مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عمرو موسى يُـهدّد في واشنطن بسحْـب المبادرة العربية

السيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية في الندوة التي نظّـمتها مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي في واشنطن swissinfo.ch

جاء إلى واشنطن لافتتاح مهرجان الفنون العربية "أرابيسك"، الذي ساهمت الجامعة العربية مع مركز كينيدي للفنون الأدائية في تنظيمه، وتشارك فيه الدول العربية بفِـرق فنِـيّـة وعروض أزياء ومشغولات يدوية وشعراء وعازفون ورسامون، لكن الدبلوماسي المُـخضرم، ذو الشخصية الكاريزماتية لم يفُـته أثناء زيارته القصيرة لعاصمة القرار في العالم، أن يجتمع بشخصيتين مؤثِّـرتيْـن، فيما يمكن أن تشهده منطقة الشرق الأوسط من دور أمريكي متزايد في رسم مستقبل المنطقة.

فقد التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية بالجنرال جيمس جونز، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، ونقل إليهما الموقِـف العربي من عملية السلام المتعثِّـرة والوضع في غزّة والعراق، ومتطلّـبات تحسين العلاقات العربية الأمريكية، وتطرّق الحديث معهما إلى الطموح النّـووي الإيراني وضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط كلّـها من الأسلحة النووية.

وقبل أن يُـغادر واشنطن، التقت به سويس إنفو مرّتين، كانت الأولى في رابطة الصحفيين العرب في واشنطن، حيث صرّح بأنه أبلغ المسؤولين الأمريكيين بأن العالم العربي “يتطلّـع إلى دور أمريكي مختلف، للتوصّـل إلى تسويّـة سِـلمية شاملة للصِّـراع العربي الإسرائيلي، بدلا ممّـا وُصِـف بعملية السلام، التي كان شعارها طِـوال السنوات الطويلة الماضية، هو المماطلة لتمكين إسرائيل من تغيير الواقع على الأرض والتِـهامها في إطار التوسع الاستيطاني”، وأضاف قوله أن “العرب ارتكَـبوا خطأً في التِّـسعينات، يجب أن لا يتكرّر، حينما قبلوا بالدخول في مفاوضات مع إسرائيل، دون تحديد جدول زمني يتعيّـن التوصل إلى تسوية بموجب فترة زمنية محدّدة”.

وأضاف السيد عمرو موسى: “لقد لمست موافقة الولايات المتحدة على فِـكرة عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في موسكو في الربيع أو الصيف القادم، ويشكِّـل ذلك تغيُّـرا أساسيا بعد رفض إدارة بوش السابقة لدور روسي متميِّـز في جهود السلام، ولا يُـقلقني انتقال السلطة في إسرائيل من حكومة بزعامة حزب كاديما إلى ائتلاف بزعامة نتانياهو، الذي سيكون على الأقل صريحا في رفض السلام، بعكس الحكومة السابقة التي كانت تستخدم المجاملات والكلام المنمق في المماطلة، فيما واصلت بناء السُّـور العازل وتوسيع المستوطنات والتهام الأرض الفلسطينية، فالمُـهمّ هو ما الذي ستفعله الولايات المتحدة لتحقيق حلّ الدولتين وضمان تفكيك المستوطنات ومبادلة الأرض بالسلام؟”.

وقال الأمين العام للجامعة العربية، إن التفسخ في الموقف العربي، كما ظهر خلال العدوان على غزة، يقتضي مصالحة عربية تتناسَـب مع القرن الحادي والعشرين، بعيدا عن أسلوب الأحضان والقُـبل والمجاملات، بحيث يمكن تنظيم الاختلاف في الرُّؤى ووِجهات النظر، للخروج بموقف عربي موحّـد في مواجهة التحدِّيات المختلفة التي تواجه الأمة العربية. وضرب مثالا على بداية العمل بهذا الأسلوب، في استجابة الأطراف العربية التي كانت تطالب بسحب المبادرة العربية فورا في ضوء المذابح الإسرائيلية في غزة، لرأي الأغلبية التي ترى ضرورة تفعيلها مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وإحراج الموقف الإسرائيلي الرّافض لكل مبادرة سلام، دون أن تطرح إسرائيل مبادرة سلام خاصة بها.

المبادرة العربية قائمة.. ولكن!

ونبّـه السيد عمرو موسى إلى أن الدول العربية، التي اتفقت منذ سنوات بالإجماع على طرح مبادرة سلام عربية يتِـم من خلالها مقايضة السلام الكامل مع إسرائيل، بوقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، مع إيجاد حلّ عادِل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لن تظل تلوح بغُـصن السلام من خلال تلك المبادرة، دون أن يستجيب إليها أحد.

وقال إن إدارة أوباما أوضحت تأييدها لِـما وصفته بنِـقاط إيجابية في المبادرة العربية، لكن يجب أن يكون واضحا للجميع أن العرب لن يعدِّلوا بنود مبادرتهم للسلام وأنهم اتَّـفقوا في قمّـة الكويت على إبقاء المبادرة على طاولة المفاوضات، ولكن لفترة محدّدة يتِـم بعدَها سحب المبادرة، مشيرا إلى أنه يقدِّر تلك الفترة بحلول نهاية العام الحالي، ما لم يتم إحراز تقدّم مبشِّـر في جهود السلام ووقف الاستيطان، كخطوة أساسية لأزمة لتطبيق مبدإ مبادلة الأرض بالسلام، ويتِـم تفعيل المبادرة والتفاوض على أساسها.

وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى أنه لمس في لقاءاته بالمسؤولين الأمريكيين، استمرار الموقف الأمريكي الرافض للتَّـعامل مع حركة حماس، رغم أنها فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أشرف عليها الاتحاد الأوروبي وشارك في الإشراف على نزاهتها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.

وأعرب السيد عمرو موسى عن اعتقاده بأنه، لو نجحت المحادثات الجارية حاليا لتحقيق مصالحة بين حركتَـي حماس وفتح، فسيتم توفير أساس للتعامل مع وحدة فلسطينية مُـتفاهمة على كيفية التحرّك الفلسطيني الشامل نحو تشكيل حكومة تضُـم حركة حماس، كعنصر أساسي في البناء الفلسطيني ومن ثمَّ التحرّك على طريق التفاوض على أساس الالتزام بالمبادرة العربية للسلام.

وأعرب السيد عمرو موسى عن تفاؤله بالتحرّك السريع لإدارة أوباما في الاهتمام بقضية الصِّـراع العربي الإسرائيلي واختيار السناتور جورج ميتشل كمبعوث خاص للشرق الأوسط وعودته إلى المنطقة للمرّة الثانية منذ تعيينه، وقال “لنمنح الإدارة الأمريكية الجديدة، التي تعهَّـدت بالتغيير، فرصة لتغيير ثمانية أعوام من التّـسويف وإهمال عملية السلام في عهد الرئيس بوش”.

لا للسِّـلاح النووي.. ولكن بلا استثناء

وكان اللقاء الثاني لسويس إنفو مع الأمين العام للجامعة العربية في ندوة نظّـمتها مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي، أدارها الصحفي ديفيد إجنيشيوس، الذي أثار غضب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في منتدى دافوس بسويسرا، وبدأ السيد عمرو موسى حديثه في الندوة بالقول: “أنا أترك واشنطن هذه المرة. يغمرني شعور بالتفاؤل بأن إدارة أوباما لديها رؤى مختلفة لتغيير سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والقيام فعلا بدور الوسيط النّـزيه في أعقاب فَـشل سياسة الإدارة السابقة في فترتي الرئيس بوش، التي أعطت إسرائيل حَـصانة في مواجهة انتهاكاتها للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف”:

ومضى يقول: “من خلال معرفتي بالمبعوث الخاص الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل، أدرك إلمامه العميق بما يتعيّـن عمله في الشرق الأوسط من خلال تقريره المعروف بتقرير ميتشل في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقد التقيت به أثناء جولته الأولى في الشرق الأوسط في الشهر الماضي، وأجزم بأنه تجسيد حيّ لمهمة الوسيط النزيه وكل ما أرجوه، هو أن يواصل ذلك الدّور حتى النهاية وأن يحظى بمساندة سياسية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، لتمكينه من النجاح في مهمته”.

وأشار السيد عمرو موسى، إلى إنه في إطار اعتزام إدارة الرئيس أوباما مراجعة سياساتها في المنطقة والدخول في حوار مع الدّول التي تختلف معها في توجهاتها، مثل إيران وسوريا، يجب أن تلتزم إدارة أوباما بالتعامل المنطقي مع الأمور وأن لا تكيلها بمِـكيال مزدوج. فمثلا، حينما تركِّـز واشنطن على ضرورة تخلِّـي إيران عن طموحاتها النووية، لا يمكن إقناع أحد في المنطقة بمساندة المطلب الأمريكي، حينما تتعرّض إيران لكل تلك الضغوط الدولية والأمريكية لإرغامها على وقف برنامجها النووي، الذي لم يصل بعدُ إلى مرحلة القُـدرة على إنتاج السلاح النووي، وِفقا لكافة تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما تغضّ واشنطن الطرف عن امتلاك إسرائيل لتِـرسانة من الأسلحة النووية.

واضاف السيد عمرو موسى: “منطقة الشرق الأوسط، يجب أن تكون منطقة خالية من الأسلحة النووية. فكما أنه ليس من المصلحة العربية أن تتمكن إيران من حِـيازة السلاح النووي، فليس من المبرّر أن تدافع الولايات المتحدة عن انفراد إسرائيل بقوّة الرّدع النووي في المنطقة وتبرر البرنامج النووي الإسرائيلي، فإذا ظل هذا الوضع على ما هو عليه، فيجب عدم توجيه اللّـوم إلى مصر أو السعودية أو سوريا أو غيرها من الدول العربية، إذا وجدت أن من حقها هي الأخرى السّعي لدخول النادي النووي”.

وردّا على سؤال لسويس إنفو عن أهم ما تنتظره الدول العربية من إدارة أوباما في إطار تعهّـدها بالتغيير، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية: “ننتظر أن تتطابَـق الأقوال مع الأفعال وأن تقوم الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما بالتوصّـل من خلال القيام بدور الوسيط النَّـزيه إلى تسوية سِـلمية شاملة، استنادا إلى مبادئ مبادرة السلام العربية، وأن تُـدرك أن الأمن الإقليمي والاستقرار الذي تنشده الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتحسين العلاقات مع العالميْـن، العربي والإسلامي، لن يمكن تحقيقه بدون حلّ أمُِّ المشاكل، وهي الصراع العربي الإسرائيلي”.

محمد ماضي – واشنطن

انطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف.

1- يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها وأن تجنح للسلم، معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.

2- كما يطالبها القيام بما يلي:

أ- الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.

ب – التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.

ج – قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

3- عندئذ، تقوم الدول العربية بما يلي:

أ- اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.

ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.

4- ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.

5- يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه، حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.

6- يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.

7- يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تاكيد دعمها على كافة المستويات، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.

(المصدر: الموقع الرسمي لجامعة الدول العربية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية