مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا وصلت إلى “مستوى معيّن من الثقة” مع كوريا الشمالية

من خلال اختباراته المتكررة لأسلحة نووية، يُهدد الديكتاتور الكوري الشمالي كيم يونغ السلم العالمي. Keystone

منذ المجاعة التي ضربت البلاد في عام 1995، استمرت سويسرا في تقديم مساعدة تنموية إلى كوريا الشمالية. يحدث هذا على الرغم من أن الديكتاتورية القائمة في بيونغ يانغ تهدد السلام العالمي من خلال تجاربها النووية.

​​​​​​​

يوم الإثنين 4 سبتمبر، أعلنت سويسرا أنها مستعدة لتقديم مساعيها الحميدة للتوسط من أجل تخفيف حدة التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، صرحت دوريس لويتهارد، رئيسة الكنفدرالية: “دورنا أن ننظر في الإمكانيات الموجودة لأن تويتر لن يكون وسيلة ملائمة.. يجب أن تتم الأمور بطريقة سرية”.

هذه الأيام، تثير كوريا الشمالية قدرا لا بأس به من الهواجس في العالم. فقد أقدم الديكتاتور الشاب كيم يونغ يوم الأحد الماضي (3 سبتمبر) على إجراء سادس تجربة نووية بواسطة قنبلة هيدروجينية هذه المرة، تجاوزت قوتها جميع القنابل التي تم إطلاقها حتى الآن.

مع ذلك، تقدم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون مساعدة إلى هذا البلد. هل هذا مُمكن؟ الإذاعة العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية SRF طرحت السؤال على توماس فيسلر، رئيس مكتب الوكالة في بيونغ يانغ، وأحد أفضل المطلعين على الأوضاع في كوريا الشمالية. فيما يلي مقتطفات من الحوار الذي أجري مع هذا الدبلوماسي الذي اقترب موعد إحالته على التقاعد والمتواجد هذه الأيام في سويسرا.        

SRF: لنتحدث عن مشاكل كوريا الشمالية، عن الفقر مثلا. نسمع في بعض الأحيان أنها رهيبة، مقارنة مع بعض بلدان افريقيا. هل هذه المقارنات مبررة؟

توماس فيسلر: أعتقد أن المقارنات صعبة. الأوضاع مختلفة تماما لجهة المناخ والجغرافيا، لكن هناك حقائق تم التثبت منها. على سبيل المثال، صحيح أن طفلا يقل عمره عن خمسة أعوام من بين كل أربعة أو خمسة أطفال ليس لديه ما يكفي من الطعام أو يُعاني أصلا من سوء التغذية. وهذا أيضا أحد الأسباب الكامنة وراء التزام سويسرا (بتقديم مساعدات). وهذا الفقر يترك نُدوبا فيما بعد.   

رجل يحمل نظارات
عمل توماس فيسلر طيلة أربعة أعوام في كوريا الشمالية لفائدة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (التابعة لوزارة الخارجية). SRF-SWI

SRF: إذن، هناك معدلات مرتفعة لمعدلات سوء التغذية ووفيات الأطفال. هل لامست هذه الحقائق عن كثب؟ 

توماس فيسلر: من الصعب اكتشاف هذا للوهلة الأولى. يجب أن يكون المرء مختصا حتى يتفطن إلى أن طفلا لا يأكل بما فيه الكفاية أو أن العلاقة بين طوله وعمره ليست كما ينبغي. بصرف النظر عن هذا، فإن هذا الأمر ليس باديا بنفس الكيفية التي يُرى بها على الصور التي تعودنا على مشاهدتها، أي تلك الملتقطة في إفريقيا.

SRF: سويسرا منخرطة في (مساعدة) كوريا الشمالية، وهي إحدى الدول المانحة لهذا البلد. هل هذا الأمر مناسب حقا في دولة تثير العديد من المشاكل على الساحة الدولية؟

توماس فيسلر: في حد ذاتها، لا تقترن المساعدة الإنسانية التي تقدمها سويسرا بشروط سياسية. نحن نقدم المساعدة الإنسانية في الموقع الذي تكون ضرورية فيه، وفي المكان الذي لا يُمكننا فيه ضمان وصولها إلى أولئك الذين هم بحاجة إليها. لهذا السبب نحن نتواجد على عين المكان، هذا هو عملي. ويُمكنني أن أؤكد لكم أن هذا ما يحصل فعلا.

SRF: يتعرض الإنخراط في كوريا الشمالية إلى الإنتقاد في سويسرا أيضا. هل يجب عليك أن تبرر موقفك باستمرار؟

توماس فيسلر: من الواضح أن المعونة الإنسانية تندرج دائما ضمن سياق سياسي. لكن هذه ليست مهمتنا. مهمتنا تتمثل في تقديم المساعدة لمن يحتاجونها.

SRF: غادرت معظم المنظمات الدولية الأخرى كوريا الشمالية لأنها كانت ترغب في ذلك أو ربما لأنها كانت مُجبرة على ذلك لأنه لم يعد مُرحّبا بها. لماذا تواصل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون البقاء هناك؟

توماس فيسلر:  لأنه لا زالت لدينا الفرصة لتقديم هذه المساعدة، حيث أنها تحظى بالقبول. ذلك أن إحدى الأسباب التي أدت إلى تعرض المنظمات الأخرى إلى صعوبات تتمثل في أن بلدانها ربطت المساعدة بالوضع السياسي، وبسبب سياسة كوريا الشمالية، قاموا بخفض الإمكانيات أو حجبوها تماما. في حين أن المساعدة السويسرية – على العكس من ذلك – ظلت مستقرة نسبيا على مدى السنوات الخمس أو السبع الأخيرة.

SRF: هل لهذا علاقة بحياد سويسرا؟

توماس فيسلر:  بالتأكيد. أسمع مرارا وتكرارا أن التزام سويسرا موضع تقدير. من جانب الكوريين، أسمع أنهم مُوافقون وأن ما نقوم به منطقي.

SRF: هل يتعيّن عليك أيضا القيام بتنازلات؟ وهل أنتم رهن حسن نية الوزارات؟

توماس فيسلر: على مدى السنوات، قمنا ببلورة تعاون يشتغل بشكل جيّد. وعلى جميع المستويات، تمكنا من بلوغ مستوى معيّن من الثقة يُتيح لنا العمل بشكل جيّد.

SRF: ما هو محتوى برنامج الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون؟ بالنسبة للسنوات الأربع القادمة، سيتم إنفاق 30 مليون فرنك في كوريا الشمالية. لماذا؟

توماس فيسلر: هناك مجالان رئيسيان. فمن ناحية، إمدادات الغذاء وبناء أنظمة للمياه الشروب. فالمياه النظيفة هي الخطوة الأولى نحو تحسين الصحة. العديد من الأطفال الصغار يُعانون من أمراض تتسبب فيها المياه الملوثة. هناك أيضا جهود مالية كبيرة تبذل لتسليم كميات من الحليب المُجفف إلى برنامج الأغذية العالمي الذي يقوم بتوزيعها إثر ذلك في البيوت ودور الحضانة على أطفال تتراوح أعمارهم ما بين يوم واحد وخمس سنوات. هناك مجال ثالث يتعلق بالإستغلال الغابي، ويشمل منع الإنجراف وتثبيت المنحدرات،.. إلى آخره. في حقبة التسعينات، تمت إزالة الغابات بشكل مكثف من أجل زراعة الذرة على المنحدرات. واليوم، نقوم بالمساعدة على استقرارها (أي الغابات) مُجدّدا وعلى استغلالها بطريقة ملائمة.

(نقله إلى العربية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية