مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تُمول المرحلة الثانية من خطة لتشغيل الخريجين في تونس

عاملات تونسيات يشتغلن في معمل للنسيج في ضواحي تونس المدينة توجه منتجاته للتصدير. ويواجه قطاع النسيج في تونس مخاطر فقدان قدرته التنافسية في السوق الأوروبية مقارنة بالمنتجات الصينية. AFP

يرتبط مشكل التكوين والتدريب المهني بالصاعق الاجتماعي الذي فجر ثورات وانتفاضات في البلدان العربية كانت البطالة، وبخاصة بطالة الخريجين، القادح الذي أشعلها. ويُعزى إخفاق المنهج التنموي، الذي سارت عليه أكثرية البلدان العربية، إلى أن التعليم لا يُخرِج الكفاءات التي يحتاجها الاقتصاد وإنما يُوجه الطلاب إلى تخصصات لا تمتُ بصلة إلى مخططات التنمية... إن وُجدت. 

ومن الأمثلة على ذلك أن في تونس اليوم 145 ألف فرصة عمل شاغرة لعدم وجود كفاءات، فيما تجاوز عدد العاطلين عن العمل 750 ألفا. 

رُبما شكلت مُعاينة هذه الفجوة الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة الحافز الأساسي الذي حمل سويسرا على إطلاق خطة لدعم تونس في مجال التكوين المهني على مدى خمس سنوات (2016-2020)، يُتوقع أن يستفيد منها نحو 4000 طالب شغل. وتُمول هذه الخطة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون المعروفة باسم DDC، وقد رصدت لها 9.6 ملايين فرنك (ما يُعادل 20 مليون دينار تونسي). 

وأوضحت السفيرة السويسرية في تونس ريتا آدم التي وقعت الاتفاق مع زياد العذاري، وزير التكوين المهني والتشغيل التونسي أن هذه الخطة تشكل المرحلة الثانية من برنامج “التكوين المهني في تونس: جرعات عملية لتعزيز تشغيل الشباب”. وبتعبير آخر سيُتيح برنامج التكوين تأهيل الشاب لتصبح معارفه مستجيبة لطلبات سوق العمل. 

وأفادت السفيرة أن 300 مسؤول عن قطاع المواد البشرية، بالاضافة لعشر مؤسسات من القطاعين العمومي والخاص، سيستفيدون من هذا البرنامج، الذي انبنى على نجاح المرحلة الأولى التي استمرت ثلاث سنوات بقيمة ثلاثة ملايين فرنك، وقد تمخضت عن إنشاء مؤسستين متخصصتين في التدريب المهني. وتتمثل مهمة المؤسستين اللتين انطلقتا في العمل منذ 2014، في “مُرافقة طالبي العمل من أجل مساعدتهم على تحسين كفاءتهم بُغية تيسير اندماجهم في عالم العمل”. وقالت السفيرة ريتا آدم إن مؤسسة تدريب ثالثة تم إحداثها أثناء تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج.

أربعة تخصصات

وردا على سؤال لـswissinfo.ch لخص مدير التعاون الفني بالسفارة السويسرية رومان دربيلاي Romain Darbellay حصاد المرحلة الأولى من البرنامج بقوله إنها أثبتت صوابية الصيغ العملية للتكوين وكذلك التطويرات التي أدخلت عليها، والتي توزعت على التخصصات التالية:

التكوين التقني والزراعي: اعتُمد فيه على منح شهادات تكوين مشتركة من القطاعين العام والخاص، في إطار تخصصين مختلفين هما تشخيص محركات السيارات وغراسة الأشجار المثمرة.

التكوين التجاري: تم إحداث مؤسستين للتكوين في هذا القطاع تدرب فيهما 125 شابا (بينهم 83 فتاة)، وبلغت نسبة المُندمجين منهم في عالم العمل 79 في المئة.

التكوين المؤقت: استفاد 315 شخصا (66 في المئة منهم فتيات) من دورات تكوين قصيرة الأمد في مجال الخياطة وتربية الماشية وإدارة المشاريع وزراعة الكروم… في مناطق الظل.

البرنامج في سطور

* انطلق برنامج “التكوين المهني في تونس: جرعات عملية لتعزيز تشغيل الشباب” منذ سنة 2014 وبدأ بإنشاء مؤسستين ترميان لمرافقة طالبي العمل على تحسين كفاءتهم لتسهيل حصولهم على فرصة عمل.

* وقعت تونس وسويسرا في 18 يوليو الماضي اتفاقا جديدا يتعلق بالمرحلة الثانية من ذلك البرنامج

* تستهدف المرحلة الثانية مساعدة نحو 4000 شاب، وتُقدر قيمة الاتفاق بـ9.6 ملايين فرنك بتمويل من مديرية التنمية والتعاون التابعة للسويسري.

* من المتوقع أن يستفيد من المرحلة الثانية 300 مسؤول عن الموارد البشرية بالاضافة لعشر مؤسسات عمومية وخاصة.

نظام وطني: تم في إطار هذا البند تأهيل 71 مُدرب ومُؤطر بناء على أساليب التجديد البيداغوجي.

وأوضح دربيلاي أن دراسة أنجزت حول البرنامج في 2015 أظهرت صحة الأساليب المتوخاة، لكنها بيَنت في الوقت نفسه أن للقطاع الزراعي في مجال التكوين المهني حاجات تختلف عن حاجات القطاعات التقنية الأخرى.

ومضى دربيلاي مبيّنا كيف أن البرنامج يستهدف بشكل خاص الشبان والشابات الحاملين لشهادات في مناطق الظل التي حُرمت من برامج التنمية، لكنه مُوجه أيضا إلى الشباب الذين يفتقرون إلى الخبرة.

وسألته swissinfo.ch عن المعيار الذي جعل الجانب السويسري يُحدد عدد المستفيدين من البرنامج بنحو 4000 شاب، فرد بأن ذلك الرقم يعتمد على تقدير عدد المستفيدين سنويا بـ740 مُتدرب، أي ما مجموعه 3700 مُتدرب على امتداد السنوات الخمس التي يستغرقها تنفيذ البرنامج.

صعوبة إيجاد فرص عمل

والأرجح أن القائمين على البرنامج أدركوا من خلال المرحلة الأولى مدى صعوبة إيجاد فرص عمل للمُتدربين، فعدلوا إسمه في المرحلة الثانية من “برنامج التكوين المهني في تونس” إلى “برنامج التكوين والإدماج المهني في تونس” من أجل إبراز الهدف المتمثل في تحقيق الإدماج المهني الذي يتطلع إليه الشباب المتدرّبون. وضرب دربيلاي مثلا بمؤسسات التدريب التي بلغت نسبة الحاصلين على فرص عمل من بين خريجيها 70 في المئة، فيما تقوم 70 مؤسسة بالانتدابات الجديدة عبر هذا البرنامج.

وجوابا على سؤال حول مفهوم “المؤسسات المُدرِبة”، قال إنه يعني المؤسسات التي أحدثت لهدف وحيد هو التكوين المؤقت للشباب من أجل تشغيلهم لاحقا في مؤسسات أخرى. 

وتقوم هذه الطريقة على المحاكاة الكاملة لجميع الأنشطة التي تقوم بها مؤسسة تجارية، بما في ذلك ترويج منتوجاتها المختلفة وخدماتها في السوق. وتابع “بهذه الطريقة نُؤمن مناخ أعمال مثاليا من أجل تطبيق المعارف النظرية التي تحصّل عليها المتدربون، وهي عناصر حاسمة في ضمان تشغيلهم”. 

وسألته swissinfo.ch حول كيفية أمكن استقطاب الشباب في المحافظات المحرومة والمُهمشة إلى برامج التكوين، فردَ بأن “دورات التكوين قصيرة الأمد وذات النتيجة الفورية التي نُقيمها في تلك المحافظات يتم إعدادها “على القياس” وبمعية شركاء محليين بحسب طبيعة الجمهور الذي نتوجه إليه”.

وأضاف أن هذا العمل ينبني على أهداف مُحددة وخصوصية تنبع من دراسة موضوعية للحاجات في تلك المناطق، مُوضحا أن حصول المتدربين على شهادة تكوين سويسرية في نهاية كل دورة يشكل أحد الحوافز التي لا يمكن الاستهانة بها في استقطاب المتكونين.

وزيادة على مسالك التكوين والتدريب المذكورة ثمة مسالك أخرى تتمثل خاصة في إرسال المتدربين إلى ورشات حرفيين ليتدربوا على أيديهم، ومنها ورشات النجارة والحدادة والخياطة والبناء وتربية الطيور، وهو أسلوب مازال العمل جار به في المرحلة الثانية من برنامج الدعم السويسري للتكوين المهني في تونس، وهو مُكوِنٌ من مكوناته، ويُعرِفُه البند الرابع من البرنامج بـ”التكوين قصير المدى” أو المؤقت. وقد استفاد منه 315 شابا وشابة خلال المرحلة الأولى من البرنامج وشمل على سبيل المثال ورشات خياطة وتربية الماشية وزراعة الكروم وغيرها.


متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية