مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عرب جنيف يشيدون بمنح حق التصويت للأجانب

للاستفادة من حق التصويت على المستوى البلدي في جنيف، يجب أن يكون الأجنبي مقيما في سويسرا منذ 8 سنوات ومنذ 3 أشهر على الأقل في بلديته. Keystone Archive

رحب أفراد من الجالية العربية في جنيف بموافقة الناخبين في الكانتون يوم 24 أبريل على منح حق التصويت لفئة محددة من الأجانب على المستوى البلدي.

ويعني هذا القرار الذي تطلب 10 سنوات من النضال تعزيز الجسم الانتخابي في الكانتون بـ80 ألف شخص. في المقابل، رفض أبناء جنيف استفادة الأجانب من حق الترشح.

“استقبلناها بفرح وسرور. نحن عملنا كثيرا من أجل الحصول على هذه النتيجة، وأعتقد أن جنيف تأخرت كثيرا في هذا المجال”.

هكذا استهلت السيدة رانيا ماضي، القانونية الفلسطينية المقيمة منذ 12 عاما في جنيف (ومنذ 17 عاما في سويسرا)، تعليقها على موافقة الناخبين في كانتون جنيف يوم الأحد 24 أبريل الجاري على منح حق التصويت للأجانب على المستوى البلدي. وتعد السيدة ماضي من الشخصيات العربية القليلة التي ناضلت من أجل انتزاع حق التصويت للأجانب والذي تحقق أخيرا بعد 10 سنوات من الكفاح.

وقد صادق الناخبون بنسبة 52,29% لصالح استفادة الأجانب من حق التصويت شرط إقامتهم في سويسرا منذ 8 سنوات على الأقل، ومنذ ثلاثة أشهر على الأقل في بلديتهم. في المقابل رفض 52,29% من أبناء جنيف منح حق الترشح للأجانب.

ويـُذكر أن هذه هي المرة الرابعة التي توجه فيها الناخبون في كانتون جنيف إلى صناديق الاقتراع للحسم في الحقوق السياسية للأجانب. ففي عام 1993، رفضت أغلبية واضحة من الناخبين مبادرتين اقترحتا منح تلك الحقوق إلى الأجانب على مستوى البلدية والكانتون. وفي عام 2001، اصطدم مشروع جديد بنفس المعنى بـ”لا” جديدة.

وعاد أنصار منح الحقوق السياسية للأجانب إلى الواجهة لتفعيل الملف بعد مضي أقل من عامين ونصف عن ذلك الرفض. إذ طرحت جميعة “أنا أعيش هنا، أنا أصوت هنا” في يونيو 2003 مبادرتين جديدتين، إحداهما دعت إلى منح حق التصويت والترشح على مستوى البلدية للأجانب المقيمين في سويسرا منذ أكثر من 8 سنوات، بينما اقترحت الثانية منحهم حق التصويت فقط على المستوى البلدي بنفس الشروط.

“تقصير حزبي” و”ضعف تنظيمي”

وبعد مصادقة جنيف على مضمون المبادرة الثانية، انضم هذا الكانتون -الذي يمثل الأجانب فيه زهاء 40% من إجمالي السكان- إلى كانتونات نوشاتيل وجورا وفريبورغ وفو وأبنزل رود-إكستريور (نصف كانتون) وغراوبوندن التي منحت بعد بعض الحقوق السياسية للأجانب. وجدير بالإشارة هنا إلى أن كانتون نوشاتيل منح حق التصويت للأجانب على المستوى المحلي في عام 1849!

وفي حديثها مع سويس انفو، عزت السيدة رانيا ماضي تأخير كانتون جنيف في الالتحاق بالكانتونات المذكورة إلى “تقصير بعض الأحزاب السياسية اليسارية مع الأسف، وأيضا عدم الوعي بما تعنيه مشاركة الأجنبي في الحياة السياسية”. وطرحت القانونية الفلسطينية تساؤلا مشروعا في هذا السياق قائلة: “لماذا أنت (المواطن السويسري) تقبل أن يشارك الأجنبي في دفع الضرائب كأي مواطن، وعندما يطرحُ موضوع حقوق مكتسبة لا يحق له التصويت؟”.

وأعربت السيدة ماضي عن اعتقادها أن الأحزاب اليسارية كان لها ثقل هام في رسم نتيجة يوم الأحد. وقالت بهذا الصدد “إن اليسار وعي الآن أنه كان مقصرا في التصويت. فالأحزاب اليمينية هي التي كانت دائما تملأ القاعات، عدا بعض الملتزمين جدا. فهذه المرة أدرك المنتمون إلى أحزاب يسارية انه من أجل تغيير التركيبية الديمغرافية في جنيف يجب ان يُُقبلوا على مراكز الاقتراع”.

من جهته، نوه السيد التونسي جلال الماطري -الذي يدير مقهى ويقيم في جنيف منذ أكثر من 22 سنة- إلى أن ذلك “الانتصار” كان “مُترقبا في جنيف”. وأوضح في حديثه مع سويس انفو أن العلاقات بين الجاليات الأجنبية والمواطنين السويسريين في جنيف باتت تتحلى بالانسجام، الشيء الذي دفع في اعتقاده أبناء الكانتون إلى التصويت لصالح الأجانب.

أما السيد رياض بن عطية، الخبير التونسي في مجال التنمية والمقيم في جنيف منذ خمس سنوات، فاعتبر نتيجة التصويت “خطوة أولى ومرحلة أولى”. ويعتقد السيد بن عطية أنه يتعين الآن على الأجانب عموما والعرب خصوصا “استغلال الفضاء الذي مُُنح لهم”، عبر تعزيز النشاط الجمعوي وتحديد الكفاءات القادرة على تمثيل هذه الجاليات بأحسن وجه على المستوى البلدي ثم على مستويات أعلى في المستقبل.

ولفت السيد بن عطية الانتباه خلال حديثه مع سويس انفو إلى أن العرب ليسوا حاضرين بقوة على ساحة الجمعيات بسبب عدم التنظيم الجيد وصعوبة التوفر على المساعدات المادية الكافية. ويرى السيد بن عطية أن “العمل المتشتت والفردي” لا يؤدي إلى نتائج ملموسة وأن الطريق نحو تعزيز الاندماج في المجتمع والانخراط الفعلي في حياته السياسية تبدأ بتشكيل “اتحاد أو شبكة نشيطة على المستوى الجمعوي تعمل على تحديد الأولويات والبرامج واختيار الأشخاص الذين يتمتعون بكفاءات تؤهلها للمشاركة في الحياة السياسية”.

تفاؤل وريبة

وعما إذا كان منح أجانب جنيف حق التصويت سيشجع الجالية العربية في الكانتون على المشاركة في الحياة السياسية بحماس أكبر، أجابت القانونية الفلسطينية رانيا ماضي “لا أعتقد ذلك، رغم أنني متفائلة كثيرا”. وأوضحت السيدة ماضي أن نوعية العرب المتواجدة في جنيف تتكون من عدة فئات. فهنالك الفئة العاملة بعدد كبير من المؤسسات المالية، ثم الفئة الواسعة العاملة في المنظمات الدولية التي لا يحق لها المشاركة في الحياة السياسة وبالتالي هي غير معنية أصلا بالتطورات الانتخابية. ثم هنالك “الفئة التي غادرت بلادها هربا من السياسة والمعاناة وهي مازالت تناضل من أجل بلادها وأهلها، ثم هنالك فئة صغيرة جدا تعمل من أجل سد رمق أولادها”.

أما العرب المقيمون في جنيف الذين يحاولون الاندماج في الحياة السياسية فتقول السيدة ماضي -التي تشارك منذ مدة في اجتماعات بعض الأحزاب السياسية اليسارية في جنيف- إنهم ينتمون لـ”فئة قليلة جدا”. وتـشير القانونية الفلسطينية في هذا السياق إلى أن مشاركتها في اجتماعات تلك الأحزاب “أثارت دائما استغراب الآخرين” نظرا لندرة الحضور الأجنبي فيها.

من ناحيته، يعتبر السيد الماطري منح حق التصويت للأجانب على المستوى البلدي في جنيف بمثابة “انطلاقة” نحو اهتمام متزايد بالحياة السياسية. وقد لمس بعدُ من دردشات العرب الذين يترددون على مكان عمله أن الحديث عن الانتخابات والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية هي التي تطغى على المناقشات اليومية منذ سنوات.

وقال بهذا الصدد: “الناس تلقت الخبر بترحاب (…) اليوم أصبح الباب مفتوحا لدخول الأجانب في ميادين السياسة والإجتماع. يجب التذكير بأن الباب ليست مغلقة كما هو الشأن في بلدان أخرى”. ولم يغفل السيد الماطري التنويه إلى أن العرب لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من الأجانب المقيمين في جنيف والذين ينحدر معظمهم من دول أوروبية.

“لـم لا؟”

فهل سيفكر العرب والأجانب عموما في التجند من أجل الحصول أيضا على حق الترشح في المستقبل؟ يجيب السيد الماطري “لم لا، هذه بادرة أولى وستتلوها بادرات أخرى”. وذكَر السيد الماطري على سبيل المثال، أن اثنين أو ثلاثة من السويسريين من أصل عربي سيترشحون لعضوية برلمان دويلة جنيف” مؤكدا “نحن سنقوم بحملة لمساندتهم”.

من جانبه، يعتقد السيد رياض بن عطية أن سهولة أو صعوبة حصول الأجانب على حق الترشح تعتمد أساسا على جودة العمل الذي سيقومون به من خلال عملهم الجمعوي وقدرتهم على إقناع السياسيين والناخبين على حد سواء بأن شعورهم حيال مصالح ومشاكل جنيف لا يقل عن شعور أي مواطن سويسري.

أما السيدة رانيا ماضي فتقول: “أعتقد أن الأمور يجب أن تجري بهدوء وعلى نار هادئة. هذه هي رابع مرة يتوجه فيها الناخبون لصناديق الاقتراع للتصويت على منحنا حق التصويت، إذن يجب أن ننتظر قليلا. ومع الانتظار يجب الإعداد”.

ويبدأ الإعداد حسب القانونية الفلسطينية بـ”الانتماء إلى الأحزاب السياسية كي يشعر الغربي أن العربي تهمه مصلحة البلد”.

وكانت الكلمة الأخيرة للسيدة ماضي حول نتيجة انتخابات يوم الأحد 24 أبريل 2005 الخاصة بمنح حق التصويت للأجانب: “أنا اعتبره نصرا في وقت نعيش فيه هزائم كثيرة. هذا يرفع من معنوياتنا قليلا”…

إصلاح بخات – سويس انفو

الأجانب وحق التصويت أو الترشح في ست كانتونات ونصف (من أصل 26):
نوشاتيل: حق التصويت على المستوى البلدي منذ عام 1849، وعلى مستوى الكانتون منذ عام 2000.
جورا: حق التصويت على مستوى البلدية والكانتون منذ عام 1980.
فو: حق التصويت على المستوى البلدية منذ عام 2004.
فريبورغ: حق الانتخاب على المستوى البلدي منذ عام 2004.
أبنزل رود-إكستريور (نصف كانتون) وغراوبوندن: يتركان الحرية للبلديات لمنح الحقوق السياسية للأجانب.
جنيف: وافق الناخبون يوم 24 أبريل 2005 على منح حق التصويت للأجانب على المستوى البلدي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية