مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سوريا وتركيا: انقلاب تاريخي؟

من اليمين، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان والرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائهما في إسطمبول يوم 16 سبتمبر 2009 حيث تباحثا حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية Keystone

ماذا بعد إزالة "الحدود المُـصطنعة" (على حدّ تعبير وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو) بين سوريا وتركيا؟ السؤال يبدو كبيرا، لأن ما حدث في منتصف شهر أكتوبر بين الأتراك والسوريين، كان كبيراً حقاً.

وهنا، ليس المقصود فقط إلغاء التأشيرات على الحدود بين البلدين، رغم الأهمية الفائقة لهذه الخطوة، بل ثلاثة أمور دُفعة واحدة: القفز فوق معضِـلة لواء الاسكندرون السوري المُـحتل، والاتفاق على إجراء مناورات عسكرية كبيرة بين البلدين على الحدود السورية – التركية – العراقية، وإبرام اتفاق استراتيجي تضمّـن 40 بروتوكولاً، غطّـى تقريباً كل مجالات التعاون بين البلدين.

إسرائيل شطْـران

الدّلائل العميقة لهذه التطورات برزت في ردود الفعل الإسرائيلية، حيث كانت المفاجأة شِـبه تامّـة بالفعل.

فبدلاً من المناورات العسكرية الإسرائيلية – التركية المشتركة في إطار تدريبات حِـلف شمال الأطلسي، التي تحمِـل إسم “نسر الأناضول”، سيتِـم إجراء مناورات عسكرية سورية – تركية، وأين؟ على الحدود السورية والعراقية والتركية، التي تقع على مرمى حجر من العُـمق الإسرائيلي.

وبدلاً من تعزيز التعاون الإستراتيجي التركي – الإسرائيلي، يتِـم ترقية التعاون الإستراتيجي السوري – التركي، ليس هذا وحسب، بل يجري أيضاً فتح الحدود من دون تأشيرات بين البلدين، بصفتها “حدوداً مصطنعة”، على حدّ تعبير وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو.

وبعد هذه المفاجأة، التي ربّـما تُـوازي في أهميتها مفاجأة حرب أكتوبر 1973، جاء دور الأسئلة الخطيرة في تل أبيب: هل هذه بداية نهاية التحالف الإستراتيجي التاريخي بين تركيا وإسرائيل والذي استمر بلا انقطاع نيفاً و60 عاماً؟ وهل الجيش التركي، الذي كان المُـستفيد الأول من هذا التحالف، عسكرياً ولوجستياً، موافق على هذا الانقلاب؟ ثم: أين الولايات المتحدة من كل هذه التطورات الدرامية في الشرق الأوسط؟

المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة انشطرت قِـسمين إزاء هذه الأسئلة القلقة. ففي ضفّـة وقْـف وزير الدفاع إيهود باراك ليحذّر الإسرائيليين من مغبّـة تصعيد الموقف مع أنقرة، قائلاً خلال اجتماع مُـغلق للقيادات العسكرية والمدنية الإسرائيلية، إن “العلاقات بين تركيا وإسرائيل استراتيجية وقد تمّ الحفاظ عليها لعشرات السنين. ورغم كل عمليات الصعود والهبوط الراهنة، إلا أن تركيا لا تزال لاعِـباً مركزياً في المنطقة، وبالتالي، ليس من المناسب الانجِـرار إلى انتقادها”.

بعض جنرالات إسرائيل يوافِـقون على هذا الرأي، ويقولون إن قرار تركيا منْـع إسرائيل من المشاركة في مناورات “نسر الأناضول” الجوية الأطلسية في مدينة قونيا التركية، في وسط الأناضول (والتي انسحبت منها الدول الغربية احتجاجاً على استبعاد إسرائيل)، لم يصدر عن رئيس الحكومة التركية أردوغان، بل عن قيادة الجيش التركي. لماذا؟ لأن المؤسسة العسكرية التركية، برأيِـهم، كانت غاضِـبة من تأخّـر تل أبيب في تسليمها طائرات تجسّـس من دون طيار، كانت أنقرة اشترتها قبل أكثر من سنتين.

وبالتالي، فإن خطوة استبعاد إسرائيل من المناورات، لم يكن لها أبعاد سياسية، سببها الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة، بل تتعلق بالأمن العسكري التركي، خاصة وأن الجيش يحتاج إلى هذه الطائرات بشدّة لمواصلة حربه ضد حزب العمّـال الكردستاني.

على الضفة الثانية من الجدل، تمترس الصقور الإسرائيليون الذين يروْن إلى التغيّـرات التركية على أنها جزء من برنامج إسلامي طوّره حزب العدالة والتنمية التركي، ذو الجذور الإسلامية، وهو برنامج يتناقض بنداً ببند مع التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل.

ولكي يوضح هؤلاء وجهة نظرهم، يقولون إن السياسة التركية قبل وصول حزب العدالة إلى الحكم عام 2002، كانت تحبِّـذ إلى حدٍّ كبير العلاقات الوثيقة بين أنقرة وتل أبيب، والتي كانت تترجم نفسها في التعاون الكامل في المجالات الاستخبارية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، لكن، بعد عام 2002 تجمّـدت هذه العلاقات وتوتّـرت، في حين كانت أنقرة تتصالح مع إيران وسوريا، وحتى مع أرمينيا وروسيا.

ويتوقّـف الصقور، كدليل على ذلك، أمام البيانات المتلاحِـقة لأردوغان، التي أعلن فيها بعد حرب غزة أن “الله سيُـعاقب إسرائيل على أعمالها، بعد أن حوّلت القطاع إلى معسكر اعتقال دموي”، ثم بعد المشادّة الكبرى التي حدثت بينه وبين الرئيس الإسرائيلي بيريز في مؤتمر منتدى دافوس، والتي خاطب خلالها الأخير بقوله:” أنتم تعرِفون تماماً كيف تقتلون”.

ويرى الصقور الإسرائيليون، ومعهم المحافظون الأمريكيون اليمينيون، كما الجُـدد، أن مواقف تركيا الأردوغانية نابعة أساساً من المنظور الإسلامي الذي تُطل من خلاله على العالم، وهو بالضرورة منظور معادٍ للغرب وعلى رأسه إسرائيل، وبالتالي، يدعو هذا الجناح إلى فتح النار على تركيا وعلى كل الجبهات، خاصة منها جبهات الكونغرس وهيئات الضغط الكُـبرى الأخرى في الولايات المتحدة.

العثمانية الجديدة

هل تحليل الصقور الإسرائيليين في محلِّـه؟ كلا. فتركيا لا تطمح لا إلى إحياء الخلافة الإسلامية العثمانية ولا استئناف الحروب مع الغرب ومعاودة مُـحاصرة فيينا أو احتلال أوروبا الشرقية. صحيح أنها تتبنّـى هذه الأيام شِـعار “العثمانية الجديدة”، لكن الوزير داود أوغلو أكّـد مِـراراً وتِـكرارا رفضه لهذه التعبير، إذا ما كان يُـوحي بأن أنقرة تريد وصل ما انقطع من دور اسطنبول الإمبراطورية.

كل ما تريده تركيا هو ممارسة دور “القوة الليِّـنة”، بوصفها الدولة السادسة عشرة الأكبر اقتصاداً في العالم (والسادسة في أوروبا) وهمزة الوصل في قارة أوراسيا والجسر بين الحضارتين، الإسلامية والغربية، والأهم: الأنموذج الجديد الذي يعقِـد قراناً سعيداً بين الإسلام وبين الليبرالية والعَـلمانية.

هذه التوجهات ضمّنها البروفوسور أوغلو في كُـتب عديدة منها “الأنموذج البديل: تأثير الإسلام والغرب على النظرية السياسية” و”التحوّل الحضاري والعالم الإسلامي” و”الأزمة العالمية”، لكن أهم هذه الكُـتب الذي كان له التأثير الأكبر على السياسة الخارجية التركية الراهنة كان “العمق الإستراتيجي”، الذي وضع فيه أوغلو الخطوط العريضة لهذه السياسة.

المبادئ الرئيسية لمقاربة أوغلو الجديدة، هي ما يمكن تسميته “سياسة اللامشكلة” حِـيال الدول المجاورة، وهذا على عكس ما كان عليه الأمر في التسعينيات، حين كانت أنقرة تُـقيم علاقات مُلتهِـبة مع العديد من جيرانها.

أيضاً، في الماضي، كانت تركيا تُـحاول أن تضمن سلامة أراضيها عبْـر السّـعي إلى الدفاع عن نفسها ضدّ الأخطار الإقليمية المُـحيطة، لكنها مع داود باتت تركيا تعرف أن الدول التي تمارس نفوذاً عبْـر حدودها مُـستخدمة “القوة الليِّـنة”، هي وحدها القادرة حقاً على حِـماية نفسها، كما يقول في “العمق الإستراتيجي”.

ويرى البروفسور، الذي يُـطلق عليه وصف “كسينجر تركيا”، أن التغييرات في منطقة الشرق – الأوسط – آسيا الوسطى – قزوين، تتطلب إستراتيجية ديناميكية جديدة، وهذه بدورها تتطلّـب نمطاً جديداً (أنموذجاً
PARADIGM) من التفكير”.

ويقول: “تركيا كلاعب دولي، كان يُنظر إليها سابقاً على أن لديها عضلات قوية ومعِـدَة ضعيفة ومشاكل في القلب وقوة دِماغ متوسِّـطة. بكلمات أخرى، هي جيش قوي واقتصاد ضعيف، وتفتقد إلى الثقة بالنفس وليست جيِّـدة في التفكير الإستراتيجي. أما الآن، فتركيا موجودة في مُـستويات عدّة من السياسات الدولية وتوّسطت في العديد من النِّزاعات في البلقان والشرق الأوسط والقوقاز، فحوّلت بذلك أعداء سابقين، كروسيا وسوريا،إلى حلفاء حميمين”.

كان أوغلو هو الذي لعِـب دور الوسيط السرّي في كل هذه الوساطات، بما فيها إنهاء الحرب بين روسيا وجورجيا، والمحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل عام 2008، والتقارب بين تركيا وكلّ من أكراد العراق وأرمينيا، وكل هذا يجب أن يجعل أوروبا، برأيه، محتاجة إلى تركيا لتهدِئة منطقة شاسِـعة، تمتد من الشرق الأوسط إلى البلقان، مروراً بآسيا الوسطى.

هذه إذن، هي أهداف السياسة التركية الجديدة: ضمان الأمن القومي التركي، ليس عبْـر التقوقع والعُـزلة، بل عبْـر الانفتاح وممارسة سياسة القوة الليِّـآنة، وهذا الدور بالتحديد، لا يروق البتّـة للدولة العِـبرية التي كانت تخطِّـط منذ أمَـد بعيد لاستخدام تركيا كقوة دعم لها (مجرّد قوة دعم)، في مشروعها، لإقامة نظام “الشرق الاوسط الجديد”.

بيد أن الرياح الأردوغونية جرَت بِـما لا تشتهي سُـفن إسرائيل، فشبّت أنقرة عن الطّـوق الإسرائيلية وبدأت تشق لنفسها طريقاً “إستراتيجياً” مستقلاً في الهلال الخصيب والشرق الأوسط ككل، كما في القوقاز والبلقان، كما حتى مع الدبّ الروسي.

البداية كانت العام الماضي في العراق

ففي 11 يوليو 2008، وقّـعت تركيا والعراق “الاعلان السياسي المشترك لتأسيس المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين حكومتَـيْ العراق وتركيا”، وتعهّـدتا بـ “تطوير شراكة إستراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى تعزيز التضامن بين شعبَـيْ العراق وتركيا”، وهذه البنود نفسها وردَت في الاتِّـفاق الإستراتيجي السوري- التركي، الذي تضمّـن 40 بروتوكولاً، لكن مع إضافتيْـن أخرييْـن بالِـغتَـيْ الأهمية.

الأولى، أن الطرفيْـن اتفقا على إجراء مناورات عسكرية “أكثر شُـمولاً وأكبر حجْـماً” من تلك التي أجراها البلدان في الربيع الماضي. والثانية، الاتفاق على إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين.

وعلى أي حال، التصريحات التي تلَـت توقيع الاتفاق في مدينة حلَـب “ملِـكة الشرق” (كما وصفها داود أوغلو)، أبرزت الدلائل التاريخية العميقة لهذا التطور.

فقد صرّح وزير الخارجية السوري وليد المعلّـم خلال مؤتمر صحفي مُـشترك مع نظيره التركي: “إن مجلس التعاون الإستراتيجي المُـشترك السوري – التركي، الذي أعلن بين البلدين قيامه خلال زيارة الرئيس (السوري بشار) الأسد لاسطنبول قبل شهر تقريباً، يشكِّـل في هذا اليوم حدثاً تاريخياً، حيث سنحتفل بعد قليل بعبُـور الحدود المُـشتركة إيذاناً بالتوقيع الرسمي لإلغاء سِـمات الدخول بين البلدين. هذا اليوم، كما سماه الوزير داود أوغلو، هو عيد للشعبيْـن الشقيقين، السوري والتركي، وهو نموذج نقدِّمه لكل الأشقّـاء في المنطقة”. وأمل أن “يحذو البلدان حِـذوه في علاقات إستراتيجية، تشمل مختلف المجالات”.

واعتبر داود أوغلو “هذا اليوم عيداً للشعبيْـن اللذين يحتفِـلان كل عام بعيديْـن، لكن هذه السنة سيحتفلان بثلاثة أعياد، والعيد الثالث هو مُـصادفة إلغاء التأشيرات بين العيديْـن الفطر والأضحى. واليوم، نخطو الخطوة الأولى لهذا العمل الاستراتيجي”.

وبالنسبة إلى تعليق سوريا على قرار أنقرة إلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات “نسر الأناضول”، قال المعلّـم: “سوريا كدولة جارة لتركيا، يقلقها كثيراً أمنِـياً مثل هذه المناورات وإلغاؤها من الطبيعي أن يسـر سوريا، لأن إسرائيل برهنت أنها ما زالت تعتدي على شعبنا الفلسطيني وعلى المسجد الأقصى وتُـواصل حِـصار غزة وترفض كل جُـهد باتجاه استئناف محادثات السلام”.

بالطبع، هذا الانفراج الكبير لا يعني أن كل المشاكِـل قد حُـلّت بين البلدين. فمسألة لِـواء الاسكندرون المُـحتل لا تزال عالِـقة ولم يرِد ذِكرها في البيان، لكن يبدو أن مشكلة المِـياه العويصة في طريقها إلى الحلّ بعد أن اتّـفق الطّـرفان على العمل لإقامة “مشروع سدّ الصداقة المشترك” على نهر الفُـرات.

ماذا الآن عن موقِـف الولايات المتحدة من كل هذه الانقلابات التركية؟ ثمة تحليلان هنا. الأول، أورده مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، الذي لم يرَ في كل ما تفعل تركيا الآن خطراً على المصالح الأمريكية.

لماذا؟ برأيه للأسباب التالية:

كل ما تقوم به تركيا هذه الأيام يندرج في إطار لعبة الحياد والتوازن الدقيق التي تنتهجها في المناطق الجغرافية المحيطة بها والتي توفِّـر لها (على سبيل المثال) ضمان إمدادات الطاقة من كل مِـن روسيا وإيران والعراق.

إذا ما أصبح البحر الأسود منطقة نزاع رئيسية بين روسيا وأمريكا، فهذا سيفرض تحدِّيات جسيمة على تركيا، أو بالأحرى على الحِـياد التركي. بيد أن تركيا ستنحاز دَوْماً في النهاية إلى الولايات المتحدة، إذا ما خُيـِّرت بين واشنطن وموسكو.

ثم أن تركيا لا تستطيع أن تتخلّـى عن تحالُـفها المكين مع واشنطن، بسبب اعتمادها الكلّـي على التسليح الأمريكي وعلى دعم واشنطن لجهودها الهادِفة إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن أمريكا بطاقة تأمين لها ضدّ الدبّ الروسي، في حال واصل ما انقطع من طموحات جيو – استراتيجية.

لكل هذه الأسباب، إضافة إلى رغبة الولايات المتحدة في تحويل تركيا إلى نموذج ديمقراطي في العالم الإسلامي، لا تشعر واشنطن بكبير قلق من التغيّـرات التركية الراهنة.

التحليل الثاني يسير تماماً في عكس الأول. فهو يرى أنه ليست هناك سياسة خارجية أمريكية في الشرق الأوسط الكبير، بل مجرّد سياسة إسرائيلية ترتدي حلّة أمريكية، ولذا، لا ينتظر أن تكون واشنطن مسرورة بما يجري، لأن تل أبيب غير مسرورة.

أما لماذا تسكت واشنطن عن توجّـهات أنقرة الجديدة، فهذا عائد فقط إلى تضاؤل نفوذها في المنطقة بفعل ورطاتها الكُـبرى في كل من العراق وأفغانستان، علاوة على الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي خلق فراغاً تحرّكت أنقرة للإفادة منه.

أي التحليليْـن الأقرب إلى الصحّـة؟

الجواب لم يعُـد هاماً كثيراً الآن. الأهم أن تركيا تواصِـل تطبيق إستراتيجيتها الجديدة في الشرق الأوسط – القوقاز – البلقان، وهي تبدو مُوحّدة في الداخل (الجيش والحكومة المدنية)، وغير عابئة بالصّـراخ الإسرائيلي في الخارج، وهذا ما يجعل إسرائيل المتفاجـئة تعيش حالة غير مريحة من القلق والتوتّـر والانزعاج.

سعد محيو – بيروت – swissinfo.ch

اسطنبول (رويترز) – قال رئيس الوزراء طيب أردوغان إن تركيا منعت اسرائيل من المشاركة في المناورات العسكرية لحلف شمال الاطلسي هذا الاسبوع، بسبب قلق الرأي العام التركي بشأن الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق من هذا العام.

وقال أردوغان لقناة تلفزيون العربية: “توجد حساسيات دبلوماسية في المنطقة يتعين علينا ان نأخذها في الاعتبار… وأخذنا في الاعتبار ضمير شعبنا… لان شعبنا لا يريد مشاركة اسرائيل”.

وتركيا بلد مسلم علماني، حليف رئيسي لاسرائيل، لكن العلاقات فترت بسبب انتقادات أردوغان الصريحة للهجوم الاسرائيلي الذي استمر ثلاثة اسابيع على قطاع غزة الذي تحكمه حماس في شهري ديسمبر ويناير.

واعترضت وزارة الخارجية الامريكية يوم الثلاثاء 13 أكتوبر على قرار تركيا في اللحظة الأخيرة باستبعاد اسرائيل من المناورات التي كان من المقرر ان تبدأ يوم الاثنين.

وقالت مصادر دبلوماسية انه تم تأجيل المناورات الى أجل غير مسمى بعد ان رفضت دول أخرى، من بينها الولايات المتحدة وايطاليا، المشاركة بدون سلاح الجو الاسرائيلي.

وبعد وقت قصير من اعلان تركيا استبعاد اسرائيل، قالت سوريا انها ستجري مناورات عسكرية مشتركة مع تركيا. ورحب وزير الخارجية السوري وليد المعلم بقرار تركيا قائلا: انه يعكس الطريقة التي تنظر بها تركيا الى الهجوم الاسرائيلي على غزة. ورفضت اسرائيل الاعلان التركي السوري.

وقال بيني بيغن، وزير الامن بالحكومة الاسرائيلية لراديو اسرائيل، عندما سُئل بشأن المناورات التركية السورية: “يجب أن لا يأتي هذا كمفاجأة في ضوء الخلفية السياسية لرئيس الوزراء وخاصة وزير خارجيته”. وقال “هذا يتفق مع رغبة سوريا التي عبرت عنها مرّتين في العام الماضي في زيارات الرئيس (السوري بشار) الاسد لطهران، لانشاء تكتل دول من إيران وسوريا وتركيا ويقولون العراق أيضا، وهذا بالطبع مصدر قلق بالغ”.

ويوجد تعاون عسكري وثيق بين تركيا واسرائيل، يشمل تدريب سلاح الجو الاسرائيلي في المجال الجوي التركي، كما يتبادل البلدان معلومات المخابرات وتربطهما علاقات تجارية قوية تشمل بيع معدّات عسكرية مهمة. وقال مسؤول من بلد عضو في حلف شمال الاطلسي، كان يزمع الاشتراك في المناورات: “كل ما أعرفه هو ان هذا قرار سياسي من جانب الاتراك وان العلاقة بين الجيش التركي والجيش الاسرائيلي ستبقى قوية”.

وتوترت العلاقات بعد ان انتقد أردوغان اسرائيل بشأن هجوم غزة وغادر القاعة في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا (منتجع دافوس)، عندما بدأ الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس القاء كلمته في يناير الماضي.

وتزعم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، الذي كان في السابق مستشارا بشأن السياسات لاردوغان، جهود حكومة حزب العدالة والتنمية لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، ومن بينها دول جنوب القوقاز وايران والعراق وسوريا.

ووجد تقرير للامم المتحدة في الشهر الماضي ان القوات الاسرائيلية وناشطي حماس ارتكبوا جرائم حرب أثناء الهجوم على غزة، لكنه كان أكثر انتقادا لاسرائيل.

وقالت جماعة حقوق فلسطينية ان 1417 فلسطينيا بينهم 926 مدنيا قتلوا في الحرب. وقالت اسرائيل ان 709 مقاتلين فلسطينيين قتلوا بالاضافة الى 295 مدنيا و162 شخصا لم يتسن تحديد هوياتهم.

وقتل عشرة جنود وثلاثة مدنيين اسرائيليين اثناء الحرب التي شنتها اسرائيل بهدف معلن، هو انهاء هجمات الصواريخ التي تشن من قطاع غزة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 أكتوبر 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية