مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صندوق النقد الدولي.. عندما يُصبح الرقيب في أزمة

أنظار صندوق النقد الدولي مشدودة إلى الأزمتين الغذائية والمالية. Keystone

أقر جهاز تقرير السياسات بصندوق النقد الذي انعقد بواشنطن يوم السبت 12 أبريل جملة إصلاحات تتعلق بطريقة اتخاذ القرار داخل المؤسسة، تُفقد سويسرا جزءا من مكاسبها. وأكدت الدول المشاركة على ضرورة تعزيز الدور الرقابي للصندوق على الأسواق الدولية لمواجهة الأزمتين اللتين تعصفان بالاقتصاد العالمي حاليا.

من جهة أخرى، أقرت اللجنة النقدية والمالية الدولية التي تمثل الجهاز السياسي بالصندوق مشروع الإصلاحات الذي تقدم به المدير العام الجديد، الفرنسي دومينيك ستروس- خان.

وتطالب إحدى النقاط الأساسية في المشروع بزيادة نسبة تمثيل الدول النامية داخل مؤسسات الصندوق، وتدعو إلى نقل 2.7% من حق التصويت من دول الشمال إلى دول الجنوب.

وإذا تواصلت هيمنة الدول المانحة على القرار داخل صندوق النقد الدولي بنسبة 57.9% من حق التصويت، فإن ذلك يعرقل عملية تصحيح “الخلل في الممارسة الديمقراطية داخل هيئات المؤسسة النقدية الدولية”، وهو خلل كثيرا ما نادت دول الجنوب بوضع حد له.

وستفقد سويسرا وبقية الدول المانحة بمقتضى هذه الإصلاحات جزء من نصيبها الانتخابي داخل هذه الهيئة الدولية. وأوضح هانس رودولف ميرتس، الذي مثّل الكنفدرالية في اجتماع اللجنة المالية والنقدية الدولية، في تصريح لسويس انفو: “لقد فرض على سويسرا خفض نصيبها الانتخابي الخاص بنسبة 11%”.

لكن وزير المالية السويسري اعتبر “11% نسبة محدودة، وأن هذا الإجراء ضروري من أجل المصلحة العامة لهذه المؤسسة”، مضيفا: “أن هذه الخطوة تعزز أصوات الدول النامية من دون أن تضعف كثيرا أصوات الدول المانحة”.

“خطوة متواضعة جدا”

أما وزير المالية الأرجنتيني، فيرى أن الزيادة المقررة في نسبة تمثيل بلدان الجنوب “خطوة متواضعة جدا”، ، وهو ما رد عليه هانس رودولف ميرتس بالقول: “بالنسبة لهم الإجراء محدودا جدا، وبالنسبة لنا هي خطوة هامة جدا، وهذا هو المعنى الحقيقي للتوافق”.

وستفقد سويسرا بعض الامتيازات الأخرى، نتيجة عملية الإصلاح. ولأول مرة في تاريخه، سيقوم صندوق النقد الدولي بتخفيض عدد موظفيه بشكل واسع، لتجاوز الوضع الحالي الذي قدّر ممثل الولايات المتحدة به العام الماضي أنه وضع غير قابل للاستمرار.وسيتخلى الصندوق عن 380 موظفا دوليا من جملة موظفيه 2700 بحلول 2011.

وقد يشمل هذا الإجراء رعايا سويسريين من ضمن الموظفين العاملين في المؤسسة في دوائر مختلفة (الأطر العليا، والخبراء الاقتصاديون، والموظفون العاديون). ويشمل الإجراء كذلك مكتب مجموعة الدول التي تقودها سويسرا على غرار بقية المكاتب الوطنية بصندوق النقد الدولي.

ومن المفترض أن تحصل عملية خفض الموظفين عن طريق المغادرة الطوعية، ولكن إذا لم تفلح الحوافز المقدمة في إقناع العدد المطلوب، سيتم اللجوء عندئذ إلى الطرد الإجباري.

النظر إلى المستقبل

وإلى جانب ملف الإصلاح، هيمن على اجتماعات صندوق النقد الدولي، قضية الأزمة، أو الأزمات التي يمر بها الاقتصاد العالمي.

وأشارهانس رودولف ميرتس، وزير المالية السويسري إلى “أنه قد تم الربط بين الأزمة الغذائية التي تسبب فيها ارتفاع أسعار المواد الأساسية في البلدان النامية وأزمة المصارف، والتي لا تعود فقط إلى أزمة القروض العقارية غير المضمونة”.

والواقع أن صندوق النقد الدولي لم يستبق حصول هذين الأزمتين، تماما مثلما حصل مع الأزمة الآسيوية، وتبعاتها على الساحة الدولية سنة1997. ويرفض مدير صندوق النقد الدولي الاتهام بأن الصندوق لم يقم بدوره الرقابي على الاقتصاد الدولي على الوجه الأكمل.

ودعا دومنيك ستروس- خان إلى النظر إلى المستقبل، وقال: “لن نعود إلى تقييم التجربة الماضية، وعلينا التفكير الآن في كيفية إيجاد مؤسسة قادرة على إصدار تحذيرات مبكرة”. وخلال حوار سنة 1997 حول فشل المؤسسة النقدية الدولية في آسيا، تحاشى دومنيك سروس، والذي كان آنذاك وزير الإقتصاد في بلاده، الإجابة عن السؤال مفضلا الحديث عن المستقبل.

إلقاء اللوم على الولايات المتحدة

في حديث لسويس انفو يوم السبت 12 أبريل فضّل وزير المالية السويسري عدم الإجابة عن سؤال حول مدى ثقته في صندوق النقد الدولي، وجدواه في مراقبة الإقتصاد العالمي. وفضّل بدلا من ذلك إلقاء اللوم على الولايات المتحدة، وبالنسبة إليه: “لا تملك الولايات المتحدة نظاما رقابيا فعالا كما نتمنى”.

وأضاف وزير المالية: “فالرقابة على البنوك في الولايات المتحدة عملية معقدة جدا، وهو ما يجعل التنسيق صعبا”.
من جهته أكد جون بيار- روث، رئيس البنك الوطني السويسري: “أن صندوق النقد الدولي ليس سلطة رقابية” وأن “السلطات الوطنية هي المسؤولة عن الرقابة”.

لكن اللجنة النقدية والمالية الدولية التي تمثل الجهاز السياسي بالصندوق لا تتفق مع رأي رئيس البنك الوطني السويسري في هذه النقطة، ودعت في بيانها إلى ضرورة توخي الدقة في تقارير الصندوق وتحليله للوضع الاقتصادي الدولي. كما أعادت اللجنة التأكيد على أن الدور الرقابي الثنائي سيظل في صلب عمل صندوق النقد الدولي، وستبقى هذه المؤسسة داعما أساسيا للرقابة الإقليمية، ومتعددة الأطراف”.

من جهتها، دعت مجموعة الأربعة والعشريون التي تضم دولا من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية صندوق النقد الدولي إلى العمل بسرعة على تعزيز دوره الرقابي على أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا من اجل تجنّب حصول أزمات أخرى في المستقبل.

سويس انفو- ماري كريستين بونزوم – واشنطن

(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

تأسس كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي سنة 1945.
ويختص صندوق النقد الدولي قبل كل شيء بالتعاون الدولي في المجال النقدي وباستقرار الأسواق المالية وبالوقاية من الأزمات الإقتصادية.

ويعدّ صندوق النقد الدولي 181 دولة عضو. وتشارك كل واحدة منها في رأسمال المؤسسة بحسب وزنها الاقتصادي. وبحسب هذا الوزن الاقتصادي تحصل كل دولة على نصيبها الانتخابي في النظام الداخلي.

سويسرا عضو في مجموعة انتخابية من ستة دول، يبلغ وزنها الانتخابي 2.84 % مما يسمح لها بالحصول على المرتبة الثامنة عشر من مجموع الأربعة والعشرين على مستوى الهيئة التنفيذية بصندوق النقد الدولي.
وتوجد سويسرا مباشرة بعد الصين وقبل روسيا ، بلدان شهدت حصتهما الانتخابيتين ارتفاعا كبيرا.
وبالإمكان أيضا أن تمر أمام سويسرا كل من البرازيل والهند، وتسبق سويسرا الآن مجموعة دول إفريقيا الغربية بمقعد واحد فقط.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية