مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عملية سطو على أعمال فنية قيِّـمة في سويسرا

(شرطة زيورخ)

تحاول أجهزة الأمن وخبراء في المجال الفني فهم ما جرى خلال عملية السّطو الجريئة، التي شهدتها زيورخ يوم الأحد 10 فبراير، والتي أدّت إلى اختفاء أربعة لوحات فنية تعود إلى بول سيزان وإيدغار دوغا وفان غوخ وموني، ويقدّر ثمنها بمائة وثمانين مليون فرنك (165 مليون دولار أمريكي).

وتعرضت الأعمال الأربعة للسرقة ظهيرة يوم الأحد الماضي من مؤسسة إميل جورج بوهرلي، وهو متحف خاص، وتعد هذه أكبر عملية سطو تعرفها سويسرا، وواحِـدة من أهمّ عمليات السرقة التي شهدها التاريخ المعاصر.

طبقا لما أعلنت عنه الشرطة، لا يزال الرجال الثلاثة الملَـثمين، الذين اقتحموا البناية التي تُـعرض فيها مجموعة أعمال رسّـامين ينتمون إلى المدرسة الانطباعية وإلى المدارس الفنية “ما بعد الانطباعية”، في حالة فرار.

وأوضحت الشرطة أن اللصوص الثلاثة تسلَّـلوا إلى المتحف وأرغم أحدهم، تحت تهديد السلاح، الموظفين الموجودين في الطابق السّـفلي على التمدد أرضا، في حين اقتحم الرجلان الآخران قاعة العرض الرئيسية وقاما بانتزاع أهم أربعة أعمال في المجموعة، وهي “طفل يرتدي جمازة حمراء” لبول سيزان، والتي تقدّر قيمتها لوحدها بمائة مليون فرنك، ولوحة “الكونت لوبيك وبناته” لإدغار دوغا، و””حقل الأقحوان قرب فيتوي”” لفانسان فان غوخ و”زهور شقائق النعمان الحمراء، قرب فيتويي” لكلود موني.

وتمَّـت عملية السطو خلال ساعات الدوام، وكان يوجد داخل البناية 15 زائرا. وفرّ اللصوص بعد أخذ اللوحات على متن سيارة بيضاء اللون، وقد أعلن في زيورخ عن جائزة قدرها 100.000 فرنك سويسري لكل من يُـدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليهم.

وقال ماركو كورتيسي، الناطق باسم الشرطة في حديث لسويس انفو: “أعتقد أنهم كانوا يعرفون مسبقا ماذا يريدون بالضبط، لأن العملية تمَّـت في غضون ثلاث دقائق، اقتحموا البناية وتوجهوا مباشرة للقاعة الرئيسية وانتزعوا اللوحات الأربع، وهي اللوحات الأهم من حيث القيمة المادية”.

وواصل كورتيسي يقول: “إحدى التفسيرات الممكنة، أن اللوحات قد سُـرقت لتلبية طلبية خاصة، ولكن هل ستُـوضع هذه اللوحات في منزل وكل الناس يعلمون الآن أنها مسروقة”؟

وأضاف المسؤول الأمني أن الشرطة ليس بإمكانها إلى حد الآن تأكيد ما إذا كانت هناك علاقة بين هذه الحادثة وحادثة سرقة لوحتيْن زيتيتين لبيكاسو من معرض في مدينة بفايفيكون، التي لا تبعُـد سوى عشرات الكيلومترات عن زيورخ، مساء الأربعاء 6 فبراير الجاري.

فدية؟

وصرح لوكاس غلور، مدير المتحف للصحفيين أنه لا يستبعِـد إمكانية طلب فِـدية مقابل الأعمال التي سُـرقت من مجموعة بوهرلي، ووافقه على ذلك خبراء دوليون في المجال الفني.

وقالت سارا جاكسون، مديرة أبحاث بسجل لندن للقِـطع الفنية المفقودة في اتصال مع سويس انفو: “لقد حصلت بعض الحالات في الماضي، حيث استخدمت أعمال فنية قيّمة كوسيلة من وسائل المساومة أو كبديل عن النقود في تجارة المخدرات”.

وأضافت جاكسون تقول: “قد يكون هذا هو مصير تلك اللوحات، ولكن علينا الانتظار لنرى إلى ما ستنتهي إليه هذه العملية”.

وتُـشدد سارا جاكسون على أنه “ليست هناك أي إمكانية لبيع هذه اللوحات في إحدى الأسواق المعروفة لتبادل القطع الفنية”، وقالت الشرطة السويسرية إن جميع اللوحات كانت مزوّدة بنظام الإنذار، لكن اللصوص المدرّبين تمكّـنوا من الفِـرار بغنيمتهم قبل وصول الشرطة.

إعادة النظر في النظام الأمني

على الرغم من الإجراءات الأمنية المتَّـبعة، يقول لوكاس غلور، “ليس هناك شك أن اللصوص قد اختاروا نهب اللوحات الفنية من متحف صغير يقع في منطقة منعزلة”، ويرى أنه من الضروري إعادة النظر في النظام الأمني حول مؤسسة بوهرلي وبقية المؤسسات المشابهة.

ويضيف مدير المتحف: “للأسف، لقد تكرر الأمر مرات عديدة في الماضي، حيث كانت المتاحف التي تعرض أعمال قيمة، ضحية لعمليات السلب والنهب”.

وتُـعد مجموعة إيميل جورج بوهرلي (1890 – 1956)، نسبة إلى أحد الصناعِـيين بزيورخ، من أهم المجموعات الفنية الخاصة في الغرب، التي تم جمعها خلال القرن العشرين.

ولقد حصل بوهرلي على الجزء الأهم من تلك الأعمال في الخمسينات، ولكن جزءً من الأعمال التي جمعها خلال الحرب العالمية الثانية، اكتُـشف لاحقا أنها سُـرقت من طرف النازيين.

وفي سنة 1960، أنشأت عائلة إيميل جورج بوهرلي مؤسسة ووضعت على ذمَّـتها 200 قطعة فنية، ثم فُـتحت المؤسسة بعد ذلك للعموم.

وقال غلور لسويس انفو: “لهذه القِـطع الفنية قيمة مالية، ولكن أيضا قيمة فنية، وها نحن نكتشف اليوم أن هذه اللوحات الزيتية هي من بين أهم الأعمال التي تحتوي عليها مجموعتنا”.

وتعد أهم عملية سَـطو تعرضت لها أعمال فنية في التاريخ، تلك التي حصلت سنة 1991، حينما اختفت 20 لوحة فنية من متحف فان غوغ بأمستردام وتقدر قيمتها المالية 500 مليون دولار أمريكي، وقد عثر على تلك اللوحات بعد فترة قصيرة في سيارة مهجورة، تخلى عنها أصحابها.

ويقدر مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي قيمة القطع الفنية المسروقة سنويا بستة مليار دولار، في حين تحتوي قاعدة بيانات الإنتربول على قرابة 30.000 قطعة فنية مسروقة من شتى أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أن القليل من القطع المسروقة سابقا قد تمت استعادتها، فإن عملية السطو، وخاصة السطو المسلح على القطع الثمينة، مثل الروائع الفنية، يعد أمرا نادرا، بسبب عمل أجهزة الأمن المكثف وصعوبة بيع وتداول تلك اللوحات.

سويس انفو مع الوكالات

في نهاية الثمانينات، هاجم ثلاثة مسلحين معرض بولاغ بزيورخ وسرقوا منه 21 لوحة زيتية، تنتمي إلى عصرالنهضة، وقد أعلن عن الحادثة سنة 1989، عندما أوقف مكتب التحقيقات الفدرالي رجلين من بلجيكا، وأستعاد منهما 6.75 مليون فرنك سويسري قيمة الأعمال التي تمت سرقتها.

وفي 1994، تعرضت سبع لوحات زيتية لبيكاسو، تبلغ قيمتها 44 مليون فرنك إلى السرقة من معرض بولاغ بزيورخ، وقد تمت استعادتها سنة 2000، وعوقب سويسري ورجلان إيطاليان بالسجن بسبب تلك السرقة.

وفي 6 فبراير 2008، تعرضت لوحتان للرسام العالمي الإسباني بابلو بيكاسو إلى السرقة، بينما كانتا معروضتيْن في مركز سيدام الثقافي ببفايفيكون بكانتون شفيتس، القريب من زيورخ.

اللوحتان من التصوير الزيتى، وهما رأس حصان (1962) وكأس وإبريق (1944)، وقد استعارهما المَ،عرض من متحف سبرنغل بهانوفر فى ألمانيا، وتقدر قيمة اللوحة الأولى بـ 4,5 مليون فرنك سويسرى، فى حين تقدر قيمة اللوحة الثانية بـ 2,3 مليون فرنك سويسرى .

تنتمي أغلب أعمال هذه المجوعة إلى التيار الانطباعي الفرنسي، وتيار ما بعد الانطباعية، الذي تنتمي إليه أيضا المدرسة التكعيبية والمدرسة الوحشية، والمدرسة النابية Nabis، وكذلك بعض الاتجاهات الفرنسية التي ظهرت بعد سنة 1900.

وتقسَّـم هذه المجموعة إلى عدّة أقسام، قسم مخصص للعصور القديمة، خاصة الرسم الهولندي في القرن السابع عشر والرسم الإيطالي للفترة المتراوحة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، وأيضا مجموعة للنحت الخشبي القوطي.

وقد حصل إيميل جورج بوهرلي على أغلب لوحاته الزيتية وعلى القطع المنحوتة بين سنة 1951 و1956. وفي سنة 1960، أنشأت عائلته مؤسسة، أودعت فيها مختارات من اللوحات الزيتية ومن النحوت، ثم فتحت المؤسسة للعموم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية