مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سوق العقارات في سويسرا ترتكز على أسس صلبة

سوق العقار السويسري لا زال متماسكا لكن المساكن الفاخرة قد تكلف أثمانا باهظة Keystone

من المتوقع لسوق الإسكان في سويسرا أن يتراجع بشكل طفيف في الأشهر المقبلة، إلا أنه سيبقى محافظا على قدر من الاستقرار خلال العام 2010، الأمر الذي يؤكد دور هذا القطاع باعتباره إحدى دعامات الاقتصاد السويسري.

لا شك بأن هذا الخبر يبعث على التفاؤل بالنسبة لسويسرا، في الوقت الذي يشهد فيه هذا القطاع هبوطا كارثيا في البلدان الأخرى كان السبب الرئيسي وراء تباطؤ الاقتصاد في تلك الدول مما أثر على الاقتصاد العالمي برمته.

ففي حين انخفضت أسعار المساكن في الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا، سجل سوق العقارات السويسري خلال الاثني عشر شهرا الأخيرة نموا فاق المتوسط.

وبحسب البيانات الصادرة عن شركة (Wüest & Partner)، المتخصصة في مجال الاستشارات العقارية، بلغت نسبة الزيادة في أسعار المنازل خلال السنة المنصرمة 6٪، وبالنسبة لأسعار الشقق السكنية 5٪.

وتُعزى هذه الزيادة بصفة رئيسية إلى أسواق العقارات في مدينتي زيورخ وجنيف حيث بلغت معدلات ارتفاع الأسعار أكثر من ذلك بالرغم من الإنكماش الاقتصادي.

والحقيقة، أن ثمة عوامل متشعبة ساعدت سوق العقارات السويسري على تجنب الإنهيار.

الحكمة

أولا، لقد تعلمت سويسرا الدرس خلال عقد التسعينات من القرن الماضي حينما أدى منح القروض بصورة متهورة من جانب البنوك إلى فورة اقتصادية وانهيار بالسوق. بينما “أبدى المقرضون في الآونة الأخيرة حذرا شديدا، ظهر أيضا أثناء فترات الازدهار الاقتصادي”، كما أوضح لـ swissinfo.ch فريدي هازينميل الخبير العقاري في بنك كريدي سويس.

ثانيا، الهجرة إلى سويسرا، وخاصة أصحاب الشهادات من المهنيين من الدول المجاورة، إذ وصلت إلى مستويات قياسية. حيث بلغ عدد الأجانب الذين استقروا في سويسرا 100 ألف خلال العام 2008 فقط، وهؤلاء ساهموا بدورهم في زيادة الطلب على العقارات.

والسبب الثالث الذي أتاح للسوق السويسرية مواجهة الأزمة، تمثل في الحفاظ على تخفيض أسعار الفائدة، مما أبقى الطلب على قروض الرهن العقاري مرتفعا، وقد أشارت تقديرات بنك كريدي سويس إلى ارتفاع قيمة الرهون العقارية بنسبة 5,1٪ خلال الفترة ما بين سبتمبر 2008 وسبتمبر 2009.

إلا أن هنالك مجموعة العوامل بدأت تظهر آثارها على السوق السويسرية مثل الركود الاقتصادي وتجميد الأجور وارتفاع معدلات البطالة، حيث شهدت أسعار المساكن انخفاضا طفيفا خلال الشهرين الماضيين، إلا أن تكهنات شركة ” Wüest & Partner” تشير إلى أن أسعار العقارات في عام 2010 ستحافظ على استقرارها بالرغم من أنها قد تتراجع نسبيا في المناطق الأقل اجتذابا للمشترين.

وبحسب أورس هوسمان المتحدث باسم شركة “Wüest & Partner” فإن: “النمو الحالي لأسعار العقارات متأخر عن وتيرة الاقتصاد الحقيقي”، لكنه استدرك: “ونتوقع بأن يتم لجم هذا التأخير خلال الاثني عشر شهرا القادمة”.

المنازل السياحية

في هذا المجال، تتجه أعين الخبراء بصفة خاصة نحو زيورخ وجنيف، حيث قفزت الأعداد الكبيرة من المهاجرين بأسعار المساكن إلى ما فوق المتوسط، لاسيما بالنسبة لسوق العقارات الفاخرة.

ولا يعتقد أورس هوسمان أن تهبط أسعار المساكن في زيورخ تأثرا بالتصويت الشعبي الذي جرى في فبراير 2009 والذي تقرر بموجبه إلغاء الضريبة التقديرية الخاصة بالأثرياء الأجانب المقيمين في كانتون زيورخ.

وبرر هوسمان اعتقاده موضحا لـ swissinfo.ch وواصفا السوق قائلا: “إنها سوق متخصصة ومتماسكة وليس من السهل لحفنة قليلة من الأشخاص أن تحدث فيها تغييرا ملحوظا”، وذلك على خلاف ما حصل بالنسبة لسوق العقارات في المناطق السياحية، الذي تأثر بشكل فعلي رغم أن قلة فقط من الأثرياء الأجانب (أمريكيون وبريطانيون على وجه الخصوص) استفادت من الوضع للحصول على مساكن ثانوية.

وبحسب الأرقام التي عاينتها شركة “Wüest & Partner”، فإن المنتجعات في كانتون فالي، وتحديدا في منطقتي فربير “Verbier” وزيرمات “Zermatt” على سبيل المثال سجلت هبوطا في أسعار العقارات بلغت نسبته 10٪ و 7٪ على التوالي.

أسس صلبة

لا يمكن لأحد تحديد كم سيكون حجم الهبوط في أسعار المساكن إبان العام 2010، وتشير توقعات بنك كريدي سويس إلى أنه بالرغم من الإرتفاع المرتقب لنسبة البيوت الخالية إلا أن الأسعار ستبقى متماسكة ومن المستبعد أن تهوي.

ويبرر الباحثون في البنك هذا التوقع بالأثر الطفيف الذي أحدثه التباطؤ في قطاع البناء وفي منح رخص البناء، بينما يشهد قطاع البناء حاليا ارتفاعا بنسبة 9,6٪ عما كان عليه قبل عام، كما أن أعداد المهاجرين إلى سويسرا ربما تكون قد تراجعت، إلا أن هناك تدفقا في الأعداد لا يزال مرتفعا بالقدر الذي يضمن استقرار سوق الطلب.

ولا تتوقع شركة “Wüest & Partner”، هي الأخرى، أن تشهد الأسعار انخفاضا حادا، لكن أكثر ما يثير قلقها هو احتمال الزيادة المفرطة فيما يُعرض من مساكن جديدة خلال عام 2010، وقد ذكرت الشركة في تقرير صدر مؤخرا أنه: “في ضوء ما هو مشاهد في ميدان المباني السكنية الجماعية فإن أعداد المعروض من الشقق الجديدة مرشحة للإرتفاع حتى في المدن الكبيرة”.

وعلى أية حال، فإنه على الرغم من الانخفاض الطفيف المتوقع في عام 2010، يوجد سبه إجماع بين الخبراء على أن سوق الإسكان والعقارات في سويسرا سيبقى مرتكزا على أسس متينة.

ماتيو آلن – swissinfo.ch

سوق العقارات في سويسرا آخذ باستعادة أمجاده بعد الانهيار الذي كان أيام التسعينات والذي كلف المصارف 42 مليار فرنك.
بلغ بناء المساكن الجديدة رقما قياسيا في عام 2005 بواقع 47 ألف مسكن.
وفي عام 2009 تم بناء نحو 40 ألف مسكن جديد، ومن المتوقع أن ينخفض هذا العدد في عام 2010 بنسبة 3٪.
المساكن الجديدة المعروضة حاليا تلبي الطلب، مع العلم بأن عدد المنازل الفارغة انخفض في عام 2007 بنسبة 1,07٪، وفي عام 2008 بنسبة 0,97٪، ومن المتوقع أن يطرأ انخفاض طفيف على الطلب على مدى العامين المقبلين.
يعيش الغالبية في سويسرا في بيوت مؤجرة، وقد ارتفعت نسبة مالكي المنازل من 31٪ في عام 1990 إلى 37٪ حاليا. ويتوقع بنك كريدي سويس أن تصل النسبة إلى 39٪ في عام 2010.
وللمقارنة، فإن نسبة ملاك البيوت في ألمانيا 45٪، وفي فرنسا 54٪، وفي كل من بريطانيا والولايات المتحدة 69٪، وفي إسبانيا 81٪ (بحسب بيانات عام 2000).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية