مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قانون ضد هوليوود!

رغم السمة الإبداعية التي تتصف بها الأفلام الأوروبية، والسويسرية منها، فإنها تجد صعوبة في منافسة فيلم من نوعية التيتانك الأمريكي Keystone

لأنها في قلب أوروبا، ولأن كفة الغزو الثقافي الأمريكي بدأت ترجح، أقر البرلمان السويسري قانونا يهدف إلى دعم صناعة السينما المحلية كي تصبح أكثر قدرة على التنافس مع أفلام هوليوود.

قد يبعث الخبر على الابتسام، لكنه صحيح على كل حال. فالهدف من القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ في الفاتح من أغسطس هو “تضييق الخناق” على هوليوود.

سويسرا هي بالتأكيد ليست فرنسا التي ذاع صيتها بسبب حساسيتها المفرطة تجاه كل ما يمس “ثقافتها الفرنسية”، لكنها وجدت لزاما عليها أن تشجع صناعة السينما المحلية لديها. فهي إن لم تفعل ستموت.

يهدف القانون الجديد إلى بعث الحياة في السينما السويسرية التي تعاني من نقصٍ حادٍ في الموارد المالية. ووفقا له سيتم تقديم دعم مالي دوري لإنتاج أفلام “اكثر” و”أفضل”.

ولأن صناعة الأفلام لا تعتمد فقط على مرحلة الإنتاج والإخراج، فقد أهتم المشرع أيضا بالموزعين ودور السينما عندما خصص لهم حوافز مالية لتلافى المشاكل التي تتسبب بها عملية عرض أفلام “غير تجارية”.

“الكثير من مالكي دور السينما والموزعين السويسريين لديهم الرغبة في الترويج لعدد كبير من الأفلام ‘غير الهوليوودية’” يقول ديفيد شترايف مدير المكتب الفيدرالي للثقافة. وبهذا القانون، يضيف، اصبح لديهم الوسيلة التي تمكنهم من ترجمة تلك الرغبة على أرض الواقع.

هوليوود.. الهاجس

لا يخفي السيد شترايف أن التمويل الجديد والإجراءات الأخرى التي حددها القانون لإنعاش صناعة السينما ترمي أساسا إلى التخفيف من قبضة الولايات المتحدة على سوق الأفلام. هدف طموح كما هو واضح، ويصعب التأكد من إمكانية تحقيقه في الأساس.

“إن هيمنة عدد قليل من الموزعين الأمريكيين أنعكس بطغيانٍ موازي على جدولة البرامج والأفلام المعروضة. وكبلدٍ هو القلب من أوروبا، علينا أن نفتح أبوابنا للأفلام الأوروبية، وأفلام الجنوب”.

لهذا الغرض، عمد القانون إلى تحديد جملة من الإجراءات توفر الدعم لصانعي الأفلام بصورة فردية، وتهيئ مجال التدريب للعاملين في مجال الإنتاج السينمائي، وتعزز من سبل التعاون الدولي في الإنتاج المشترك.

سينما .. حرة

لا يعني هذا أن الطريق أصبح ميسرا على صناعة السينما السويسرية. إحدى المشاكل الرئيسية التي تعاني منها عملية إنتاج الأفلام عموما هي تكاليفها الباهظة. “إنتاج فيلم هو أمر مكلف”. يقول شترايف “ونحن في حاجة إلى فعل المزيد، رغم إدراكنا أن مواردنا تظل محدودة مقارنة بتلك المتاحة لجاراتنا”.

في المقابل، يحرص السيد شترايف على التأكيد أن القانون لن يحرم قطاع السينما من مقدرته على حرية الاختيار والتحرك. بل يحتفظ بحق تنظيم ذاته كما يشاء.

لكنه لفت إلى حق الحكومة في المقابل في فرض ضريبة بفرنكين سويسريين على تذاكر الدخول إلى السينما في حال فشل القطاع في استخدام المعونات المقدمة له بصورة ناجحة.

غير أنه قلل من فرص حدوث ذلك قائلا:”نحن نؤمن بكفاءة التنظيم الذاتي للاتفاق، لاسيما وأن العاملين في مجال الإنتاج السينمائي متحمسون لفعل ما هو أفضل مما هو متاح”.

بدلا من العداوة.. صداقة مع التلفزيون

بعد عقود من التنافس الشديد بين السينما والتلفزيون، برز اتجاه جديد في الآونة الأخيرة لمد الجسور بين المؤسستين. كان لهذا تطور نتائجه الإيجابية على قطاع الفن السابع.

“ساعدنا التلفزيون على اكتشاف صناعة الأفلام المتواجدة لدينا. حيث أصبحت الأفلام تعرض على جمهور واسع( ..) الأمر الذي أدى إلى سعي صانعي الأفلام إلى إرضاء أذواق قطاع أكبر وأعم من المشاهدين، وإنتاج نوعية من القصص أكثر جاذبية”.

يضرب السيد شترايف مثلا بالتعاون المتزايد بين المؤسستين. فالتلفزيون السويسري الناطق باللغة الألمانية يخصص يوم الأحد أسبوعيا لعرض الأفلام المنتجة محليا، وتمكن بذلك من استقطاب قاعدة عريضة من المتفرجين.

 لا تنتظروا ثورة!

ما هي النتائج التي ستفسر عن تطبيق القانون الجديد؟ رغم صعوبة التكهن بالمستقبل، إلا أن الشيء المؤكد أنه لن يؤدي إلى إحداث “ثورة” في صناعة الفيلم السويسرية، ناهيك عن إمكانية منافسة الأخيرة “الفعلية” لأفلام هوليوود.

“صناعتنا ستظل دائما محدودة الحجم،” يقول السيد شترايف “حيث لا تملك سويسرا الصغيرة المقدرة على إنشاء قطاع سينمائي كبير، لكن هناك بالتأكيد مجال لإنتاج أفلام ‘فنية’ إبداعية، وأفلام شعبية من أنواع خاصة”.

ولهذا، فإن المهم، يردف السيد شترايف، ليس فقط عنصر المنافسة، أو المقدرة عليه، بل ذلك الإصرار على إنتاج الأفلام المحلية حتى لو كانت بإمكانيات محدودة.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية