مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عندما يتفق الغرب والشرق على هدف واحد!

قد تختلف الرؤى حول الإقتصاد الإسلامي لكنها تلتقي في أن الهدف يظل واحدا swissinfo.ch

استضافت زيورخ على مدى يومي 13 و 14 نوفمبر الجاري فعاليات منتدى المال الإسلامي الدولي في دورته الحادية عشر، الذي ينعقد للمرة الثانية في أوروبا، وضم مجموعة من العاملين في هذا المجال والمهتمين به.

وقد حرصت الساحة المالية السويسرية على إثبات حضورها في فعالياته، لتؤكد خبرتها في مجال إدارة الثروات وفقا للشريعة الإسلامية.

يدرك خبراء المال والأعمال أن الاستثمار وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية لم يعد مجرد رغبة مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال في خضوع استثماراتهم لمقتضيات التشريعات الإسلامية، بل تحولت إلى ظاهرة متنامية بوتيرة متصاعدة لا يمكن تجاهلها.

ويهدف المنتدى إلى وضع أبرز اللاعبين على تلك الساحة تحت سقف واحد، لتبادل الخبرات وبحث سبل التعاون المتاحة، وقبل هذا وذاك، تحديد المشكلات التي ظهرت من خلال العمل في هذا المجال وكيف يمكن التغلب عليها.

وقد بدا من مداخلات المتخصصين من رجال المصارف والمؤسسات المالية، أن الفترة الراهنة تشهد نقطة تحول هامة للغاية؛ إذ لم يعد الاستثمار المالي الإسلامي هو مجرد إضافة كلمة “الشرعية” أو “الإسلامية” إلى الخدمات البنكية التقليدية بعد إزاحة كل ما يتناقض فيها مع العقيدة الإسلامية، بل بدأت مجموعات في تصميم وإنتاج القوالب الإسلامية الاستثمارية الخاصة بها انطلاقا من مبادئ الاقتصاد الإسلامي، وهو توجه أكد عليه خالد عبد الله الجناحي رئيس مجلس مدراء بنك فيصل الخاص (سويسرا) الذي قال أمام المنتدى إن الوقت الراهن يشهد ميلاد منتجات استثمارية نابعة من الشريعة، إذ انتهت مرحلة تحويل برامج المصارف الأوروبية إلى ما وصفها بمنتجات “متوافقة مع الشريعة”.

واعترف خبراء الاستثمار غير المسلمين المشاركين في المنتدى أنهم وجدوا أنفسهم منذ سنوات قليلة مضطرين للتعرف على مصطلحات مثل المضاربة والمرابحة، والبحث في أسباب تحريم الربا وغيرها من أصول الاقتصاد الإسلامي، ليتمكنوا من التعامل مع من يرغب من المستثمرين في الدخول عبر هذه البوابة، ثم تحول هذا الاهتمام من مجرد رغبة بعض أصحاب الثروات، إلى ظاهرة عامة تضم شريحة عريضة من المستثمرين، فكان لزاما على المصارف غير الإسلامية أن تغير من إستراتيجيتها بالتعاون مع مؤسسات مالية في الدول العربية والإسلامية في هذا المجال.

هذه الخطوة، على الرغم من حتميتها، إلا أنها على ما يبدو لم تكن مكتملة الجوانب؛ إذ شكا بعض ممثلي المصارف الآسيوية من عدم ثقة المؤسسات المالية الدولية التقليدية في التعامل مع البنوك في الدول العربية والإسلامية، وبرر الأوروبيون هذا بعد الكفاءة وقلة الخبرة، فكان لابد من أن تضع تلك الأخيرة بصماتها على كل كبيرة وصغيرة، “ليس لعدم الثقة”، حسبما قال أحد مدراء البنوك غبر الإسلامية، بل “حرصا على الدقة وبالتالي سمعة المؤسسة المالية”.

الإستثمار في الموارد البشرية

فتح هذا النقاش ملفا بالغ الأهمية، وهو العثور على الكفاءات المدربة بشكل احترافي للعمل المصرفي الإسلامي، فهو إن كان نادرا في الغرب، فهو قليل للغاية في الشرق، ونظر المتخصصون في هذا المجال إلى دول مثل مصر وباكستان واندونيسيا والهند وماليزيا، على اعتبار أنها البلدان التي تضم طاقات بشرية هائلة، ومنها يمكن استخلاص الكفاءات المهنية المتخصصة التي تستطيع سد الثغرات الموجودة بالفعل في هذا المجال.

ويعتقد أسامة عبد الوهاب، من مركز الدراسات الاقتصادية الإسلامية في اوكسفورد أن “الحصول على الكفاءات البشرية المحترفة للعمل في هذا المجال سيحتاج إلى سنوات، إذ يجب أن تتوافر فيها مجموعة من الشروط، من بينها دراسة الشريعة بجوانبها المختلفة، لفهم مغزى الاقتصاد الإسلامي، وذلك بالتوازي مع الإلمام بجميع قواعد اللعبة الاقتصادية العالمية وتوجهاتها، لينصهر كل هذا لابتكار الآليات التي يمكن بها صناعة الأدوات الاستثمارية الإسلامية، التي ستكون في هذه الحالة قياسية بكل المعايير، لأنها تضم جميع الشروط المطلوبة في الاقتصاد العادل”، حسب قوله في حديثه مع سويس انفو.

ولم تظهر مشكلة نقص الموارد البشرية في القطاع المصرفي الإسلامي فقط، بل أدى هذا النقاش إلى التطرق إلى الصناعات المتعلقة بها، لاسيما في مجال البرمجيات والفروع الصناعية المتعلقة بها، إذ أعرب عدد من الشركات المتخصصة في هذا المجال عن وجود مشكلة حقيقية في العثور على المبرمجين المتخصصين في تصميم برامج المعاملات البنكية الإسلامية.

ويتفق معظم خبراء المصارف الذين شاركوا في أشغال المنتدى على أن الاستثمار في إعداد الكوادر المتخصصة في الاقتصاد الإسلامي بشكل صحيح هو أحد المجالات الهامة التي يجب على المؤسسات المالية أن تدعمه بجدية، لأنها المستفيدة من سد النقص الحاد في هذا المجال.

نحو اقتصاد إسلامي ليبرالي ناجح

وعلى الرغم من أن المنتدى تضمن فقرات للحديث عن تأثير المتغيرات السياسية في العالم الإسلامي على آفاق الاستثمار فيه، إلا أنها كانت مداخلات عامة، حرص مقدموها على عدم الخوض في أية توقعات مستقبلية أو تأييد طرف وتوجيه اللوم إلى آخر، بل كانت أغلبها حقائق تاريخية لأحداث وقعت في النصف الأول من القرن العشرين، وكأن هذه المداخلات تعني “انظروا إلى دروس التاريخ وأقرءوا ما بين السطور”.

ومن الإيجابيات التي تخللت المنتدى فتح حوار على درجة عالية من الاحتراف حول العلاقة بين الاقتصاد الحر والاقتصاد الإسلامي، شهد تداول آراء مثيرة للإهتمام أكدت أنهما لا يتعارضان، بل يقدم الاقتصاد الإسلامي “ضمانات أخلاقية واجتماعية لا يمكن للاقتصاد الحر أن يلتزم بها”، حسب تأكيد البعض.

وقد اشتمل المنتدى في دورته في زيورخ على دورات مغلقة متخصصة تناقش النظام الإسلامي في الاستثمارات العقارية، ومبادئ التحول من نظام التمويل المصرفي التقليدي الى الإسلامي وأهدافه، والابتكارات المتاحة في تنظيم صناديق الاستثمار الإسلامية الأدوات المستخدمة لإنشاء سندات وصكوك إسلامية، والجوانب القانونية والتنظيمية الإسلامية للاستثمارات العقارية.

وشارك في هذه الندوات المغلقة أكاديميون متخصصون في هذه الموضوعات من العالم الإسلامي وأوروبا والولايات المتحدة، ورسموا مع الخبراء المتمرسين في هذا العمل ملامح أسلوب التحرك في هذه المجالات لتحسين الأداء والإستفادة من الخبرات العملية، التي أكد الحاضرون على أنها تختلف من سوق إلى آخر، ولكنها تجتمع على هدف واحد، وهو معاملات مالية إسلامية.

يبقى في الأخير، أن أحد أهم المستفيدين من هذا المنتدى، هي الساحة المالية السويسرية باعتبار نجاحها في احتضان دوراته كلما حط الرحال في أوروبا (المرة الأولى كانت في جنيف عام 2002)، وهو امتياز يرى فيه السويسريون شهادة تكريم صامتة.

سويس انفو – تامر أبوالعينين – زيورخ

تقول بعض المصادر الاقتصادية، إن البنوك الإسلامية ستتولى إدارة أموال تناهز قيمتها ما بين 40% إلى 50% من إجمالي مدخرات المسلمين فى جميع أنحاء العالم فى غضون فترة تتراوح بين 8 إلى 10 سنوات.

يوجد حاليا نحو 270 مصرف إسلامي في العالم.

توفر أسواق السندات العالمية حاليا سندات إسلامية بحوالى 30 مليار دولار، ويسود التوجه الآن إلى زيادة إصدار السندات المطابقة لتعاليم الشريعة الإسلامية.

يعتقد بعض خبراء المصارف أن الأصول والاستثمارات التي تديرها المصارف الإسلامية في العالم تقدر بأكثر من 265 مليار دولار. وتتجاوز الاستثمارات المالية 400 مليار، تتولى أمرها مؤسسات مالية مختلفة.

تأسس عام 2002 ويقوم بتنظيم دوراته مرتين في كل عام، كانت تتنقل بين تركيا ودبي.

يزور سويسرا للمرة الثانية بعدما عقد فيها إحدى دوراته في صيف 2002 بجنيف.

ساهمت مجموعة كريدي سويس وبنك فيصل الخاص (سويسرا) مع بعض المؤسسات المتخصصة في البرمجيات في تمويل فعاليات المنتدى في زيورخ.

توزعت أعماله على جزأين؛ الأول عام لمناقشة قضايا مشتركة تهم أغلب الحاضرين، والثاني مغلق ويقتصر حضوره فقط على المتخصصين في بعض الموضوعات المتعلقة بالتمويل الإسلامي.

تم التركيز في دورة هذا العام على:
– النظام الإسلامي في الاستثمارات العقارية.
– مبادئ التحول من نظام التمويل المصرفي التقليدي الى الإسلامي وأهدافه.
– الابتكارات المتاحة في تنظيم صناديق الاستثمار الإسلامية الأدوات المستخدمة لإنشاء سندات وصكوك إسلامية.
– الجوانب القانونية والتنظيمية الإسلامية للاستثمارات العقارية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية