مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رام الله – غزة: من يـرمـش أولا؟

عناصر أمنية تابعة للقوة التنفيذية التابعة لحركة حماس أثناء استعراض عسكري نظم في غزة يوم 12 أغسطس 2007 Keystone

لا يحتاج خطاب قيادة حركة حماس الاسلامية، مابعد سيطرتها على قطاع غزة قبل شهرين، الى كثير تمعن لاجلاء خباياه وخفاياه. الحركة الاسلامية تجاهر بانها "طهرت" القطاع المنهك المتعب المحاصر من "ثلة الفاسدين" وانها ثبتت الحق وطبقته ولن تعود عن ماالت اليه امورها هناك.

اما حركة فتح، المقصية عن سلطة غزة، ومعها الرئيس محمود عباس، فانهما غير مستعدين لحوار مع “الانقلابيين” حكام غزة الجدد. وهو خطاب واضح لا لبس فيه: لاعودة إلى اوضاع ماقبل 16 حزيران الماضي، الا إذا عادت حماس عما فعلته.

وعلى وقع هذين الموقفين، تشهد غزة قيام اركان حكم جديد: جهاز قضاء، قوة بحرية، وجهاز تعليم منفصل عن الضفة، وطبعا السيطرة الكاملة للقوة التنفيذية على جميع الاجهزة الامنية.

بل ان مصادر في الحركة الاسلامية تؤكد ان حماس ماضية على طريق توطيد اركان حكمها في قطاع غزة بالرغم من كل الرهانات التي تقول إنها لن تطيق صبرا مع الحالة المستعصية للحصار الذي يضرب القطاع.

ولا هي كذلك آبهة بما يمكن ان يترتب على هذا الامر من استحقاقات تفرضها إدارة شؤون أكثر من مليون شخص هم سكان القطاع الذي تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) إنه “على حافة كارثة”.

وقد قيل كثيرا وفي مناسبات عديدة أن القطاع على شفى حفرة من النار، وأن الوضع الانساني فيه لا يحتمل أي تداعيات جديدة، لكن ثمة قدرة خفية تبدو وانها تقف في مكان ما تظل تبعث الحياة فيه.

وفي غضون ذلك يتلقى الموظفون رواتبهم، وتمر المساعدات الانسانية من معابر مغلقة امام التجار ورجال الاعمال والطلاب والزائرين والراغبين في المغادرة الى متنفس قريب او بعيد.

وبالرغم من الحديث المتواتر عن محاولات الوساطة ودفع الطرفين، حماس من جهة وفتح والرئاسة من جهة اخرى، الى طاولة الحوار مجددا، فان جميع المؤشرات والمعطيات ومواقف الطرفين تفيد عكس ذلك.

مواقف متناقضة ومتباعدة

لم تتردد قيادة حماس، في غزة وخارجها، على لسان خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي وكذلك رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية في التأكيد على أن الحركة فعلت صوابا عندما اقدمت على الاستيلاء على السلطة المحلية في قطاع غزة، وانه ليس ثمة ما يمكن ان تعتذر وتتراجع عنه.

وثمة من يؤكد من المقربين للرئيس عباس انه قطع عهدا “على نفسه وللأمريكيين أيضا” بانه لن يفاوض او يحاور حماس، الا في حالة تراجعها وإعادة الامور الى ماكانت عليه، بل ومحاسبة جميع المسؤولين عن ذلك.

ويقول احمد غنيم، عضو المجلس الثوري لحركة فتح وأحد قادتها المحليين الذي شارك في حوارات سابقة مع حماس “لا توجد آفاق دنيا للحوار، ولا توجد أي آفاق، بل إن الفجوة تتسع ويبدو أن كل طرف سيواجه مصيره”.

واضاف غنيم في حديث لسويس انفو “للاسف حماس ماضية في غيها، وما يحدث ليس سوى تكريس لانفصال غزة عن الضفة الغربية”. ويعتبر غنيم ان “اسرائيل وحدها يمكنها إطالة هذا الانفصال والانقسام إذا تعاونت بطريقة ما وأبقت الامور على ما هي عليه”.

ويرى مراقبون ان إسرائيل باتت هي المستفيد الاول من حالة الانقسام الفلسطينية الداخلية هذه، لاسيما وان ثمة قيادتان فلسطينيتان الآن بدلا من واحدة.

ويرى وليد الهودلي، الناشط والباحث الاسلامي في مدينة رام الله بالضفة الغربية أن مواقف الطرفين تشيرالى تعقد الامور بشكل كبير وأنه لا بد لكل منهما من تقديم تنازلات للدخول في حوار.

وقال الهودلي لسويس انفو “الموضوع شائك جدا، ولابد من قيام الطرفين بتقديم تنازلان أليمة، على حماس أن تعيد جميع المقرات والمؤسسات التي استولت عليها وتسليمها للسلطة ولكن على الرئاسة ان تقبل ذلك دون اعتذارات ودون محاسبة”.

وأضاف “هناك حاجة ملحة لابداء المرونة حتى يستنانف الحوار حول منظمة التحرير وتشكيل حكومة محايدة ولكن لاضرورة لوضع برنامج سياسي واحد، إذ يمكن القبول بالحد الادنى”.

ولم تتمكن حركة فتح وحركة حماس من التوصل الى تفاهمات اساسية حول “تقاسم” منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة أوائل العام 2006.

في الانتظار

وتشير الخطوات العملية التي اتخذتها حركة حماس اثر سيطرتها على قطاع غزة، إلى أن الحركة الاسلامية تواصل العمل ضمن برنامج منظم يهدف الى ترسيخ وجودها كسلطة وحيدة في قطاع غزة.

وقد بادرت أولا الى فرض سياسية امنية محلية صارمة لاسيما مايتعلق بقضايا تسيير الامور الحياتية اليومية للسكان وردع المجرمين واللصوص وفرض نوع من النظام والامان.

وانتقلت بعد ذلك الى تكريس سيادتها على سلطة التعيلم، إذ رفضت تسليم نتائج امتحان الشهادة الثانوية العامة لوزارة التربية في رام الله، واصرت على إعلان نتلائج منفصلة للقطاع.

وفرغت حماس موخرا من تشكيل قوى بحرية “نحو 150 عنصرا” بعد ان انتهت من فرض سيطرتها الامنية على مختلف الاجهوة الاخرى. وتقول مصادر مقربة من الحركة إن حماس لا زالت قادرة على إدخال كميات كبيرة من الاموال بلغت مئات الملايين من الدولارات.

واكدت المصارد ذاتها أن الحركة ستشرع قريبا في تنفيذ خطتها للسيطرة على جهاز القضاء في القطاع ثم الانتقال الى بقية الاجهزة المدنية، لاسيما وانها شرعت بالفعل في إقالة العديد من المسوؤلين في جهاز الصحة.

هشام عبدالله – رام الله

لندن (رويترز) – قالت لجنة برلمانية بريطانية يوم الاثنين 13 أغسطس إن رفض بريطانيا اجراء حوار مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) غير مثمر ويجب بذل جهود لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية جديدة في الضفة الغربية وغزة.

وقالت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني في تقرير بشأن الشرق الاوسط ان اتباع “سياسة الضفة الغربية اولا” حيث تتعامل بريطانيا مع الضفة الغربية حيث الهيمنة لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتعزل قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس سيعرض السلام الى مزيد من الخطر.

واضافت اللجنة التي تضم نوابا من كل الاحزاب “في ضوء عدم اعطاء المقاطعة نتائج فاننا نوصي بضرورة ان تفكر الحكومة بشكل عاجل في طرق للارتباط سياسيا مع عناصر معتدلة داخل حماس .”

واضافت انه يجب على رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الارتباط بشكل شخصي مع حماس لمساعدة المصالحة في دوره الجديد كمبعوث لمجموعة الوساطة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا.

وانضمت بريطانياإلى حظر سياسي ومالي فرضه الغرب على حماس .

وعزلت حماس بسبب رفضها تلبية ثلاثة معايير وضعتها المجموعة الرباعية وهي الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود ونبذ العنف والالتزام باتفاقيات السلام المؤقتة مع اسرائيل.

واوصى التقرير البرلماني ايضا بأن تحث بريطانيا عباس الذي تلقى حركة فتح التي يتزعمها تأييدا من الغرب على اجراء مفاوضات مع حماس لاعادة تشكيل ” حكومة وحدة وطنية عبر الاراضي الفلسطينية المحتلة.”

وقالت اللجنة ان بريطانيا أخطأت في فرض تطبيق حظر ضد حماس حتى بعد ان وافقت الحركة في فبراير شباط على تشكيل حكومة وحدة مع فتح. وكانت هذه الموافقة تهدف إلى إنهاء الاقتتال الداخلي وتخفيف العقوبات الاقتصادية الغربية.

وقال التقرير ان استمرار مقاطعة الحكومة الفلسطينية بسبب وجود حماس فيها كان يعني ان “من المرجح جدا انهيار”جهود الوحدة.

ودعت اللجنة ايضا الى انتهاج اسلوب جديد لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي . واكدت هدف التوصل الى حل يقوم على اساس دولتين ولكنها قالت ان خارطة الطريق التي تدعمها الولايات المتحدة والتي اعدت في عام 2002 “اصبحت الى حد كبير لاصلة لها بالأمر.”

ولم يف الاسرائيليون او الفلسطينيون بالتزاماتهم بموجب الخطة التي تدعو اسرائيل الى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والفلسطنيين الى حل جماعات النشطين .

ودعا التقرير ايضا حكومة رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون الى تحسين تأثيرها في العالم العربي بسبب الضرر الذي لحق بسمعة بريطانيا نتيجة سياساتها في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 13 أغسطس 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية