مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سوريا ترحب ب”طلب” لبنان إمرار الغاز والطاقة من مصر والأردن عبر أراضيها

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد (يمين) ومسؤولون سوريون يستقبلون وفداً لبنانياً ضمّ (من يسار الصورة إلى يمينها) وزير المال غازي وزني ونائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال زينة عكر ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر في العاصمة دمشق 4 أيلول/سبتمبر 2021 afp_tickers

رحبت دمشق السبت بـ”طلب” لبنان إمرار الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها وأبدت استعداداً “لتلبيته” للتخفيف من وطأة أزمة طاقة يعانيها لبنان منذ أشهر وذلك في أول زيارة لوفد وزاري لبناني رفيع المستوى لسوريا منذ اندلاع النزاع فيها قبل عشر سنوات.

ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات ينعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وذلك على وقع أزمة اقتصادية تتفاقم منذ عامين وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

كما تعاني سوريا بدورها أزمة طاقة كهربائية حادة جراء النزاع الدائر فيها منذ 2011 فاقمتها العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

والشهر الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية تبلغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسوريا فلبنان. ويعني التعهد الأميركي عملياً، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات المفروضة على سوريا والتي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.

ووصل الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، صباحاً إلى سوريا. وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية بحضور وزيري الخارجية فيصل المقداد والنفط بسام طعمة.

وتُعد هذه الزيارة الحكومية اللبنانية الرسمية الأولى إلى سوريا منذ اندلاع النزاع، إذ اتبع لبنان رسمياً مبدأ “النأي بالنفس” من الحرب، وسط انقسامات كبرى بين القوى السياسية إزاء العلاقة مع دمشق ومن ثمّ مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب القوات الحكومية.وحافظ البلدان على علاقات دبلوماسية بينهما، لكن الزيارات الرسمية تراجعت إلى حدّ كبير، واقتصرت على مبادرات فردية من وزراء وشخصيات يمثلون أحزاباً حليفة لدمشق.

وخلال مؤتمر صحافي بحضور المجتمعين قال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين للبلدين، نصري خوري: “طالب الجانب اللبناني بإمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الاراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب وأكد استعداد سوريا لتلبية ذلك”.

واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك.

وقال طعمة للصحافيين إن الهدف من الفريق المشترك هو تحديد “جاهزية البنى التحتية ومدى سلامتها” لأن “سواء كانت الغازية او الكهربائية تعرضت لأضرار كبيرة” خلال النزاع و”تكلفت عملية إعادتها او ابقائها في حالة الجاهزية مبالغ كبيرة جداً”.

ومن المفترض أن ينقل الغاز عبر ما يُعرف بـ”الخط العربي”، من الحدود الأردنية جنوباً إلى وسط سوريا ومنها إلى محطة لقياس الكمية قرب الحدود اللبنانية السورية ثم إلى لبنان.

وسيُعقد، وفق وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر، الأسبوع المقبل في الأردن اجتماع رباعي بين سوريا والأردن ومصر ولبنان لبحث “المواضيع التقنية والفنية والمالية ولنضع برنامج عمل وجدولا زمنيا”.

ويتفاوض لبنان منذ أكثر من سنة مع القاهرة لاستجرار الغاز عبر الأردن وسوريا، وفق ما كان مصدر مطلع على الملف أفاد فرانس برس، لكن العقوبات الأميركية على سوريا، وآخرها قانون قيصر، شكلت على الدوام عقبة أمام الاتفاق.

وأوضح غجر “أننا نستطيع ان نستفيد من الغاز المصري والكهرباء الاردنية، هذا الموضوع ليس جديداً فنياً، وكنا نبحثه لكن كان هناك موانع، وكانت هناك الاستثناءات المطلوبة من الاميركيين الذين هم بادروا عندما رأوا صعوبة الوضع في لبنان”.

– بين واشنطن وطهران –

خلال عامين، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وقدرت الأمم المتحدة أن 78 في المئة من السكان باتوا يعيشون في الفقر.

وجراء أزمة المحروقات الحادة، تراجعت قدرة مؤسسة الكهرباء على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.

ويقف المواطنون يومياً لساعات طويلة أمام محطات الوقود لتعبئة خزانات سياراتهم. وحذرت المستشفيات مراراً من من نفاد المحروقات ومخاطره على حياة المرضى.

وفي سوريا، استنزفت سنوات الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة دمشق من جهة وتضرّر محطات توليد وأنابيب في المعارك من جهة أخرى.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة ساعات تقنين طويلة، وصلت خلال الأشهر الماضية إلى نحو عشرين ساعة يومياً، بسبب عدم توافر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد. وتحول العقوبات الاقتصادية دون وصول باخرات النفط بشكل منتظم إليها.

وخلال زيارة إلى بيروت لوفد من مجلس الشيوخ الأميركي، قال السيناتور كريس مورفي إن أي وقود يمر عبر سوريا قد يكون عرضة للعقوبات، “لذلك، فإننا نعمل على تحديد ما إذا كان بإمكاننا تسهيل النقل (إلى لبنان) من دون تطبيق العقوبات الأميركية”.

وأضاف “لا نعتقد أن لبنان يحتاج للاعتماد على ناقلات الوقود الإيرانية من أجل حل الأزمة”.

وتبلغ لبنان استعداد واشنطن لمساعدته لاستجرار الغاز المصري، بعيد إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن “سفينة أولى” محملة بمادة المازوت ستتوجه إلى لبنان من إيران، الداعم الأول للحزب والتي تفرض عليها واشنطن عقوبات اقتصادية.

وغادرت السفينة الموانئ الإيرانية قبل نحو أسبوعين، ولا تزال في مياه البحر الأحمر، وفق موقع “تانكرز تراكر” المتخصص في مراقبة حركة السفن.

ومن المتوقع أن تتوجه السفينة إلى سوريا لتفريغ حمولتها قبل نقلها براً إلى لبنان، فيما لم يصدر أي تصريح رسمي لبناني حول الشحنات الإيرانية، التي اثارت جدلاً سياسياً.

وإثر إعلان واشنطن، وعد نصرالله بشحنات وقود إضافية من إيران. وقد أبحرت سفينة ثانية قبل أيام.

وأثار إرسال سفن ايرانية محملة بالمحروقات إلى لبنان مخاوف خصوصاً بعدما تعرضت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل لهجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها أقله.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية