الحلّ الأمثل للوصول بالمجتمع إلى الحرية المثلى. فالحسبة إذن واجبات وحقوق متبادَلة ومُـتوازنة ومتكاملة أقرّتها الشريعة الإسلامية، فضلا عن أنها تحقِّـق الشُّـورى التي جاء بها الإسلام ودعَـمها، كنظام يرفُـض الاستبداد ويؤيِّـد الحوار. كما تستهدف الحسبة إحداث نوعٍ من التّـغيير إلى الأفضل يرتقي بالأمّـة ويساعدها على مُـواجهة التحدِّيات التي تُـعوِّق مسيرة التنمية في المجتمع مثل: الفقر والجهل، إضافة إلى الاستبداد.

لماذا أصْـرَرْتم على مُـناقشة رسالة الدكتوراه، رغم تقدّمكم في السن (94 عامًا)؟

د. فريد عبد الخالق: هناك أسباب كثيرة، في مقدِّمتها أنني أردْت أن أوصل رسالة للشباب، مُـؤداها: يجِـب أن لا يقف السِـنّ عائقًا أمام تحقيق الأهداف وأن المُـهم ليس السِـنّ وإنما العمل والجُـهد، وأحَـذِّرهم فيها من اليَـأس والقنوط من طلب العِـلم. فطالما في الإنسان روح، لابد أن يسعى لطلب العِـلم والتزوُّد منه. فمِـن أشدّ ما يُـؤلمني أن أرى شبابا دون الثلاثين فاقِـدا الأمل والطموح، وعندما يتحدث يُـخيَّـل إليك أنه تعدّى الستِّـين أو السبعين من فرط اليأس وفقدان الأمل والطموح.

وبهذه المناسبة، أدعو الجميع للتحرّك والإيجابية وعدم التّـواكُـل والأخذ بالأسباب ومحاربة القصور السياسي، فليس شَـرطا أن يرى الإنسان نتائج ما يصنَـع، وإنما يجب أن يعمل لغيره وليس لنفسه فحسب.

وما هي أهمّ النتائج التي انتهت إليها رسالة الدكتوراه التي أعددتموها حول (الإحتساب على ذوي الجاه والسلطان)؟

د. فريد عبد الخالق: يُـمكن تلخيص أهمّ النتائج والتوصِـيات التي توصّـلت إليها في التالي:

• أن الحسبة على ذوي السلطان تشكِّـل كُـبرى الضمانات الشرعية للحريات العامة والحقوق الأساسية للإنسان أو المبادئ التي تحمي الأفراد من طُـغيان الدولة واستبداد الحكام، وهو المطلب العاجِـل والمُـلِـحّ الذي تتطلّـع إليه الشعوب، لاسيما الواقعة منها في دائرة الدول النامية، ودولنا العربية والإسلامية داخلة فيها.

• إنه، إلى جانب الوظائف التقليدية للحسبة، فإن لها وظيفة سياسية في المجتمع والدولة على السّواء بالغة الأهمية والحيوية، بحيث يمكن أن نعتبِـرها جزءً أساسيا من المشروع الحضاري الإسلامي المتكامِـل، الذي يستهدِفه المسلمون عامة، وعُـلماء الأمة ومفكروها الإسلاميون خاصة، ويجدون في إحياء وظيفة الحسبة عامة، وعلى ذوي الجاه والسلطان خاصة، أداة للإصلاح الدستوري من منظور الديمقراطية الحقيقية.

• إن مبدأ الفصْـل بين السلطات في الإسلام إضافة إلى مبدإ الشرعية الإسلامية – بمعنى سيادة الشريعة – يكونان أكبر سنَـد شرعي لوظيفة الحسبة على ذوي السلطان لما يتضمّـنان من تقييد السلطة التنفيذية بمهمّـتها الدستورية، وهي التنفيذ لا التشريع، ومن غلْـق الباب أمام الحكام، دون حقّ استصدار قوانين ظالمة.

• إن أعمال الحسبة الرقابية على السلطة الحاكمة ما يقوم به في نظامنا الحاضر، هو جهات متعدِّدة على رأسها المجالس النيابية وما خَـوّله الدستور لها من حقوق ووسائل لأداء دوْرها الرقابي، وهو احتسابي، وكذلك المعارضة، أحزابا وصحافة ونقابات وجماعات وغيرها، كما أن للقضاء العالي والإداري دوْره في الحسبة، حيث يمكن اعتبار دعاوى الإلغاء أمام المحاكم الجنائية صورا لدعاوى الحسبة المعروفة في الفِـقه الإسلامي.

• إن جوهر الديمقراطية مقبول في الإسلام، مع الإقرار بأن ثمّـة فوارق، من أهمِّـها أن سلطة الأغلبية، التي هي إحدى ركائز نظام الحُـكم الديمقراطي النيابي، ليست مُـطلَـقة في الإسلام، وإنما هي محكومة بما قدَّره الإسلام من مبادِئ وأصول جاءت بها نصوص القرآن والسُـنة على وجه القَـطع والإلزام التشريعي.

• إن مقاومة الظُّـلم والاحتساب على الحاكم واجبٌ دِيني، ومن أجل ذلك، شَـرّع الإسلام مقاومة الظُّـلم وأوجب على الأمة الإنكار على حكّـام الجور ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.

انتهيتم في بحثكم إلى إقرار حقّ كل مواطن (عربي ومسلم) في مساءلة رئيسه وحكومته انطلاقًا من كون المساءلة أو “الحسبة”، فرض كفاية علي كل مواطن، وفرض عين على المعارضة ونُـواب البرلمان القيام بها نيابة عن الشعوب.. نرجو مزيدًا من التوضيح؟

د. فريد عبد الخالق: تقوم فِـكرة الرسالة على إقرار حقّ كل مُـواطن عربي ومُـسلم في مساءلة رئيسه أو حكومته انطلاقا من كون المساءلة “فرض كفاية” على كل مواطن و”فرض عين” على رجال المعارضة وأعضاء البرلمان، نيابة عن الشعب، وترك مشروع وخريطة للإصلاح السياسي في الأمّـة الإسلامية يبدأ من خلال الإختيار الصحيح للحاكِـم العدْل وكيفية مساءلته، إذا أخلّ بطبيعة وظيفته.. كما ترسم الرسالة الطريق لإلغاء قانون الطوارِئ والإرهاب وكذلك المحاكمات العسكرية للمدنِـيين من خلال تعريف المحكومين بحقوقهم واستخدام آليات الحسبة لمحاكمة جُـور الحاكم وأعوانه.

والحسبة تقنِّـن العلاقة بين الحاكِـم والمحكوم وتجعلها علاقة تعاوُن وتفاهُـم، وللأسف، فإن نظام الحُـكم لدينا، لا تعرف إن كان برلمانيا أو رئاسيا، فكلّ ما يحدث أن النظام المعمول به لابد أن يخدِم الحاكِـم فقط، وبالطّـبع، هذا يحدُث على حساب المحكوم المُـفترَى عليه والضائع حقّـه، ولذا، فلابد من ضوابِـط تحكُـم هذه العلاقة، والحسبة هي الحلّ الوحيد للوصول إلى هذا الضابط.

وعلى المجالس النيابية والتشريعية التصدّي للفساد ومساءلة السلطة التنفيذية، وعلى رأسها الحاكم، من خلال إعمال الصلاحيات التشريعية والرقابية التي منحها لها الدستور، كما يجب على المجتمع المدني، بمؤسساته ونقاباته واتحاداته الطلابية وكل القِـوى السياسية، أن تتعاون معا لتحقيق المصالِـح العليا للمجتمع، وأن لا تقدِّم المصالح الفردية أو الشخصية على المصالح العليا للشعب.

رغم أن إعداد الرسالة بدأ في عام 1964 ونوقشت في موفى عام 2009، إلا أن موضوعها لا يزال صالِـحاً للمناقشة، بل وأصبح مهمّـا للغاية بعد مرور أكثر من 45 عاماً… ما الذي يعنِـيه ذلك برأيكم؟

د. فريد عبد الخالق: أعترف بأن الرسالة أخذت وقتًا طويلا، ربما بسبب اعتقالي لعدّة مرات، فضلا عن وجودي خارج مصر لفترات طويلة، لكن ما أودّ أن أقوله، إنه منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه العمل بتلك الرسالة وأنا شَـغوف لأن انتهي منها، بسبب أهميّـتها الشديدة جدا هذه الأيام ولمعرفتي بأن المجتمع في أشدّ الحاجة لموضوعها، فكل القوى الموجودة في المجتمع باختلاف اتِّـجاهاتها الفكرية، يسارية ويمينية وإسلامية وحتى الليبرالية، تحتاج إلى تفعيل هذا النظام، لتعرف معنى الحرية الحقيقة، والشورى أو ما يطلق عليها هذه الأيام “الديمقراطية”، كما أننا نعيش في وضع يجِـب تغييره، وأعتقد أن الحسبة ستُـساعد على إحداث هذا التغيير، وقد أثنى المُـشرفون على الرسالة وأكَّـدوا أنها جاءت في وقتها.

أبرزَت الدِّراسة الدّور السياسي الذي يُـمكن أن تلعبه مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في إصلاح الفساد المستشري في المجتمع ومقاومة الظلم بجميع صوره، فضلا عن محاربة أنواع الفساد التي تقَـع من ذوي الجاهِ والنّـفوذ والسلطان في المجتمع.. ما الذي ينقص المجتمعات المدنية العربية للقِـيام بهذه الأدوار في القرن الحادي والعشرين؟

د. فريد عبد الخالق: تعرّضت الدراسة لبعض النُّـظم القانونية الوضعية، وما قدّمته من تصورات ونظريات ومصطلحات في مجال تنظيم علاقة الحاكم والمحكوم، لافتة إلى بعض التطبيقات العملية وصورها المتنوعة.

وأشارت الدراسة إلى واجِـب الأمر بالمعروف والنّـهي عن المنكر في مقاومة الظُّـلم بجميع صوره، من سياسي واجتماعي واقتصادي، ومحاربة أنواع الفساد التي تقع من ذوي الجاه والسلطان في المجتمع، وأبرزت الدّور السياسي الذي يُـمكن أن تلعَـبه “الحسبة” في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتقديم تصوُّر صحيح ومَـقبول لنظام الحسبة الإسلامي، يمكن أن يؤدّي دوره في الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان في وقتِـنا الحاضر.

والقارئ المتفحص للتاريخ الإسلامي، يجد أن النبي “صلى الله عليه وسلم” لم يحدِّد الخليفة الذي سيتسلّـم مقاليد السلطة بعده، وإنما ترك ذلك لاجتهاد الصحابة من بعده، لأنه لو وضع أسُـس اختيار الخليفة، لكان ذلك سُـنّـة واجبة التطبيق، ولكنه “صلى الله عليه وسلم”، فطن إلى أن الصيغ التي يتعامل بها المسلمون تتغير بتغير الزمان، وهنا يتّـضح لنا ما يمكن أن تلعبه المؤسسات الدستورية في الأنظمة الديمقراطية النيابية من دور فاعل، في ضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين.

حضر العديد من قيادات الإخوان ورجالات المعارضة في مصر مناقشة الرسالة، هل تتوقع أن تُفيدهم في تحرّكاتهم وخططهم المستقبلية، خصوصًا وأن مواعيد سياسية مهمّـة جدا على الأبواب (انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية..)؟

د. فريد عبد الخالق: الرسالة مُـقدَّمة للجميع وليست لجماعة أو قوة سياسية بعينها، وهي ليست متحيِّـزة لحركة بعينها، فالكل في النهاية يمثِّـل مجتمعا واحدا، ووطنٌ واحدٌ، نعم لكل منهم توجهه الفكري وقناعاته الخاصة، لكن المصلحة العليا تشغل الجميع، ولا يجوز الإنحياز لحركة عن غيرها. وقد لمست من الحضور أنهم متّـفقون على ما أقول من دعوة للحرية وتطبيق نظام الحسبة، وليس جماعة الإخوان فقط.

وقد حاولَـت الدراسة إبراز الدّور السياسي الذي يُـمكن أن تلعبه الحسبة، كنظام إسلامي يحقق الرقابة الشعبية في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، من منظور مقارن بالمؤسسات الدستورية في الأنظمة الديمقراطية النيابية الحديثة والتشريعات الوضعية، وبيان أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدستورية في ضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين انطلاقًا من هذا، يتوافق مع الشريعة الإسلامية وعدم معارضته لأي أصل من أصوله.

أجرى الحوار في القاهرة: همام سرحان – swissinfo.ch

وُلِدَ في مدينة فاقوس محافظة الشرقية بمصر في الثلاثين من نوفمبر عام 1915 للميلاد.

انتقل مع عائلته بعد ذلك إلى مدينة القاهرة، وأكمل دراسته حيث تخرج عام 1936 من معهد التربية العالي.

الدكتور فريد عبد الخالق شاهدُ عصر علي الحركة التجديدية الإسلامية الراشدة منذ الأربعينيات وحتي يومنا هذا، ومع تقدم عمره لا يزال مشتغلا بأمانة الكلمة وتبعة الهمّ العام ويعدّ أحد رموز مدرسة الفكر المتسق المتوازن، والوعي بمتغيرات العصر، وبالفقه الراشد في الكتاب والسنة.

جمع في دراسته العليا بين العلوم والرياضيات والقانون والشريعة، وقد عمل مديرا عاما لدار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية في السبعينيات، ثم وكيلا لوزارة الثقافة لشؤونهم.

مارس الدعوة خطيبًا وشاعرًا و باحثًا ومفكرًا ومن بين ما صدر له من كتابات: “الإخوان المسلمون في ميزان الحق” كتاب صدر له عام 1987. و”مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك ملحمة شعرية”، عام 1993. و”ديوان المقاومة” عام 2003 و”تأملات في الدين والحياة”، عام 2003 وكتاب “في الفقه السياسي الإسلامي” عام 2007.

حضر مناقشة الرسالة عدد من قيادات وكوادر جماعة الإخوان، منهم: الدكتور محمود عزت والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وسيف الإسلام حسن البنا، (نجل مؤسس الجماعة)، والدكتور محمود العسال؛ كما حضر المناقشة عدد من الشخصيات العامة والخبراء، منهم: الدكتور صلاح عبدالمتعال، الدكتور صلاح عبدالكريم، الدكتور عاطف البنا والمستشارة نهى الزيني.

تشكلت لجنة المناقشة من: الأستاذ الدكتور يوسف قاسم، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة (مشرفاً) والمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة الزقازيق (مناقشاً)، والدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية ووكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة (مناقشاً).

منحت اللجنة الباحث محمد فريد عبد الخالق درجة الدكتوراه بتقدير (امتياز)، مع التوصية بطبع الرسالة على نفقة جامعة القاهرة وتوزيعها على الجامعات، لتعميم الفائدة من موضوعها المهم، ومعالجاتها المتميزة، باعتبارها أول رسالة علمية تبحث في مسألة الرقابة الشعبية على الحكام ومسؤولي السلطة التنفيذية من منظور إسلامي. حسب تعبير اللجنة.

ضمن صاحب الرسالة دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لحصوله على درجة الدكتوراه بعد بلوغه سن الرابعة والتسعين، ولكونه (أكبر مَـن ناقش رسالة دكتوراه في العالم) بعد تحطيمه للرقم القياسي السابق لأكبر شخص ناقش الدكتوراه في العالم عن عمر يناهز السبعين.

تتكون الدراسة من: فصل تمهيدي عن المفاهيم الأساسية التي تشكل منطلقات الرؤية، تليه ثلاثة أبواب رئيسية يتناول أولها: المفهوم السياسي للاحتساب وعلائقه، ويناقش ثانيها: علاقة الحسبة بالدولة والحكم، مع تعريف المحتسب عليهم من ذوي السلطان والمقارنة بين النظام الإسلامي في الاحتساب والأنظمة القانونية الوضعية، فيما تناول ثالثها: الأنظمة السياسية المعاصرة، والمقصود الاحتسابي فيها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية