خطة حكومية “متواضعة ” للرد على تداعيات الفرنك القوي
أعلنت الحكومة السويسرية يوم الأربعاء 31 أغسطس مجموعة من التدابير للحد من الإانعكاسات السلبية لارتفاع سعر صرف الفرنك بوجه العملات الأخرى على الأوضاع الإقتصادية في البلاد.
تم نشر هذا المحتوى على
6دقائق
أوليفيي بوشار, swissinfo.ch
وتعتزم برن في مرحلة أولى تخصيص 870 مليون فرنك لدعم صندوق التأمين ضد البطالة على وجه الخصوص، لكن الخطة التي كشف عنها كانت أدنى بكثير من توقعات الأوساط السياسية والإقتصادية.
ومنذ عدة أشهر، أصبح الإرتفاع الحاد في قيمة الفرنك مقابل اليورو والدولار الأمريكي قضية سياسية كبرى في سويسرا. وتتفق الدوائر الإقتصادية، خاصة تلك المرتبطة بقطاع التصدير، وأيضا الأحزاب السياسية على أن الوضع حرج للغاية.
فبسبب قوة الفرنك، بات من الصعب على الإقتصاد السويسري، وبشكل متزايد، ترويج منتجاته في الأسواق الخارجية لأن أثمانها أصبحت مرتفعة مقارنة بالسلع والبضائع الأخرى.
أما في سويسرا نفسها، فيخشى العاملون في قطاع السياحة حصول أزمة حقيقية بسبب تراجع عدد السياح نظرا للتكلفة الباهضة التي يتكبدونها بسبب تراجع قيمة عملاتهم أمام الفرنك السويسري.
لذلك طُلب من الحكومة أن تبادر بمعالجة هذا الوضع، وبعد أن عبّرت قبل 15 يوما عن استعدادها لإتخاذ تدابير لمكافحة الآثار السلبية الناجمة عن قوة الفرنك، رصدت مؤخرا ملياريْن من الفرنكات لدعم القطاعات الإقتصادية الأكثر تضررا.
الأولوية للتأمين ضد البطالة
بعد أسبوعيْن من الترقّب، كشفت الحكومة عن تفاصيل خطتها على إثر اجتماعها الأسبوعي الدوري، وأعلنت أن إجمالي تكلفة التدابير التي تريد تنفيذها هذا العام تصل إلى 870 مليون فرنك.
ويذهب الجزء الأكبر من هذا الدعم (500 مليون) إلى التأمين ضد البطالة. وتحاول الحكومة بذلك إستباق الآثار السلبية المحتملة للفرنك القوي، وللوضع الإقتصادي العالمي على سوق العمل في سويسرا، وبالتالي تزايد الضغط على الموارد المالية لصناديق التأمين ضد البطالة.
وتقول برن إن صرف هذا المبلغ يجب يكون مخصصا لسد تكاليف الإرتفاع المحتمل في عدد طالبي التأمين ضد البطالة نتيجة إقبال بعض الشركات على تسريح جزئي لبعض موظفيها.
تدابير إضافية
إضافة إلى ذلك، يُنفق جزء آخر مهم من هذه المخصصات المالية (212.5 مليون فرنك) على تشجيع الإبتكار والإختراع والبحوث. ووفقا لهذه الخطة، يجب أن تستخدم هذه الأموال في الحفاظ على قدرة سويسرا التنافسية وتفوقها في هذه القطاعات المستقبلية المهمة التي يمكن أن تعاني من نقص في الإستثمار بسبب الخسائر الإقتصادية الناجمة عن قوة الفرنك.
لم تغفل الحكومة في خطتها هذه قطاع السياحة، حيث خصصت 100 مليون فرنك لدعمه. وسوف تصرف هذه الأموال لفائدة المؤسسة الإئتمانية السويسرية لقطاع الفنادق، وهي هيئة متخصصة في دعم الإستثمار في هذا المجال. وأشارت الحكومة في بيانها إلى أن “هذا الإجراء سوف يحفّز الإستثمار في مجال الإسكان. ومن المنتظر أن تصبح المصارف الخاصة أكثر ترددا في منح القروض بسبب الأزمة التي بات يعاني منها هذا القطاع”.
أما ما تبقى من هذه المخصصات المالية، فسوف يذهب إلى التعويض عن الخسائر الناجمة عن تراجع حركة النقل عبر المناطق الداخلية، وعبر جبال الألب (46.5 مليون)، وأيضا لدعم الواردات والصادرات من المنتجات الزراعية المصنعة (10 مليون).
ومنذ الإعلان عن هذه التدابير، تواترت ردود فعل الدوائر الإقتصادية، والأحزاب السياسية، وتباينت أولوياتها بشأن طرق صرف هذا الدعم، وتقييم جدواه على المستوييْن البعيد والمتوسط .
ولا زال من السابق لأوانه الجزم بمصير هذه الحزمة من الإجراءات، خاصة وأنها ستُعرض لاحقا على غرفتيْ البرلمان الفدرالي في الدورة الخريفية التي تنتظم فعالياتها خلال شهر سبتمبر الجاري.
تعكف الحكومة حاليا على إعداد حزمة ثانية من التدابير لدعم الإقتصاد في مواجهة الفرنك القوي.
خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته الحكومة يوم الأربعاء 31 أغسطس، شددت إيفلين فيدمر – شلومبف، وزيرة المالية السويسرية، التي لم تتطرق إلى تفاصيل الخطة المقبلة، على أن الميزانية المرصودة لها لن تتجاوز المليار فرنك.
وإذا كانت حزمة الإجراءات الأولى التي عرضت بالأمس قد تشكلت من إجراءات “مستعجلة”، فإن التدابير القادمة سوف تتكون من إجراءات متوسطة وطويلة المدى.
ينتظر أن تعرض الحزمة الثانية من هذه التدابير على البرلمان للمصادقة عليها في شهر ديسمبر القادم في شكل ملحق إضافي غير عادي للميزانية.
(نقله من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
الأكثر قراءة السويسريون في الخارج
المزيد
عملة الـخمسة سنتات في سويسرا… طفرة عفا عليها الزمن
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الصادرات السويسرية تصمد في وجه عاصفة الفرنك القوي
تم نشر هذا المحتوى على
ويواجـــه هذا القطاع بالفعل تهديدا بالانهيار خلال الأشهر القادمة في ظل تباطؤ وتيرة نمو الصادرات وتراجع القدرة الشرائية في العديد من الأسواق. ولكن نتائج الشركات خلال النصف الأول من السنة أثبتت مرونتها في التصدي للأزمة. فقد نجحت شركة “جورج فيشر” المتخصصة في صناعة قطع غيار السيارات ونظم الأنابيب في تحسين أدائها أسلوب مدهش؛ إذ ارتفعت نسبة المبيعات…
لمجابهة ارتفاع قيمة الفرنك.. برن تخصّص ملياريْ فرنك لدعم الإقتصاد
تم نشر هذا المحتوى على
وبعد الإعلان عن الخطة الحكومية يوم الأربعاء 17 أغسطس، خاطب يوهان شنايدر- أمّـان، وزير الإقتصاد ممثلي وسائل الإعلام خلال ندوة صحفية، قائلا: “لقد اتخذت الحكومة خطوات جريئة ومثيرة للإعجاب”. وأضاف: “القطاعان الرئيسيان المستفيدان من هذه الإجراءات سيكونان الصادرات والسياحة”. في بيان صحفي صادر لهذا الغرض، أوضحت الحكومة أنها على وعي بأن المبلغ المخصص لدعم الاقتصاد مرتفع…
الدروس المُستفادة من الأزمة المالية التي شهدها عقد السبعينيات
تم نشر هذا المحتوى على
كورت شيلتناخت الذي كان يشغل آنذاك منصب كبير الخبراء الإقتصاديين في المصرف الوطني السويسري يستعيد في هذا الحوار ملامح تلك الأزمة وأطوارها والحلول التي اقترحت للخروج منها. وأقل ما يمكن قوله اليوم هو أن أزمة الفرنك القوي تتصدرّ مقدمة المشهد، ومعها المصرف الوطني السويسري الذي اضطرّ إلى اتخاذ إجراءات جديدة يوم الأربعاء 10 أغسطس 2011…
الصحف السويسرية تشيد بتدابير المصرف الوطني لكنها تتساءل عن جدواها
تم نشر هذا المحتوى على
وبعد تعرضه لضغوط من جهات عديدة، إضطر المصرف الوطني السويسري للتدخّل لمواجهة ارتفاع قيمة الفرنك، الذي يُـعرقل الصادرات ويشكل خطرا على النمو الإقتصادي. وتذهب تقديرات المؤسسات المختصة إلى أن آفاق الإقتصاد السويسري قد تدهورت بشكل ملحوظ. ولقد خفّض المصرف الوطني هامش سِـعر الفائدة المعمول به في ما بين المصارف من 0% – 0.75% إلى 0% –…
الإقتصاد السويسري قد يُواجه أوقاتا عصيبة بسبب ارتفاع قيمة الفرنك
تم نشر هذا المحتوى على
وقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي منذ فترة أمام الفرنك السويسري، وليست هنالك مؤشرات على احتمال حدوث تغيير في الوضع، في ظل الأداء القوي للإقتصاد السويسري مقارنة مع الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية المثقلة بالديون. “لقد كان الإقتصاد السويسري ضحية لنجاحه في تجاوز الأزمة المالية على مدى العامين الماضيين. قد يبدو التلفظ بهذا الأمر تنبؤيا،…
إجراءات التقشف وتدهور أسعار صرف العملات “تضرب” جنيف الدولية
تم نشر هذا المحتوى على
وفيما يُقَلِّل بعض المسؤولين السويسريين من أهمية الموجة الأخيرة للتخفيضات المالية وفقدان الوظائَف وَسط العديد من الوكالات الدولية الـ 32 التي تتخذ من المدينة الواقعة غرب سويسرا مقرّاً لها، تراقب السلطات المحلية في الكانتون تطور الأحداث عن كَثب. وفي الوقت الذي تقترب فيه العديد من هذه المؤسسات من نقطة الإنهيار نتيجة الضغوط المالية الناجمة عن الأزمة الإقتصادية الإخيرة،…
تم نشر هذا المحتوى على
تعود أصول المُجمّع الفدرالي السويسري لصك العملة الى عام 1848 أي في نفس الوقت الذي تأسست فيه الدولة السويسرية الحديثة عندما تم نقل صلاحيات صك العملة من الكانتونات إلى الحكومة الفدرالية. وعلى إثر ذلك، تم اعتماد عملة الفرنك السويسري التي أصبحت فيما بعد إحدى أقوى العملات في العالم. ومنذ ذلك التاريخ يسهر المُجمع الفدرالي لصك…
تم نشر هذا المحتوى على
سجـّل عدد السياح الوافدين على سويسرا من “منطقة اليورو” تراجعا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية. أما الزوار الأوروبيون الذين يُقرّرون قضاء عطلتهم في بلاد الألـب رغم الغلاء، فيُنفقون مبالغ أقل من المُعتاد. ومما يزيد الطين بلة بالنسبة للقطاع السياحي السويسري، ميول السويسريين المتزايد لقضاء عطلتهم الصيفية خارج البلاد للاستفادة من انخفاض سعر اليورو. ومن بين…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.