مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ريتشارد غولدستون: “الهدف من الجلسات العلنية إسماع صوت الضحايا”

Keystone

أنهت في جنيف لجنة تقصي الحقائق حول تأثيرات العمليات العسكرية الإسرائيلية في الحرب على غزة يومين من الاستماع العلني للشهود، بدون الخوض في تفاصيل التقرير الذي ستعده. وأشاد رئيسها ريتشارد غولدستون بشجاعة الشهود، لكنه عبـر عن الأسف لكون إسرائيل لم تسمح للجنة بتنظيم الاستماع في الضفة الغربية وإسرائيل.

استمع أعضاء لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الجلسة الثانية، التي خــُصصت لشهادة سكان جنوب إسرائيل والضفة الغربية يومي الاثنين 6 والثلاثاء 7 يوليو، بعد أن استمعوا في 28 و29 يونيو الماضي لشهادة سكان قطاع غزة.

رئيس اللجنة والمدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية حول يوغسلافيا السابقة ورواندا، القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، صرح في ندوة صحفية عقدها بقصر الأمم المتحدة بعد ظهر الثلاثاء 7 يوليو الجاري: “إن الشهادات التي استمعنا لها في غزة الأسبوع الماضي وتلك التي استمعنا لها خلال اليومين الماضيين في جنيف، هي شهادات يصعب سماعها”.

وأضاف أن “الهدف من هذا الاستماع العلني للشهادات، والذي يتم لأول مرة في تاريخ لجان التحقيق، هو لتقاسم وطأة المعاناة البشرية ولإسماع صوت الضحايا وعدم الاقتصار على أنهم أرقام تُردّد في الإحصائيات”.

عائلات فلسطينية أبيدت بأكملها

ما يمكن تلخيصه عن الشهادات التي استمع لها أعضاء لجنة تقصي الحقائق في قطاع غزة، هو أنها كانت في معظمها شهادات لمدنيين فقدوا فردا أو أكثر، بل حتى كل أعضاء عائلاتهم في هذه الحرب التي قامت بها إسرائيل وادّعت أنها لوقف إطلاق صواريخ حماس ضد الجنوب الإسرائيلي.

فقد تناقلت وسائل الاعلام شهادة الشيخ العجوز موسى السيلاوي البالغ من العمر تسعين عاما والذي روى تفاصيل عملية قصف مسجد في منطقة جباليا أدّى الى مقتل 17 شخصا، من بينهم أربعة من أفراد عائلته، أو شهادة أحد أفراد عائلة السموني، التي قتل منها 29 فردا، من ضمنهم أطفال، في إحدى أعنف عمليات القصف على غزة، بدون أن تتمكن فرق الإسعاف من الوصول إلى مكان الواقعة إلا بعد ثلاثة أيام.

وقد أوضح الخبير في الطب النفسي في قطاع غزة، إياد السراج، أمام أعضاء اللجنة، التأثير النفسي خصوصا على الأطفال من جرّاء ما شاهدوه من قتل ودمار ودماء، إذ قال “إن عمليات القتل وإراقة الدماء التي تعرّضت إليها أفراد عائلاتهم كانت رهيبة بشكل أنها ستترك آثارا نفسية سلبية وقد تقود إلى التطرف وإلى إذكاء دوامة العنف”.

أما موظف منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، محمد ظاهر، فقد كانت شهادته عن تعرض طواقم الإغاثة للقصف والقتل، إذ أوضح “صعوبة تحرك طواقم الإغاثة في الطرقات لتقديم المساعدة، رغم محاولات التنسيق مع الجيش الإسرائيلي”، ما أدى إلى مقتل 16 مسعفا وتدمير 20 سيارة إسعاف.

المعاناة النفسية للإسرائيليين

وشهدت جلسات الاستماع التي تمت في جنيف تدخل عدد من الإسرائيليين الذين ركزوا على المعاناة النفسية التي يشعر بها سكان المناطق الجنوبية من إسرائيل، المُـعرّضة لقصف قذائف المجموعات الفلسطينية.

ومن هذه الشهادات، ما صرحت به أمام اللجنة إيميليا سيديرا، الطبيبة بإحدى مصحات مدينة عسقلان، والتي تعرّضت لإصابة في الوجه أثناء إطلاق قذيفة على مصحتها، إذ قالت إن “الأتعس هو التأثير النفسي”، متسائلة “ما الذنب الذي اقترفته؟ وما الذي فعلته لكي أكافأ بهذه الطريقة؟”

أما شهادة أستاذ حقوق الإنسان أوفر شومار، الذي ساند سكان جنوب إسرائيل منذ سنوات، فقد ألقى بعض الضوء عن جانب آخر وهو تأثيرات هذا الصراع المزمن إذ أوضح أن “مشكلة السكان الإسرائيليين تكمن في كونهم يشعرون بأنهم هم الضحية”، ويضيف الأستاذ الجامعي بأنه “من الصعب بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي تغيير رأيه وتفهم أن الطرف الآخر هو أيضا ضحية”، وهذا ما يعتبره “القضية المأساوية التي يجب تجاوزها في هذا الصراع”.

في انتظار التقرير

بانهاء يومين من جلسات الاستماع للشهود في جنيف، وبعد يومين من الاستماع للشهود في غزة، تنهي لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان تحقيقها في الانتهاكات المرتكبة أثناء الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة ما بين 27 ديسمبر 2008 و18 يناير 2009.

ويقول رئيسها القاضي ريتشارد غولدستون، إن التحقيق الذي تم في غزة وجنيف سيتواصل “بتوجه البعثة للأردن للاستماع لشهادات إسرائيلية وفلسطينية”.

وعلى الرغم من توصل اللجنة بالعديد من الشهادات المكتوبة من عدد من المنظمات، يقول ريتشارد غولدستون “إنه سيتم خلال الأيام القادمة إرسال رسائل إلى كل من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية وحركة حماس، للإجابة على أسئلة حول بعض النقاط التي ما زالت تحتاج إلى توضيح لإنجاح المهمة”.

وستشرع اللجنة في تحرير تقريرها الذي قال غولدستون “إنه سيكون جاهزا في نهاية الشهر القادم لكي يتم عرضه على مجلس حقوق الإنسان في جنيف في دورته القادمة في شهر سبتمبر”.

محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch

تم تعيين لجنة تقصي الحقائق من قبل الدورة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، التي تمت الدعوة لها للنظر في الانتهاكات المرتكبة أثناء الحرب على غزة.

عهد برئاستها للمدعي العام السابق في محكمة رواندا ويوغسلافيا السابقة، الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون.

ومن أعضائها السيدة هينا جيلاني، الممثلة السابقة للأمين العام المكلفة بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

والسيدة كريستين شينكين ،القانونية، التي شاركت في لجنة تقصّـي الحقائق في أحداث بيت حانون إلى جانب القس ديسموند توتو.

ورافق الفريق خبير في الشؤون العسكرية.

قامت اللجنة بأول تحقيق في غزة في الفترة ما بين 1 و4 يونيو 2009 وزارت 14 موقعا في كل من مدينة غزة وشمال القطاع.

بعد رفض إسرائيل التعاون معها، قررت اللجنة تنظيم جلسات استماع علنية، وهذا لأول مرة بالنسبة للجنة تحقيق أممية.

الجلسة الأولى تمت في مكاتب الأونروا بمدينة غزة يومي 28 و29 يونيو 2009 للاستماع لضحايا قطاع غزة.

والجلسة الثانية، تمت بقصر الأمم المتحدة في جنيف يومي 06 و07 يوليو 2009 للاستماع لضحايا إسرائيل والضفة الغربية.

وسيتم تحضير تقرير ترفعه لجنة تقصي الحقائق إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته القادمة في شهر سبتمبر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية