مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صحفيون عرب يحاولون التّـنقيب عمّـا وراء الأخبار

هناك الصورة والمصورون ... وهناك ما يحدث خلف الصورة Keystone

لا تقتصِـر علامات دخول العرب إلى عصْـر الحداثة على توطين التكنولوجيا والسيْـطرة على العلوم واللُّـغات، وإنما تشمَـل أيضا إيجاد المؤسسات العصرية، وفي مقدِّمتها البرلمانات المُمَـثلة والقضاء المستقل والصحافة الحرّة.

ومن أركان حرية الصحافة، أن يكون الإعلاميون قادرين على تقصِّـي المعلومات والوصول إلى مصادِرها، كي ينشُـروا تحقيقات تُمِـيط اللِّـثام عن حقائق مستورة وتُطْـلع الرأي العام عليها، من دون تعريض أنفُـسهم للمساءلة الأمنية أو الملاحقة القضائية.

سعي لإرساء صحافة استقصائية

غير أن العالم العربي لم يعرِف هذا النَّـمط الخاص جدّا من الصحافة، إلا في السنوات الأخيرة وبقدْر هامِـش الحرية المُـتاح في كل دولة، ما جعل المشهَـد مُـتفاوتا من بلد إلى آخر. مع ذلك، يسعى إعلاميون منذ 2005، لإرساء صحافة استقصائية عربية وشكَّـلوا من أجل ذلك إطارا اقتَـصر في الإنطلاق على الأردن وسوريا ولبنان، ثم توسَّـع لاحقا ليشمَـل أيضا مصر والبحرين ثم اليمن وفلسطين والعراق.  واستطاعت الشبكة، التي تُديرها الأردنية رنا الصباغ، أن تجمع في مؤتمرها الأخير (الثالث) في عمَّـان ثلاث مائة صحفي يُغطُّـون المنطقة الممتدّة من عُمان إلى موريتانيا، لترسيخ فنّ الإعلام الإستقصائي في بلدانهم.

واللاّفت، أن مبدأ هذه الشبكة، التي تُسمّـى “أريج” (اختصار لشبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية بالإنجليزية)، أن تتْـرُك للصحفي أو المؤسسة الإعلامية المُـشاركة لاختيار الموضوع ومساعدته (ها) على إنجازه، مثلا من خلال المشاركة في دورات تدريبية أو ضمان تكاليف الإستشارات القانونية، التي تؤكِّـد تطابُـق التحقيق مع القوانين السائدة في البلد المعني، بالإضافة إلى ضمان النَّـشر لاحقا.

ضعف التحقيقات العربية

قبل مؤتمر “أريج” في عمَّـان بسبعة أشهر، عقدت الجمعية الدولية للصحافة الإستقصائية مؤتمرها الدوري في جنيف، فألقى الضوء على تحقيقات لافتة وجريئة من بُـلدان مختلفة، غالبيتها من نصف العالم الشمالي، في مقابل ضعف التحقيقات القادمة من العالم العربي وإفريقيا. وبدا أن منسُـوب الحرية في تلك البلدان، وهي أساسا غربية، يشكِّـل القابلة التي مكَّـنت من توليد نوع التحقيقات التي يتعطَّـش إليها المجتمع، وأنّ ضُـعف ذلك المنسوب في بلدان العالم النامي، وخاصة البلدان العربية، هو أحَـدُ العناصر المهمّـة التي يمكِـن أن يُعْـزى لها ضُـعف التحقيقات الإستقصائية فيها.  

غير أن مؤتمر عمَّـان رفع النِّـقاب عن الإنتشار السريع لهذا النَّـمط الصحفي في البلاد العربية، من خلال التحقيقات التي عرضها صحفيون من بلدان عدّة، مثل مريم مكريم، رئيسة تحرير صحيفة “الأيام” المغربية، التي أنجزت تحقيقا غيْـر مسبوق عن شبكات الدَّعارة المغربية في مصر والأردن ولبنان، وخاطَـرت بنفسها من أجْـل كشْـف النِّـقاب عن تلك الشبكات، ما أدّى إلى اعتقال شبكة المتاجرة بالفتيات في المغرب وإجراء تحقيقات مُـماثلة في صُـحف مغربية عدّة.  

وعرض المصري علي زلط تحقيقه عن عِـصابات تهريب الأفارقة إلى إسرائيل، وكشف فيه المخاطر الجمّـة التي يتعرّضون لها، فيُقتل كثير منهم على السلك الشائك في الحدود أو يُعتقلون. أما الذين يصِـلون، فيقطعون طريقا معقَّـدة، تنطلِـق من بُـحيرة ناصر في جنوب مصر إلى أسوان فالإسماعيلية ثم سيناء، حيث ينقلهم البَـدْو إلى الأراضي المحتلة مقابل 3000 دولار.  

وشرح اليمني رشاد الشرعبي من خلال التحقيق الذي أجراه في أوساط الجماعات المتشدّدة، كيف أن قسْـوة القمْـع وسوء معاملة المعتقَـلين، بسبب الإشتباه في تعاطُـفهم مع تلك الجماعات وغياب التقيُّـد بالقانون، حفَّـز كثيرا من المواطنين المحايِـدين على الإنضمام إلى الجماعات، نِـكاية بأجهزة السلطة التي أهدرت كرامتهم. واستدلّ الشرعبي بكثير من الأشخاص، الذين قابلهم وكشفوا له دوافِـع انتمائهم إلى تنظيمات تُصنَّـف على أنها إرهابية.  

وبالروح الإستقصائية نفسها، توصَّـل الأردني عماد الرواشدة إلى رفْـع النِّـقاب عن الإعتداءات التي يتعرّض لها الأيتام في دُور الحضانة، وحتى بعد تخرُّجهم منها لاحقا. وكشف التحقيق كيْـف أن بعضهم انتهت به مأساته إلى الإنتحار، فيما انخرط آخرون في عالم الجريمة.

أسماء مُـستعارة وضغوط

وجابه هؤلاء الصحفيون صعوبات، مثل الجبال، إذ شرح الرواشدة لـ swissinfo.ch، أنه لم يجِـد قواعد بيانات ينطلِـق منها لمعرفة عدد الأيتام الذين أقاموا في تلك الدور، ولا أسماء الذين غادروها وعناوينهم الحالية. وأوضح أن نشْـر تحقيقه، دفع بالوزارة المعنِـية إلى زيارة الدُّور ونقلِـها إلى أماكن أفضل وإخضاعها إلى الرّقابة، إلا أنها ضغطت على ناشِـر الصحيفة، لكي يكشِـف لها عن مصادر المعلومات، بالنظر إلى أن الأسماء المنشورة كانت أسماء مُـستعارة.

ولما رفَـض الصحفي، أصدر الناشر توضيحا تبرّأ فيه من التحقيق ورفض نشْـر الردّ على التوضيح الذي تلقَّـاه من “أريج”، وبذلك انقطعت الشراكة بين الجانبيْـن، بعدما كانت “أريج” هي التي ترعى تلك التحقيقات وتنفِـق عليها. غير أن الرواشدة أوضح أن الخرِّيجين من تلك الدُّور صاروا يُهدِّدون الوزارة باللُّـجوء إلى الصحافة، من أجْـل ضمان الحُـصول على حقوقهم، وهي تخشى من افتِـضاح الأمور، فتذعن لهم.  

لكن المُـدوِّن المصري وائل عباس، شكَّـك في جدوى الصحافة الورقية في ظلّ الثورة الرقمية والدَّوْر الحاسِـم، حسب رأيه، الذي باتت تلعبُـه المواقع الإلكترونية والمدوّنات، وانتقد انتِـقادا لاذعا بعض الصحف المصرية التي تعارِض رئيس الجمهورية، فيما أنها لا تتوانى عن نشْـر مُـلحَـق لتمجيد زعيم دولة مُـجاورة (ليبيا)، رغم أنه أمضى أكثر من أربعين عاما في الحُـكم.  

ورأى عباس ومُـدوِّنون آخرون، شاركوا في مؤتمر “أريج”، أن الهواتف الجوّالة والمُصوّرات الصغيرة، باتت اليوم أكثر فعالية من الصحافة التقليدية وآلات التصوير الكبيرة، غير أن الآخرين هاجموا قِـلة حِـرّفية المُـدوّنات وأكَّـدوا أن الرأي العام ما زال يعتمِـد على الصحف الورقية.  

وعلى العكس، أشار أحد المتحدِّثين إلى أن المُـدوِّنين صاروا يأخذون آلات التصوير وينزلون إلى الميدان للقيام بعمل احتِـرافي، مثلما حصل في أحداث المحلة في ضواحي القاهرة يوم 6 أبريل الماضي أو أحداث العُـنف الأمني في نادي القُـضاة.

واستدلّ على شعبية المُـدوّنات، بأن نصف مليون مصري زاروا مدوّنة “المصري اليوم” خلال الإستفتاء على رئاسة الجمهورية وبأن مليون زائر قرؤوا مقال التحرّش الجنسي في يوم العيد. وأفاد نسيم طراونة من موقع “حبر كوم” الأردني لـ swissinfo.ch، أن الموقع طرح شِـعارات الحملة الإنتخابية، التي أجريَـت خلال الشهر الماضي للمناقشة العامة، فحلَّـلها الناس وناقشوها بأساليب طريفة، لا يوجد لها مثيل في الصحافة التقليدية.

المال قِـوام الأعمال

وأظهر مؤتمر عمَّـان أن المُـولعين بالصحافة الإستقصائية، يُدرِكون أنه ليس من السَّـهل تِـكرار تجربة الأسبوعية الفرنسية “لو كَـنار أونشيني” أو “مجموعة الإيكونوميست” (The economist Group) في بريطانيا، اللَّـتين تشكِّـلان علامتين بارزتين على التجاوب، الذي يلقاه هذا النمط من الصحافة لدى الرأي العام والجزع الذي يُـثيره لدى الحكام.

فإرساء مثل هذه التجارب، لا يحتاج إلى الحدّ الأدنى من الحريات فحسب، وإنما أيضا لإفساح المجال أمام المؤسسة الإعلامية، كي تعمَـل بالمَـنطِـق الإقتصادي، وتضمَـن لنفسها التّـوازن المالي، كي تستمر.

غير أن الإعلامي المصري هشام قاسم، الذي يُعتبَـر من رُواد الصحافة الإستقصائية العربية في صحيفة “المصري اليوم”، أكد لـ swissinfo.ch، تعليقا على انتشار الصحف الخاصة في مصر، أنه “لا حرية بلا مُـحاسبة”، مُشدِّدا على ضرورة إلزام الصحف بنشْـر مصادر تمويلاتها بكامل الشفافية، مُـستذْكِـرا تجربَـته في “المصري اليوم”، حين طُـلب منه الإمتناع عن مُـهاجمة شخص معيَّـن، فرفض وغادر، لأنه أيْـقن أن الطلب سيتكرّر مع أشخاص آخرين وأن منطِـق مالِـكي الصحيفة سيتغلَّـب على المنطِـق المِـهني، وهو ما أدّى أخيرا إلى فرْض الإستقالة على الإعلامي إبراهيم عيسى من رئاسة التحرير، بضغْـط من المُـساهمين في “الدستور”.

وأشار قاسم، الذي يستعِـدّ لإطلاق صحيفة جديدة بثلاث صِـيغ متوازية، هي الموقع الإلكتروني المتجدّد وعلى الهاتف الجوّال، بالإضافة إلى الطبعة الورقية، إلى ضرورة تحديد السَّـقف الأعلى للمساهمات بـ 10% لكل مُـساهم، كي لا تضِـيع استقلالية الصحيفة.

جيل جديد؟

ورأت رنا الصبّـاغ، أن جيلا جديدا من الصحفيين الاستقصائيين العرب الجَـرِيئين، شرع في رسْـم خطٍّ مُـلفت في الرِّمال، يسبر غور المآسي الإنسانية وهو يحاسب السلطات العُـليا في منطقة يطغى عليها حُـكم الفرد المُـطلَـق، وينخفِـض فيها مستوى الحريات الإعلامية.

وأضافت قائلة لـ swissinfo.ch، “هؤلاء الرُوّاد المسلحون بالشجاعة والمثابَـرة والالتزام بأخلاقيات مِـهْـنتهم، يعكِـفون على توثيق القضايا الجادّة التي تهُـم مجتمعاتهم وأصبحوا يشكّـلون قوّة صاعدة في مجال المطالبة بتعزيز سيادة القانون ودعْـم العملية الديمقراطية”.

وأوضحت أن هذه الشريحة الفتِّـية، التي تنتمي إلى وسائل إعلام خاصة وعامّة، تعمَـل تحت مظلَّـة “إعلاميون من أجْـل صحافة استقصائية عربية” (أريج)، الشبكة الوحيدة الدّاعمة لهذا الضّـرب من الإعلام الاحتِـرافي داخل غُـرف صناعة الأخبار العربية، إلا أنها اعترفت أن التحقيقات الاستقصائية التي رعتْـها “أريج”، لم تُـفْـضِ حتى الآن إلى استقالة تكنوقراطيين من مناصِـب عُـليا أو مسؤولين فاسدين، بخِـلاف ما يحدُث في بلدان كثيرة حول العالم، وأكّـدت أنها حقَّـقت تحسينات مُـهمّة تُـؤثر على الحياة اليومية للمجتمعات المحلية في مجالات حيوية، مثل الصحة والبيئة والتعليم والأمْـن وحقوق الإنسان.

ففي مصر، الرازحة تحت قانون الأحكام العُـرفية منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981، طلب أحد المحامين من النائب العام مُـقاضاة الحكومة بتُـهمة الإهْـمال، بعد أن كشفت منى العراقي، الزميلة في شبكة “أريج”، خَـبايا سوء إدارة نفايات المستشفيات والمافيات التي تقف وراءها، من خلال فيلم وثائقي تلفزيوني.

أما زميلاها هشام علاّم ودارين فرغلي، فأثارا ضجّـة رسمية وشعبية، حين وثَّـقا التَـلوُّث الذي تُـسبّبه مياه الصَّـرف الغيْـر مُـعالَـجة، الناتجة عن مصنع سكَّـر حكومي، لبعض أجزاء من نهر النيل، والتهديد الذي يشكِّـله لصحة وحياة أكثر من 220000 من السكان. وبعد نشْـر تحقيقهما في الصحيفة المستقلّـة الرائدة “المصري اليوم”، استدعى مجلس الشعب وزير الصحة لمساءلته عن ذلك الإهمال، بينما رفع عشرات السكان دعاوى قضائية للحصول على تعويضات.

وفي سوريا، أزالت جرّافات حكومية، جبال القُـمامة من موقع كان يُـعدّ أكبر مكبٍّ للنفايات قُـرب العاصمة دمشق، بهدف منع انتشار الأمراض المُـعدية والتخفيف من حدّة تلوُّث الهواء. جاء ذلك بعد أيام من نشْـر تحقيق لخالد موسى وبراء بوشي، اللّـذان عمِـلا معاً لمدة ثلاثة أشهر، لكشْـف أساليب إساءة المُـقاول واستغلاله في تطبيق التعاقُـد مع البلدية. وفي غُـمرة ذلك، تعرّض الصحفيان للتَّـهديد من قِـبل عمَّـال النظافة المحليين، الذين كانوا يتصرّفون بدعم خفِـي من مسؤولين صِـغارا في البلدية.

وفي اليمن، شكّـلت الحكومة لجْـنةً للنَّـظر في مؤسسة صحية، كان قد كشفها وديع العبسي، أحد الصحفيين المحليين، حول عدد من المستشفيات بسبب سوء تشغيل أو تعطُّـل أو غياب حارقات النفايات الطبية فيها. كذلك، استضافت عدة إذاعات محلية الصحفية سهير جرادات، بعد أن نشرت تحقيقا حول عائلات أردنية ترغم بناتها المتزوِّجات حديثاً، إلى الخضوع لفحْـص العُـذرية، لأنهن لم ينزِفن في ليلة الدّخلة، في مخالفة واضحة للقانون ولتعاليم الدِّين وحقوق الإنسان.

لا زال الطريق طويلا

في الخلاصة، يعتقد كثيرون مع رنا الصبّـاغ، أنه لا تزال هناك طريق طويل أمام العالم العربي، الذي يفتقِـر في غالبيته إلى الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، قبل أن تصبح الأخبار المعمّـقة والمصمَّـمة للوصول إلى الحقيقة أو حتى الوقائع في أفضل أحوالها، جزءاً لا يتجزّأ من الممارسات اليومية في غُـرف الأخبار العربية.

وما تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسجِّـل أدنى المستويات في مجال الحريات الإعلامية على نطاق العالم، وذلك حسب مؤشّر الحريات الإعلامية العالمي، الذي أصدرته منظمة فريدوم هاوس لعام 2010.

تأسست شبكة الصحافة الإستقصائية العالمية Global Investigative Journalism Network في سنة 2001، في شكل منتدىً لتبادل أفضل الممارسات في مجال الصحافة الإستقصائية. وسرعان ما تطوّر إلى ظاهرة مُـدهشة، إذ ظهر أن أسلوب التحقيق الصحفي الإستقصائي القائم على حكاية ما تنطلق من فَـرَضية، كان منهجا بصدد التجريب في عدة بلدان.

ومن الأعضاء المؤسسين، البروفسور مارك هنتر، أستاذ الإعلام والصحافة الإستقصائية في جامعة باريس الثانية ومؤلف كتاب عن اليمين الفرنسي، وبيا ثوردسون، عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين الإستقصائيين في الدانمرك، ونلز ميولفاد، من المعهد الدانمركي للتغطية الإعلامية المدْعومة بأجهزة الكومبيوتر، وبرانت هيوستن من منظمة “محرِّرون وإعلاميون استقصائيون Reports and Editors Investigative.

وتعزّزت هذه الشبكة بتأسيس مركز لندن للتغطية الإستقصائية ومدرسته الصيفية Summer School  السنوية، التي ساعدت على تمثل طرق جديدة في الصحافة الإستقصائية.

ليست الصحافة الاستقصائية تغطِـية عادية لخبَـر ما. فبعد مُـضي 36 عاما على فضيحة واترغيت التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1974، ما زال الجمهور والصحفيون غير متَّـفقين على تحديد مفهوم الصحافة الاستقصائية.

فهي تشمَـل كشف أمور خفِـية للجمهور، وهي أمور إما أخفاها عمْـدا شخص يتبوَّأ منصِـبا في السلطة أو اختفت صُـدفة تحت رُكام من الحقائق، التي بات صعبا فهمها وتتطلب استخدام مقومات ووثائق سرية.

والفرق بين التغطية الإخبارية التقليدية والتغطية الإستقصائية، يتمثل أساسا في أن الأولى تعتمِـد بصورة عامة على مواد ومعلومات وفَّـرها آخرون (صادرة عن مؤسسات حكومية أو شركات عامة وخاصة وعن القضاء أو الشرطة…) وجمع ردود الفعل المتعدّدة حِـيالها، بينما تعتمِـد التغطية الإستقصائية على العكْـس، على مواد استقاها وجمعها الصحفي بنفسه.

وبالإضافة إلى ذلك، تهدف التغطية الإخبارية التقليدية إلى خلْـق صورة موضوعية عن العالم مثلما هو. أما التغطية الإستقصائية، فتستخدم بطريقة موضوعية مواد ومعلومات حقيقية تتحوّل إلى حقائق يُـوافق أي مراقب عَـقلاني على أنها حقيقية. ويُحرِّك الصحفي الإستقصائي هدفا ذاتيا، يتمثل في الرغبة في إصلاح العالم، وطبعا ينبغي معرفة الحقيقة كي يُـمكن تغيير العالم. (مارك هنتر ونلز هانسون)

انتزع الصحفي العراقي من كردستان، دلوفان برواري، جائزة أريج – سيمور هيرش 2010، عن تحقيق بحَـث فيه الدوافع وراء استمرار ظاهرة الختان في كردستان. وحلّت العراقية ميادة داود في المركز الثاني عن “تجنيد الأطفال” وقودا في معارك تنظيمات متطرفة، فيما حصدت الجائزة الثالثة المصرية سهام الباشا عن تحقيق نبش أسرار صناعة الأثاث (الموبيليا) القاتلة.

وزّع الجوائز على الفائزين رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري في ختام أعمال مؤتمر أريج الثالث الذي شارك فيه 300 إعلامي وأكاديمي من 16 دولة عربية وخبراء استقصاء في عدة دول غربية، لاسيما بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ورومانيا والسويد والدنمرك وجنوب إفريقيا.

المشاركة العراقية كانت الأكثف هذا العام بثلاثة تحقيقات، بعد انضمام هذا البلد إلى مناطق أنشطة أريج، إلى جانب البحرين واليمن وفلسطين. الملفت أن الإعلاميات العربيات استحوذن على خمس من الجوائز الست الأولى هذا العام. وتنافس على جائزة هذا الموسم، 18 مرشحا ومرشحة، غالبيتهم من رواد أريج، بعد غربلة التحقيقات في التصفيات الأولية.

واختار الفائزين لجنة برئاسة يسري فوده (مصر)، نائب رئيس مجلس إدارة أريج وعضوية محمود الزواوي (مشرف أريج/ الأردن)، ولد بطراوي (مشرف أريج/ فلسطين)، صفاء كنج (لبنان) وبسام السبتي، رئيس تحرير موقع  IJ التابع للمركز الدولي للصحافيين ICFJ  (واشنطن)، الذي يرعى جائزة أريج – سيمور هيرش هذا العام.

المرتبة الرابعة كانت من نصيب مجدولين علاّن (الأردن) عن تحقيق نشر في “العرب اليوم” كشفت فيه ثغرات في قانون الحصول على المعلومة وقصورا حكوميا في تطبيقه بعد ثلاث سنوات على اعتماده، وهو الأول من نوعه في الدول العربية. السيدة علاّن ليست جديدة على جوائز أريج، إذ حصدت المركز الأول العام الماضي عن تحقيقها حول معاناة النساء المطلقات والمعلقات في نيل حقوقهن.

كارول كرباج من لبنان حلّت في المركز الخامس عن تحقيق سلط الضوء على وضع العمال المصريين في محطات الوقود.

وجاء في المرتبة السادسة تقرير إذاعي لحسن الرواشدة وصفاء الرمحي (الأردن) عن “ظاهرة تناول الكحول بين المراهقين” في منطقة الأغوار، بثته إذاعة “فرح الناس”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية