مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في اليمن.. ارتياح لوقف حرب صعدة لكن التحديات لا زالت قائمة

أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في لقاء مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، خلال زيارته إلى اليمن في شهر مايو 2007

بعد مواجهات دامية بين القوات الحكومية والمتمردين في محافظة صعدة، توصّـلت وساطة قطرية إلى وضع حد الصراعات الدائرة منذ ثلاث سنوات، بين أتباع الحوثي والقوات الحكومية اليمنية في محافظة صعدة، شمال البلاد.

ويرصد المتابعون والمراقبون، أن اتفاق وقف المعارك الدامية (رغم استمرار بعض المواجهات المحدودة والمتفرقة)، خلّـف ارتياحا كبيرا لدى مختلف الأوساط اليمنية، التي عانت من ويلات هذه الحرب، من قريب أو بعيد، كما تلوح لهؤلاء المتابعين تحدِّيات عديدة لمرحلة ما بعد الحرب.

عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار، خرج سكان محافظة صعدة، التي دارت فيها رحى المعارك، للتعبير عن بهجتهم وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء، ابتهاجا بالحدث، فيما بادرت العديد من الفعاليات إلى مباركة هذه الخطوة، بما فيها أحزاب المعارضة، التي أصدرت في وقت متأخر بيانا مؤيِّـدا لوقف المعارك، بعد أن ظل موقفها غامضا، دفع حكومة صنعاء إلى اتهامها بدعم المتمردين.

لكن على الرغم من الإريباح الكبير الذي خلَّـفه إعلان وقف القتال، لاسيما في الأوساط الشعبية التي كانت عُـرضة لتداعياتها على مدار الثلاثة أعوام الماضية، إلا أن العديد من المراقبين يرون أنه من السابق لآوانه الحديث عن تجاوز حالة الاحتقان، التي أثرت على الحياة العامة في البلاد جرّاء هذه الحرب.

انتصار الحكومة

فمنذ اندلاع المعارك في منتصف عام 2004، أصبحت الحياة العامة في البلاد تحت هيمنة توتر شديد في علاقة السلطة والمعارضة من جهة، وعرضة للتقاطب المذهبي، السُـني الشيعي من جهة ثانية، مِـما عرّض الوحدة الوطنية لامتحان عسير، ظلت أسئلته تتوالى دون أن يقدر أي من الفاعلين على تقديم إجابات مُـقنعة للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد، وظهر بعضهم، إما عاجزا أمام أصوات الرصاص أو ميالا لاستثمار تلك المعركة من أجل تصفية حسابات سياسية قديمة، الأمر الذي عكّـر الحياة السياسية وأدّى إلى إفراز مُـعطيات جديدة، نتج عنه إحباطٌ لدى الغالبية العُـظمى، التي خرجت للتعبير عن بهجتها بإعلان وقف القتال، الذي أودى وشرد الآلاف.

وفي قراءة هذا الحدث، يرى العديد من المراقبين، أن الاتفاق مثّـل نصرا للحكومة اليمنية، بما تضمنه من بنود عزّزت حضورها في محافظة صعدة، التي كانت سلطات الدولة فيها شِـبه غائبة أو غائبة كُـلية في بعض المناطق، وأن التنصيص على احترام المتمردين لبسط نفوذ الدولة على كافة مديريات المحافظة، على غرار بقية مناطق البلاد، والقبول بسلطاتها وتسليم المتمردين لأسلحتهم وإنهاء التمرد، هو ما كانت تسعى سلطات صنعاء إلى بلوغه بالحرب أو بدونها.

ويرى المراقبون أن الاتفاق لم يكن إلا تكريسا لأمر واقع، استطاعت قوات الجيش والأمن فرضه خلال الأسابيع الأخيرة من سير المعارك، التي كثفت فيها مُـحاصرة المتمردين إلى درجة جعلتهم يقبلون بالأمر الواقع.

ويذهب المراقبون إلى اعتبار توقف المناوشات، باستثناء اليوم التالي لإعلان الاتفاق، مؤشر على وهن المتمردين وقبولهم بخيار السلام، وهو ما أكَّـدته اللجنة الإشرافية على وقف إطلاق النار، المكوَّنة من أعضاء في مجلس النواب والشورى ومسؤولين في الأحزاب السياسية، فقد أكدوا أنه حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تحصل أي خروقات لوقف إطلاق النار، عدا ما حصل في اليوم الثاني لإعلان وقف المعارك، مما يؤكد أن مسألة التمرد، رغم توقفه باتِّـفاق بين الجانبين برعاية قطرية، لم يكن ليحصل دون حسم المعركة عسكريا، كما شدد عليه مسؤولون يمنيون أكثر من مرة.

التحديات

ومع ذلك، هناك من يرى أنه من السابق لآوانه الحديث عن تجاوز حرب صعدة، لأن هناك تحديات تفرض نفسها على الحكومة وأتباع الحوثي على حدّ سواء، وتجعل مرحلة ما بعد الحرب غائمة الوضوح لعدة اعتبارات، أهمها إعادة إعمار ما دمَّـرته الحرب وجبر الضَّـرر، الذي طال سكان المنطقة.

والتحدي الثاني، أن قرار وقف الحرب، الصادر عن المجلس الأعلى للدفاع، نَـص على أن يتحوّل أنصار الحوثي إلى العمل السياسي وتمكينهم من تشكيل حزب سياسي يعمل في ظل الشرعية الدستورية والقوانين النافذة، وهو أمر ينطوي على أشكال كبيرة، فمن ناحية، الحوثيون يعتبرون أنفسهم جماعة دينية مذهبية، فيما القوانين النافذة تحظُـر قيام أحزاب سياسية على أساس التمثيل الديني أو المذهبي والطائفي، مما يحيل إلى التساؤل عن الكيفية التي ستؤمن بها السلطات الإطار الذي يمكن أن تشتغل ضِـمنه هذه الجماعة، وِفقا لما ورد في البند السادس من الاتفاق، الذي نص على احترام حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك الحق في إنشاء حزب سياسي، وفقاً للدستور والقوانين النافذة في البلاد.

التحدي الثالث، الذي ستواجهه السلطات، أن مرجعيات المتمردين لم تتأسس على المرجعيات القيادية للأفراد الذين اتفق على نفيهم إلى الدوحة، بقدر ما تتأسس على مُـنطلقات مذهبية تمد أتباعها بتصورهم لأنفسهم ولعلاقتهم بالآخر، فضلا عن أن القيادة لا تنحصر بالحوثي أو أنجاله، وإنما بمن “توافرت فيه شروط الإمامة”.

التحدي الرابع، أن الحرب التي دارت على مدار الفترة الماضية، دخلت فيها المُـعطيات المحلية والقبلية والمذهبية، مما يغذي الأحقاد والثارات بين السكان المحليين، الناجمة عن تداعيات الحرب، وهذا الأمر قد يُـبقي المواجع مُـتجددة باستمرار، مما قد يغذّي المُـواجهات من حين لآخر، وهو أمر يُـلقي على الدولة تَـبعات المسؤولية فيه.

عموما، التحديات المطروحة خلال مرحلة ما بعد الحرب وفرض سلطان الدولة، لا تقل عن الحرب نفسها، وهي تحدِّيات جّمـة ومتنوعة، إلا أنه يمكن تجاوزها أو احتوائها، إذا ما غلبت إرادة الدولة على ما دونها من الإرادات، التي عملت في الماضي على توظيف الحساسيات القبلية والمحلية والمذهبية، ضد بعضها البعض، وهذا لن يتأتى، إلا بتكريس دولة الحق والمواطنة، التي تحمي حقوق المواطنين وحرياتهم، بغض النظر عمَّـن يكونوا وأين يكونوا.

صنعاء – عبد الكريم سلام

1. وقف العمليات العسكرية والتزام عبد الملك الحوثي ومن معه بالنظام الجمهوري والدستور والقوانين النافذة في البلاد.
2. إنهاء حالة التمرد وتنفيذ قرار العفو العام، وإطلاق المعتقلين، ما عدا المتهمين في القضايا المحالة للنيابة العامة أو المنظورة أمام المحاكم، والكشف عن المفقودين ومعالجة الجرحى وتسليم الجثث الموجودة لذويها.
3. تعود الحياة إلى طبيعتها في المناطق وكل من المغرر بهم يعود إلى منطقته، ويعيشون كمواطنين آمنين مثلهم مثل سائر المواطنين في الجمهورية.
4. بسط نظام الدولة العام في المنطقة، مثل باقي مناطق الجمهورية.
5. تسليم الأسلحة المتوسطة مع ذخائرها إلى الدولة.
6. احترام حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك الحق في إنشاء حزب سياسي، وفقاً للدستور والقوانين النافذة في البلاد.
7. وصول عبد الملك الحوثي ويحيى الحوثي وعبدالكريم الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي إلى قطر، دون ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي معادي لليمن ،وعدم مغادرة قطر إلا بعد موافقة الحكومة اليمنية.
8. وقف كافة الحملات الإعلامية وأعمال التحريض.
9. تقوم الحكومة اليمنية بإعادة إعمار ما خلفته الحرب ومعالجة آثارها، وستقوم دولة قطر بالمساهمة في الصندوق لإعادة إعمار المناطق المتضررة وتعويض المتضررين، ويكون هذا الصندوق مفتوحاً لمساهمة الدول العربية والصديقة فيه.
10. سيتم تشكيل لجنة من قبل القيادة السياسية من مجلسي النواب والشورى برئاسة الأخ محسن العلفي، نائب رئيس مجلس الشورى وعضوية رؤساء الكتل النيابية والشوروية في مجلسي النواب والشورى، وذلك للإشراف على تنفيذ تلك البنود خلال ساعات وأيام محدودة.

صنعاء (رويترز) – استمرت يوم الاثنين 18 يونيو الهدنة التي وضعت حدا لاشتباكات استمرّت على مدى أشهر في اليمن بعد أيام من قبول المتمردين الشيعة لعرض وقف إطلاق النار الذي تقدمت به الحكومة.

وقال مسؤول حكومي لرويترز “جميع المناطق في محافظة صعدة هادئة ونحن بصدد بدء وقف إطلاق النار رسميا غدا الثلاثاء 19 يونيو”

وأضاف أن وفدا من أعضاء البرلمان اليمني وفريق مراقبين من قطر، التي ساعدت في التوسط في وقف إطلاق النار، توجها إلى محافظة صعدة الواقعة في شمال البلاد، حيث لاقى مئات الأشخاص حتفهم في القتال هذا العام.

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن يوم السبت 16 يونيو، اليمن بتعمير مناطق المتمردين، كما يقضي بأن يسلم المتمردون أسلحتهم الثقيلة والنفي المؤقت لزعمائهم.

ونزح آلاف الأشخاص بسبب القتال، الذي يمثل أحدث جولة في صراع يدور بشكل متقطع منذ عام 2004، وقال مقيمون في المنطقة إن كثيرا منهم بدؤوا يعودون إلى بيوتهم في جو احتفالي. ويقول المتمردون إن منطقتهم الجبلية تتعرض للإهمال.

عدد سكان اليمن 19 مليون نسمة، أغلبهم سُـنة، واغلب الباقين من الشيعة الزيدية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 يونيو 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية