مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
الاقتراعات الفدرالية ليوم 13 فبراير 2022

في بلد شركات السجائر.. الشعب مدعُـوّ لنجدة مناهضي التدخين

سجائر وولاعة وملصق إشهاري فوق منضدة
Chromorange / Christian Ohde

تجنب الإدمان على تدخين السجائر في سن مبكرة: هذا هو الهدف الذي ترمي إليه المبادرة الشعبية «نعم لوقاية الأطفال والشباب من إعلانات التبغ»، التي ستُعرض على التصويت يوم 13 فبراير المقبل. ويهدف نص المبادرة الصادر عن الأوساط العاملة في مجال الوقاية إلى تشديد أحد أكثر التشريعات مرونة في أوروبا فيما يتعلق بمكافحة التدخين.

عمَّ نتحدَّث؟

في سويسرا، يدخن شخص من بين كل أربعة أشخاص تقريباً، مما يمثل مليوني مستهلك. و يوجد من بينهم حوالي مئة ألف شاب وشابة ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة. وعلى الشعب أن يقرر في 13 فبراير فيما إذا كان يُريد حماية الشباب واليافعين من إعلانات التدخين بشكل أكبر. تطالب المبادرة الشعبية بقوانين أكثر صرامة، للحد من اجتذاب السجائر لمن لم يبلغوا بعدُ سن الرشد. في المقابل، اعتبر البرلمان أن النص المقترح متشدد للغاية، فتقدم بمشروع مضاد غير مباشر آخذاً فيه بعين الاعتبار احتياجات الأوساط الاقتصادية.

ما هو موقع سويسرا مقارنة بالدول الأخرى؟

سويسرا هي إحدى الدول الأوروبية التي تُعتَبَر القيود المتعلقة بالتدخين فيها الأقل تشدداً. ففي تقرير سُلّم مكافحة التبغرابط خارجي لعام 2019، حصلت سويسرا على المرتبة قبل الأخيرة وسجلت أسوأ معدل في مجال حظر إعلانات التدخين. بالإضافة إلى ذلك، فهي الوحيدة التي لم تُصادق حتى الآن على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ. وسبق أن وقَّعت سويسرا بالفعل على هذه الاتفاقية في عام 2004، لكنها لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها بسبب إحجام البرلمان عن وضع ضوابط تحدّ من إعلانات التبغ.

يُعزى هذا التأخير إلى تواجد منتجي السجائر الرئيسيين في العالم فوق الأراضي السويسرية: حيث يوجد مقر شركة “فيليب موريس” التنفيذي في لوزان كما يوجد مركز أبحاثها وتطويرها العالمي في نوشاتيل، فيما تتخذ شركة “جابان توباكو انترناشيونال” من جنيف مقراً لها واتخذت شركة “برِيتِش أميريكان توباكو” مقر فرعها السويسري بالإضافة إلى مصنع للإنتاج في بلدة “بونكور”، في كانتون جورا. لقد تمركزت شركات التبغ هذه في البلاد منذ عدة سنوات وتُمارس ضغطاً كبيراً على النواب.

ما هي مطالب المبادرة الشعبية؟

يريد نص المبادرةرابط خارجي إضافة تعزيز صحة الشباب إلى الأهداف الاجتماعية المذكورة في الدستور الفدرالي. كما يُطالب أيضاً بحظر «أي شكل من أشكال الإشهار التي تصل إلى مرأى الأطفال والشباب» فيما يخص منتجات التبغ. وبالتالي، لا يُسمح إلا بالترويج الذي يستهدف الراشدين بشكل مباشر، على سبيل المثال في المجلات والمنشورات والرسائل الالكترونية المستهدفة، بالإضافة إلى محتويات شبكة الإنترنت المُوجّهة للأشخاص الراشدين.

ما الذي يقترحه المشروع المُضادّ غير المباشر؟

إنَّ القانون الخاص بمنتجات التبغرابط خارجي هو نتيجة سبع أعوام من الأخذ والرد التشريعي بين مختلف السلطات الفدرالية. فقد اقترحت الحكومة النسخة الأولى في عام 2015 التي ساهمت بالمصادقة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية، ولكن تمت إعادتها لها من قبل البرلمان الذي كان رافضاً لفرض أية قيود على الترويج للتدخين. ثم تم تقديم صيغة جديدة مخففة في عام 2019 ولكن، هذه المرة، قام البرلمانيون أنفسهم بإضافة تشديدات على الإعلانات كاستجابة جزئية لما ورد في المبادرة الشعبية.

وبعد نقاشات حادة وتصويت بفارق بسيط، تمخّض عن غرفتي البرلمان نصّ يقدم القليل من التجديد ولا يستجيب لمتطلبات اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغرابط خارجي. ذلك أن القانون الجديد يحظر الترويج لمنتجات التبغ على المباني العامة، وعلى وسائل المواصلات العامة وفي أماكن ممارسة الرياضة وأثناء الفعاليات الرياضية أيضاً. كما يُحظر استخدام المُلصقات في الأماكن العامة بالإضافة إلى الإعلانات الترويجية في قاعات العروض السينمائية. أما الإعلانات في القنوات الإذاعية والتلفزيونية فهي ممنوعة أصلاً بموجب القانون الفدرالي الخاص بالإذاعة والتلفزيون.

بالنسبة لوقاية الشباب، قرر البرلمان تطبيق التشريعات سارية المفعول وحظر الإعلانات فقط عندما تستهدف القُصَّر. وهذا يعني أن الترويج للتبغ ممنوع بشكل خاص على الأدوات المدرسية، والصحف ومواقع الإنترنت المخصصة للقُصَّر، بالإضافة إلى الأماكن التي يرتادها الشباب بشكل أساسي. وتبقى رعاية الفعاليات الوطنية من قبل شركات التبغ مسمُوحا بها، إلا في حال كانت تلك الفعاليات تستهدف بشكل أساسي الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما.

إنَّ هذا المشروع المضاد هو غير مباشر، ما يعني أنه يُمكن أن يدخل حيز النفاذ أياً كانت نتيجة التصويت يوم 13 فبراير. مع ذلك، إذا تمَّ قبول المبادرة من طرف الأغلبية، فسيتعيَّن على السلطات الفدرالية تعديل القانون لتلبية المتطلبات الجديدة.

>> لمعرفة المزيد حول كيفية عمل المبادرة الشعبية في سويسرا:

مَن يدعم المبادرة؟

تمَّ إطلاق نص المبادرة من قبل العديد من منظمات حماية الصحة والشباب، لا سيما فدرالية الأطباء السويسريين والرابطة السويسرية لمكافحة السرطان والجمعية السويسرية لطب الأطفال والإدمان. وهي تحظى بالدعم  من طرف الحزب الاشتراكي وحزب الخضر والخضر الليبراليين والحزب الإنجيلي.

في سويسرا، أكثر من نصف المدخنين كانوا يُدخنون قبل بلوغهم ثمانية عشر عاماً. وتشير لجنة المبادرة إلى أنَّ التدخين المبكر يزيد من احتمال الإدمان على المدى البعيد والمرض والوفاة. وتُذكّر بأنَّ العديد من الدراسات تثبت تأثير الترويج الكبير على القُصَّر، ومن هنا تأتي أهمية حظر أي ترويج لمنتجات التبغ الذي قد يصل إلى اليافعين والشباب.

يُبدي المبادرون خيبة أملهم من المشروع المضاد، لأنَّه يسمح بالإعلان على العديد من الوسائل التي تطال مَن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما كالصحف المجانية، وشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. حتى المهرجانات سيبقى بإمكانها الترويج للسجائر. وتختم لجنة المبادرة انتقادها للمشروع المضاد بالقول: «وبذلك، توضع مصالح صناعة التبغ وشركات الإعلان فوق سلامة أطفالنا ومُراهقينا».

مَن يُعارض المبادرة؟

معظم أحزاب اليمين والوسط، التي تُشكل الغالبية في البرلمان، بالإضافة إلى الحكومة. فهؤلاء يعتبرون أنَّ نص المبادرة مُبالغ فيه، لأنَّ الإعلان لن يكون مسموحا به سوى في أماكن نادرة أو وسائل غير متاحة للشباب. وتأكيداً على ذلك، قال طوماس بورغر، النائب عن حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) : «سيكون أمراً غير مسبوق وغير منطقي أن يُحظَر الترويج لمنتجات مُصنَّعة بشكل قانوني ومُتوفرة بشكل قانوني. نحن نعتبره مساساً غير مقبول بالحرية الاقتصادية».

بالنسبة لمُعارضي المبادرة، يُعزز المشروع المضاد حماية الشباب بما فيه الكفاية من خلال وضع العديد من القيود على المستوى الفدرالي. بالإضافة إلى ذلك، لكل كانتون الحرية باتخاذ تدابير إضافية. كما يُذكر المعارضون للمبادرة أيضاً بأن القانون الجديد يحظر بيع التبغ للأشخاص القُصَّر في جميع أنحاء البلاد، مع أنَّ الحد الأدنى للسن يتفاوت حالياً من كانتون إلى آخر. فهم يرون أنَّ هذا التوافق هو عبارة عن خطوة كبيرة إلى الأمام لوقاية الشباب بشكل أفضل من التدخين وأضراره.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية