مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عدد طالبي اللجوء إلى سويسرا من العراقيين في تزايد

الحصار و الحالة الاقتصادية المتردية في العراق تدفع الكثير من أبناءه إلى البحث عن ملاذ آمن swissinfo.ch

بعد عشر سنوات من الحصار المفروض على العراق و ما أفضى إليه من انهيار كامل لجميع المقومات الأساسية للحياة اليومية، لجأ بعض العراقيين إلى البحث عن بلد آخر لبدء حياة جديدة، فأصبح طالبو اللجوء العراقيون يحتلون المرتبة الثانية في قوائم الانتظار في سويسرا بعد مواطني منطقة البلقان.

سويسرا كانت منذ سنوات طويلة ملاذا لعدد من العراقيين المثقفين و المفكرين، فكانوا يحصلون على حق اللجوء على سويسرا دون تعقيدات كبيرة كما هو الحال الآن.
لكن خلال السنوات الأربع الأخيرة أصبح طالبوا اللجوء من العراقيين يضمون الحرفيين , المزارعين أو من الذين اشتركوا في القتال في الشمال العراقي.


بدأنا جولتنا للتعرف على طالبي اللجوء العراقيين من مركز استقبال اللاجئين او بمعنى اصح معسكر الاستقبال الذي كان في السابق مصنعا تحولت قاعاته إلى غرف و بالتحديد إلى إحدى و عشرين غرفة تضم مائة و عشرين لاجئا.
المبني محاط بسياج حديدية عالية تخوفا من هجمات يقوم بها المعادون للاجئين و عندما تدخل تقابلك لوحات ارشادية بلغات مختلفة و من بينها العربية.
طالبو اللجوء يمكثون في هذا المركز مدة قصيرة ثم ينتقلون إلى أحد المراكز المخصصة لإقامتهم في اي بقعة في سويسرا ، انتظارا لقرار السلطات البت في طلبهم بالموافقة او الرفض.
الوجوه تراها هنا حائرة واجمة لا تفهم ماذا يحدث حولها، و وراء كل وجه قصة أو مأساة يمكن أن تكون حقيقية و يمكن أن تكون مختلقة.
في مكتب الاستقبال يعدون لكل طالب لجوء ملف و بطاقة ثم يخضع للكشف الطبي للتأكد من خلوه من الامراض المعدية


الاثاث في قاعة الانتظار متواضع تماما … الغرف أشبه بعنابر السجون … الاسرة قديمة ….. حمامات مشتركة و مطبخ كبير يعدون فيه الطعام ، الطابق الثاني من المبنى مخصص للعائلات فقط حيث تقيم كل عائلة في غرفة مستقلة و لكن المطبخ و الحمام ايضا مشترك.
السيدة / استر برونر مديرة المركز شرحت أن تدفق اللاجئين العراقيين بدأ يتزايد خلال الاعوام الماضية و ترى أن الحصار المفروض على العراق هو بالتأكيد السبب الرئيسي لهروب العراقيين للبحث عن مكان ما يستطيعون فيه الحصول على ابسط مقومات الحياة.
و نوهت السيد برونر إلى أن طالبي اللجوء العراقيين يمتازون بدماثة الخلق مقارنة مع طالبي اللجوء من بلدان اخرى كما اضافت ان مهمتها في هذا المركز هو محاولة ازالة حاجز الخوف و الرهبة الذي يعاني منه طالبو اللجوء فالمركز يعد بمثابة مرحلة انتقالية بين رحلة سفر و محطة الوصول التي قد يطول البقاء فيها او يقصر.


هذه المشاعر التي افصح عنها رب اسرة عراقية فارة من بغداد الكاظمية و شابة هاربة من كربلاء قد تتبخر بعد بضعة اشهر فهم يحلمون ببناء مستقبل جديد بعيد عن مآسي الحياة اليومية في العراق و لكن هل سيستطيعون تحقيق ذلك هنا؟
في زيارة لأحد مراكز الايواء التي تضم عددا من اللاجئين العراقيين في بيت قديم في ضواحي المدينة التقيت بشاب عراقي من الشمال أو من كردستان العراق كما اصر أن يقول، رأيت في عينية المعاناة …معاناة الانتظار و الوحدة على الرغم من انه اختار الحضور إلى سويسرا و لم يأت إليها مكرها او دون اختيار كما حدث مع ابن الكاظمية و ابنة كربلاء وتحدث عن معاناته بعد سبعة أشهر فقط من إقامته في سويسرا


السيد توماس ديتريش مسؤول الملف العراقي في المكتب الفيدرالي لشؤون اللاجئين أكد في حديثه معنا على أن الوضع الاقتصادي المنهار في العراق بسبب الحصار أدي إلى خلق نوع من اليأس لدى المواطنين، إضافة إلى غياب سيطرة الحكومة على بعض المناطق داخليا و بصفة خاصة في الشمال مما ساعد على احداث نوع من الفوضى و عدم وضوح الرؤيا للمستقبل و بالتالي دفع ذلك بالمواطنين إلى محاولة مغادرة العراق
أوضح السيد توماس ديتريش أن سويسرا لا تستطيع الآن تنفيذ مشاريع تنموية في شمال العراق كما هو الحال في البوسنة أو كوسفو، و لكن في المقابل تدرس نوعية المشروعات التي يحتاجها العراقيون و تقوم بدراسة احتياجات الناس هناك ، إضافة إلى ذلك تأمن سويسرا مساعدة مالية للاجئين الذين يرغبون في العودة إلى العراق حتى يتمكنوا من بداية حياتهم هناك من جديد.



النزاعات و الحروب … الاضطهاد و المطاردة و حصار الشعوب، كلها عوامل تجبر الكثيرين على الفرار … الفرار إلى اي مكان يعتقدون أنهم سيشعرون فيه بالأمن و الاستقرار …. ويحسون فيه بالطمأنينة …قد يجدون غطاءا يلتحفون به …. و قد يعطيهم أحد كسرة خبز تسد جوعهم أو شربة ماء تروي ظمأهم أو ملابس يسترون بها انفسهم، لكن هذا ليس كل شيء، لانه يمثل حاضرا قصيرا يحمل بين طياته مستقبلا مجهولا.


تامر أبوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية