مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا التقليدية والقروية ترفض مبادرة الحد من الأسلحة وتحقق انتصارا مُلفتا

يريد أغلب السويسريين الإبقاء على تقاليد عريقة تشمل ممارسة الرماية الرياضية والإحتفاظ بالأسلحة العسكرية في البيوت. Keystone

رفض السويسريون يوم الأحد 13 فبراير 2011 بوضوح كاف المبادرة الداعية إلى تقليص إمكانيات الوصول إلى الأسلحة النارية. وفيما بدا واضحا أن المناطق الريفية والأنحاء المتحدثة بالألمانية هي التي حسمت الموقف، تعرض مؤيدو المقترح لهزيمة أقسى مما كان متوقعا.

للوهلة الأولى، تقفز مسألتان على الفور للمتأمل في خارطة النتائج النهائية للتصويت. تتمثل الأولى في أن المبادرة شطرت سويسرا إلى نصفين يضم الأول المناطق المتحدثة بالألمانية وكانتون تيتشينو المتحدث بالإيطالية ويقتصر الثاني على سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية.

فقد اتضح أن المبادرة حظيت بتأييد أكبر في غرب سويسرا أي في المناطق الفرنكوفونية. ومن الناحية العملية، صوتت جميع الكانتونات التي يتحدث كافة سكانها الفرنسية لفائدتها في حين أن الإستثناءين الوحيدين (فريبورغ وفالي) اللذين التحقا بمعسكر الرافضين يشتملان على أقلية من المتحدثين بالألمانية لا تقل عن ثلث السكان فيهما.

المسألة الثانية التي تتكشف بوضوح أكبر هي أن المبادرة لقيت قبولا أوسع في المناطق الحضرية مقارنة بالأرياف والمناطق القروية. فقد حظيت الدعوة إلى الحد من إمكانية الوصول إلى الأسلحة النارية بالقبول من طرف أغلبية الناخبين في الكانتونات الأكثر مدينية في البلاد وهي جنيف وزيورخ وبازل المدينة.

ومن خلال قراءة أكثر تفصيلية للنسب، يمكن الوصول إلى استنتاجات مماثلة. فقد اتضح أن نسبة الرفض للمبادرة مرتفعة بشكل خاص (حوالي 70%) في مناطق أقل حضرية مثل أوري ونيدفالدن أو أوبفالدن. وفي الكانتونات الروماندية أيضا، سجلت نسبة رفض أعلى في الأرياف مقارنة بالمدن والمراكز الحضرية.

أخيرا، يجدر التنويه إلى أن نسبة التأييد للمبادرة جاءت الأعلى في الكانتونات – المدن (أي التي لا توجد فيها مناطق ريفية ذات بال) وهي جنيف (61%) وبازل المدينة (58،9%) مقارنة ببقية الكانتونات التي أيدت المبادرة. أما في بقية الكانتونات التي قالت “نعم” والتي تتوفر على حجم أكبر من المناطق القروية، فلم تتجاوز هذه النسبة عتبة الخمسين في المائة الحاسمة بكثير.

المزيد

المزيد

المبادرة الشعبية

تم نشر هذا المحتوى على توفّـر المبادرة الشعبية لعدد من المواطنين إمكانية اقتراح تحوير للدستور الفدرالي. تحتاج المبادرة كي تكون مقبولة (من الناحية القانونية)، إلى أن يتم التوقيع عليها من طرف 100 ألف مواطن في ظرف 18 شهرا. يُـمكن للبرلمان أن يوافق مباشرة على المبادرة، كما يمكن له أيضا أن يرفضها أو أن يعارضها بمشروع مضاد. في كل الحالات، يتم…

طالع المزيدالمبادرة الشعبية

انتصار سويسرا تقليدية

ما من شك في أن نتيجة تصويت الأحد 13 فبراير جاءت مثيرة للخيبة في صفوف مؤيدي المبادرة الذين منحهم  آخر استطلاع للآراء تقدما طفيفا على المعارضين. في المقابل، لم يأت رفض أغلبية من الكانتونات للنص المعروض على التصويت مفاجئا.

في الأثناء، كانت هناك توقعات بتقارب شديد في النتيجة النهائية على مستوى عدد الأصوات المصرح بها لكن اتضح أن المعارضين تمكنوا بحصولهم على أكثر من 55% من تحقيق انتصار لا مجال للتشكيك فيه أو التهوين منه. ومن خلال إجراء بمقارنة للأرقام التي وردت في مختلف استطلاعات الرأي التي أجريت على مدى الأسابيع الماضية، يتضح مرة أخرى أن المترددين التحقوا في نهاية المطاف بمعسكر الرفض.

وفي الواقع، اتسمت الحملة السياسية بتأجج العواطف وهو ما تـُرجم يوم الأحد بنسبة مشاركة في التصويت أعلى من المعدل المعتاد، لكن يبدو أن هذه الأجواء التي اتسمت باحتدام  المشاعر واللعب على العواطف قد لعبت لفائدة المعارضين للمبادرة أكثر مما صبت في صالح المؤيدين لها.

فمن خلال التشديد على أن الحد من وصول المواطنين إلى الأسلحة النارية يشكل هجوما على الجيش واعتداء على القيم التقليدية لسويسرا، أمسك المعارضون للمبادرة بالحجج التي أقنعت أغلبية الرأي العام باقتدار في الأنحاء المتحدثة بالألمانية وفي المناطق القروية وبشكل أوسع في صفوف السويسريين الذين لا زالوا يعتبرون أن السلاح يظل رمزا لنظام جيش الميليشيات وللدفاع عن البلاد.

من جهة أخرى، تمكن المؤيدون للنص المقترح بدورهم من اللعب على وتر العواطف والمشاعر من خلال التشديد على بعض الأحداث المأساوية التي استخدمت فيها أسلحة نارية خلال السنوات العشر الماضية  وعدد عمليات الإنتحار التي ارتكبت بواسطة أسلحة، لكن يبدو أن تركيزهم في معظم الأحيان على إدارة النقاش على مستوى الوقائع والإحصائيات المثيرة للجدل، قد حال دون نجاحهم في تحقيق الهدف المرجو.

المزيد

المزيد

جيش الميليشيات

تم نشر هذا المحتوى على يعمل الجيش السويسري، وِفقا لنظام الميليشيات، ويعني ذلك أن جميع الذكور في سن التجنيد يتابعون تكوينا أساسيا، ثم يواصلون التدريب والتأهيل في إطار دورات منتظمة. طبقا للدستور الفدرالي، يهدف الجيش إلى منع حدوث الحرب ويساهم في الحفاظ على السلام، وهو يقدم الدعم للسلطات المدنية عند بروز تهديدات خطيرة للأمن الداخلي ولدى حدوث أزمات استثنائية أخرى.…

طالع المزيدجيش الميليشيات

مبادرة ضبابية جدا

إجمالا، يمكن القول أن نتيجة التصويت جاءت متساوقة مع نجاح الحكومة والجيش في إرخاء الحبل إلى حد ما. فقد أظهر الطرفان من خلال بعض الإجراءات المحسوبة التي اتخذت في الفترة الماضية مثل التوقف عن تسليم الذخيرة إلى العسكريين في الفترات الفاصلة بين مواعيد الدورات التدريبية السنوية وتعزيز المراقبة للجنود الذين يمثلون “مخاطر نفسية”  أن المبادرة المعروضة على الناخبين قد لا تكون ضرورية لتجنب حدوث مزيد من المآسي.

على صعيد آخر، يبدو مؤكدا أن المؤيدين للنص خسروا أصواتا ثمينة بسبب طرحهم مبادرة غائمة جدا. فقد تضمنت مقترحاتهم إيجاد ما يشبه “الفصل الخاص بالحالات الضرورية” لفائدة هواة جمع واستخدام الأسلحة لكن دون إرفاقها بمقاييس واضحة ومحددة.

وبالرغم من تصريحاتهم المتكررة بأن الصيادين والرماة الرياضيين لن يكونوا معنيين مباشرة بمبادرتهم، إلا أن وعودهم لم تكن كافية لإقناع هذه الأطراف وهو ما يسّر على المعارضين رفع العقيرة للتنديد بما اعتبروه خطوة أولى باتجاه حظر شامل ونهائي لحمل الأسلحة في سويسرا.

رُفضت المبادرة من طرف 56،3% من الناخبين

على مستوى الكانتونات، حظيت المبادرة بالتأييد في 20 منها ورفضت في 6.

ارتفعت نسبة المشاركة في التصويت إلى 49% من إجمالي الناخبين.

أودعت المبادرة لدى المستشارية الفدرالية في العاصمة برن، يوم 22 فبراير 2009 مُـرفقة بـ 106037 توقيع سليم.
 
أطلِـقت المبادرة من طرف ائتلاف يضم حوالي 70 منظمة، تشمل المدافعين عن حقوق الإنسان والنقابات والعاملين في مجال الوقاية من الانتحار والكنائس ومنظمات مكافحة العنف الذي تتعرض له النساء وحركات سلمية إلخ…
 
تدعو المبادرة أساسا إلى إنشاء سجل وطني للأسلحة وتقديم مبررات للحاجة إلى حمل السلاح، إضافة إلى توفر الخبرات المؤهلة لامتلاكه وإلى تخزين الأسلحة العسكرية في مواقع مؤمَّـنة وحظر امتلاك أسلحة خطرة، مثل الأسلحة الأوتوماتيكية من طرف الخواص.
 
على المستوى السياسي، حظيت المبادرة بدعم اليسار، في حين أوصت الحكومة وأغلبية اليمين في البرلمان الفدرالي، الناخبين برفضها.

(نقله من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية