مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في انتظار توضيحات تل أبيب

صورة من الأرشيف لمعبر أريتز الذي تعرضت فيه سيارة دبلوماسي سويسري إلى إطلاق نار من طرف جنود إسرائيليين يوم 26 مايو 2003 Keystone Archive

احتجت سويسرا بشدة على استهداف جنود إسرائيليين مساء يوم الإثنين 26 مايو ديبلوماسيا سويسريا في غزة وطالبت تل أبيب بإجراء تحقيق دقيق في الحادث.

ومن المنتظر أن تقدم الحكومة الإسرائيلية توضيحاتها إلى برن خلال الأيام القليلة القادمة.

تسود هذه الأيام حالة من الترقب وعدم الفهم أروقة وزارة الخارجية السويسرية في برن.

فعلى الرغم من إعراب الجيش الإسرائيلي مساء يوم الثلاثاء 27 مايو عن أسفه بعد إطلاق النار الذي استهدف في اليوم السابق السيد جون جاك جوريس الممثل الدبلوماسي للكنفدرالية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أن دانيالا ستوفّل-فاتسر المتحدثة باسم وزارة الخارجية صرحت بأن توصيف الأحداث الذي قدمه الجيش الإسرائيلي “لا يتفق تماما” مع رواية الدبلوماسي السويسري التي أيدها العديد من الشهود.

وهو ما سيضفي المزيد من الأهمية على نتائج التحقيق الإسرائيلي الذي طالبت به سويسرا التي من المتوقع أن تصل إلى برن في ظرف الأيام القادمة طبقا لمصدر حسن الإطلاع في وزارة الخارجية.

رصاصتان على البلور الأمامي

وتتلخص رواية جون جاك جوريس في أنه كان يسير رفقة مُـساعدته على متن سيارة مصفّحة حاملة للعلم السويسري من قطاع غزة باتجاه إسرائيل. وقرب معبر ايريتز، أوقفهم جنود إسرائيليون متذرعين بإغلاق القطاع.

وفيما كانت نساء فلسطينيات تُطالبن الدبلوماسي السويسري بالتدخل لدى العسكريين الإسرائيليين للسماح لهن بعبور الخط الفاصل بين القطاع وإسرائيل، قام الجنود بإطلاق عيارات نارية تحذيرية على بُعد أمتار قليلة من السيارة.

وعلى الفور، اشتكى السيد جون جاك جوريس إلى ضابط الإتصال الإسرائيلي مما حصل، إلا أن سيارته– التي ظلت متوقفة – تعرضت بعد مرور خمس عشرة دقيقة إلى إطلاق نار أول على البلور الأمامي ثم إلى طلقة ثانية عندما كانت تتحرك إلى الخلف.

ومع انه لم يُصب أحد بجروح في الحادث، إلا أن “رصاصة ثالثة كانت ستؤدي إلى تهشيم البلور الأمامي” على حد قول الدبلوماسي السويسري التي كان يؤدي – بالمناسبة – أول زيارة له إلى قطاع غزة.

صمت الصحافة الإسرائيلية

وفي انتظار نتائج التحقيق ترفض السلطات السويسرية التكهن بأسباب الحادث، كما أنه من المُـستبعد وجود أي علاقة له بتوترات سابقة بين الإسرائيليين والسويسريين وخاصة تدمير الجيش الإسرائيلي للمكتب المركزي الفلسطيني الذي مُول بالخصوص من طرف برن.

ويؤيد باسكال دو كروسا، الخبير السويسري في شؤون الشرق الأوسط، هذا الرأي ويعتقد أن سويسرا ليست مُستهدفة بشكل خاص خصوصا وأنها ليست الجهة التي تقف وراء أحدث خطة ترمي إلى إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة باسم “خارطة الطريق”.

ويذهب دو كروسا إلى أن الأحداث المشابهة لما حصل يوم الإثنين الماضي أصبحت تتكرر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة ضد شهود العيان المُـحرجين مثل الصحافيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية، وذلك منذ بداية الإنتفاضة الثانية التي اندلعت قبل حوالي ثلاثة أعوام.

ومن الظواهر الملفتة، الصمت الذي تعاملت به الصحافة الإسرائيلية مع الحادث الذي تعرض له الدبلوماسي السويسري. كما أن وسائل الإعلام أحجمت عن نقل تصريحات السيد جون جاك جوريس في اليوم الموالي للحادث الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى مقتله.

يُشار إلى أن هذه المنطقة التي تتكرر فيها عمليات الإقتحام العسكرية الإسرائيلية وإطلاق صواريخ القسّـام من طرف إسلاميّي حركة المقاومة الإسلامية حماس قد شهدت قبل ثلاثة أسابيع تعرض سيارتين تابعتين للسفارة البريطانية لإطلاق نار بأسلحة أوتوماتيكية من طرف جنود إسرائيليين.

تسيب؟

ويرى باسكال دو كروسا أن تحقيق الإسرائيليين سيخلُصُ بدون شك إلى حدوث خلط ممكن بين الدبلوماسي السويسري وسيارة “معادية” شبيهة بالسيارات التي تستعملها السلطة الفلسطينية.

ومن بين التفسيرات المحتملة للحادث، يذهب المحلل السياسي إلى احتمال حدوث خطإ إضافة إلى ما وصفه بالتبرم المتنامي في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي دخل منذ أشهر عديدة في حملة عسكرية طويلة الأمد والذي أصبح يعتبر أن المجموعة الدولية مُـعارضة لإسرائيل.

ويشير دو كروسا إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قد انحرفت سياسيا باتجاه اليمين، واعتبر أن “الرغبة في إخافة الأجانب تُواجه بالتساهل من طرف الضباط من ذوي الرتب الصغرى والمتوسطة”.

لذلك يخشى من تكرار مثل هذا النوع من الحوادث طالما استمرت الإنتفاضة لكنه لا يعتقد بوجود أوامر صادرة من قيادة الجيش الإسرائيلي في هذا السياق.

أخيرا، لا يتوقع كريستيان كاترينا نائب رئيس إدارة السياسة الأمنية بوزارة الدفاع السويسرية أن يؤدي حادث يوم الإثنين إلى إعادة النظر في اللقاءات الدورية التي تنتظم مرة كل عام بين الجيشين السويسري والإسرائيلي.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية