مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قرار مناهضة تشويه صورة الأديان يعتمد رغم المعارضة!

مجلس حقوق الإنسان يشهد نقاشا حادا بخصوص قرار مناهضة تشويه صورة الأديان Keystone

قرار مناهضة تشويه الأديان، وبالأخص المعاداة للمسلمين المتضمن لقرار يدين حظر بناء المآذن، يتم اعتماده في مجلس حقوق الإنسان رغم معارضة المعسكر الغربي.

فقد اعتمد مجلس حقوق الإنسان في جنيف في دورته الثالثة عشرة، بأغلبية 20 صوتا مقابل 17 وامتناع ثمانية، مشروع القرار الخاص بمناهضة تشويه صورة الأديان الذي تقدمت به باكستان باسم مجموعة دول منظمة المؤتمر الإسلامي.

هذا القرار المتضمن لواحد وعشرين بندا، من بينها البند الثامن المتعلق بإدانة حظر بناء المآذن في سويسرا ولكن بدون ذكر أسم سويسرا، عرف اعتماده نقاشا حادا قلما شهده مجلس حقوق الإنسان بين معسكرين: المعسكر الإسلامي المدعوم بغالبية الدول الإفريقية ودول مثل الصين وروسيا، ومعسكر غربي تتزعمه فرنسا باسم المجموعة الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من كل أمريكا اللاتينية وبعض الدول الإفريقية.

“إدانة حظر بناء المآذن تدعونا لتعزيز الحوار”

لأول مرة بعد تصويت الشعب السويسري في مبادرة شعبية في 29 نوفمبر لصالح حظر بناء مآذن جديدة، تجد سويسرا نفسها محط إدانة في محفل أممي ولو أن إسمها لم يذكر في الفقرة الخاصة بإدانة حظر بناء المآذن.

في رد فعله على هذا القرار أوضح السفير السويسري لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة دانتي مارتينيللي ” باننا نأخذ علما بهذا القرار، وسنشدد في تدخلنا أمام المجلس على التوضيح بأن الحظر مفروض على بناء مآذن جديدة وان المآذن القديمة ستبقى قائمة، وان المساجد ( أي حوالي 150 مسجد ومكان صلاة) ستواصل آداء مهامها بل حتى يمكن بناء مساجد وأماكن عبادة جديدة ، وأن حرية الدين والمعتقد مضمونة في سويسرا ومحمية ويمكن للفرد ممارسة شعائره بدون مشاكل.”

وبعد أن ذكّر السفير السويسري بأن هذا القرار تم اتخاذه عبر آلية ديمقراطية خاصة بالنظام السويسري، شدد على ” أن هناك حاجة الآن الى تعزيز الحوار على مستويين: حوار داخلي موجه للطوائف المسلمة داخل سويسرا لتعزيز معرفة أحسن بالدين الإسلامي، وحوار خارجي مع دول أخرى في إطار ثنائي أو في إطار مؤسسات مثل حوار الحضارات”.

القانون لحماية الأشخاص وليس الأديان

أجمعت الدول الغربية ومن وقف الى جانبها في مجلس حقوق الإنسان على القول بأن القانون وحقوق الإنسان وضعا لحماية الأفراد وليس الأديان. وهذا ما ردده السفير السويسري ايضا دانتي ماريتنيللي بقوله “نحن ضد مفهوم حماية تشويه صورة الأديان في الوقت الذي نصر فيه على حماية حق الفرد في ممارسة شعائره الدينية، ومع حماية الفرد من أي تمييز بما في ذلك التمييز القائم على أساس الدين”.

أما السفير الفرنسي الذي تحدث باسم دول الاتحاد الأوربي فأوضح ” بأن الحوار وحده هو القادر على المساعدة على تجاوز هذه الاختلافات” وهذا بعد أن ذكر تمسك دول الاتحاد الأوربي ” بحرية ، بعد أن ذكر بالتمسك بمبادئ التسامح، وعدم التمييز، والتمسك بحرية التعبير والرأي وحرية التفكير وحرية الدين والمعتقد”.

لكنه عبر عن الأسف ” لكون هذا الحوار لم يتم في هذه الدورة لمجلس حقوق الإنسان، وأن النص المعروض ، احتوى على العديد من النقاط التي طالما تمت مناقشتها بدون التوصل الى نتائج ملموسة”.

ما تعارضه دول الاتحاد الأوربي في هذا النص هو “الربط بين مفهوم ثلث الأديان ومفهوم التمييز”. إذ قال السفير الفرنسي أن “هذين المفهومين من طبيعتين مختلفتين: فالتمييز القائم على أساس العرق أو اللون او الجنس أو اللغة او الدين أو الأفكار وغيرها هو الذي له علاقة بحقوق الإنسان”.

ويرى الممثل الفرنسي “بما أن الحث على الكراهية الدينية منصوص عليه في العهد الدولي لحقوق الإنسان حول الحقوق السياسية والمدنية، وكما أشارت الى ذلك المفوضة السامية لحقوق الإنسان، كان من المفضل التطرق للمشاكل المطروحة في هذا القرار من منظور حظر الحث على الكراهية الدينية وفقا للقوانين الموجودة وبالأخص المادتين 19 و 20 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية”.

وكرر السفير الفرنسي بأن “القانون الدولي وحقوق الإنسان لا يحميان الأديان بل يحميان الأفراد في ممارسة حقوقهم”.

مشكلة حقيقة في إطار خاطئ؟

ما يُستخلص من نظرة المعسكرين أن هناك مشكلة حقيقة يراد إيجاد حل لها ألا وهي مشكلة وضع حد لاستهداف مواطنين من منطلق انتمائهم للديانة الإسلامية. ولكن الإطار الذي تمت فيه الصياغة لإيجاد الحل لا يتفق حولها الجميع.

إذ أن حتى السفير الفرنسي أوضح باسم بلدان الاتحاد الأوربي” بأن الاتحاد الأوربي يدين مظاهر المعاداة للإسلام وللمسيحية وللسامية وباقي مظاهر التمييز القائمة على أساس الدين والمعتقد” . كما شدد على عزم دول الاتحاد على محاربة كل هذه الأنواع من عدم التسامح”.

ولكن في المقابل يقول أصحاب مشروع القرار من الدول الإسلامية ومن دعموهم في ذلك بان القوانين السارية أصبحت منذ الحادي عشر سبتمبر 2001 ، وباسم الحرب على الإرهاب تشرع أو تتغاضى عن تجاوزات تستهدف او تستفرد بالمسلمين. ومن هذا المنطلق يرون أن هناك ضرورة لفتح حوار من أجل حماية أفضل. يبقى إيجاد الصيغة والإطار والمحفل المناسب الذي يرضي الجميع.

محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch

الدول التي صوتت لصالح القرار 20
البحرين- بنغلاديش – بوليفيا- بوركينا فاسو- الصين-كوبا- جيبوتي- مصر- إندونيسيا- الأردن- كريغيستان- نيكاراغوا- نيجيريا- باكستان- الفيليبين- قطر- روسيا- العربية السعودية- السنغال- جنوب إفريقيا.

الدول التي صوتت ضد القرار 17
الأرجنتين- بلجيكا- شيلي- فرنسا- المجر- إيطاليا- المكسيك- هولندا- النرويج- جمهورية كوريا- سلوفاكيا- سلوفينيا- اوكرانيا- بريطانيا- الولايات المتحدة الأمريكية- يورغواي- زامبيا.

الدول التي امتنعت 8
البوسنة والهرسك- البرازيل- الكاميرون- غانا- الهند- اليابان- مدغشقر- موريس.

الدول التي كانت غائبة 2
انغولا- الغابون.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية