ثمانية رسوم بيانية تشرح العلاقات الاقتصادية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي

في ديسمبر الماضي، قامت سويسرا والاتحاد الأوروبي بتوقيع مجموعة جديدة من الاتفاقيات الثنائية، مما شكّل فرصة لاستعراض العلاقات الاقتصادية التي تجمعهما منذ سنوات طويلة، نقدمها هنا مدعومة بالبيانات والأرقام.
ليست سويسرا عضوًا في الاتّحاد الأوروبيّ، ولا في المنطقة الاقتصاديّة الأوروبيّة، على عكس آيسلاندا، والنرويج، وليختنشتاين. ولكن لا يمنعها ذلك من إقامة علاقات اقتصاديّة وثيقة مع جارتها الكبرى.
فالتعاون بين الكيانين في المجالين، الاقتصاديّ والتجاريّ، تنظّمه العديد من الاتّفاقيّات الثنائيّة. وقد ساهمت هذه المعاهدات في توافق جزء كبير من القانون السويسريّ مع قانون الاتّحاد الأوروبيّ، وسمحت للشركات، من كلا الطرفين، بحقّ النفاذ المباشر إلى سوق الطرف الآخر.
ويوضح مايكل فريدريتش، المسؤول عن إدارة القسم الاقتصاديّ والتجاريّ في بعثة الاتحاد الأوروبي في سويسرا وليختنشتاينرابط خارجي، أنّ “هذه الاتفاقيّات تتخطّى كثيرًا أيّ اتفاقيّة تقليديّة معنيّة بالتجارة الحرّة. فتشكّل حريّة تنقّل الأفراد، أو الاعتراف المتبادل بمعايير المطابقة، مثلًا، عناصر لا تتوفّر في اتفاقيّات أخرى، وتعود بالفائدة على الجانبين”.
اتفاقية التبادل الحر الثنائية (1972):
تمثّل بداية العلاقات الرسمية بين الجانبين، وتهدف إلى إزالة العوائق أمام تجارة السلع فقط.
الاتفاقيات الثنائية الأولى (1999):
عقب رفض سويسرا الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية في عام 1992، توصّلت برن والاتحاد الأوروبي إلى حزمة من سبعة اتفاقيات قطاعية. من أبرزها تجاريًا: اتفاق حرية تنقل الأشخاص، والاعتراف المتبادل بتقييمات المطابقة، بالإضافة إلى الوصول إلى قطاعات رئيسية في السوق الداخلية (كالزراعة، والنقل، والمشتريات العمومية).
الاتفاقيات الثنائية الثانية (2004):
شملت تسعة مجالات جديدة، من بينها: خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية الغذائية، وإلغاء عمليات التفتيش المنتظمة على الحدود إثر انضمام سويسرا إلى فضاء شنغن.
الاتفاقيات الثنائية الثالثة (2024):
تتضمن هذه الحزمة اتفاقيتين جديدتين في مجالي الكهرباء وسلامة الأغذية، وتتناول كذلك قضايا مؤسسية ظلت معلّقة حتى الآن.
ورغم صغر المساحة وقلة الموارد، تُعدُّ سويسرا بلدًا صناعيًّا غنيًّا، وليس من المستغرب أن تنخرط بشكل حيوي في التجارة الدولية، وأن تكون تجارتها بالدرجة الأولى مع جيرانها.
وقد جاء على موقع أمانة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية (SECO)رابط خارجي، نقلًا عن الحكومة الفدراليّة، أنّ من “المُثبّت” أنّ الاتفاقيّات الثنائيّة “ساهمت إلى حدّ كبير” في الأداء الاقتصاديّ الجيّد الذي حققته سويسرا، وأنّ إنهاء هذه الاتفاقيّات من شأنه أن يُكبّد البلاد خسائر فادحة. وعندما تواصلت سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch) مع أمانة الدولة السويسريّة للشؤون الاقتصاديّة للوقوف على الموضوع، أفادت بأنّها لا تُجري في الوقت الحالي أيّ مقابلات بشأن هذا الملفّ، واكتفت بالإشارة إلى عدد من الدراسات أُعدّت بتكليف من برن، في السنوات الأخيرة.
تم الإعلان عن اتفاقيات ثنائية جديدة بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي في 20 ديسمبر 2024، بعد عدة سنوات من المفاوضات. وعلى الجانب السويسري، لا تزال النصوص بحاجة إلى المرور أمام البرلمان ثم تصويت الشعب.
وقد قوبلت هذه الاتفاقيات بردود فعل متباينة؛ ففي حين رحّبت بها الأوساط الاقتصادية والليبرالية، وُوجهت بانتقادات حادة من قِبل النقابات، التي ندّدت خصوصًا بعدم كفاية حماية الأجور، وبخطط تحرير سوق الكهرباء.
كما أعلن حزب الشعب السويسري المحافظ (UDC) معارضته للاتفاق، إذ تُعد حرية تنقل الأشخاص مسألة أساسية بالنسبة للحزب اليمين المحافظ، الذي يسعى منذ سنوات إلى إعادة العمل بنظام الحصص في الهجرة.
نُسلّط الضوء في هذا المقال على الترابط القائم بين الاقتصادين السويسري والأوروبي، لما يشكّله هذا الجانب من محور رئيسي في النقاشات الجارية حول الاتفاقيات الثنائية.
وتعتبر رابطة الشركات السويسريّة (Economiesuisse)، المنظّمة التي تمثّل الأوساط الاقتصاديّة السويسريّة، أنّ الاتفاقيّات الثنائيّة مع الاتّحاد الأوروبيّ تشكّل “ركيزة أساسية لازدهار سويسرارابط خارجي“.
وفي المقابل، تعتبر أصوات أخرى، أشدّ انتقادًا لهذه العلاقة، أنّ تأثير هذه الاتفاقيات الثنائية لا يزال غير ملموس من الناحية الاقتصادية.
ماذا تقول الأرقام؟
1- الاتحاد الأوروبي يبقى محورًا رئيسيًا في تجارة سويسرا الخارجية
تضاعفت عمليّات التبادل التجاريّ بين سويسرا والاتحاد الأوروبيّ مرتين ونصف خلال السنوات الثلاثين الأخيرة؛ إذ ارتفعت من 115 مليار فرنك سويسريّ في العام 1993، إلى حوالى 300 مليار فرنك في العام 2023.
والجدير بالذكر، أنّ المعاملات التجاريّة مع المنطقة الأوروبيّة كانت تشكّل حوالي 70% من تجارة سويسرا العالميّة، بين عام 1990 وأواخر العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين. ولكنّها شهدت تراجعًا، في وقت كانت فيه أسواق أخرى تكتسب أهميّة متزايدة، ونذكر على وجه الخصوص، السوق الأمريكيّة (التي كانت تسجّل أقلّ من 8% بين السنوات 1990-2000 مقابل 13% في العام 2023)، والسوق الصينيّة (التي ارتفعت من أقلّ من 2% لتسجّل حاليًّا حوالي 7%).
غير أنّ تبادل السلع مع الاتّحاد الأوروبيّ يبقى مزدهرًا، ويشكّل حاليًّا حوالي 60% من تجارة الكنفدرالية السويسرية الخارجيّة.
2- القرب الجغرافي عامل رئيسي في عمليات التبادل التجاري بين سويسرا والاتحاد الأوروبي
رغم أنّ سلوفينيا أحرزت تقدّمًا ملحوظًا في التصنيف خلال العقد الماضي، وحقّقت تميّزًا في قطاع الأدوية، تبقى الدول المجاورة لسويسرا من أهم شركائها التجاريين.

المزيد
سلوفينيا… الرهانات المربحة للشركات الدوائية السويسرية
ويشير عرض تقديمي لوزارة الخارجية السويسريةرابط خارجي إلى أنّ ثلث التبادلات مع الاتحاد الأوروبي، تتمّ مع المناطق المتاخمة للحدود، مثل بادن فورتمبيرغ الألمانية، أو لومباردي الإيطالية.
ويعتبر مايكل فريدريتش أنّ القرب الجغرافيّ يشكّل عمومًا عاملًا مهمًّا في مجال الأعمال، وقد يكتسي أهميّة أكبر عندما تشهد العلاقة مع شركاء آخرين تقلّبات كثيرة (كما هي الحال مع الولايات المتّحدة).
ويُشار إلى أنّ ألمانيا هي ثاني أكبر وجهة للصادرات السويسريّة، بعد الولايات المتّحدة الأميركيّة. وتستقبل دول الاتّحاد الأوروبيّ، مجتمعةً، ما يقلّ قليلًا عن نصف هذه الصادرات (47%). علمًا أنّ هذه الحصة شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ كانت تبلغ 60% في عام 1993.

3- سويسرا تشتري معظم سلعها من الاتحاد الأوروبي
يُذكر أنّ 70% من السلع التي تستوردها سويسرا تأتي من الاتحاد الأوروبي؛ وتعدّ ألمانيا الدولة المصدّرة الرئيسية.
وفي قطاع الخدماترابط خارجي، يُعتبر الاتحاد الأوروبي أيضًا الشريك الأكثر أهمية لسويسرا، إذ بلغت صادرات الخدمات السويسرية 40%، ووارداتها منها 45%، في عام 2023.
وتشكّل أرصدة الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة مؤشرًا آخر على أهميّة العلاقات بين سويسرا ودول الاتّحاد الأوروبيّ الـ27. وتمثل الشركات في الاتّحاد الأوروبي، وفي مقدّمتها هولندا، حوالي ثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سويسرارابط خارجي (601 مليار فرنك سويسري).
أمّا الشركات السويسريّة التي تستثمر في الخارجرابط خارجي عبر الشركات الفرعية مثلًا، فتستثمر أيضًا بشكل أساسيّ في دول الاتّحاد الأوروبي بما يعادل 588 مليار فرنك سويسريّ، أي النصف تقريبًا (حتى وإن كانت الولايات المتّحدة هي وجهة الاستثمارات السويسريّة الأولى في الخارج، إذا نظرنا إلى كلّ دولة على حدة).
4- سويسرا ليست شريكًا صغيرًا لجارتها الكبرى
تُعتبر السوق الأوروبيّة الداخليّة ضخمة، مقارنة بالسوق السويسريّة. فيفوق عدد سكّان الاتّحاد الأوروبيّ عدد سكان سويسرا 50 مرة، كما يفوق مجموع اقتصادات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الناتج المحليّ الإجماليّ السويسريّ 20 مرّة.
ومع ذلك، تُعتبر القدرة الشرائيّة المرتفعة ورقة رابحة بالنسبة إلى سويسرا واقتصادها، الذي يتمتع بدرجة عالية من التخصّص في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، تمنحها قدرة لا يُستهان بها في بعض المجالات.
وتحتلّ الكونفدراليّة السويسريّة المرتبة الرابعة بين شركاء الاتّحاد الأوروبيّ التجاريين (رغم أنّها بعيدة من حيث الأرقام عن المراتب الثلاثة الأولى)، إذ تمثّل أكثر من 7% من صادراته من السلع، و6% من وارداته.
ويُعتبر حجم تبادلها التجاري مع فرنسا وألمانيا محدودًا (المرتبة التاسعة)، في حين تُعدّ سويسرا شريكًا اقتصاديًّا رئيسّيًا لسلوفينيا، التي تقع في وسط أوروبا، إذ يتمّ تنفيذ 20 في المئة من إجمالي التجارة الدولية لهذا البلد مع سويسرا.
وينطبق ذلك بشكل كبير على قطاع الخدمات. إذ تُعتبر سويسرا الشريك التجاري الثالثرابط خارجي للاتحاد الأوروبي في قطاع الخدمات، بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وشكّلت سويسرا في عام 2022 سوقًا لتصريف 11% من الخدمات التي تصدّرها الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي (و7% من الواردات).
وتؤدي الشركات السويسريّة دورًا مؤثرًا في مجال الاستثمارات في الاتّحاد الأوروبيّ. وكانت سويسرا في عام 2022 الشريك الثالث للاتحاد الأوروبيرابط خارجي (9%)، بعد الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، من ناحية تدفّق الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة، الواردة والصادرة.
5- صناعة المنتجات الصيدلانية تحتلّ الصدارة في العلاقات التجارية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي
تُعدّ المواد الكيميائية والمنتجات الصيدلانية من السلع الرئيسية في التبادل بين سويسرا والاتحاد الأوروبي؛ وتشكّل أكثر من ثلث القيمة الإجمالية (108 مليار فرنك سويسري).
وتحتلّ سويسرا المرتبة الثانية بين الدول المصدّرة للمستحضرات الصيدلانية إلى الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتّحدة. علاوة على أنّها المصدّر الأوّل للذهب والساعات إلى دول الاتّحاد، وتحتلّ المرتبة الثالثة (بعد الصين والولايات المتحدة) كبلد منشِئ للأدوات والآلات الدقيقة، التي تستوردها الدول الأعضاء الـ27.
وفي المقابل، تستورد سويسرا من الاتّحاد الأوروبيّ كميّات كبيرة من السلع التي لا تنتجها محليًّا، أو تنتجها بكميّات ضئيلة، مثل السيارات، والنفط، والأثاث.
وفي قطاع الخدمات، تستورد سويسرا أكثر ممّا تصدّر، ومنها خدمات قطاع السياحة، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل. ولكنّها تسجّل فائضًا في مجالاتها المفضّلة، أي القطاع الماليّ (9 مليار فرنك سويسريّ)، والتأمين (2،5 مليار فرنك سويسريّ).
6- الميزان التجاري يميل إلى صالح الاتحاد الأوروبي
تسجّل سويسرا منذ سنوات ميزانًا تجاريًا سلبيًا مع الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنّ وارداتها تفوق صادراتها، حتى عند إدراج الصناعات الدوائية.
ومع ذلك، أشار مقال، شارك في كتابته خبير وخبيرة في مجال الاقتصاد من أمانة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية، ونُشر عام 2018 على موقع Die Volkswirtschaft،رابط خارجي إلى أنّ هذا التفاوت “لا يطرح أيّ مشكلة اقتصاديّة” ويعكس الترابط الكبير بين القطاعات الصناعيّة لكلا الطرفين.
أمّا عمليّات التصنيع، فتتضمّن بشكل متزايد، مكوّنات ومراحل تُنفَّذ في بلدان أخرى غير البلد الذي سيصدّر منه المنتج النهائي.
وتستورد سويسرا من الاتّحاد الأوروبيّ موادّ تُستخدم في تركيبة المنتجات التي تبيعها لاحقًا إلى سائر أنحاء العالم. وهذا ما يفسّر فائض وارداتها من الموادّ الكيميائيّة والصيدلانيّة من ايرلندا، مثلًا.
ويوضح المقال أنّ الميزان التجاري الثنائي قد لا يعكس الصورة الكاملة كما يعكسها الميزان التجاري الإجمالي، الذي يُظهر فائضًا كبيرًا لصالح سويسرا (وصل في العام 2023 إلى 48 مليار فرنك سويسري).
7- اليد العاملة الأوروبية تشكّل النسبة الأكبر من العمالة الوافدة إلى سويسرا
بعد أن دخلت اتفاقية حرية تنقل الأفراد حيز التنفيذ في العام 2002، أصبح يحق للمواطنين والمواطنات من دول الاتحاد الأوروبي الإقامة والعمل في سويسرا، والعكس صحيح، شرط الحصول على مصدر دخل.
وقد أسهمت هذه الاتفاقيّة في تغيير بنية الهجرة في سويسرا، حيث باتت الهجرة الوافدة من دول الاتّحاد الأوروبيّ، لاسيّما الدول المجاورة، تشكّل الأكثريّة. فقد بلغ إجماليّ الهجرة من الاتّحاد الأوروبيّ إلى سويسرا، 64 ألف شخص في عام 2024.
والجدير بالذكر، أنّ الهجرة إلى سويسرا تُعتبر في معظمها هجرة للعمل، إذ تتقلّب وفقًا للظروف الاقتصاديّة. وتستقطب سويسرا اليد العاملة الأوروبيّة نظرًا لارتفاع الرواتب، ووفرة فرص العمل الجيّدة فيها.
وبفضل ظروف الإقامة الميسّرة، تستقرّ نسبة كبيرة من هؤلاء المهاجرين والمهاجرات في سويسرا، على المدى الطويل. وقد ارتفع عددهم باستمرار خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، ليصل إلى 1،5 مليون شخص في عام 2023، أي ما يعادل 17% من إجماليّ سكان البلاد.
وعلاوة على ذلك، ارتفع عدد العمالة العابرة للحدود من الدول المجاورة إلى سويسرا من أقلّ من 163 ألفًا في العام 2002 إلى قرابة 400 ألف اليوم.
ولا توجد إحصائيّات دقيقة حول عدد الأشخاص الذين يهاجرون سنويًّا من سويسرا إلى الاتحاد الأوروبيّ، ولكن تشير الأرقام المتاحة إلى معدّلات أقلّ. ووفقًا لبيانات غير شاملة صادرة عن أوروستات (Eurostat)رابط خارجي، فقد هاجر إلى دول الاتّحاد الأوروبيّ في عام 2022 نحو 30 ألف شخص، كانوا يقيمون سابقًا في سويسرا، من جميع الجنسيات.
وفي ذلك العام، هاجر نحو5000، سويسريّ وسويسريّة إلى ألمانيارابط خارجي، وحوالي 4000 شخص من مواليد سويسرا إلى فرنسا،رابط خارجي وذلك وفقًا للإحصاءات الوطنيّة للهجرة في البلدين. ويقيم أقلّ من 460 ألف سويسريّ وسويسريّة في بلدان سائر الاتّحاد الأوروبيّ.
استجابة لاحتياجات سوق العمل
ومقارنة بالاتفاقيات الثنائية الأخرى، أثارت اتفاقية حرية تنقل الأفراد في سويسرا الكثير من النقاشات، التي طالت أيضًا بُعدها الاقتصادي.
فقد أثارت هذه الاتفاقيّة، التي فتحت سوق العمل، مخاوفَ من احتمال تراجع الأجور، لا سيَّما في الكانتونات الواقعة على الحدود، ومن أن تؤدّي المنافسة المتزايدة في سوق العمل إلى الإضرار بالشرائح السكانيّة المقيمة في البلاد. لكن أظهرت الدراسات المتزايدة حول الموضوعرابط خارجي، أنّ “التدابير المصاحبة” ساعدت في تجنّب هذه الآثار السلبيّة.
>> اقرأ.ي أيضًا هذا المقال، الذي نُشر في عام 2020، عن الموضوع ذاته:

المزيد
أيّ تأثير لاتفاقية حرية تنقل الأشخاص على الاقتصاد السويسري؟ هذا ما تقوله الأرقام!
وعلى غرار التقارير الصادرة في الأعوام السابقة، يخلص التقرير الأخير لأمانة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصاديةرابط خارجي إلى أنّ حريّة التنقل “سمحت بتلبية الطلب على اليد العاملة، التي لم تكن متوفّرة في سويسرا، أو كانت متوفّرة ولكن بأعداد غير كافية”. ويعزّز هذا التحليل واقعًا ملموسًا يتجلّى في نقص اليد العاملة في بعض القطاعات.
وتنتقد بعض الأصوات، من داخل الأوساط القوميّة وخارجها، الجانب الملزم لاتفاقيّة حريّة التنقّل، وتطالب بالعودة إلى نظام الحصص، باعتبار أنّ ذلك لن يمنع سويسرا من الاستعانة باليد العاملة الأجنبيّة حسب احتياجاتها. غير أن أمانة الدولة السويسريّة للشؤون الاقتصاديّة، ترى أنّ ” تقييد الهجرة سيؤدي إلى تراجع عرض اليد العاملة، وارتفاع تكاليف التوظيف”.
ويضيف مايكل فريدريتش، من بعثة الاتحاد الأوروبي في سويسرا، أن الفوائد الاقتصادية لمختلف جوانب الاتفاقيات الثنائية لا يمكن تقييمها بشكل منفصل. ويوضح أنّه ” إذا كانت سويسرا تُعتبر وجهة جاذبة للاستثمار من قبل الشركات الأوروبية، فذلك أيضًا لعلم هذه الشركات أنّها لن تواجه مشاكل في نقل كوادرها إذا قرّرت إنشاء فرع تابع لها هنا”.
تحرير: سامويل جابيرغ
ترجمة: ناتالي سعادة
مراجعة: ريم حسونة
التدقيق اللغوي: لمياء الواد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.