The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

بتكاليف أقلّ … السويد تقدّم نموذجًا ناجحًا في مكافحة السرطان

MAMMOGRAFIE, BRUSTKREBS-FRUEHERKENNUNG, KREBS, FRUEHERKENNUNG, UNTERSUCHUNG, MAMMOGRAPHIE, UNTERSUCHUNGEN, ROENTGENBILD, ROENTGENBILDER, RADIOLOGE, RADIOLOGIE, BILDSCHIRM, BILDSCHIRME, ANALYSE, RADIOLOGISCHE UNTERSUCHUNG, RADIOLOGISCHE UNTERSUCHUNGEN,
Keystone / Gaetan Bally

تنفق سويسرا على علاج السرطان، للفرد الواحد، أكثر من أيّ بلد أوروبيّ آخر. ولكن لا يُترجَم هذا الإنفاق المرتفع إلى معدّلات تعافٍ أفضل بالضرورة. ويبرز الفارق بشكل خاصّ عند المقارنة مع السويد.

في عام 2023، أنفقت سويسرا (425 يورو) ضعف ما أنفقته السويد (240 يورو) على مكافحة السرطان للفرد الواحد، وفقًا لتقريررابط خارجي أصدره مؤخرًا المعهد السويدي لاقتصاد الصحة. وقد استمر هذا الحال منذ عشر سنوات؛ ففي عام 2015، أنفقت سويسرا حوالي 313 يورو (298 فرنك سويسري) للفرد الواحد، مقابل 142 يورو في السويد.

المزيد

ويشير التقرير إلى أن البلدان التي تنفق أكثر على معالجة السرطان تحقّق نتائج أفضل عمومًا، ولكن ليس دائمًا. فمعدلات التعافي في السويد وسويسرا متقاربة، وتبلغ حوالي 60%. وبالنسبة إلى أنواع معيّنة من السرطان، فإن معدلات البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات، أفضل في السويد منها في سويسرا.

فكيف يمكن تفسير هذه الفوارق؟ في هذا المقال، سنحاول الإجابة على هذا السؤال.

محتويات خارجية

التركيز على الوقاية

مع ازدياد نسبة الشيخوخة في أوروبا، ارتفع عدد الإصابات بالسرطان ارتفاعًا ملحوظًا، خلال العقود الثلاثة الماضية. ورغم التحسّن الكبير في معدلات التعافي من أنواع عديدة من السرطان، بفضل الكشف المبكّر وتطوّر أساليب العلاج، ما يزال المرض يُشكّل سبب الوفاة  الثاني في القارّة الأوروبيّة، بعد أمراض القلب والأوعية الدمويّة.

ولعلَّ ارتفاع معدّل الإصابة بالسرطان في سويسرا، يفسّر الإنفاق الكبير على مكافحته مقارنة بالسويد؛ إذ تشير أحدث البيانات إلى تسجيل ما بين 350 و380 حالة لكلّ 100 ألف نسمة في سويسرارابط خارجي، التي يبلغ عدد سكّانها حوالي تسعة ملايين. وفي المقابل، سجّلت السويد، التي يبلغ عدد سكّانها نحو 10،5 مليون نسمة، معدّلات إصابة أقلّ، تتراوح بين 280 و300 حالة لكل 100 ألف نسمة.

ويعود ارتفاع معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الجلد، نسبيًا إلى زيادة التعرّض للشمس وشدّة الأشعة فوق البنفسجية، خاصة في المناطق الجبلية. ويزداد خطر الإصابة بالسرطان أيضًا مع التقدّم في السنّ. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن متوسط العمر في سويسرا أعلى مما هو في السويد (84 عامًا مقابل 83 عامًا).

بيد أنّ عوامل أخرى تسهم في فرق التكلفة بين سويسرا والسويد. ويشير توماس هوفمارشر، الخبير الاقتصاديّ في مجال الصحّة من أصل نمساويّ وشارك في إعداد تقرير المعهد السويديّ، إلى أنّ السويد تركّز بشكل أكبر على الوقاية.

ووفقًا لمنظمة الصحّة العالميّة، يمكن تجنّب 30٪ إلى 50٪ من جميع حالات السرطان، عبر الحدّ من عوامل الخطر المتعلّقة بالبيئة ونمط الحياة. فالتدخين مثلًا، مسؤولٌ عن 25% من وفيات السرطان في العالم، ويُعتبر سبب سرطان الرئة الرئيسيّ.

وتعدّ السويد من الدول التي يُسجّل فيها أقلّ معدّلات التدخين في أوروبا، إذ تبلغ نسبة المدخّنين والمدخّنات فيها نحو 10%، مقابل 25% في سويسرا، وفقًا لمنظّمة الصحّة العالميّة.

ويشير ماركوس أوسولا، أخصائي الشؤون السياسية في الرابطة السويسرية لمكافحة السرطان (Krebsliga Schweiz)، إلى أن “استهلاك التبغ في سويسرا غير خاضع للتنظيم بالطريقة المطلوبة.” ويعلّل ذلك بقوله: “إن أسعار التبغ منخفضة، والحماية من التدخين السلبي ضعيفة، كما أن فرص الترويج له كثيرة”.

محتويات خارجية

وفي سويسرا، يموت أكثر من ثلاثة آلاف شخص بسرطان الرئة كلّ عام، ممّا يضعه في مقدّمة العوامل المسبّبة للوفيات المرتبطة بالسرطان. وتشهد معدلات الإصابةرابط خارجي بسرطان الرئة، ومعدّلات الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة في سويسرا، ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالسويد.

وتتقدّم السويد أيضًا على سويسرا في ما يتعلّق بالتلقيح ضدّ فيروس الورم الحليميّ البشريّ (HPV). ومنذ أن قُدّم أوّل لقاح ضدّ هذا الفيروس، قبل عشرين عامًا، انخفض عدد حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم، والوفيات الناجمة عن هذا الفيروس بشكل مذهل.

وكانت السويد في الماضي، تسجّل معدّلات أعلى من سويسرا في حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم، والوفيات الناجمة عنه. لكن في عام 2021، شرعت الحكومة السويديّة في تنفيذ برنامج وطنيّ للقضاء على سرطان عنق الرحم، وأطلقت حملة تلقيح شاملة. واليوم،رابط خارجي تتلقى 90% من الفتيات و87% من الفتيان اللّقاح، مقابل حوالي 71% من الفتيات و61% من الفتيان في سويسرا.

ولا يُتوقّع أن تظهر آثار ارتفاع معدّل التلقيح إلّا بعد عقود من الزمن، نظرًا لطول الفترة الفاصلة بين وقت إجراء التطعيم في سن 12 إلى 14 عامًا، وبين إصابة الشخص بسرطان عنق الرحم، الذي يحدث عادةً في سن الرشد.

الكشف المبكّر عن الحالات

وتوجد أيضًا اختلافات كبيرة بين البلدين في ما يتعلّق بالكشف المبكّر والفحص. فعلى سبيل المثال، تمتاز النساء السويديّات بأعلى معدّل مشاركة في فحص سرطان الثدي في الاتحاد الأوروبيّ.

إذ بلغت نسبة النساء اللواتي أجرين تصوير الثدي بالأشعّة السينيّة خلال العامين الماضيين، من 80% في السويد، مقابل 60% في سويسرارابط خارجي. ووفقًا لبيانات عام 2022، كان عدد حالات الإصابة بسرطان الثديرابط خارجي للفرد الواحد أعلى في السويد، لكن معدلات الوفيات كانت متماثلة تقريبًا.

ويعود ذلك، جزئيًا، إلى بنية المنظومات الصحيّة. فلدى السويد منظومة عموميّة، تموّلها الحكومة وحدها من عائدات الضرائب. أما سويسرا، فلديها منظومة خاصّة متعدّد جهات الدفع. ورغم أنّ التأمين الصحيّ إلزاميّ لجميع المقيمين والمقيمات، فإنّ عليهم.ن الاشتراك فيه عبر شركات تأمين خاصّة.

ومن الجدير بالذكر أن الخطة الوطنية للسرطان في سويسرا انتهت في عام 2020، دون إيجاد بديل لها حتى وقت قريب. ومن المقرر وضع خطة جديدة بحلول العام المقبل.

وتعتبر سويسرا من الدول الأوروبيّة القليلة، التي لا تملك برنامجًا وطنيًّا موحّدًا لفحص سرطان الثدي. ففي الوقت الراهن، يتمّ الكشف المبكّر عن السرطان عبر برامج على مستوى الكانتونات، تشمل سرطان الثدي وسرطان القولون. بيد أنّ بعض الكانتونات لا تتوفر فيها برامج فحص مبكّر على الإطلاق.

أما السويد، فلديها برامج فحص وطنيّة للكشف عن سرطانات الثدي، والأمعاء، وعنق الرحم، مموّلة من الخزينة العامّة. ويقول ماركوس أوسولا: “هذا يعني أنّه يمكن تشخيص الأمراض في وقت مبكّر، ومعالجتها بشكل أفضل وبتكلفة أقلّ”.

إذ تندرج هذه البرامج ضمن خطّة وطنيّة لمكافحة السرطان، أُطلقت في عام 2009، ويتمّ تحديثها باستمرار، وتتضمّن أهدافًا وإجراءات واضحة، مرتبطة بالخطّة الأوروبيّة لمكافحة السرطان.

ويلخّص توماس هوفمارشر ذلك بقوله: “تسعى المنظومة الصحيّة السويديّة لأن تكون استباقيّة قدر الإمكان… أمّا سويسرا وألمانيا والنمسا، فلا تزال منظوماتها استجابيّة. وغالبًا ما ينتظر الناس، رجالًا ونساءً، وقوع المرض لطلب المساعدة”.


التركيز على القيمة مقابل الثمن

ومن جهة أخرى، يُعزى ارتفاع الإنفاق على مرض السرطان جزئيًّا، إلى الزيادة العامة في النفقات الصحية في أوروبا. ومع ذلك، لا يشكّل السرطان سوى جزء صغير نسبيًا من إجمالي تكاليف الرعاية الصحية؛ ففي سويسرا، يُمثّل نحو 6% فقط من تلك التكاليف، بينما لا تتجاوز النسبة 5% في السويد.

وتمتلك سويسرا واحدة من أفضل المنظومات الصحية في العالم، ولكن أيضًا واحدة من أكثرها تكلفة. فلقد بلغ إجمالي نفقات الرعاية الصحية للفرد حوالي 11،000 دولار في عام 2024، أي حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي. فيما تنفق السويد حوالي 11% من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية، أي حوالي 6،000 إلى 7،000 دولار للفرد.

ويعود ذلك جزئيًا إلى مستويات الرواتب، التي هي أعلى عمومًا في سويسرا منها في بقيّة أوروبا. فوفقًا لأحد التقديرات، يبلغ متوسّط راتب الطبيب أو الطبيبة السنويّ في سويسرا حوالي 260،000 دولار، مقابل 123،000 دولار في السويد.

وهناك اختلاف رئيسيّ آخر يخصّ الإنفاق على الأدوية، إذ تنفق سويسرا ضعف ما تنفقه السويد على علاجات السرطان لكلّ حالة. ولعلّ سبب ذلك يرجع إلى سعر الأدوية، الذي نجده أعلى في سويسرا.

محتويات خارجية

ومع ذلك، لا يزال من الصعب تحديد تأثير أسعار الأدوية الفعليّ، بسبب تزايد استخدام الحسومات السرّية، لا سيما لأدوية السرطان. غير أنّ نسبة مبيعات أدوية السرطان بالسعر الرسمي المُعلنرابط خارجي (أي دون حسومات)، قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أوروبا؛ من أقلّ من 10% في عام 1995، إلى أكثر من 40% في عام 2023. ويُشير هذا الاتجاه إلى وجود استعداد واسع لدفع مبالغ كبيرة مقابل هذه العلاجات. ووفقًا لدراسة أُجريت عام 2023، فإن أدوية السرطان كانت، في المتوسط، أغلى بثلاث مرّات من الأدوية الأخرى في الولايات المتحدة، وألمانيا، وسويسرا، وذلك بالنظر إلى فعاليّتها.

ورغم ما تُوحي به هذه الأرقام، فهي لا تعكس بالضرورة السعر الحقيقيّ المدفوع. ففي العام الماضي، أعلنت الحكومة السويسريّة موافقتها على استخدام الخصومات السريّة لبعض العلاجات المكلفة، مكسّرة بذلك تقاليد البلد العريقة في الشفافيّة.

وعلى وجه العموم، تتفوّق سويسرا بشكل واضح على السويد في معدلات استهلاك الأدوية.

ويُعزى ذلك، جزئيًا، إلى سهولة الوصول إلى العلاجات الحديثة، ما يؤكّده توماس هوفمارشر بقوله: “لا شكّ أنّ سويسرا هي البلد الذي يقصده كلّ من يرغب في الحصول على أحدث الأدوية المضادّة للسرطان. فلا يتمّ إقرار العلاجات الجديدة بسرعة فحسب، بل يتمّ أيضًا تعويض تكلفتها ووصفها من قبل الأطبّاء والطبيبات”.

محتويات خارجية

وتعكس الإحصائيات هذا التوجّه بوضوح؛ فبينما تعوّض سويسرا تكاليف نحو 92% من أدوية السرطانرابط خارجي التي وافقت عليها الوكالة الأوروبية للأدوية للفترة 2019–2022، لا تتجاوز هذه النسبة في السويد 56%.

وترى كيرستين نويل فوكينجر، أستاذة القانون والطبّ في جامعة زيورخ والمعهد التقنيّ الفدراليّ العالي في زيورخ، أنّ “هناك أولويّة للسرطان في سويسرا”، معلّلة ذلك بأنّ السرطان بطبعه “يثير الكثير من المشاعر، وبمجرد أن يُطرح دواءٌ جديد لعلاجه في السوق، تحدث ضغوط لإتاحته للمرضى والمريضات، لأنه يمنحهم.ن الأمل”.

وليس من السهل معرفة ما إذا كانت الأدوية الجديدة أكثر فعاليّة، وتعزّز البقاء على قيد الحياة، بقدر ارتفاع سعرها. ففي عام 2020، لم تجد دراسة أجرتها كيرستين نويل فوكينجر، ونُشرت في مجلة “ذي لانست” (The Lancet)، أيّ صلة بين تكاليف العلاج الشهرية لبعض الأدوية المضادّة للسرطان في سويسرا، وفوائدها الإكلينيكيّة.

أمّا السويد، فتتعامل مع مسألة التعويض بحذر أكبر؛ فهي تقيّم التكلفة مقابل الفعاليّة لكل دواء، قبل أن يُعوّض من قبل منظومة الصحّة العموميّة. وهذا يعني في بعض الأحيان، أن يقلّ عدد الأدوية المتاحة للمرضى والمريضات، لكنّ التكاليف تكون ضمنًا منخفضة.

ويلخّص توماس هوفمارشر ذلك بقوله: “إذا كان أيّ دواء مجديًا، فإننّا نعوّض ثمنه، وإذا لم يكن مجديًا، فإننا لا نعوّض ثمنه”.

محتويات خارجية

تحرير: فرجيني مانجين

ترجمة: موسى آشرشور

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد

نقاش
جيسيكا
يدير/ تدير الحوار: جيسيكا دافيس بلوس

كيف أثرت أزمة نقص الأدوية على تجربتك في مجال الرعاية الصحية؟

كيف أثر نقص الأدوية عليك شخصيًا؟ وما الذي تعتقد أنه يجب القيام به لمعالجة هذه المشكلة؟

10 إعجاب
8 تعليق
عرض المناقشة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية