مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في انتظار التقرير النهائي للجنة المشتركة.. الخلاف الليبي السويسري يـحـتـدّ

Keystone

عرفت المواجهة بين طرابلس وبرن بخصوص حادث اعتقال نجل الزعيم الليبي هانيبال القذافي تصعيدا جديدا بخروج الخارجية الليبية عن صمتها وتهديد سويسرا "بإجرات إضافية إذا لم تعالج الموضوع بمسؤولية"، فيما ردت السلطات السويسرية بأنها "لم تنتهك القانون الدولي" ولو أنها وجهت "اللوم" لسلطات جنيف بأنه كان بإمكانها معالجة الموضوع بنوع من "الدقة".

في ندوة صحفية، نظمتها اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزارة الخارجية) يوم الخميس 25 ديسمبر في طرابلس للحديث عن الخلاف القائم بين ليبيا وسويسرا بخصوص حادث اعتقال نجل الزعيم الليبي هانيبال القذافي وزوجته في 15 يوليو الماضي في جنيف بسبب سوء معاملة خادمين عربيين، هدد مسئولون بوزارة الخارجية الليبية بأن “الجماهيرية العظمى اتخذت إجراءات إضافية فيما يخص علاقاتها الاقتصادية والقنصلية مع سويسرا، وأنها تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى ما لم تعالج السلطات السويسرية الموضوع بمسؤولية وجدية وفقا لما تم الاتفاق عليه”.

اتهامات وردود

في الندوة الصحفية التي عقدها نائب وزير الخارجية وأمين الشؤون الأوروبية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي، وفي البيان الصادر عن الوزارة والذي حمل عنوان “مغالطات لصحف سويسرية حول الأزمة بين الجماهيرية العظمى وسويسرا”، وجهت ليبيا لسويسرا جملة من الاتهامات بخصوص ما اعتبرتها مخالفات “ارتكبت في حق مواطنين ودبلوماسيين ليبيين”.

إذ أوضح أمين الشؤون الأوروبية باللجنة ونائب وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي في الندوة أن “المواطنين والدبلوماسيين الليبيين الذين كانوا في مهام أو زيارات الى سويسرا تعرضوا لمعاملة مخالفة للقانون”.

ومن الاتهامات التي أوردتها الخارجية الليبية في بيانها بخصوص حادث اعتقال نجل الزعيم الليبي هانيبال القذافي وزوجته آلين في 15 يوليو في أحد فنادق جنيف بسبب سوء معاملة خادمة تونسية وخادم مغربي أن “سلطات جنيف اتخذت قرارا تعسفيا بإلقاء القبض على دبلوماسي ليبي وعائلته بالاستخدام المفرط للقوة بما في ذلك وضع الأغلال، وتعرضه لإصابة جسدية طبقا لتقارير الشرطة، وعدم مراعاة وجود طفل لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، هذا بالإضافة الى إساءة معاملة دبلوماسيين ليبيين آخرين ومنعهم من أداء واجباتهم القنصلية”.

وانتهت الخارجية الليبية إلى القول “لقد خالفت شرطة جنيف في اعتدائها المشار إليه أعلاه، القواعد القانونية، وقواعد القانون الدولي، والعرف الدبلوماسي، وتَمثَّل ذلك في جملة من الممارسات والأفعال والانتهاكات التي تشكل جرائم يعاقب عليها القانون مرتكبيها”.

لكن الخارجية السويسرية وعلى لسان ناطقة باسمها أوضحت لوكالة الأنباء السويسرية يوم الأحد 27 ديسمبر بأن “السلطات السويسرية وسلطات جنيف طبقت بنود معاهدة فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، طبقا للممارسات المعمول بها دوليا”.

ورغم اعتراف الخارجية السويسرية لأول مرة بأنه “كان بالإمكان بالنسبة لشرطة جنيف تطبيق القوانين الدولية بنوع من التحفظ ومراعاة الحساسية”، إلا أنها شددت في نفس الوقت على أن “تدابير القانون الدولي والقوانين السويسرية لم تُنتهك” في هذه القضية.

“صبر ليبي في انتظار إتمام التحقق”

وبخصوص لجنة التحقيق التي تم تشكيلها بين البلدين للتحقيق في هذا الحادث الذي أدى الى تعكير صفو العلاقات بين الجماهيرية وسويسرا منذ خمسة أشهر ونصف، والمكونة من رجلي قانون يمثل الأول الطرف الليبي وينوب الثاني عن الطرف السويسري، أوردت الخارجية الليبية في بيانها مزيدا من التفاصيل عنها بعد أن كان شارل بونسي، محامي الجانب الليبي قد كشف عن الكثير منها في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي لعدد من وسائل الإعلام السويسرية.

وأفادت الخارجية الليبية أن “هذه اللجنة الخاصة المستقلة استمعت خلال جلساتها التي استمرت لقرابة الثلاثة أشهر في الفترة ما بين 4 سبتمبر و2 ديسمبر 2008 الى عدد من الشهود… واستعرضت التصرفات التي سبقت وصاحبت عملية القبض” على نجل العقيد القذافي وزوجته.

وتقول الخارجية الليبية إنها “قدمت للجنة عددا من الأدلة المادية التي أظهرت، عند فحصها من قبل اللجنة بما لا يدع مجالا للشك، عدم قانونية الإجراءات التي اتخذتها السلطات السويسرية الاتحادية وسلطات كانتون جنيف”.

وأضافت الخارجية الليبية أنه “خلال مداولات اللجنة تم الإطلاع على جسامة الانتهاكات والأفعال التي قامت بها الشرطة من عنف وإهانة وممارسات عنصرية ومخالفة للقانون ولقواعد اللياقة والمجاملة الدبلوماسية”. بل ذهبت الخارجية الليبية إلى أن “ذلك تجلى في النية المبيتة لدى الشرطة لإتمام عملية القبض بالشكل الذي تمت به، ومن خلال إدارتها من قبل النائب العام المكلف، وقاضي التحقيق، وكبار ضباط الشرطة”.

ولتبرير صمتها حتى اليوم أوضحت الخارجية الليبية في بيانها أن “الجانب الليبي تحلى بالصبر طلية الفترة الماضية حرصا على استكمال أعمال لجنة التحقيق على الرغم من المغالطات التي كانت توردها وسائل الإعلام السويسرية، ومن بينها أن الجانب الليبي يسعى إلى عرقلة تحقيق العدالة وإجبار الجانب السويسري على الاعتذار..”.

روايتان بخصوص لجنة التحقيق

جاء في بيان الخارجية الليبية “أن ولاية اللجنة تتمثل في التحقيق في الشكاوى ضد السلطات السويسرية ذات العلاقة وهي وزارة الخارجية السويسرية وشرطة جنيف، وكذلك احتجاج الدبلوماسيين الليبيين الذين كانوا موجودين أثناء الحادثة… وأن على اللجنة إصدار تقرير ختامي يشمل ملاحظات وتعليقات مشتركة و/أو بشكل منفرد، وأن تقدم تقريرها للجهات المختصة في البلدين”.

وفي الوقت الذي اتهمت فيه الخارجية الليبية “عضو اللجنة عن الجانب السويسري بمحاولة إصدار تقرير يحفظ ماء الوجه للسلطات السويسرية”، قالت وزارة الخارجية السويسرية يوم الأحد 27 ديسمبر “إن عضو اللجنة عن الجانب السويسري قدم تقريره في الوقت الذي تنتظر فيه سويسرا تقرير عضو اللجنة عن الجانب الليبي”.

وقد أوردت وكالة الأنباء السويسرية مزيدا من التفاصيل عن طبيعة هذه الخلافات بعد حصولها على نسخة من التقرير الليبي والتقرير السويسري. إذ تقول الوكالة أن “الممثل الليبي رفض الخلاصة التي توصل إليها نظيره السويسري والتي مفادها أن هذه اللجنة ليست لها صلاحية إصدار عقوبات”.

إذ يعتبر الحكم الممثل للجانب الليبي محمد إبراهيم ورفلي، وعضو الرئاسة المزدوجة للجنة التحقيق في تقريره الأولي الذي سيرفعه للجنة التحقيق ” بأن المطالب الليبية المقدمة للجنة التحقيق تستند لقاعدة شرعية ولها ما يبررها”. والذي أضاف ” بأن ليبيا من حقها ان تطلب من اللجنة إبداء رأيها في المطالب التي تقدمت بها”.

أما الحكم الممثل للجانب السويسري، لوسيوس كافليش فيرى في تقريره الذي حصلت وكالة الأنباء السويسرية على نسخة منه أيضا بأن “اللجنة ليست لها صلاحيات تقديم توصيات حول نقاط مثل التعويضات أو العقوبات او تقديم الاعتذار” إذ يعتبر الحكم السويسري بأن ذلك يجب أن يُناقش على المستوى السياسي بين وفدي البلدين.

ومن النقاط التي يوردها الحكم الممثل للجانب الليبي في تقريره مطالبة ليبيا لسويسرا بالاعتراف بأن المعاملة التي تعرض لها هانيبال القذافي وزوجته “ليس لها ما يبررها”، وأنها “مخالفة للقوانين السويسرية ولقوانين كانتون جنيف”.

كما تطالب ليبيا باعتراف السلطات السويسرية بأن تلك المعاملة “مخالفة لمعاهدة فيينا”. وتطالب أيضا بضرورة تقديم اعتذار من قبل السلطات الفدرالية وسلطات كانتون جنيف وتقديم تعويض يقدر 300 ألف فرنك وصرف المبلغ لحساب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة يونيسيف. وكانت وزارة الخارجية السويسرية قد اعترفت في تصريح لناطقة باسمها في عطلة نهاية الأسبوع بأن ليبيا “طالبت بتقديم هذا التعويض”.

وقد أوضح الحكم الممثل للجانب الليبي محمد إبراهيم ورفلي بأن النقطة الوحيدة التي لا يمكن للجنة التحقيق تقديم توصية بشأنها موضوع فتح تحقيق في حق شرطة كانتون جنيف الذي يعتبر من المطالب الليبية أيضا، لأن ذلك يتطلب رفع شكوى من قبل هانيبال القذافي نفسه.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

15 يوليو: توقيف هانيبال القذّافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم الخاص بسوء المعاملة والضرب.

17 يوليو: إطلاق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال.

19 يوليو: السلطات الليبية توقف شخصين سويسريين بتهم مزعومة تتعلق بعدم احترامهما قوانين الإقامة والهجرة وغيرها.‏

22 يوليو: وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري تحتج في اتصال هاتفي مع نظيرها الليبي على هذا الإجراء.

‏23 يوليو: ليبيا تهدد بوقف الإمدادات النفطية إلى سويسرا.

25 يوليو: وزارة الخارجية السويسرية تتحدث عن “أزمة” في العلاقات بين سويسرا و ليبيا.

26 يوليو: ليبيا تطالب سويسرا بالاعتذار ووقف الملاحقة الجنائية لنجل القذافي وزوجته.

28 يوليو: سويسرا وليبيا تتفاوضان بصورة مباشرة في قضية هانيبال القذافي.

29 يوليو: الإفراج عن السويسريين المعتقلين، مقابل كفالة مالية لكن السلطات رفضت السماح لهما بمغادرة الأراضي الليبية.

30 يوليو: الجهات المعنية تؤكد أن شحن النفط الليبي إلى سويسرا لم يشهد أي توقف.

5 أغسطس: المتحدث باسم الخارجية السويسرية يعلن أن “طرابلس تشترط تقديم اعتذارات عن الطريقة التي تمت بها معاملة هانيبال القذافي وزوجته لدى اعتقالهما يوم 15 يوليو الماضي في جنيف”.

13 أغسطس: النائب العام لكانتون جنيف يؤكد استمرار العدالة في معالجة ملف نجل القذافي، منوها إلى أنه “لا يرى أية أسباب تبرر غلق الملف”. ومحامو المُدّعيين يؤكِّـدان في جنيف على أن موكِلَيهما لا يعتزمان سحب الشكوى المرفوعة ضد هانيبال القذافي وزوجته.

13 – 16 أغسطس: وفد دبلوماسي ليبي رفيع المستوى يُجري محادثات في برن وجنيف مع مسؤولين سويسريين دون الإعلان عن تفاصيلها.

25 أغسطس: محامي الخادم المغربي يُعلن عن تغيير طبيعة الشكوى المقدمة من طرفه إلى المفوضية السامية لجقوق الإنسان في جنيف بخصوص شقيق موكله المحتجز في ليبيا من “اعتقال تعسفي” إلى “اختفاء قسري” بعد انقطاع اتصاله بشقيقه الذي سبق أن أعلن عن الافراج عنه.

2 سبتمبر: المحامي ميمبريز يُعلن أن الخادم المغربي والخادمة التونسية سحبتا الشكوى المرفوعة ضد هانيبال القذافي وزوجته.

3 سبتمبر: المدعي العام لكانتون جنيف يُعلن وقف التتبعات بحق هانيبال معمر القذافي وزوجته ألين وإعادة الكفالة المدفوعة (500 ألف فرنك سويسري) وإغلاق الملف قضائيا.

8 أكتوبر: ليبيا تقرر إيقاف صادراتها إلى سويسرا من جديد فيما لا زال المواطنان السويسريان ممنوعين من مغادرة الأراضي الليبية.

10 أكتوبر: وكالة الأنباء الرسمية “جانا” تعلن أن الجماهيرية قررت “تجميد صادراتها من النفط الخام إلى سويسرا، وسحب ودائعها المالية في المصارف السويسرية” إضافة إلى “إيقاف أي تعاون إقتصادي ليبي مع سويسرا”.

10/11 أكتوبر: شركة الطيران الوطنية الليبيبة تقرر إلغاء اثنين من رحلاتها الأسبوعية بين جنيف وطرابلس، رحلات الجمعة والأحد “إلى إشعار آخر”، والإبقاء على رحلة يوم الثلاثاء، حسب متحدث باسم مطار جنيف كوانتران.

يواصل الطرفان لحد اليوم جولة من المفاوضات في جنيف من أجل التوصل إلى حل للأزمة. وقد تم حتى منتصف ديسمبر عقد 7 جولات يبدو أنها تدور حول طلب ليبيا الحصول على اعتذار رسمي سويسري وعلى معاقبة من تعتبرهم مسؤولين عن التجاوزات التي تمت عند إلقاء القبض على هنيبال القذافي وزوجته.

15 ديسمبر: توصل شركة الطيران السويسرية بخطاب من السلطات الليبية يقضي بوقف الرحلة الوحيدة التي مازالت تربط بين جنيف وطرابلس ” لأسباب تقنية ” كما جاء في التعليل

25 ديسمبر، الخارجية الليبية تعقد ندوة صحفية في طرابلس وتتهم الجانب السويسري في لجنة التحقيق “بمحاولة إصدار تقرير يحفظ ماء الوجه لسويسرا”. وهي الندوة التي هدد فيها نائب وزير الخارجية الليبي ” باتخاذ إجراءات إضافية فيما يخص العلاقات الاقتصادية والقنصلية مع سويسرا”.

28 ديسمبر: الخارجية السويسرية تصد الاتهامات الليبية وتوضح بان ممثلها في لجنة التحقيق قدم تقريره في الوقت الذي تنتظر فيه سويسرا تقرير ممثل الطرف الليبي. ولأول مرة وجهت الخارجية السويسرية انتقادات لسلطات جنيف بأنه “كان بإمكانها التصرف بنوع من الدقة في تطبيق القوانين الدولية” في هذه القضية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية